بحث وزير الدولة الإماراتي لشؤون الدفاع محمد بن أحمد البواردي – خلال اتصال هاتفي – اليوم الثلاثاء مع وزيرة القوات المسلحة الفرنسية فلورنس بارلي علاقات التعاون الدفاعي المشترك بين البلدين، إلى جانب تبادل وجهات النظر حول عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الإهتمام المشترك.
من جهتها، أكدت وكالة الأنباء الإماراتية (وام) أن الجانبين استعرضا – خلال الاتصال – جهود البلدين في التصدي لجائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد – 19) واحتواء تداعياته.
وكان الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، بحث أمس الاثنين، خلال اتصال هاتفي، مع وزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، علاقات الصداقة والتعاون الاستراتيجي المشترك بين البلدين إلى جانب عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وذكرت وكالة الأنباء الإماراتية “وام” أن الطرفين استعراضا، خلال الاتصال، جهود التصدي لفيروس “كورونا” والعمل المشترك على صعيد تبادل الخبرات وتبني أفضل الممارسات الطبية لرصد الحالات المصابة والتعامل معها إضافة إلى التأكيد على الدور المتزايد للبحث العلمي خلال المرحلة الحالية في مواجهة هذا المرض.
الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، أكد على التعاون والتنسيق المستمر بين دولة الإمارات وفرنسا في مواجهة الوباء، مشيدًا بالإجراءات والتدابير الوقائية والاحترازية التي اتخذتها فرنسا في التعامل مع هذه الأزمة والتصدي لتداعياتها وآثارها المختلفة.
كما قدم الشيخ عبد الله بن زايد، تعازيه الخالصة لوزير الخارجية الفرنسي في ضحايا “كورونا”، وتمنياته بالصحة والسلامة لفرنسا حكومة وشعبا وكل شعوب العالم، مؤكدًا دعم دولة الإمارات لجميع الجهود العالمية من أجل تجاوز هذا التحدي.
آفاق وتعاون بين البلدين
إن العلاقات بين الإمارات وجمهورية فرنسا تعيش تطوراً مستمراً.. مع توسع العلاقات لتشمل التعاون في المجالات كافة، والتي تحظى بالأولوية بالنسبة للدولتين، مما بعث برسائل على عمق الشراكة والعلاقات الاستراتيجية التي تربط بين البلدين، والتي تحرص باريس وأبو ظبي على جعلها هذه العلاقات أكثر قوةً ومتانةً في السنوات المقبلة.
البعد التعليمي
تحتضن دولة الإمارات أكثر من 30 ألف شخص من الجنسية الفرنسية، كما يوجد 60 ألف طالب يدرسون اللغة الفرنسية في الإمارات، ويشكلون 12% من مجموع طلبة المدارس. وشيدت دولة الإمارات 6 مدارس فرنسية يدرس فيها ما يزيد على 10 آلاف طالب.
حيث تعتبر فرنسا البلد المصنف في المرتبة الرابعة لاستقبال الطلبة الإماراتيين الدارسين فيها، وتضم دولة الإمارات العديد من المنظمات المجتمعية والمدارس والمطاعم والأكاديميات الفرنسية في جميع أنحاء الدولة، إلى جانب ذلك هناك ما يزيد على 600 مؤسسة وشركة فرنسية في دولة الإمارات.
كما تلتزم الدولتان بتعزيز العلاقات السياسية والتجارية بينهما بشكل مستمر، وذلك تقديراً وإيماناً بالقيم المشتركة للثقافة والحضارة والاقتصاد بين الإمارات وفرنسا.
مؤخرًا.. شارك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في افتتاح متحف اللوفر الجديد في أبوظبي والذي تجاوزت تكلفة إنشائه مليار دولار، الذي وصفه الرئيس الفرنسي ماكرون بأنه “جسر بين الحضارات”، حيث استعانت الإمارات بالمهندس الفرنسي جان نوفيل، لتصميم لوفر أبوظبي.
الاقتصاد بعد خاص
تعتبر الإمارات العربية المتحدة في المرتبة الثانية من بين الأسواق التجارية لفرنسا في الخليج العربي، فقد بلغت قيمة الصادرات الفرنسية إلى الإمارات 3.4 مليارات يورو. وبلغ حجم المبادلات التجارية الثنائية 4،5 مليارات يورو في عام 2017 مسجلًا تراجعًا نسبته 3،3 في المئة عن السنة المالية السابقة.
وتتنوع صادرات فرنسا إلى الإمارات، فتشمل القطاعات المصدّرة الثلاثة الأولى (وتمثّل أكثر من 70 في المئة من مبيعات فرنسا) السلع الاستهلاكية باستثناء الأغذية الزراعية، وسلع الإنتاج، ومعدّات النقل.
تستحوذ المحروقات على الحصة الأكبر من وارداتنا وتُقدّر بقيمة 1.1 مليار يورو.. وتحتضن الإمارات العربية المتحدة حاليًا أكثر من ستمائة فرع للشركات الفرنسية (زيادة بنسبة 10% في سنة واحدة)، ومعظمها تابعة للمجموعة الفرنسية الكبرى المدرجة في مؤشر كاك 40. وتمثّل الإمارات ثاني أكبر مستثمر من مجلس التعاون لدول الخليج العربية في فرنسا.
البعد استراتيجي
قررت سلطات دولة الإمارات العربية المتحدة برؤية الشيخ زايد مؤسس الإمارات، حيازة منظومة دفاعية رادعة فطرقت باب فرنسا. وأصبحت العلاقات التي كانت في وقت سابق تقتصر على استيراد المحروقات والتعاون في مجال الأمن تغطي حاليًا جملة واسعة من القطاعات كالتعاون الثقافي والجامعي وتشييد قواعد عسكرية فرنسية دائمة في أبوظبي وإقامة مشاريع مشتركة في مجال الطاقات المتجددة، وغيرها. وتعقد فرنسا والإمارات العربية المتحدة مشاورات منتظمة رفيعة المستوى، ويتيح الحوار الاستراتيجي الذي استُهلّ بين البلدين في عام 2012 ضمان المتابعة الفنية للمشاريع الرئيسة في العلاقات الثنائية بينهما.
إلى ذلك، يعدّ التعاون في مجال الدفاع بين فرنسا والإمارات العربية المتحدة زخمًا ومتنوعًا. وتعزز هذا التعاون في السنوات القليلة الماضية باعتباره شراكة استراتيجية حقيقية في سياق إقليمي متقلّب تتغير فيه العوامل المزعزعة للاستقرار.
وتحتل فرنسا المرتبة الثانية من بين شركاء الإمارات من حيث طبيعة أنشطة التعاون وعددها. وينطوي تعاوننا مع الإمارات على بعدٍ عملياتي بارز، بفعل انتشار منظومة الاحتياط للقوات الفرنسية في الإمارات العربية المتحدة (سبعمائة فرد)، حيث تغطي هذه المنظومة حاليًا طيفًا متنوعًا من المجالات.
واتجهت الإمارات العربية المتحدة منذ استقلالها إلى التعاون مع عدة شركاء غربيين مثل فرنسا، حرصًا على ضمان الأمن الوطني. ويمثّل اتفاق الدفاع بين فرنسا وأبو ظبي، والذي تكلل بإنشاء قاعدة عسكرية فرنسية في الإمارات العربية المتحدة في عام 2009 دليل واضح على تلك التوجهات الاستراتيجية.