هيئة التحرير
مع قرار القيادة الأمريكية في أفريقيا بارسال لواء مساعد من العسكريين إلى الحدود الشرقية التونسية مع ليبيا، يطفو على السطح خلاف المصالح بين الولايات المتحدة وروسيا ضمن الملف الليبي بشكل أكثر وضوح، حيث يرى المحلل السياسي، ” إحسان الفقيه”، أن النفط وإمداداته يمثل حجر الزاوية في تلك المصالح.
في هذا السياق يقول “الفقيه”: “تسعى الولايات المتحدة لضمان استمرار تدفق إمدادات النفط الليبي إلى الأسواق العالمية للحفاظ على استقرار أسعاره”، لافتاً إلى أن المصلحة الأمريكية تنص أيضاً على منع استغلال الفوضى التي تعيشها ليبيا من قبل التنظيمات الإرهابية، والحفاظ على استقرارها.
وكانت الولايات المتحدة قد اتهمت روسيا خلال اليومين الماضيين، بالتدخل بشوؤن شمال القارة الإفريقية، وتحديداً من خلال الأزمة الليبية، فيما كشفت القيادة العسكرية الأمريكية عن إمكانية نشر قواتها في على خلفية الأنشطة العسكرية الروسية في ليبيا.
وقالت “أفريكوم”، في بيان، إن قائدها ستيفن تاونسند، أعرب لوزير الدفاع التونسي عماد الحزقي، في اتصال هاتفي الخميس، عن استعدادهم لنشر “قوات مساعدة أمنية” هناك، وعن القلق من الأنشطة العسكرية الروسية في ليبيا.
فاغنر ومناطق النفوذ الدولية
التنافس الأرمريكي – الروسي في شمال إفريقيا، يربطه مصدر خاص لمرصد “مينا”، بالتنافس على النفوذ الدولي بين الدولتين، مشيراً إلى أن صراع النفوذ داخل ليبيا، هو جزء من صراع نفوذ يشمل أيضاً الأزمة السورية، مع اختلاف في درجة الاهمية بالنسبة لواشنطن وشبه جزيرة القرم، كما يرتبط بعد نواحي متشابكة من بينها نجاح قضية الدرع الصاروخية الأمريكية، التي تسعى لحصار القدرات الجوية الروسية ضمن أراضيها.
و كشفت “أفريكوم” عن إخفاء روسيا هوية ما لا يقل عن 14 مقاتلة حربية من طراز “Su-24″ و”MiG-29” في قاعدة عسكرية بسوريا، قبل إرسالها إلى ليبيا.
وتحاول واشنطن منذ عقود إنشاء ما تسميه بالدرع الصاروخية شرق أوروبا، التي تهدف لضرب الصواريخ الروسية ضمن الأجواء الوطنية في حال وجود أي مواجهة مفترضة بين الطرفين.
كما يلفت المصدر إلى أن تطورات الموقف في الساحة الليبية، المتمثلة بتصاعد أعداد المقاتلين الأجانب الداعمين لموسكو وتعزيز الوجود العسكري الروسي في ليبيا، دفعت واشنطن إلى تحرك عسكري عاجل للحد من أطماع روسيا في المنطقة عبر البوابة التونسية، موضحاً: “الفترة القليلة القادمة ستشهد المزيد من التعزيزات العسكرية الأمريكية في محيط ليبيا، وتدخل أوسع في الملف الليبي، ولن يقتصر الأمر على القرار الحالي ونشر بعض الخبراء أو المساعدين”.
وكان قائد القيادة العامة الأمريكية في إفريقيا، الجنرال “ستيفين تاونسند”، قد صرح بأن الخطوة الأمريكية تأتي على خلفية استمرار روسيا في تأجيج نيران الصراع الليبي، بشكلٍ يهدد الأمن الإقليمي في شمال أفريقيا ككل.
تخوف وحساسية
التواجد العسكري في ليبيا يعني النفوذ في شمال إفريقيا وحسابات خاصة عل الساحة الدولية، فيرى المحلل السياسي، “محمد غميم” أن الإدارة الأمريكية تتحسس بشكل واضح من تصاعد الانتشار الروسي في مناطق ذات نفوذ للأمريكان، لافتاً إلى أن الروس لديهم أطماع في ليبيا ومعادلة مع النظام السابق وحسابات خاصة.
وبحسب الإحصائيات الدولي فإن روسيا تمتلك على الأراضي الليبية عدد كبير من المسلحين المقاتلين غير الرسميين بالإضافةإلى امتلاكها ما يصل إلى 14 مقاتلة جوية حديثة.
كما يضيف “غميم”: “الأمريكان يتخوفون عملياً من إمكانية وجود تسوية بين الروس والأتراك تمنح الأتراك حصة من التراب الليبي، مع استمرار ثقل لروسيا في المعادلة الليبية، مقابل تأخر الدور الأوروبي وفشله في إدارة الأزمة الليبية وتأخر الفاعلين الأمريكيين على الساحة الليبية وهم الآن في صدد ملاحقة الزمن”، مشدداً على أن واشنطن بدأت تعيد حساباتها تجاه التعامل مع الملف الليبي على مع تعاظم النفوذ الروسي في ليبيا
العملة المزورة
ليس بعيدا عن الشق العسكري، اضيف ملف جديد للمواجهة الباردة، حتى الآن، بين موسكو وواشنطن في الملف الليبي، إذ أشادت الخارجية الأمريكية باحتجاز مالطا “لعملة ليبية مزورة” بقيمة 1.1 مليار دولار.
وأضافت الوزارة أن شركة جوزناك الروسية المملوكة للدولة هي التي طبعت الأوراق النقدية بطلب من “كيان مواز غير مشروع” في إشارة واضحة لخليفة حفتر قائد قوات شرق ليبيا (الجيش الوطني الليبي)، على حد تعبير الخارجية، مشيرة إلى أن هذه الواقعة “تسلط الضوء مرة أخرى على الحاجة إلى أن توقف روسيا تصرفاتها الخبيثة والمزعزعة للاستقرار في ليبيا”.
من جانبها قالت وزارة الخارجية الروسية يوم السبت إن نقودا بالعملة الليبية تفوق قيمتها المليار دولار وطُبعت في موسكو واحتجزتها مالطا ليست مزورة، وذلك ردا على اتهامات أمريكية.
وذكرت الخارجية الروسية يوم السبت أن ليبيا لديها مصرفان مركزيان أحدهما في العاصمة طرابلس والآخر في مدينة بنغازي في الشرق حيث تتولى سلطتان الحكم فعليا في البلاد. لتخلص إلى أن “البيانات الأمريكية هي المزورة وليست الدنانير”، مشيرة إلى أن إرسال جوزناك للأوراق النقدية إلى عنوان البنك المركزي في طبرق تم بموجب بنود عقد موقع عام 2015.
وفي بيان منفصل، قالت الشركة الروسية إن مسؤولي الجمارك في مالطا احتجزوا الشحنة بينما كانت في طريقها إلى ليبيا في سبتمبر أيلول 2019 “في انتهاك لكل أعراف القانون الدولي”.
بيانات الجمارك الروسية تشير إلى أن مصرفا مركزيا في شرق ليبيا كثف عمليات نقل الأوراق النقدية الجديدة، فيما تظهر بيانات نشرتها وكالة رويترز أن نحو 4.5 مليار دينار ليبي (أكثر من ثلاثة مليارات دولار) أُرسلت في أربع شحنات بين شباط وحزيران من العام 2019.