اقتحمت ميليشيات تابعة لجماعة الإخوان المسلمين اجتماعًا لحزب المؤتمر الشعبي العام في جبل صبر، حضره رئيس فرع المؤتمر الشعبي العام في تعز، اليمن. وتمكن فريق الأمن التابع للمحافظ من القبض على أحد المقتحمين، بينما فر آخرون أثناء المواجهة.
وفي التفاصيل: اقتحم المسلحون القاعة وأشهروا أسلحتهم أثناء إلقاء رئيس المؤتمر الشعبي العام في تعز، الشيخ عارف جمال، كلمته بهذه المناسبة، مما أثار الذعر والخوف بين الحاضرين. ووفقًا للتقارير، هدد المسلحون المشاركين في فعالية نظمها المؤتمر الشعبي العام في مديرية صبر الموادم لإحياء الذكرى الثانية والأربعين لتأسيس الحزب، كما اقتحموا المنصة لإزالة صورة الرئيس السابق علي عبد الله صالح. وأفاد مصدر حضر الفعالية بأن الحاضرين أبدوا استياءً شديدًا من الفعل الإجرامي الذي اعتبروه هجومًا على كيان سياسي مهم وعلى نظام الشرعية، مطالبين بالتحقيق في الحادثة. وأعربوا عن دهشتهم من صمت قيادة المؤتمر الشعبي العام تجاه هذا العمل الإجرامي الذي يهدف إلى إرهاب وإحباط أنشطة الحزب. ووفقًا لمصادر، تم الإفراج عن المقتحم المحتجز بعد ساعات من احتجازه لدى الشرطة.
يعد هذا الظهور الأبرز لجماعة الإخوان المسلمين في اليمن منذ وفاة رجل الدين اليمني عبد المجيد الزنداني، وهو شخصية بارزة في جماعة الإخوان المسلمين في اليمن، والذي توفي عن عمر ناهز 82 عامًا في أبريل 2024 بسبب جلطة دماغية. كان الزنداني قد ربط دعوته بالأهداف السياسية لحزب الإصلاح، فرع جماعة الإخوان المسلمين في صنعاء، مكرسًا جهوده للترويج للتنظيم كمقدمة لـ”الخلافة الإسلامية” والخير والازدهار، بحسب خطبه على الإنترنت. وقد كان معروفًا بعدائه الشديد للقوى اليسارية الجنوبية اليمنية التي وصفها بالشيوعية. واشتهر في اليمن بإصدار فتاوى صريحة ضد الجنوبيين اليمنيين، بالإضافة إلى قضايا جدلية مختلفة سياسية ودينية. منذ عام 2020، أقام الزنداني وعائلته في تركيا، التي أصبحت ملاذًا لكثير من قادة جماعة الإخوان المسلمين الذين فروا من اليمن بعد انقلاب الحوثيين في عام 2014.
في الآونة الأخيرة، تعمل الحركة على ضمان وجودها وسط سيطرة ميليشيا الحوثي على الشوارع اليمنية. وأعلن حزب الإصلاح عن تشكيل ما يسمى بالمجلس الموحد للمناطق الشرقية من اليمن، بقيادة القيادي في الإصلاح عبد الهادي التميمي، الذي يشغل أيضًا منصب نائب محافظ حضرموت لشؤون الوادي والصحراء. وكشف هذا عن خطة جديدة للجماعة تهدف إلى زعزعة الوضع في محافظات حضرموت وشبوة وسقطرى والمهرة، وتفتيت الجنوب لإضعاف المجلس الانتقالي الجنوبي. وتدعم الخطة الجديدة قيادات بارزة في الإصلاح مثل صلاح باتيس وعلي محسن الأحمر، الذين يعملون على الحفاظ على نفوذ الإخوان المسلمين في شرق اليمن.
وبحسب الإعلام اليمني، فإن السبب وراء هذه التطورات هو سلسلة الانتكاسات السياسية التي عانت منها جماعة الإخوان المسلمين، مما يجعل خروجها من المشهد السياسي في اليمن وجنوب الجزيرة العربية احتمالًا يطاردها. ويعتقد الإخوان أن لديهم أملًا أخيرًا في شبوة أو حضرموت، وبالتالي هم يائسون للاحتفاظ بأي قطعة من الأرض يمكن استخدامها في المفاوضات لتسوية نهائية للحرب في اليمن وجنوب الجزيرة العربية. وذكر موقع “الأمين” المحلي أن نقطة شرطة القروض في تعز ألقت القبض على عناصر من حزب الإصلاح متورطين في بيع جثث مقاتلين قتلى للحوثيين في تعز. وتسيطر ميليشيا الإصلاح على أجزاء كبيرة من محافظة تعز، بينما تسيطر ميليشيا الحوثي على الحدود المجاورة لمحافظتي ذمار وإب. وفي الآونة الأخيرة، تم الإعلان عن تنسيق مشترك بين الجانبين لإدارة شؤون المحافظة والضغط على الجنوب. وقد وثقت العديد من التقارير، بأدلة، العمليات المشتركة بين ميليشيات الحوثيين المتمردة وعناصر الإصلاح، بما في ذلك التعاون المؤسسي وبعض الأنشطة الاقتصادية المشتركة.
إن دعوات الإخوان المسلمين في اليمن للتعاون مع ميليشيا الحوثي تحت شعار دعم فلسطين، ليست وحيدة، بل هي جزء من اتجاه أوسع للتقارب بين الإخوان وجماعة الحوثي، التي تسيطر على صنعاء وأجزاء كبيرة من الأراضي اليمنية. وقد ظهرت هذه التحالفات مؤخرًا تحت ستار دعم حركة حماس الفلسطينية في حربها مع إسرائيل، ويسعى الإخوان أيضًا للاستفادة من المكاسب الدعائية التي حققها الحوثيون من استهداف خطوط الشحن في البحر الأحمر وباب المندب والبحر العربي. وهذا جزء من خطط الاصطفاف مع موقف دول محور المقاومة والاستعداد لمرحلة ما بعد التسوية في اليمن، والتي قد تتطلب إقامة شكل من أشكال الشراكة التي يأمل الإخوان أن يضمنوا مكانًا فيها.
جميع حقوق النشر محفوظة لصالح مركز أبحاث مينا.