هيئة التحرير
بالتزامن مع تجدد المظاهرات في لبنان، واتساع دائرة المطالب الشعبية، يرى النائب السابق في البرلمان اللبناني، “عماد الحوت”، أن لبنان بات بحاجة إلى حكومة جديدة بعيدة كل البعد عن التقسيمات الحزبية، لافتاً إلى أن ذلك هو الشرط الأول والأساسي لإجراء الإصلاحات المطلوبة على الأرض.
وتأتي المظاهرات الجديدة بعد مرور أشهر على تشكيل الحكومة برئاسة “حسان دياب”، وسط استمرار الأزمة الاقتصادية وانهيارسعر صرف الليرة اللبنانية أمام الدولار، الذي سجل 3890 ليرة، وترجيح ارتفاع حجم البطالة إلى مليون شخص.
خلافات داخلية ومحاصصة وقلة ثقة
حالة البلاد الراهنة والمطالب بحكومة مستقلة، يربطها “الحوت” بحالة عدم الاستقرار السائدة بين الكتل السياسية الحاكمة في لبنان على مدار السنوات الماضية، وانعكاس حالة عدم التوافق داخل الائتلافات الحكومية على الشارع وأوضاع البلاد، معتبراً أن فشل الحكومة الحالية بات واضحاً حتى للفرقاء المشكلين والمشاركين فيها، تحديداً على مستوى محاربة الفساد وتحقيق الإصلاحات ووقف المحاصصة، والتي تشكل جوهر المطالب الشعبية.
ويصنف لبنان بحسب منظمة الشفافية الدولية في المرتبة 137 في مؤشرات الفساد، في حين بلغت مستويات الدين العام 90 مليار دولار، وذلك تزامناً مع تحذير برنامج الأغذية العالمي من مليون لبناني سيكونوا تحت خط الفقر الغذائي خلال الأشهر المقبلة.
في السياق ذاته، يلفت “الحوت” إلى أهمية وقف مبدأ المحاصصة المعتمد في تشكيل الحكومات اللبنانية خاصةً مع دورها في تعطيل العيينات الحكومية وعملها، وخدشها لصورة الوطن مقابل خدمة المصالح الحزبية الضيقة، مضيفاً: “طالما أن الحكومة الحالية غير قادة على التصدي لتلك الممارسات والمشكلات فلتذهب ولتأتي مكانها حكومة قادرة على ذلك من خلال استقلاليتها عن هذه الطبقة السياسية”.
إلى جانب ذلك، يكشف مصدر لبناني خاص لـ “مرصد مينا” إلى أن الأوضاع داخل الائتلاف الحكومي الحالي مهدد بالانفجار بأي لحظة بسبب مسألة الخلافات الداخلية على عدة نواحي، من بينها صراعات الأحزاب على التعيينات القضائية والمصرفية، ووجود تباينات بالرأي حول طريقة التعاطي مع قضايا الشارع، بالإضافة إلى الخلافات التاريخية التي تجمع بين الأطراف الحكومية الكبرى، خاصة بالنسبة لحركة أمل وحزب الله والتيار العوني، موضحاً: “رئيس الجمهوري والتيار العوني عموماً لا يكن أي ثقة بحزب الله وحركة أمل، حلفاء النظام السوري، الذي كان خصم ميشال عون في فترة الثمانينيات، ووجودهم حالياً في معسكر واحد خلقته الظروف المحيطة وليس مصلحة البلد أو تشابه الرؤى، وبالتالي فإن الحكومة الحالية ليست إلا حكومة ترضيات وتحالفات، وليست حكومة إصلاحات”.
وكانت الفترة الماضية قد شهدت ارتفاع موجة الصعيد بين قطبي الحكومة المسيحيين، تيار المردة برئاسة “سليمان فرنجية” والتيار الوطني الحر، برئاسة “جبران باسيل”، كمان شهدت تصاعد الدعوات من قبل قيادات في التيار الوطني لإسقاط سلاح حزب الله وتفضيل المصلحة العامة.
حزب الله وحجر الزاوية
بعيداً عن التجاذبات السياسية والمحاصصة، يرى الكاتب والمحلل السياسي، “بدوان عبد النور” أن أساس الفشل الحكومي وإغراق لبنان بالفقر، يعود إلى سطوة حزب الله عليها، لافتاً إلى أن تلك السطوة جعلت من زراعة وتجارة الحشيش والسوق السوداء وتبييض الأموالن من بين الأمور التي يقوم عليه الاقتصاد حالياً.
إلى جانب ذلك، يشير “عبد النور” إلى أن الارتباطات الخارجية للحزب خاصة مع النظام السوري والإيراني، وقتاله في العديد من الساحات الإقليمية، تعتبر واحدة من أهم مشاكل لبنان، إذا ما أضيف إليها قوته العسكرية المكونةمن 200 الف صارةخ و50 ألف مقاتل.
وتوصف الحكومة الحالية بأنها حكومة حزب الله، الذي حشد حلفاءه السياسيين لتأمين مرورها في مجلس النواب، ما دفع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وعدد من الدول العربية إلى الامتناع عن تقديم المساعدات المالية للبنان، بالإضافة إلى تعثر مفاوضات الحكومة مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض، بسبب المعابر غير الشرعية على الحدود السورية اللبنانية، التي يديرها حزب الله.
في ذات السياق، يؤكد المصدر الخاص لمرصد مينا، أن سطوة حزب الله على القرار الحكومي وضعت لبنان في عزلة محلية، في وقت هو بأمس الحاجة إلى الدعم الخارجيوالعربي، يدفع باتجاه ضرورة إسقاطها، مشدداً على أن الوضع في لبنان سيتأزم بشكل كبير خلال الأسابيع القادمة في حال عدم رفع حزب الله لوصايته فإن البلاد قد تنجر إلى حرب أهلية جديدة.
ترجيحات اتجاه لبنان نحو التصعيد الداخلي، يربطها المصدر بوصول مطالب المتظاهرين بشكل مباشر ولأول مرة بإسقاط سلاح حزب الله، وهو ما يعتبره الحزب خطاً أحمراً عريضاً، موضحاً: “كل الإشارة توحي بأننا نتجه نحو 7 أيار جديد، إن لم تستقل الحكومة وتستبدل بحكومة مستقلة ذات كفاءات، فحزب الله بدأ بخطته لمواجهة المظاهرات بتصعيد وصدامات أكبر مع المتظاهرين، وهذا يعني أنه حاضر للمزيد من التصعيد”.
وبدأت أحداث 7 أيار، عام 2008، يعد أن سيطر مقاتلوا الحزب على العديد من مناطق العاصمة بيروت بقوة السلاح على خلفية قرار الحكومة آنذاك، بتفكيك شبكة الاتصالات الخاصة بالحزب، بوصفها شبكة غير شرعية.
طائفية ومعاير فشل ومؤامرات
سيطرة الحالة الطائفية على عمل الحكومة، يشكل بدوره واحداً من أسس الفشل الحكومي، بحسب ما يراه الكاتب اللبناني، “سعد الياس”، معتبراً أن حكومة “دياب”، وزعت المناصب بما يتناسب مع قانون المحاصصة بين الكتل السياسية الداعمة لها، دون النظر أو الاهتمام بالغضب الشعبي والتحركات الاحتجاجية، الرافضة لذلك المبدأ، مشيراً إلى ان تلك التعينات والتوزيعات تمت تحت إصرار من رئيس التيار الوطني الحر، “جبران باسيل” تحت طائلة التهديد بسحب وزرائه من الحكومة، ما منحه حصة الأسدمن تلك التعيينات.
بالتزامن مع كلام “الياس”، يكشف مصدر مطلع، أن التعيننات المصرفية الأخيرة، مثلت مؤامرة على مصلحة لبنان، مشيراً إلى أن حزب الله وشركائه خططوا لها بهدف تحميل المصارف اللبنانية مسؤولية الانهيار المالي الحاصل، خاصةً مع ضغطهم باتجاه اقصاء المرشح لمنصب نائب حاكم المصرف المركزي، “محمد بعاصيري” من قائمة التعيينات، على الرغم من أنه كان من المرجح أن يخلق نوعاً من التوازن داخل المنظومة المالية اللبنانية، على اعتبار أنهبملك علاقات جيدة مع الإدارة الأمريكية، على حد قول المصدر.