بدأ القضاء الفرنسي اليوم الاثنين، بمحاكمة رفعت الأسد عم رأس النظام السوري “بشار الأسد”، في قضية “إثراء غير مشروع” للاشتباه بأنه بنى امبراطورية عقارية في فرنسا من أموال عامة سورية.
وكالة “فرانس برس” للأنباء أشارت أن مقعد المدعى عليه في المحكمة سيكون شاغرا، نقلا عمن أسمتهم وكلاء الدفاع عن رفعت الأسد البالغ 82 عاماً قولهم: إن الشقيق الأصغر للرئيس السوري الراحل حافظ الأسد سيغيب “لأسباب طبية”.
ومن المقرر أن تتواصل محاكمته حتى 18 كانون الأول/ديسمبر الجاري بعد اتهامه بـ”تبييض أموال في إطار عصابة منظّمة” للاحتيال الضريبي المشدد واختلاس أموال عامة سورية بين عامي 1984 و2016. وهي اتهامات يرفضها كلها، بحسب تقرير نشرته وكالة فرانس برس.
ويقول السوريون إنه سرق خزينة الدولة السورية، في حرب المقايضة بين الأخوين (حافظ ورفعت)، أحدهما سرق السلطة، والثاني سرق المال، حيث إن “رفعت الأسد” شقيق الأسد الأب “حافظ”، شريكه في الكثير من المجازر السورية، وأكبرها مجزرة حماة في ثمانينات القرن الماضي.
وتعقيبا على محاكمة رفعت قال مصدر في المعارضة السورية ضمن إطار حديثه مع “مرصد الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”: “مشكورة فرنسا على محاكمتها المجرم رفعت الأسد الذي تغاضت هي والمجتمع الدولي عن محاكمته لأكثر من ثلاثين عاما بسبب جرائم الحرب التي قام بها في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي والتي تعتبر نهجاً يسير عليه آل الأسد أبا وابنا وعما وأولاد عمومة”.
واستطرد المصدر: “كان حرياً بفرنسا أن تضعه في السجن منذ سنوات طويلة، وتركه بلا محاكمة جعل نظام الأسد وأركانه المجرمين يمشون على غرار خطوات رفعت، فلا ملاحقة ولا محاسبة”، معتبراً أن تصرفات رفعت الأسد “الإجرامية تتنوع بتنوع البيئة التي تمكنه من تنفيذ جرائمه فيها، ولا يمكن أن يصلح مهما طال الزمن”.
وكان القضاء الفرنسي في شهر أبريل/ نيسان من هذا العام أمر بمحاكمة “رفعت” بتهمة غسيل الأموال عن طريق بناء امبراطورية عقارية بقيمة 90 مليون يورو (99,55 مليون دولار) في فرنسا.
حينها أمر القاضي الباريسي رينو فان رويمبيك رفعت الأسد (81 عاماً) بالوقوف أمام المحكمة للتحقيق معه بشأن التهم الموجهة إليه من مثل “غسل أموال في إطار عصابة منظمة” للاحتيال الضريبي المشدد واختلاس أموال عامة على حساب الدولة السورية، حسب المحضر الذي اطلعت عليه وكالة الأنباء الفرنسية.
كما أن القضاء الفرنسي أصدر أمرا بفتح تحقيق في ثروات وممتلكات رفعت الأسد في نيسان 2014، بعد أن تقدمت منظمتان غير حكوميتين بشكاوى ضده هما “شيربا” و”الشفافية الدولية”.
وأطلق السوريون لقب “جزار حماة” على رفعت الأسد، لقيادته قوات “سرايا الدفاع”، التي شاركت في مجزرة مدينة حماة السورية في عام 1982.
ونُفي نائب الرئيس السوري سابقًا من بلاده عام 1984 بعد محاولة انقلاب فاشلة ضد شقيقه حافظ الأسد، والد بشار الذي كان رئيساً لسوريا من عام 1971 إلى عام 2000،حينها أرغم حافظ الذي حكم سوريا منذ 1971 وحتى وفاته في 2000، أخاه رفعت على مغادرة البلاد إلى المنفى عام 1984 إثر ذلك عاش الأخير بين بريطانيا وفرنسا.
ووفقا لتقارير إعلامية فإن رفعت خلال إقامته في أوروبا مع زوجاته الأربع وأولاده البالغ عددهم 16 ولدا وحاشية يبلغ عدد أفرادها ما يقارب من 200 شخص، جمع ثروة عقارية أثارت الشكوك حول كيفية حصوله على هذه الأموال الطائلة.
ففي فرنسا، يملك رفعت الأسد قصرين في جادة فوش الراقية في باريس، إضافة إلى ما يقارب من 40 شقة في أحياء راقية من العاصمة، فضلا عن قصر مع مزرعة خيول في فال دواز قرب باريس ومكاتب في ليون، وغيرها.
وتم شراء معظم ذلك في الثمانينات من خلال شركات خارجية في بنما وكوراكاو وليشتنشتاين ولوكسمبورغ.
وتصل امبراطوريته العقارية حتى بريطانيا في جبل طارق وخصوصاً في إسبانيا حيث يملك أكثر من 500 عقار تقدر قيمتها بـ691 مليون دولار تمت مصادرتها في 2017، ويؤكد رفعت الأسد أنه جمع ثروته من هبات من العائلة المالكة السعودية تصل إلى أكثر من مليون دولار شهريا، بحسب “فرانس برس”.
لكن رغم تقديم محاميه وثائق تثبت تلقيه هبات تصل إلى نحو 25 مليون دولار بين 1984 و2010، سجل المحققون تحويلات بقيمة 10 ملايين دولار فقط من السعودية.
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الإعلامي.