تشهد الجامعات والمعاهد الإسرائيلية، تزايداً ملحوظاً في إلتحاق عدد كبير من الطلبة الفلسطينيين من كلا الجنسين،للدراسة والإنخراط في التخصصات الجامعية المختلفة داخل الجامعات والكليات المنتشرة في إسرائيل، حيث تعتبر جامعة حيفا كبرى الجامعات الإسرائيلية والجامعة العبرية في مدينة القدس المحتلة، مقصد عدد كبير من الطلبة نتيجة إحتضانها لجميع التخصصات العلمية سواء على صعيد الكليات الأدبية والعلمية، عدا عن الكوادر التدريسية ذات الخبرات والكفاءة العلمية العالية، ولعل فلسطينيو الـ 48 الذين يعيشون داخل الخط الأخضر في إسرائيل، والذين يبلغ تعدادهم قرابة المليون نسمة، هم من أكثر الملتحقين بتلك الجامعات، وما ساعدهم على ذلك إتقانهم اللغة العبرية إلى جانب العربية، والتى تعتبر بمثابة اللغة الرسمية بالنسبة للإسرائيليين.
وفي ظل هذا التزايد الخطير، وارتفاع النسبة إلى قرابة 47% من الملتحقين بحسب إحصائية عن مجلس التعليم العالي الإسرائيلى، عبرت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية بدورها عن إستيائها من إنخراط الجيل العربي الفلسطيني داخل المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية، والعزوف عن الإلتحاق بالجامعات الفلسطينية المنتشرة في الضفة الغربية ومدينة القدس، معتبرة أن هذا الإنخراط يؤثر بالسلب على مستقبل الأجيال الفلسطينية الصاعدة، من خلال دمجهم بالمجتمع الإسرائيلى واستيعاب الكفاءات العلمية الفلسطينية لخدمة المجتمع الإسرائيلى.
وفى خطوة لتكريس الأداء الأكاديمي في الجامعات الفلسطينية، عمد الاحتلال الإسرائيلى إلى إضعاف جودة الأداء التعليمي في الجامعات، وذلك من خلال منع إصدار تصاريح للأكاديميين الأجانب للعمل والتدريس في الجامعات الفلسطينية، وهو ما أثر بدوره على أداء التخصصات العلمية خاصة في مجالي الطب البشرى والهندسة، حيث أشارت منظمة العدالة الحقوقية في فلسطين في تقرير لها، أن إسرائيل تواصل رفضها إصدار تصاريح عمل للأكاديميين الأجانب داخل الجامعات الفلسطينية في الضفة الغربية ومدينة القدس، وتصعد من سياساتها القاسية ضد منح التأشيرات لدخول الأكاديميين الى المدن الفلسطينية عبر المعابر الحدودية والتي تسيطر عليها، الأمر الذى دفع بعشرات الأكاديميين إلى مغادرة البلاد دون عودة، والإنقطاع عن طلابهم داخل الكليات والجامعات.
في السياق يقول شريف حسان رئيس لجنة متابعة قضايا التعليم العربي في الداخل المحتل في حديثه لـ”مرصد مينا”: إن التوافد المتزايد في أعداد الطلبة الفلسطينيين للإلتحاق في الجامعات والمعاهد الإسرائيلية يعزى لعدة أسباب وأهمها، السبب الأول محاصرة إسرائيل للجامعات الفلسطينية، من خلال طرد المدرسين الأجانب وفرض قيود تعسفية على فترة الإقامة لمن تسمح لهم بالدخول، إلى جانب الإعتقالات المستمرة بحق المدرسين الفلسطينيين بتهمة الانتماء السياسي، بينما يعود السبب الثاني في إنخراط العرب في الجامعات الإسرائيلية، إلى رغبة الطلبة دراسة تخصصات علمية مستقبلية،تساعدهم بالالتحاق في العمل داخل حدود إسرائيل، خاصة في ظل ارتفاع أعداد الطلبة الخريجين من الجامعات الفلسطينية وارتفاع معدلات البطالة، وصعوبة حصول الخريجين على فرص عمل تناسب تخصصاتهم الجامعية.
وأشار حسان أن نسبة الطلبة الملتحقين في جامعات إسرائيل بلغت 15%، في حين أن غالبية كبيرة من الطلبة يرغبون بالتوجه نحو دراسة التكنولوجيا المتقدمة كأكثر التخصصات التي يتم الإلتحاق بها، فتظهر السنوات الخمس الأخيرة زيادة مطردة في أعدادهم بتخصص الحاسوب بنسبة 50%، وارتفع عدد المهندسين العرب بمجال الحواسيب في إسرائيل بنسبة 5% من إجمالي العاملين بهذه المهنة غالبية كبيرة منهم من الفتيات، وتشير التقديرات إلى أنه حتى عام 2020 ، سيشكل العرب نسبة كبيرة نحو التوجه للدراسة في جامعات إسرائيل.
وحول طرق الحد من التدفق المتزايد نحو التعليم في تلك المعاهد والجامعات، أوضح حسان أن لجنة المتابعة تواصل جهودها للحد من انزلاق الطلبة والتطبيع مع الطلبة الإسرائيليين، وذلك من خلال عقد المؤتمرات والندوات التوعوية بمخاطر الانخراط مع المجتمع الإسرائيلى حيث بين أن أعداد كبيرة من الطلاب، يشتكون من العنصرية التي يبديها الطلبة الإسرائيليون تجاههم، فهم يعتبرون الطالب الفلسطيني خائن وعدو لهم.
إلى ذلك, تعتبر جامعة بيرزيت من أفضل الجامعات الفلسطينية، وتفوقت أيضاً على الجامعات الإسرائيلية بحسب تصنيف الجامعات العالمية الصادر عام 2019، بتصنيفها ضمن أفضل ثلاثة في المئة من جامعات العالم من حيث الكفاءات التدريسية والإلتحاق الكبير فيها من قبل الأكاديميين والطلبة الأجانب، والذين يواجهون ملاحقة من قبل إسرائيل.
من جانبه قال رئيس جامعة بيرزيت عبد اللطيف أبو حجلة، إن التقدم والتطور العلمي والأكاديمي الصاعد للجامعة،جعلها مستهدفة وأمام معاناة مستمرة من قبل الإحتلال الإسرائيلى، والذى يواصل سياساته التعسفية لنسف جودة التعليم الذى تقدمه للطلبة الفلسطينيين والأجانب، والعمل على عزلها عن المؤسسات التعليمية المحلية والعالمية.
وأضاف في حديثه لـ”مرصد مينا”: أن سياسة العقاب التي تمارسها إسرائيل ضد الجامعة،أثرت بشكل سلبي على الأداء التعليمي، خاصة بعد أن فقدت الجامعة شريحة واسعة من كبار أعضاء هيئة التدريس خاصة الأجانب، بعد منع إسرائيل إصدار تصاريح إقامة لهم في فلسطين،وبذلك عرقلت قدرات الجامعة وأقسامها التعليمية عن مزاولة مهنتها، ودفعت بالكثير من الطلبة بالحذو نحو الإلتحاق بالجامعات الإسرائيلية.
وبين أن السياسة الإسرائيلية التي تستهدف الأكاديميين الأجانب، مخالفة للقانون الإسرائيلي والقانون الدولي معاً، فهذه السياسة تنتهك حرية الجامعات في توسيع مجالات الأبحاث التي تجريها والدراسات التي تطرحها للطلبة الفلسطينيين والأجانب على حد سواء، وتعرقل أيضاً الحق الدستوري للمواطنين الفلسطينيين في الحصول على جودة ونوعية التعليم، بإعتباره حق دستوري مكفول لكل مواطن فلسطيني بموجب القانون الأساسي الفلسطيني، الذي أكد في المادة (24) على حق كل مواطن في التعليم وأن يكفل القانون استقلالية الجامعات ومراكز البحث العلمي، ويضمن حرية البحث العلمي والإبداع الأدبي والثقافي والفني.
يشار إلى أن القائمة العربية المشتركة في الكنيست الإسرائيلى، تواصل جهودها الرامية لإنشاء جامعة عربية داخل إسرائيل، لإستقطاب الطلبة العرب من كلا الجنسين للدراسة فيها باللغة العربية، بالإضافة إلى فتح المجال لإستقطاب طلبة من خارج فلسطين وتلبية رغبتهم بدراسة كافة التخصصات العلمية.
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الإعلامي.