من المنتظر ان تستضيف تونس نهاية الشهر الجاري ومطلع الشهر القادم المفاوضات الليبية التي تسعى لإيجاد ارضية ملائمة لحل سياسي لازمة قارب عمرها عقدا من الزمن.
ويعتبر اختيار تونس لاحتضان هذا اللقاء بين الفرقاء الليبيين، فرصة امام البلاد الخضراء لاستعادة موقعها في هذا الملف بعد ان صارت رغم علاقاتها الوثيقة مع الجارة ليبيا وارتباط مصالح البلدين على هامش التسوية، حتى انها استبعدت بداية السنة الماضية من مؤتمر برلين ولم تتم دعوتها من طرف البلد الراعي المانيا الا في الساعات الأخيرة.
فرصة ديبلوماسية
وحسب مراقبون ومحللون سياسيون، فان تونس مدعوة لاستغلال اختيارها لاستضافة هذه الجولة من المباحثات الليبية تحت مظلة الامم المتحدثة دونا عن كل دول الجوار والدول المتدخلة في الازمة بما في ذلك المانيا وسويسرا وفرنسا وهي فرصة على تونس ان لا تفوتها وذلك بتوفير الدعم اللازم والحرص على تقريب وجهات النظر بين أطراف النزاع الليبية بعد ان سحب منها البساط من طرف دول اخرى تسعى للاستفادة من مرحلة ما بعد التسوية.
ولعل الحوار الليبي الذي ستحتضنه تونس هو ايضا فرصة للدبلوماسية التونسية لاستعادة موقعها عربيا واقليميا وخاصة لرئيس الجمهورية الذي يتم بعد ايام قليلة العام الاول من ولايته دون انجازات تذكر في هذا المجال عدا بعض التصريحات المتناثرة هنا وهناك والزيارات لتقديم واجب العزاء.
ان الدبلوماسية التونسية التي دفعت فاتورة باهظة جرّاء ارتهان أطراف سياسية سيطرت على دواليب الحكم في تونس، ونتحدث هنا خاصة عن حركة النهضة ذات الارتباطات الخارجية المعلومة، لمحاور بعينها امام فرصة للعودة الى ثوابتها التقليدية القائمة على الرصانة وعدم التدخل في شؤون الاخرين مع الحرص على مصلحة تونس اولا واخيرا.
ديبلوماسية الهدوء
وينفي المستشار في الدائرة الدبلوماسية برئاسة الجمهورية وليد الحجام ان تكون تونس غائبة عن الملف الليبي، معتبرا ان البلاد كانت تعتمد دبلوماسية الهدوء المبنية على الفعل والإنجاز دون شوشرة والتوصل الى نتيجة إيجابية لصالح التسوية الليبية. واكد الحجام ان دور تونس لم يتراجع في المراحل السابقة مذكرا بان هذا الحوار يندرج في إطار المقاربة التونسية للحل في ليبيا دون الدخول في منافسة مع أي جهة كانت وأن الهدف المنشود هو دعم كل مبادرة قابلة للتنفيذ وقادرة على إيجاد تسوية سلمية للأزمة وتحقيق الاستقرار في هذا البلد.
ورغم ان تونس ستحتضن هذا المؤتمر الا انه لا ينتظر ان تقدم تونس مبادرة جديدة خاصة بالملف الليبي، حيث قال وليد الحجام ان بلادنا ستلعب دورا ميسّرا ومساعدا على إنجاح هذا الحوار عبر توفير الدعم اللوجستي والمادي والمناخ الملائم لحسن سير اشغاله.
وستشرف البعثة الأممية على دعوة المشاركين من الفرقاء الليبيين وعلى محتوى هذا الحوار وفي هذا الإطار أوضح الحجام ان تونس تؤكد باستمرار على عدم التدخل في الشأن الليبي وان الحل يجب ان يكون داخليا وهذا ما يبرر عدم تدخل بلادنا في مضمون هذا الحوار.
واعتبر من ناحية أخرى ان الدور الفاعل لا يكون بالضرورة عبر طرح المبادرات وانما عبر توفير الظروف الملائمة لإنجاح الحوار والتوصل الى حل سلمي خاصة وان هناك مؤشرات إيجابية داخل ليبيا على المستوى الاممي والمستوى السياسي للتوصل الى اتفاق نهائي بين الفرقاء الليبيين. وبيّن وليد الحجام من ناحية أخرى ان مسار التسوية سيتواصل وتكون تونس نقطة الانطلاق معربا عن امله في الاتفاق على تفاصيل الانتقال السلمي بين السلطة الحالية والسلطة المؤقتة القادمة وتحديد مسار انتخابي عبر خارطة طريق واضحة قد تكون تونس فاعلة فيها.
مؤشرات إيجابية
وما يزال دور تونس هاما ومحوريا في التسوية الليبية عبر الدفاع عن الملف الليبي في المحافل الدولية على غرار مجلس الامن باعتبار ان تونس عضو غير دائم وأيضا عضو جامعة الدول العربية وأشار الحجام في هذا السياق الى ان تونس ستواصل مساعيها لحلحلة الازمة الليبية الى جانب دعم الجزائر للحل الليبي الليبي بالإضافة الى تقديم مبعوثة الأمم المتحدة ستيفاني وليامز لمعطيات تقنية وفنية حول مسار الحوارات السابقة للبعثة الأممية تعكس مؤشرات إيجابية كانت محل تفاؤل من الرئيس قيس سعيّد.
وذكر وليد الحجام ان المؤتمر الخاص بالملف الليبي في نوفمبر القادم سيضم تمثيلية واسعة للفرقاء الليبيين تتكون من الشرق والغرب والجنوب الليبي وأيضا المرأة والشباب.
تجدر الإشارة إلى أن الأمم المتحدة ستتولى أيضا تسيير محادثات مباشرة بين وفدي اللجنة العسكرية المشتركة (5 + 5) في جنيف ابتداء من 19 أكتوبر، سترتكز على المداولات السابقة والتوصيات التي خرج بها الاجتماع الذي انعقد في مدينة الغردقة المصرية في الفترة من 28 – 30 سبتمبر.
وذكرت البعثة الأممية أن ملتقى الحوار السياسي الليبي يهدف إلى تحقيق رؤية موحدة حول إطار وترتيبات الحكم التي ستفضي إلى إجراء انتخابات وطنية في أقصر إطار زمني ممكن، من أجل استعادة سيادة ليبيا والشرعية الديمقراطية للمؤسسات الليبية.