لا يختلف اثنان حول خطر وسرعة انتشار فيروس (كوفيد – 19) أو فيروس كورونا التاجي المستجد، والذي خلال شهرين فقط من إعلان ظهوره في الصين.. غزا العالم كله وفرض حجرًا ومقاطعة صحية على دول بكاملها وهبط بأسواق الأسهم وكواليس الاقتصاد لمرحلة خطيرة ومرعبة.
ظهر فيروس كورونا في ديسمبر / كانون الأول الماضي فقط، ولكن على الرغم من ذلك تفشى الفيروس ليصبح وباء عالميًا ثم جائحة يحاول العالم التصدي لها.
ورغم أن المرض يكون طفيفًا لدى أغلب المصابين، إلا أن البعض من المصابين يتوفون..ما يستوجب معرفة كيفية مهاجمة المرض الجسم، ولماذا يتسبب بموت البعض، وما إجراءات معالجة المرض وفائدة الحجر الصحي؟.
مرحلة الإصابة الصامتة “الحضانة”
بعد انتقال الفيروس ودخوله إلى جسم الإنسان، تبدأ عمليات الغزو التي يقوم بها الفيروس لخلايا البدن، ويعمل الفيروس في هذه الفترة على توطيد وجوده في الجسم.
تعمل الفيروسات بدخول الخلايا التي يتكون منها الجسم ثم الاستيلاء عليها، ويمكن لفيروس كورونا، المعروف علميًا باسم (سارس-كوف-2) غزو الجسم عندما تستنشقه إلى داخل جهازك التنفسي (عندما يسعل شخص بالقرب منك) أو عند ملامسة لسطح ملوث ثم تلمس وجهك بعد ذلك.
يصيب الفيروس أولًا الخلايا المبطنة للحلق، والقصبة الهوائية والرئة، ثم يحولها لـ “مصانع لفيروس كورونا” التي تنتج كميات ضخمة من الفيروسات الأخرى التي تصيب المزيد من الخلايا.
في المراحل الأولى، لن يمرض الشخص وقد لا يصاب البعض بأي أعراض على الإطلاق. حيث تختلف فترة الحضانة، وهي الفترة بين العدوى بالفيروس وظهور الأعراض، بصورة كبيرة من شخص إلى آخر، ولكنها في المتوسط خمسة أيام.. رغم أن دراسات جديدة أشارت لفترة حضانة تمتد لعشرين يومًا لدى بعض مرضى الكورونا مؤخرًا.
أعراض ومؤشرات
تشير التقارير الطبية أن ثمانية من بين كل عشرة أشخاص، يصابون بأعراض طفيفة لفيروس كوفيد -19، حيث تشمل الأعراض الأساسية ارتفاع درجة الحرارة والسعال، وكذلك التهاب الحلق والصداع أعراض محتملة، و وجع الجسم؛ بيد أنها ليست مؤكدة.
أما ارتفاع درجة الحرارة والشعور بالتوعك العام فناتجان عن استجابة الجهاز المناعي للعدوى بالفيروس، حيث يدرك الجسم أن الفيروس عدو يهاجمه، ويرسل إشارات للجسم أن هناك ما يتسبب له في الضرر، وذلك عن طريق إطلاق مواد كيماوية تعرف باسم “سايتوكينس”.
وتدعو هذه المواد الكيماوية الجهاز المناعي لاستجماع طاقته لمقاومة الفيروس، ولكنها أيضا تتسبب في أوجاع الجسد والآلام وارتفاع درجة الحرارة، ويكون السعال الناجم عن الفيروس جافا بادئ الأمر، وكون ذلك ناجما عن تهيج الخلايا إثر إصابتها بالفيروس.
قد يبدأ البعض لاحقا في السعال المصحوب بالبلغم، وهو مخاط سميك يحتوي على خلايا الرئة التي قتلها الفيروس، ويمكن علاج تلك الأعراض بالراحة في الفراش، والكثير من السوائل والباراسيتامول. ولن يكون المريض بحاجة لرعاية المستشفى.
ولكن البعض سيصابون بصورة أكثر خطورة لمرض كوفيد-19 الناجم عن فيروس كورونا.
هذا ما يُعرف الآن عن هذه المرحلة، ولكن بدأت دراسات في الظهور تشير إلى أن المرض يمكنه التسبب في المزيد من أعراض نزلات البرد مثل الرشح.
مراحل الخطورة
عند اتخاذ الجسم ردود فعل متقدمة ضد الفيروس، يبدأ حينها تطور المرض، وتبدأ مؤشرات رد فعل زائد تجاه الفيروس.
تسبب هذه الإشارات الكيميائية لسائر أعضاء الجسم الالتهاب ولكن يجب أن يتم ذلك بتوازن. فالالتهاب الأكثر من اللازم قد يتسبب في أضرار للجسم، ويسمى الالتهاب الذي يصيب الرئة بالالتهاب الرئوي.
وإذا كان من الممكن الانتقال عبر الفم إلى القصبة الهوائية وعبر القنوات الدقيقة في الرئة، فإنك ستصل إلى الحويصلات الهوائية الدقيقة.
في هذه الحويصلات ينتقل الأكسجين إلى الدم وثاني أكسيد الكربون إلى الخارح، ولكن في حالة الإصابة بالالتهاب الرئوي تبدأ الحويصلات الهوائية بالامتلاء بالماء وقد تتسبب في ضيق التنفس وصعوبته.
قد يحتاج البعض من المصابين إلى جهاز للتنفس الصناعي حتى يتمكنوا من التنفس، ويعتقد أن هذه المرحلة تؤثر على 14 % من الأشخاص، وفقًا للبيانات التي تم الحصول عليها من الصين.
الخطورة القصوى تتمثل في وصول الجسم للمرحلة الحرجة للمرض حيث يقدر عدد الواصلين لتلك المرحلة بنحو 6 في المئة من الحالات.
في هذه المرحلة تبدا وظائف الجسد في الإخفاق، ويوجد احتمال حقيقي للوفاة، والمشكلة الآن أن الجهاز المناعي بدأ يخرج عن السيطرة ويتسبب في المتاعب في مختلف أجزاء الجسم، وقد يتسبب ذلك في الإصابة بتسمم الدم وينخفض ضغط الدم لمعدلات خطرة وتتوقف الأعضاء عن العمل بكفاءة أو تفشل بصورة تامة.
متلازمة الضائقة التنفسية الحادة التي يتسب فيها التهاب القصبة الهوائية تؤدي إلى عدم تمكن الجسم من الحصول على الأكسجين الكافي حتى يتمكن من البقاء على قيد الحياة، وفي هذه المرحلة قد تتوقف الكلى عن تنظيف الدم وقد تؤدي إلى أضرار ببطانة الأمعاء.
إذا لم يتمكن الجهاز المناعي من السيطرة على الفيروس، فإنه سينتشر في نهاية المطاف إلى سائر أعضاء الجسد وأجهزته، ويتسبب في المزيد من الأضرار، وسيتطلب العلاج في تلك الحالة تدخلا طبيًا كبير، ولكن الضرر قد يصل لمرحلة قاتلة لا يمكن فيها للأعضاء إبقاء الجسم على قيد الحياة.
احتمالية الوفاة
يعتقد باحثون حالياً أنّ ما بين 5 و40 حالة من كل 1000 حالة إصابة بفيروس كورونا ستنتهي بالوفاة، وأن أفضل تخمين لمعدل الوفاة هو موت تسعة أشخاص من كل 1000 حالة إصابة أو نحو 1 في المئة منها.
ولكن ذلك يعتمد على مجموعة من العوامل: فئتك العمرية وجنسك والحالة العامة لصحتك والنظام الصحي حيث توجد.
نصائح وقائية
وفق النصائح الأساسية من منظمة الصحة العالمية، يمكنك حماية نفسك من جميع فيروسات الجهاز التنفسي عن طريق غسل يديك، وتجنب الأشخاص الذين يعانون من السعال والعطس، مع محاولة الامتناع عن لمس عينيك وأنفك وفمك.
وحول مدى فعالية الكمامات، يقول أستاذ الميكروبات والأحياء الدقيقة بالجامعة الأردنية، محمد المدادحة، إن الكمامات قد تحد من خطر انتقال العدوى ولكن على نطاق ضيق جدا، “حتى استخدام الكمامات ذات المرشحات الدقيقة (الفلاتر)، لا تقدم الحماية الكافية”.
ويتابع المختص: “بل ينبغي اتباع إجراءات وقائية أخرى أهمها المواظبة على غسل اليدين. فالدور الأساسي في انتقال العدوى تلعبه اليد”، ويشرح قائلا: “الفيروسات تنتقل من شخص إلى آخر عن طريق الرذاذ الذي يطلقه المريض عند العطس والسعال”.
من جهتها، أكدت منظمة الصحة العالمية أنه لا حاجة للأصحاء لارتداء الكمامات. ونصحت بارتدائها فقط عند رعاية شخص مشتبه في إصابته بالعدوى.
إلى ذلك، أشار تقرير نشرته صحيفة «ديلي ميل» إلى أن هناك بعض الأطعمة التي قد تعمل على تعزيز جهاز المناعة ضد «كورونا»، وذلك نقلاً عن عدد من خبراء التغذية الأستراليين.
ويقول خبراء التغذية، إن الأطعمة الغنية بمضادات الأكسدة، بما فيها الباذنجان، والقرع، والجزر، والتوت، والثوم، والبصل، ضرورية لبناء الجهاز المناعي الذي يحارب الفيروسات.. يضاف لها الكركم، الأطعمة الغنية بالزنك (الأسماك اللحوم الحمراء السبانخ البقوليات …) كما أن للبيض والشاي الأخضر والزنجبيل والثوم أفعالًا قوية في تعزيز المناعة لمواجهة المرض.