هيئة التحرير
زيارة سريعة لوزير الخارجية الإيراني، “محمد جواد ظريف” إلى العاصمة اللبنانية، بيروت، في وقتٍ تشهد فيه الساحة اللبنانية تجاذبات سياسية متصاعدة وبداية محاولات دولية، لخلق واقع سياسي جديد في البلاد، المحكومة باتفاق الطائف، منذ أكثر من 40 عاماً، ما يجعل من الزيارة بحسب محللين سياسيين، الزيارة الأهم لزعيم الدبلوماسية الإيرانية.
وكان الرئيس الفرنسي، “إيمانويل ماكرون” قد أكد خلال زيارته لبيروت، على أن لبنان سيشهد تغييرات كبيرة على المستوى السياسي، مشدداً على أن انفجار بيروت سيكون بداية لعهد جديد للبنان.
خطوات متكاملة
توقيت زيارة “ظريف”، يرى فيها المحلل السياسي، “إدوارد بو صعب”، محاولة إيرانية للاحتفاظ بالواقع السياسي اللبناني الحالي ودعم حلفاءها في لبنان، خاصة بعد توالي الزيارات الغربية والعربية إلى العاصمة بيروت، والتي تطالب بتشكيل حكومة ونظام سياسي جديد يكون ترسيخاً لمبدأ حياد لبنان، الذي يتعارض مع المصالح الإيرانية.
في السياق ذاته، يلفت “بوصعب” إلى أن زيارة الوزير الإيراني، تعكس شعوراً إيرانياً بجدية المجتمع الدولي بالضغط أكثر باتجاه الإطاحة بالنظام السياسي اللبناني، القائم على أسس التقسيمات الطائفية، والتي كانت عاملاً مهماً في ترسيخ سطوة حلفاء إيران عل القرار الوطني وتحديداً حزب الله، على حد وصفه.
وكان مؤتمر المانحين، الذي عقد الأحد الماضي، بدعوة من فرنسا، قد شدد على ضرورة الإصلاح السياسي في لبنان ومحاربة الفساد وخروجه من الاصطفافات الإقليمية، كشرط لحصول الحكومة اللبنانية على مساعدات مالية إضافية.
زيارة “ظريف” ومع تركيزه على استعداد بلاده والشركات الخاصة الإيرانية، للعمل ضمن القطاعات الحيوية في لبنان، خاصةً في مجالات إعادة الإعمار والأدوية وقطاع الكهرباء، تشير بحسب الباحث في الشؤون الإيرانية، “عباس رضا”، إلى أن إيران باتت تدرك أن نفوذها في لبنان يمر بمرحلة حرجة، وتسعى لتثبيت وجودها في لبنان عبر أنشطة إضافية في مجال البنى التحتية، إلى جانب النفوذ السياسي والعسكري، موضحاً أن خسارة طهران لنفوذها في الحكومة العراقية، خلق لديها قلقاً كبيراً من لحاق لبنان بالعراق.
الحكومة الجديدة وكاظمي لبنان
أهمية تواجد “ظريف” في لبنان، خلال الفترة الحالية، يرجعها الباحث “رضا” إلى المباحثات الجارية الآن لتشكيل حكومة جديدة في لبنان، وسط قلق إيراني من تكرار سيناريو العراق، ووصول رئيس حكومة مناوئ لها ومدعوم من المجتمع الدولي، لافتاً إلى أن وقوع ذلك السيناريو سيفتح جبهات إضافية ضد النظام الإيراني، وأذرعه في المنطقة العربية، وهو ما أيده المحلل السياسي اللبناني، “أحمد عيتاني”.
وكانت الحكومة اللبنانية، برئاسة “حسان دياب”، والتي توصف بأنها حكومة حزب الله، قدمت استقالتها على خلفية انفجار بيروت، الذي أودى بحياة أكثر من 200 مدني وإصاب 5 آلاف آخرين، بالإضافة إلى تشريد 300 ألف شخص.
إلى جانب ذلك، يوضح “عيتاني” لمرصد مينا، أن إعادة ترشيح أسماء مثل “سعد الحريري” لتولي رئاسة الحكومة، دفع إيران إلى المسارعة للتواجد في لبنان، مضيفاً: “اعتماد النظام الإيراني هذه المرة على وزير الخارجية، لتولي ملف لبنان، يؤكد أن النظام توصل إلى قناعة بأن التصعيد العسكري والسلاح لن يقدم الكثير لنفوذه في البلد الصغير، وقد يعطي نتيجة عكسية في ظل التوجهات الدولية”.
وسبق لمصادر لبنانية خاصة، أن أكدت لمرصد مينا، أن “الحريري” هو أقوى المرشحين المطروحين لرئاسة الحكومة القادمة، وسط تحفظات من حزب الله والتيار العوني.
كما يرى “عيتاني” أن المهمة الأبرز “لظريف”، هي العمل على توحيد جبهة المتحالفين مع إيران وأذرعها، لضمان عدم تمرير حكومة لبنانية جديدة تكون استنساخ لحكومة “الكاظمي”، لا سيما وأن الخلافات السياسية بين الكتل العراقية المدعومة من إيران، كانت السبب الرئيسي في وجود حكومة معادية لطهران، للمرة الأولى منذ 17 عاماً.
ويسيطر حزب الله وحلفاءه السياسيين، في حركة أمل وتيار المردة والتيار الوطني الحر، التابع لرئيس الجمهورية، على الأغلبية النيابية اللبنانية، ما مكنهم من دعم رئيس الحكومة المستقيل “حسان دياب” إلى منصب رئيس الحكومة.