مع مرور أسابيع على رفع الإدارة الأمريكية الجديدة، ميليشيات الحوثي من قائمة الإهاب، يعتبر رئيس الحكومة اليمنية، “معين عبدالملك”، أن تلك الخطوة أثرت سلباً على المسألة اليمنية، لافتاً إلى أن الميليشيات أسأت فهم واستغلال تلك الخطوة المتخذة من قبل إدارة “جو بايدن”.
كما يرى “عبد الملك” أن الحوثيين اعتبروا تلك الخطوة على أنها ضوء أخضر للمضي في سياساتها وانتهاكاتها داخل اليمن وضد اليمنيين، بالإضافة إلى زيادة تصعيدها ضد دول الجوار وتهديد الأمن والاستقرار في الخليج والمنطقة والعالم بشكل عام.
يشار إلى أن ميليشيات الحوثي شنت خلال الأسابيع القليلة الماضية، هجوماً كبيراً ضد مدينة مأرب، كما أنها زادت من هجماتها الصاروخية وبالمسيرات المفخخة ضد مواقع داخل المملكة العربية السعودية.
دور تخريبي ومواقف مثمنة
يعتبر “عبد الملك” أن المجتمع الدولي والأمم المتحدة وكافة أصدقاء اليمن، أمام امتحان حقيقي في اليمن لتحقيق السلام عبر الضغط على ميليشيا الحوثي وداعمها الإيراني لوقف دورها التخريبي في البلاد، مثمناً موقف لمبعوث الأميركي إلى اليمن، ” تيم ليندركينغ”، ورفضه للممارسات الحوثية.
إلى جانب ذلك، يشدد “عبد الملك” على أن ممارسات الحوثي وانتهاكاتها وتهديدها للأمن الإقليمي والدولي، تعكس حقيقة مشروع الميليشيا والتوجيهات الصادرة إليها من النظام الإيراني، في إشارة إلى أن الميليشيات في اليمن هي جزء من مشروع إقليمي تقوده إيران.
وكانت الميليشيات الحوثية قد أقرت في وقتٍ سابق، بتبعيتها لولاية الفقيه الإيرانية، خلال عدة زيارات لوفود منها للعاصمة الإيرانية، طهران، وعقد لقاءات مع المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، “علي خامنئي”، وذلك مع إقرار عددٍ من قيادات الحرس الثوري، بتقديم الدعم الكامل للميليشيات الحوثية، والتي صدر آخرها عن قائد فيلق القدس الإيراني، “إسماعيل قاني”.
تعليقاً على تطورات الموقف اليمني، يلفت المحلل السياسي “صالح الهلالي” إلى أن الإدارة الأمريكية تسرعت في قرار رفع ميليشيات الحوثي عن قائمة الإرهاب، وأن الأجدى كان انتظار بوادر حسن نية من قبل الميليشيات وإثباتات على الأرض تدل على استعدادها لخوض مفاوضات الحل السلمي والسياسي للقضية اليمنية، قبل أن ترفع عن قائمة الإرهاب، مشيراً إلى أن القرار الأمريكي في الظروف التي أتخذ فيها أظهر الإدارة الأمريكية في موقف المهادن ومنح الميليشيات مساحة تحرك تصعيدية جديدة.
يذكر أن إدارة الرئيس الأمريكي السابق، “دونالد ترامب” قد أدرجت ميليشيات الحوثي على قوائم الإرهاب، وذلك قبل نهاية ولاية الرئيس بأيامٍ قليلة.
كما يشدد “الهلالي” على أن الميليشيات شعرت بنوع من الأمان جراء القرار الأمريكي، وأنها لن تكون هدفاً للإدارة الأمريكية، كما هو حال نظيراتها في العراق، ما أفقدها الرادع عن القيام بالممارسات التصعيدية على حد قوله، مؤكداً على ضرورة أن تعيد الإدارة الأمريكية النظر في قرارها، خاصة إذا ما أرادت فعلاً الدخول في مفاوضات مع إيران، التي تستثمر بميليشياتها في الشرق الأوسط لتحسين ظروفها التفاوضية.
في ذات السياق، يرى “الهلالي” أنه كان يتوجب على “بايدن” أن يستمع إلى أراء حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة على اعتبار أنهم الجانب الأكثر تضرراً من تلك الميليشيات وممارساتها، بالإضافة إلى أنهم على دراية أكبر بالشأن اليمني واحتياجاته.
خطوات إضافية وبوتقة واحدة
إعادة إدراج الميليشيات اليمنية على قوائم الإرهاب، لم يعد كافياً لردعها من اتخاذ خطوات تصعيدية، كما يقول الخبير في شؤون الشرق الأوسط، “عمرو عبد الدايم”، مشيراً إلى ضرورة أن تتخذ الإدارة الأمريكية مزيداً من الخطوات ضد الميليشيات، حتى تشعر الأخيرة بأنها تحت الضغط الفعلي.
كما يبين “عبد الدايم” أن الإدارة الأمريكية مطالبة الآن بالتعامل مع ميليشيات الحوثي بشكلٍ مشابهٍ تماماَ في تعاملها مع ميليشيات حزب الله اللبناني والميليشيات العراقية، موضحاً: “جميع تلك الميليشيات على اختلاف مناطق انتشارها، تدار من ذات الجهة، وهي النظام الإيراني، وبالتالي فإنها جميعها تتبنى ذات الأيدولوجيا والتفكير والممارسات، وبالتالي من الخطأ تماماً الفصل بينها خلال التعامل معها، واعتقد أنه في يومٍ ما إذا صدر القرار الإيراني فإن ميليشيات الحوثي ستكرر ما تفعله الميليشيات العراقية باستهداف القواعد الأمريكية”.
وكانت الميليشيات الحوثية قد هددت نهاية العام الماضي، باستهداف الجيش الإسرائيلي بصواريخ من البحر الأحمر، في حال توجيه الطيران الإسرائيلي ضربات جوية لأهداف داخل إيران، قبيل تسليم الرئيس الأمريكي السابق، “ترامب” للسلطة، مطلع العام الجاري.
في السياق ذاته، يؤكد “عبد الدايم” أنه في حال عدم اتخاذ خطوات جدية تجاه الحوثيين من قبل المجتمع الدولي فإن اليمن يتجه نحو كارثة لا يمكن تحملها، خصوصاً وأن الميليشيات الآن تعتبر انها ليست في موقف يتطلب منها اللجوء إلى خيار المفاوضات، حتى وإن كانت تفقد عشرات العناصر على الجبهات، مشيراً إلى أن المشروع الحوثي يتعارض تماماً مع ترسيخ الاستقرار في اليمن، كما هو الحال بالنسبة لنظرائها في العراق ولبنان، على اعتبار أن مصالح إيران تتطلب إحداث الفوضى في مناطق نفوذها الحفاظ على حالة اللادولة في تلك المناطق.
يذكر أن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، قد حذر في وقتٍ سابق، من أن اليمن يتجه لأن يكون دولة غير قابلة للحياة، في ظل ما يعانيه من استمرار المعارك والحرب للعام السادس على التوالي، كاشفاً عن صعوبة الأوضاع الإنسانية هناك، واستحالة إعادة بناء البلاد في ظل الظروف الراهنة، لا سيما مع ارتفاع معدلات الفقر والجوع والدمار.