هيئة التحرير
شاكراً إيران على ما قدمته للقضية الفلسطينية مهنئاً إياها بيوم القدس، تصرف جديد يؤكد من خلاله رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، “إسماعيل هنية”، حسم الحركة لخياراتها بالتوجه نحو المعسكر الإيراني، ليعلن بذلك، أن العلاقات بين الحركة والنظام الإيراني، باتت تمر بأبهى مراحلها، كما يصفها الباحث والكاتب الصحفي، “عزيز المصري”.
وكان “هنية” قد وجه كلمة أمس، الأحد، بمناسبة يوم القدس، اشار فيها ً إلى ما وصفه بالدور الإيراني في دعم القضية الفلسطينية وصمود الشعب الفلسطيني على حد قوله.
سقوط الصورة الأخلاقية وسيطرة للجناح الإيراني
متانة العلاقات بين حماس وإيران، لا سيما خلال السنوات الأخيرة، يعود بحسب ما يراه “المصري” إلى سيطرة الجناح الداعم للعلاقات مع إيران على مفاصل القرار داخل الحركة، بعد الانتخابات الداخلية الأخيرة، قبل ثلاث سنوات، مؤكداً على أن قرار الحركة بالاصطفاف كلياً إلى جانب إيران، ظهر بشكل جلي بعد مقتل قائد فيلق القدس الإيراني، “قاسم سليماني”، ومشاركة وفد رفيع من حماس بالتشييع ووصفه بـ”شهيد القدس”.
وكانت مشاركة وفد حماس ووصف “سليماني” بالشهيد، قد فجرت موجة غضب عارمة على المستوى العربي، لا سيما في ظل ما يواجهه الجنرال الإيراني من اتهامات بالمسؤولية عن قتل مئات آلاف السوريين واليمنيين والعراقيين من خلال ميليشيات إيران في تلك الدول.
هذا التحالف مع إيران، يعني بالضرورة خسارة القاعدة الشعبية في الشارع العربي، وفقاً لما يراه الباحث “المصري”، مضيفاً: “هذا الاصطفاف سيؤثر بشكل مباشر على الصورة الأخلاقية للحركة، كما سيعزز بالضرورة من الفرقة بين حماس والمحيط العربي، وكذلك الجماهير السورية المناهضة لبشار الأسد، الذين سيعتبرون تلك الخطوة من حركة مقاومة فلسطينية، بمثابة طعنة في الظهر”.
وسبق للحركة أن واجهت هجوماً كبيراً من قبل المعارضة السورية والناشطين السوريين بسبب تحالفها مع إيران، مشبهين مسألة الترحم على “سليماني” لدى الشعب السوري بمسألة الترحم على “شارون” لدى الشعب الفلسطيني.
ضرورات لا تبيح المحظورات وعودة الحليف الضال
التحالف مقابل الدعم العسكري والمالي، هو العنصر الذي دائماً ما يلجأ إليه قادة الحركة في تفسير ارتباطهم مع إيران، وهو ما يقلل “الكاتب عمر جعارة” من شأنه بالنسبة للشارع العربي، خاصة وأن التقارب الحالي بين حماس وطهران يأتي في وقتٍ، تزيد خلاله الاعتداءات الإيرانية في المنطقة العربية، والتي تستهدف بشكلٍ أساسي المدنيين في عدد من الدول، في إشارة إلى أن الضرورات هنا لا تبيح المحظورات، بالنسبة للشارع العربي.
كما يذهب “جعارة” إلى تعثر حكم الحركة في قطاع غزة، كواحدٍ من الأسباب الحقيقية، التي تقف وراء اتجاه الحركة نحو طهران للتحالف معها، مضيفاً: “حماس، وبعد سجالاتٍ داخليةٍ خاضتها على مدار السنوات الماضية، قررت أخيراً الاتجاه نحو إيران، لتحصيل دعمها السياسي والعسكري والمالي”.
ويعيش نحو 1.8 مليون فلسطيني في قطاع غزة بظروف إنسانية مأساوية، بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض منذ 2007، بعد سيطرة حماس على حكم القطاع، حيث تصل نسب الفقر في القطاع إلى 75 في المئة.
التحالف الحالي بين الطرفين، يرى فيه المحلل “كمال خلف” عودة الحركة إلى وضعها الطبيعي وعلاقاتها السابقة مع إيران، بعد فترة ابتعاد بينهما بسبب الروف الإقليمية، وأن ما يحصل حالياً هو طي لصفحة الماضي وسنوات اللغط، موضحاً: “بعد وفاة سليماني استطاعت الحركة أن تعيد التحالف القوي مع إيران بعد فترة من التقلبات كما حرصت كلا من الحركة وإيران على عدم قطع العلاقة نهائيا، رغم أنها انحدرت إلى الحد الأدنى”.
توجه محاور ولعبة الخيوط الإقليمية
الحديث عن علاقات حماس مع إيران، لا يمكن فصله عن التوجه العام لجماعة الإخوان المسلمين، يشير الكاتب الصحفي، “حسام يوسف” في سياق تناوله لميول الحركة وسياستها، في حديث مع مرصد مينا إلى أن حماس ترتبط اليوم بمحور إقليمي تمثله كل من تركيا وقطر وجماعة الإخوان المسلمين، وهو المحور الذي يعتبر اليوم بشكله العام حليفاً لإيران في مواجهة المحاور الأخرى في المنطقة.
في السياق ذاته، يضيف “يوسف”: “خلال السنوات الماضية كان واضحاً أن بوصلة الإخوان المسلمين، الذين ترتبط بهم حماس، قد باتت تشير إلى طهران، خاصة مع تقارب الفكر والنهج الديني بين الطريفين على الرغم من اختلاف المذاهب، وهنا القضية الفلسطينية بعمومها وأولوياتها لا تمثل سبباً في هذا الارتماء الكامل لحماس في الحضن الإيراني”، لافتاً إلى أن إيران فعلياً وقفت ضد الفلسطنيين في سوريا، وساهمت بتهجيرهم من مخيم اليرموك.
وكانت مجموعة فلسطينيي سوريا قد وثقت حتى عام 2016، مقتل 3414 فلسطيني في سوريا من بينهم 455 امرأة، مقابل اعتقال 1135 فلسطينيا لدى أفرع الأمن والمخابرات التابعة للنظام السوري بينهم 80 امرأة.
الموقف القطري، بدوره لعب دوراً كبيراً في رسم سياسات وتوجهات الحركة نحو إيران، بحسب ما يراه “يوسف”، مشيراً إلى أن مرحلة نهاية جمود العلاقات بين حماس إيران، انتهت بالتزامن مع تحسن العلاقات بين الدوحة وطهران، كما تم تدشينها مع جديد عبر بوابة قطر، التي رتبت وخططت لزيارة الوفد الحمساوي المعزي “بسليماني”
لا شي بالمجان
خلافاً للعلاقات الاجتماعية، ترتبط العلاقات السياسية بأساس المصالح، وعلى مبدأ أن لا شيء بالمجان، كما يصف الكاتب “عزيز المصري”، الذي يرجح أن تكون حماس إحدى الأذرع التي ستسخدمها إيران ضد إسرائيل في أيّ مواجهة قادمة، قد تندلع بينهما، كون أن طهران لا تمنح دعماً بلا مقابل”.
في هذا السياق، يقول المحلل “محمد حسين أبو حديد” في مقال له: “إيران التي تمتلك مشروعا توسّعياً تحت مبدأ تصدير الثورة، وتحت غطاء نصرة المُستضعفين، ومن هذا المُنطلق يَبرزُ أحدُ الأسباب في دعم حماس”، مشيراً إلى أن واحدة من أبرز سِمات مشروع إيران أنه إقليمي، إلى جانب أن إيران تتبع سياسة الجبهات المفتوحة حول إسرائيل ضمن إطار سعيها لتعديل ميزان القوى في صراعها مع إسرائيل.
أما عن أساس اختيار إيران لحركة حماس، فيرده “أبو حديد” إلى أن الطيف الأكبر من شعوب المنطقة يؤيّد المقاومة، ويُعادي إسرائيل، وهنا تظهر إيران على رأس تطلّعات شعوب المنطقة، فدعم حماس يُكسُب إيران قوة ناعمة كنموذجٍ يجذبُ إليه مُحبّي حماس والقضية الفلسطيني، موضحاً: “إيران عبر دعمها لحماس تُظهر نفسها كمشروعِ الأمّة الإسلامية وليس لطائفة الشيعة حسب، لأن حماس مقاومة سنية، ولا يوجد عندها مؤشّرات ولا توجّهات مذهبية للتقارب مع الشيعة”.