هيئة التحرير
عودة اغتيال الناشطين العراقيين المعارضين لنفوذ الميليشيات، يرى فيه مصدر عراقي خاص، خلال حديثه مع مرصد مينا، تصعيداً إيرانياً جديد يواجه حكومة “مصطفى الكاظمي”، الساعي للحد من نفوذ الميليشيات العراقية الموالية لإيران، على حد قوله.
وكان العراق قد أعلن خلال الساعات الماضية، عن اغتيال الخبير الأمني العراقي، “هشام الهاشمي”، وذلك بعد وقت قصير من توجيهه انتقادات للميليشيات الموالية لإيران، في مقابلة تلفزيونية.
وبحسب المعلومات المتداولة، فقد سبق “للهاشمي” أن تلقى تهديدات بالقتل من قبل عناصر ميليشيات مدعومة من إيران، على خلفية مواقفه المعارضة لأنشطتهم وللنفوذ الإيراني في البلاد.
رسائل متعددة لهدف واحد
تزامن اغتيال الخبير الأمني المعارض مع محاولة استهداف السفارة الأمريكية في بغداد، يصفها المصدر بأنها رسالتين إيرانيتين لهدف واحد، هو إثبات أن إيران وميليشياتها لا تزالان تملكان ذات القوة على الأراض العراقية، وأنهما لا تزالان قادرتين على تنفيذ سياستهما وخططهما، حتى مع إقصاء “الكاظمي” للقيادات الأمنية الموالية لهما، موضحاً: “اختيار إيران لاستهداف السفارة الأمريكية واغتيال ناشط معارض، لإيصال رسائها، جاء على اعتبار أنها أكثر الانتهاكات التي كانت تمارسها إيران في العراق طيلة السنوات الماضية، وتحديداً بعد اغتيال سليماني”.
وكان رئيس الحكومة العراقية، قد أصدر قبل أيام قليلة قراراً بعزل رئيس هيئة الحشد الشعبي، “فالح الفياض” الموالي لإيران، من منصبي رئيس جهاز الأمن الوطني ومستشار الأمن الوطني، وعين بدلاً عنه كلاً من “عبد الغني الأسدي” و”قاسم الأعرجي”، المرفوضين من قبل إيران.
سرعة الرد والرسائل الإيرانية على قرارات “الكاظمي”، يرجعها المصدر إلى وجود خطة حكومية قريبة لاستبدال عشرات القادة الأمنيين الموالين لإيران، ضمن خطوة ساعية لتطهير تلك الأجهزة، مشيراً إلى أن إيران دخلت فعلياً سباقاً مع الزمن للحفاظ على مكتسباتها التي حققتها في العراق طيلة 17 عاماً.
وكان رئيس الحكومة العراقية قد أصدر قراراً بإقالة قائد الشرطة الاتحادية، وتشكيل لجنة مختصة بالتحقيق في عملية اغتيال الناشطين العراقيين، لا سيما وأنه كان مطلباً شعبياً بعد مقتل أكثر من 500 ناشط خلال المظاهرات، التي انطلقت في تشرين الأول الماضي، بعضهم قضى اغتيالاً، وسط اتهامات للميليشيات المدعومة من إيران بالتورط في تلك العمليات.
المعركة في بدايتها
مع تطورات المشهد العراقي، يشير الكاتب الصحافي، “خير الله خير الله”، إلى أن معركة “الكاظمي” في استعادة السيادة العراقية، لا تزال في مراحلها الأول، خاصة مع اضطراره للإفراج عن خلية حزب الله العراقي، المتهمة بالتخطيط لاستهداف المصالح الأمريكية في العراق، مشيراً إلى أن رئيس الحكومة الجديد، سيتقدّم أحيانا ويتراجع في أحيان أخرى، بحسب جريدة العرب.
ولا يوجد إحصائيات دقيقة لعدد عناصر الميليشيات العراقية المدعومة من إيران، إلا أنها تتوزع على عدة ميليشيات رئيسية، أهمها حزب الله المقدر عدده بـ 40 ألف مقاتل، وفيلق بدر المقدر عدده بين 10 إلى 15 ألف مقاتل، وعصائب أهل الحق التي تضم ألف مقاتل، بالإضافة إلى جيش المهدي، والتي تشارك جميعها بميليشيات الحشد الشعبي.
إلى جانب ذلك، يعتبر “خير الله” أن إقصاء “الفياض”، المعروف بولائه الشديد لإيران، خطوة من خطوات قضم نفوذ إيران داخل العراق، مشيراً إلى أن إيران ستبين مع الوقت أنها لا تزال تمتلك أوراقها في العراق مقابل المحاولات العراقية الدؤوبة لاسترداد مؤسّسات الدولة العراقية.
صعوبة إقصاء الحشد الشعبي من المشهد العراقي، يرجعها الكاتب العراقي، “إبراهيم الزبيدي” إلى التصاقه الشديد بإيران، مستشهداً بتصريحات المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، “عباس موسوي”، التي يقول فيها: “حشدنا الشعبي بزعامة الفياض سيدمر القوات الأميركية دفاعا عن إيران”.
كما يصف “الزبيدي” ذلك الالتصاق بأنه يفسر حالة تخاذلَ الحكام العراقيين، جميعهم، بدءا بالرؤساء والوزراء وانتهاءً بـالمصفقين الجالسين تحت قبة البرلمان، على حد وصفه، بالتصدي للنفوذ الإيراني، خاصةً مع تصاعد قوة الحشد وسطوته.
وتشكلت ميليشيات الحشد صيف العام 2014، بموجب فتوى من المرجع الشيعي، “علي سيستاني”، وفق مبدأ الجهاد الكفائي”، بالتزامن مع سيطرة تنظيم داعش على مناطق واسعة في العراق، بعد فرار عناصر الجيش العراقي من مواقعهم.
وكان ضابط سابق في مكتب رئيس الحكومة العراقية الأسبق، “نوري المالكي”، قد اتهم الأخير بالإضافة إلى عدد من قادة الميليشيات المدعومة من إيران بينهم “قصي الخزعلي”، بالعمل على تسهيل دخول عناصر داعش إلى العراق، بهدف صرف النظر عن المظاهرات المعارضة لحكومة “المالكي”.
قتال الجبناء
ردود الفعل الإيرانية التصعيدية ضد إجراءات “الكاظمي”، تعني وفق المحلل السياسي “حسام يوسف”، أن إيران انتقلت في حربها في العراق إلى مرحلة قتال الجبناء، مضيفاً: “إيران بدأت تدرك أنها على أعتاب فقدان كل شيء في العراق، بغض النظر عن الفترة الزمنية التي يستغرقها ذلك، وبالتالي فإن رسائلها إلى المجتمع العراقي والدولي، بأنها ستلجأ إلى مبدأ علي وعلى أعدائي، في حال أنها لم تعد تملك ما تخسره في العراق”.
وكان رئيس الحكومة العراقية قد تعهد بتسليم قتلة الناشط “الهاشمي” إلى العدالة، والسعي لوقف عمليات الاغتيال ضد الناشطين، بالإضافة إلى العمل على حصر السلاح بيد الدولة العراقية.
خلافاً للرسائل الإيرانية، يؤكد “يوسف”، أن فقدان إيران للسيطرة على الدولة العراقية وإقصاء رجالاتها من المناصب الأمنية والسياسية، يعني فقدانها للنفوذ وتلاشي ميليشياتها، وأن أكثر نفوذ ستمتلكه إيران في حال نجاح “الكاظمي”، هو بضعة أصوات لنواب داخل البرلمان، مشيراً إلى أن النفوذ الإيراني بدأ بشكل فعلي بالتسلل إلى العراق، مع تولي “إبراهيم الجعفري” الموالي لها، حكومة العراق، خلفاً “لإياد علاوي”، كما أن ذلك النفوذ ترسخ مع وصول “المالكي” إلى منصب رئيس الحكومة.