وجه مكتب الادعاء العام الفرنسي اتهامات للداعية الإسلامي، طارق رمضان، باغتصاب 4 سيدات، وطالب بمثوله للمحاكمة.
وقال مكتب الادعاء العام الفرنسي إنه استدعى المفكر الإسلامي للمثول أمام المحكمة بشأن تهم اغتصاب. وأكد الإدعاء أن إحدى القضايا الموجهة ضد المتهم، كانت الضحية فيها “امرأة ضعيفة تحتاج لحماية”.
وبعد سلسلة من التحقيقات التي استمرت على مدار سنوات، وأكدت ارتكاب طارق رمضان أفعالا وإساءات دنيئة وظاهرة واستغلال نفوذ، أحالت النيابة العامة بفرنسا، حفيد حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان الإرهابية لمحكمة الجنايات، في قضية اتهامه بـ”الاغتصاب بالتراضي”، وذلك بتهمة اغتصابه أربع نساء بين عامي 2009 و2016.
ورغم ما يواجهه طارق رمضان من جرائم اغتصاب تلاحقه منذ سنوات، إلا أنه يصر على إنكارها ويزعم أنها مجرد ادعاءات ليس لها أساس من الصحة، وهو ما نفته تحقيقات النيابة الفرنسية التي أكدت صحة الاتهامات الموجهة لحفيد مؤسس جماعة الإخوان، وهو الأمر الذي تسبب في صدمة جديدة لشباب الجماعة تجاه قياداتهم المختلفة.
وطارق رمضان هو حفيد لمؤسس جماعة الإخوان في مصر حسن البنا، وقد ألّف عدّة كتب في مجال الدراسات الإسلامية.
يذكر أن رجل الدين (59 عاما) المولود في جنيف بسويسرا، كان رهن الاعتقال السابق للمحاكمة خلال الأشهر الـ 10 الماضية. وقد نفى رمضان الاتهامات، لكنه اعترف لاحقا بوجود اتصالات مع النساء.
ويتمتع رمضان بشعبية لدى العديد من المسلمين الأوروبيين الشباب من أصول مهاجرة، وقد دفع من أجل نهج للإسلام يتكيف مع الحياة في أوروبا.
تاريخ الجماعات حافل بالجرائم والفضائح الجنسية
وجرائم طارق رمضان الجنسية ليست الأولى في تاريخ الجماعة، بل سبقه كثيرون فتاريخ التنظيم منذ بدايته شهد الكثير من حالات التحرش والاغتصاب، فقبل سنوات عديدة كانت هناك العديد من الاتهامات وجهتها نساء الجماعة، بالإضافة لشكاوى قُدِّمت من قبل أعضاء الجماعة، ضد صهر حسن البنا (زوج شقيقته)، والسكرتير العام لجماعة الإخوان “عبد الحكيم عابدين”، والذي وصفه حينها أحد أعضاء الجماعة “حازم أمين” بـ “راسبوتين الإخوان”.
ووفقا لدراسة صادرة من مركز الشرق الأوسط للدراسات، لم يكن أمام المرشد إلا إجراء التحقيقات، التي لا يعرف أحد أين ذهبت وثائقها، وبعد انتهاء التحقيقات تم التأكد من إدانة واضحة لعابدين. وقد اختار المرشد العام لملمة الأمر والتكتم عليه، لكن مع ذلك ظل عبد الحكيم عابدين صاحب نفوذ واسع في الجماعة حتى بعد اغتيال حسن البنا.
وقد تم في السابق نشر تقارير توثق فضيحة عبد الحكيم عابدين أسفرت عن خروج عدد كبير من التنظيم، وأثارت الشكوك لدى كثيرين عن مدى مصداقية القائمين عليها، وكان على رأس المنشقين أحمد السكري، وكيل الجماعة والذراع الأيمن لحسن البنا والسياسي المحنك. فقد كانت فضيحة عابدين السبب الحقيقي لانشقاقه وخروجه، لكن السبب الآخر هو فقدان الثقة بينه وبين المرشد بسبب هذه الفضيحة.
وفي عهد محمد مرسي أثناء حكم الجماعة في مصر، في منتصف العام 2012، انتشرت مقاطع فيديو جنسية لقيادي في الجماعة هو رشاد عبد الغفار، ظهر فيها مع فتاة في أوضاع إباحية، إلا أنه خرج نافيا تلك الاتهامات.
وأيضا أثناء تولي الإخوان السلطة في مصر، تولى الصحافي والقيادي في الجماعة، صلاح عبد المقصود منصب وزير الإعلام، وأطلق عليه لقب “”المتحرش باسم الحكومة ” بسبب ارتكابه ثلاث وقائع تحرش جنسي لفظي بالصحافيات والإعلاميات، منهن الإعلامية السورية زينا يازجي.
وقد أطلقت حركات نسائية حملات لإقالته من منصبه، لكن لم يستجب أحد، إلى أن اندلعت ثورة 30 يونيو 2013، وسقط حكم الجماعة.
ولم يتوقف الهوس الجنسي عند أعضاء محددة من “الإخوان”، فالقائمة تضم أسماء بارزة من قيادات الجماعة، مثل فضيحة يوسف القرضاوي، مع السيدة الجزائرية التي هددها بسحب الجنسية القطرية منها بعد مقاضاته.
كذلك فضيحة أحمد منصور، مذيع قناة الجزيرة، الذي أصدرت النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بالعاصمة المغربية الرباط مذكرة لملاحقته بعد قيامه بالنصب على سيدة مغربية تدعى كريمة فريطس، عضوة بلجنة العلاقات الخارجية بحزب العدالة والتنمية.
فقد أنكر زواجه العرفي، ولم يقم بتوثيق زواجه منها، الأمر الذي دفع السيدة كريمة لإقامة دعوى قضائية ضده عام 2015 بعد إنكاره الزواج ومن ثم رفض مذيع قناة الجزيرة المثول أمام القضاء.
وقد هزت الفضائح الجنسية المتعددة كيان التنظيم، حيث اعتبر عدد من المتابعين ان الجماعات الإسلامية تتظاهر بالورع والاعتدال لكنها متطرفة وفاسدة في باطنها.
التسويق لخطاب أخلاقي مثالي طهوري
واعتراف حفيد البنا بممارسات جنسية غير شرعية، بمثابة تعرية جديدة لأفراد وقيادات تنظيم الإخوان الذي أساء أشد الإساءة للإسلام. والتركيز على فضائح الإسلاميين أمر طبيعي بحكم أن هؤلاء كانوا يسوقون لخطاب أخلاقي فيه كثير من المثالية والطهرانية، خصوصا أن الأمر كان يعارض توجهاتهم الإسلامية، وقد كشفت السنوات الأخيرة المستور عن إشكالات كثيرة متعلقة بالخطاب الطهراني الذي سوقت له الحركات الإسلامية.
وقد تضررت صورة الإسلاميين عامة في كثير من الدول بعد تفجر الفضائح تلو الفضائح، وهو ما سيمحو تدريجيا الصورة التي طُبعت لسنوات عند الشعوب.
والحركات الإسلامية مطالبة اليوم بإعادة النظر في تصورها لموضوع المرأة والجنس عموماً لأن بعض التصورات المغلوطة التي تربت عليها الأجيال هي التي تنتج مثل هذه التصرفات، بالإضافة إلى أن التربية على الازدواجية بين الخطاب والسلوك والتوجس الشديد في التعامل مع المرأة هو ما يُنتج هذه الفضائح الجنسية.
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مركز أبحاث ودراسات مينا.