عاد مسلسل الاغتيالات إلى الواجهة في العراق، فبعد مقتل الناشط ورئيس تنسيقية الاحتجاجات “إيهاب الوزني” في كربلاء بهجوم مسلح أمس الأحد، استيقظ العراقيون اليوم الاثنين على أنباء محاولة اغتيال الصحافي العراقي “أحمد حسن” الذي أصيب بجروح خطيرة إثر تعرضه لمحاولة اغتيال بالرصاص في الديوانية.
مصدر أمني عراقي كشف اليوم الاثنين، عن إصابة منتسب في الاستخبارات بجروح خطيرة، إثر تعرضه لمحاولة اغتيال غربي العاصمة بغداد، في إشارة جديدة إلى أن “كواتم الصوت” بدأت تعمل في محاولة لإسكات الأصوات مع اقتراب موعد الانتخابات العراقية.
النفوذ الإيراني..
اغتيال الناشط العراقي البارز “إيهاب الوزني” الذي عُرف بأنه من أبرز الأصوات المناهضة للفساد والمطالبة بالحد من نفوذ إيران، كان له أثر كبير على المستوى الداخلي والدولي، اذ علقت واشنطن على اغتياله، مؤكدة أن “تكميم الأفواه المستقلة من خلال انتهاج العنف غير مقبول”.
داخلياً أحدث مقتل “الوزني” صدمة بين مؤيدي “ثورة تشرين” الذين احتشدوا وساروا في شوارع المدينة للمطالبة بوقف إراقة الدماء، كما خرجت تظاهرات في الناصرية والديوانية، جنوب البلاد، احتجاجا على عملية الاغتيال.
وأضرم محتجون عراقيون النار بمقر القنصلية الإيرانية في كربلاء، مساء أمس الأحد، في مظاهرات خرجوا بها للتنديد بالتدخلات الإيرانية في العراق، محملين النظام الإيراني مسؤولية الاغتيالات التي طالت الناشطين العراقيين.
كما، أكدت مصادر عراقية أن المتظاهرين حاصروا مقر القنصلية لفترة من الوقت، اطلقوا خلالها هتافات مناهضة لإيران وللميليشيات العراقية المدعومة من الحرس الثوري الإيراني، وذلك بعد ساعات قليلة من اغتيال الناشط البارز “إيهاب الوزني”، والذي تتهم ميليشيات عراقية بالوقوف وراء استهدافه.
ولفتت المصادر إلى أن “عناصر تابعين للأمن العراقي انتشروا في محيط القنصلية بهدف فض الاحتجاجات ومنع المتظاهرين من الاقتراب أكثر باتجاه المبنى الدبلوماسي خشية اقتحامه، بعد أن أشعلوا النار في أجزاء منه”.
يذكر أن مئات العراقيين شاركوا في تشييع جثمان الناشط “الوزني”، وسرعان ما تحول لمظاهرة مناهضة لإيران، هتف خلالها المشيعون، مرددين “إيران برة برة.. كربلاء تبقى حرة.. وتشرينية تشرينية ضد إيران الجمهورية”.
وكان “الوزني” قد نجا في كانون الأول 2019 من محاولة اغتيال استهدفته، فيما قتل الناشط العراقي “فاهم الطائي” بهجوم نفذه مسلحون يستقلون دراجة نارية، بأسلحة مزودة بكاتم للصوت.
مقاطعة الانتخابات..
بدوره، أعلن النائب في مجلس النواب العراقي “فائق الشيخ علي”، الذي كان أبرز مرشح طرحته ساحات الاحتجاجات لتشكيل حكومة انتقالية، انسحابه من الانتخابات التشريعية المقررة في العاشر من أكتوبر المقبل.
ودعا “القوى المدنية وثوار تشرين إلى الانسحاب أيضا والتهيؤ لإكمال الثورة في الشهور القادمة ضد إيران وميليشياتها القذرة”، قائلا “لا خيار أمامنا غير الإطاحة بنظام القتلة المجرمين. عاش العراق، عاش الشعب”.
“فائق الشيخ علي” يعتبر أحد أبرز أعضاء مجلس النواب العراقي، وفاز في انتخابات عامي 2014 و2018، وهو معروف بمواقفه في الدفاع عن الحياة المدنية ومناهضة الإسلام السياسي اذ اطلق منذ احتجاجات أكتوبر 2019 وصفت بـ”الخطيرة” ضد أحزاب سياسية وجماعات مسلحة وكذلك إيران ودورها في العراق.
إلى جانب ذلك، أعلن حزب البيت الوطني، واتحاد العمل والحقوق، المنبثقين من ساحات تظاهرات محافظتي ذي قار وبغداد، مقاطعة “النظام وانتخاباته”.
وذكر حزب البيت الوطني في بيان له أن “مسلسل القتل والخطف استمر من قبل جهات مسلحة معروفة سلفا من قبل الحكومة والشعب”، مؤكداً أن “اغتيال الوزني ما هو إلا مصداق على استمرار الإرهاب الممنهج لرموز وقادة وشباب تشرين”.
كما، طالب الحزب “كل القوى السياسية المنبثقة من تشرين للالتحاق بنا، وإعلان القطيعة التامة مع هذه العملية السياسية التي أثبتت المواقف والدماء إنها عصيةٌ على الإصلاح””.
وشهدت مواقع التواصل العراقية انطلاق حملة ” #مقاطعون ” وحملت تغريدات كثيرة من مؤثرين عراقيين يدعون إلى مقاطعة الانتخابات والعملية السياسية.
يذكر أنه، قتل نحو 600 شخص في أعمال عنف مرتبطة بالاحتجاجات منذ انطلاق الحركة الاحتجاجية في أكتوبر 2019، وقتل عراقيون آخرون بالرصاص فيما بدا أنها عمليات اغتيال، بينهم الباحث والمستشار الحكومي، هشام الهاشمي، أمام منزله في يوليو الماضي.
وأدت حملة المقاطعة للانتخابات في العام 2018، إلى اندلاع احتجاجات عام 2019 التي أدت إلى إسقاط الحكومة التي تشكلت عقب الانتخابات، وما يزال المحتجون يطالبون بإصلاحات وتغييرات يقولون إنها لم تتحقق.
متابعون يرون أن “اغتيال الوزني كشف أن القوى التي تجهض الانتفاضة العراقية لا تلجأ إلى التخويف المفيد بالنسبة إليها مع المحتجين في الشوارع والميادين، بل تستهدف قادة الحراك لتجهض كل تخطيط شعبي في هذه المرحلة”، مؤكدين أن “اغتيال قادة انتفاضة تشرين في المدن العراقية يمثل فرصة الميليشيات الولائية لإخلاء الساحات من قادة الحراك، كما هي فرصة السياسيين العراقيين للتملص من محاورة قادة الانتفاضة، بالتذرع بعدم وجود مثل هؤلاء القادة مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية في أكتوبر المقبل”.
ودانت المفوضية العليا لحقوق الانسان في العراق اغتيال الناشط المدني في محافظة كربلاء “إيهاب الوزني” مؤكدةً أن “عودة مسلسل الاغتيالات يدل على فشل المنظومة الأمنية في حماية المدنيين”
المفوضية دعت رئيس الحكومة “مصطفى الكاظمي” إلى حماية النشطاء وأصحاب الرأي من الاغتيال، وطالبته بإعلان نتائج التحقيقات في هذه الجرائم أمام الرأي العام”. مؤكدة أن “ضعف المنظومة الأمنية في حماية النشطاء، يجعل العديد منهم لمغادرة العراق، والمتبقي منهم أصبحوا فريسة لهذه الحوادث المأساوية”.
وطالبت القائد العام للقوات المسلحة باتخاذ الإجراءات المناسبة، لحماية النشطاء والإعلاميين والمدونين وأصحاب الكلمة الحرة، وتقديم الجناة للعدالة وتعزيز الجهد الأمني والاستخباراتي.
يُذكر أن المئات من المحتجين العراقيين سقطوا بعمليات اغتيال وقتل خلال الاحتجاجات، وتتراوح أعدادهم بين 560 و 800 ناشطًا منذ العام 2019، وفقًا لبيانات النشطاء العراقيين وإحصائيات الحكومة العراقية.