المخاوف الأوربية والغربية من استهداف القوات الروسية لكابلات وخطوط نقل الانترنت العالمية تحت البحار، بقيت محل نظر وتساؤل قلقٍ وشك متواصل بين نافٍ لقدرة الروس على القيام بتلك الحركات ومتسائل بنتائج تلك الخطوة وانعكاسها الفعلي عسكرياً وأمنيّاً على مختلف القوى العالمية.
ولطالما تسببت حركة السفن الروسية بالقرب من الكابلات المغمورة بالمياه مخاوف من أن موسكو قد تخطط إما لقطع الكابلات بالكامل أو لاعتراض الاتصالات.
ومن الممكن أن يكون لقطع العديد من تلك الكابلات (نحو 400 كابل ألياف ضوئية) في مواقع حساسة، أثر كبير على قنوات الاتصال حول العالم.
وجددت صحيفة “صنداي تايمز” البريطانية، الجدل القديم بعد أن نشرت خبراً حول إرسال المخابرات الروسية بعثة إلى إيرلندا التي تعتبر نقطة ربط أوروبا بأمريكا الشمالية، حيث تعمل البعثة الروسية وفقاً للصحيفة على تحديد الأماكن الدقيقة لكابلات الانترنت البحرية لفحصها ومعرفة نقاط ضعفها، الأمر الذي يسهل – وفق للصحيفة – إمكانية القيام بأي هجوم مستقبلي.
وتعتقد أجهزة الأمن الأيرلندية أن العملاء أرسلوا من قبل وكالة الاستخبارات الخارجية الروسية، ويقومون بالتحقق من كابلات الألياف الضوئية بحثاً عن نقاط ضعف ، وفقاً لما نقلته التايمز أيضاً نقلاً عن مصادر أمنية وعسكرية.
كما شوهد العملاء الروس وهم يراقبون ميناء دبلن ، مما دفع البلاد إلى تعزيز الأمن في عدد من مواقع الهبوط على طول الساحل الأيرلندي ، حسبما ذكرت صحيفة التايمز التي لم تحدد أين تمت مشاهدة البعثة الروسية.
الجدير بالذكر أن الشبكة الواسعة من الكابلات عبر المحيط الأطلسي تعمل تحت محيطات العالم على تشغيل الإنترنت والنصوص والمكالمات والمعاملات المالية العالمية. حيث يتم نقل حوالي 97 ٪ من جميع البيانات عبر القارات من خلال هذه الكابلات ، وفقاً لمنتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ.
وتُعتبر إيرلندا موقعاً مثاليًا لهذه التوصيلات الموجودة تحت سطح البحر ، نظراً لقربها من أمريكا الشمالية وأوروبا. ففي عام 2015، أنشأت شركة الاتصالات الأيرلندية Aqua Comms كبلًاً قيمته 300 مليون دولار لربط الولايات المتحدة بـ “دبلن” ولندن والقارة الأوروبية، وفقاً لما أفادت به مجلة The Examiner
وقالت صحيفة التايمز إن مصادر الشرطة والجيش الأيرلندية تشك في أن المخابرات الروسية، تستخدم إيرلندا كقاعدة لعمليات لجمع المعلومات الاستخباراتية عن أهداف في الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة.
ومن الاحتمالات المفسرة للتغلغل الروسي، ميزة دبلن كواحدة من أكبر مراكز التكنولوجيا في أوروبا، حيث تشتبه السلطات الإيرلندية في أن الوكلاء الروس يمكن أن يتجسسوا أيضًا على شركات التكنولوجيا الكبرى، وفقًا لصحيفة التايمز، فشركات Google و Airbnb و Facebook و Twitter جميعها لها مقرات في المدينة.
وأثارت أنباء وصول البعثة الروسية إلى إيرلندا مخاوف من أن روسيا قد تكثف حربها المعلوماتية عن طريق قطع الكابلات أو التلاعب بها ، مما قد يعطل المعاملات المالية العالمية أو حتى يأخذ بلدان بأكملها في وضع عدم الاتصال.
وقال مارك غاليوتي، خبير في الجريمة العابرة للحدود الوطنية والأمن الروسي في مركز الخدمات التابع للمعهد الملكي المتحدة للخدمات، لصحيفة التايمز، إن البلاد تقدم نفسها أيضاً كهدف مثالي للروس.
وتابع الخبير محذراً “لا تتمتع إيرلندا بقدرة على مكافحة المعلومات الاستخباراتية. إنه هدف ضعيف نسبياً. إيرلندا هي عقدة رئيسية للإنترنت العالمي. لديها تركيز كبير من شركات التكنولوجيا”. “هذه هي ساحة المعركة الجديدة في المستقبل.”
وفي وقت سابق في عام 2018 عقبّت صحيفة إلكترونية ” Wired” على تهديدات روسية مشابهة، أنه حتى لو قامت الغواصات الروسية بقطع عدة كابلات في المحيط الأطلسي، فلن يتسبب ذلك بتعطيل عمل الإنترنت بشكل جدي. ولو افترضنا جدلاً أن الغواصات الروسية تمكنت من قطع كل الكابلات في المحيط الأطلسي، فيمكن إعادة توجيه حركة الإنترنت من خلال الكابلات في المحيط الهادئ. ولو تمكنت روسيا بطريقة ما من عزل الولايات المتحدة بالكامل عن خطوط الإنترنت البحرية، فيستطيع الأمريكيون استخدام الشبكات الأرضية للاتصالات داخل البلاد.
واعتبر بعض الخبراء الروس حينها، مثل تلك التصريحات بالخيالية. وقال الخبير العسكري فيكتورموراخوفسكي نقلًا عن RT، إنه وعلى الرغم من وجود إمكانية نظرية لدى موسكو للقيام بقطع خطوط الاتصالات العميقة تحت مياه الأطلسي لكن هذه الفكرة ليست إلا ثمرة من ثمار الخيال المحموم لجنرالات الجيش البريطاني.