مدخل:
العم سام هو صاحب الكلمة الأخيرة في استقرار الدول النامية ومجتمعاتها؛ وكذلك في اضطراب تلك الدول ومجتمعاتها، والمتابع للسياسة الأمريكية في شرقنا البائس؛ تصيبه الحيرة منها.. ففي الوقت الذي تنادي فيه بالديمقراطية وحقوق الإنسان؛ وتدعو إلى تطبيقها؛ لم تساعد المنتفضين في الربيع العربي على تحقيق هذين المبدأين اللذين تدعو إليهما الإدارة الأمريكية ليل نهار! إنما ساهمت فيما يسمى بـ “الفوضى الخلّاقة” بشكل ما.
لقد مضى على الربيع العربي عقد كامل؛ وصل فيه معظم المنتفضين إلى قناعة بفشل ربيعهم! وما تزال تلك الفوضى وتلك الاضطرابات تضرب تلك المجتمعات ودولها، وزادت الحيرة أكثر بقيام الإدارة الأمريكية بإعلان انسحابها من أفغانستان بعد مفاوضات مع “حركة طالبان” استمرت عامين، تخلت فيها عن جهد استمر نحو عشرين عامًا، كلّف الإدارة الأمريكية أكثر من 2 تريليون دولار خلال 20 عامًا؛ وأظهرت وثائق أمريكية أن الميزانية التي أُنفقت في أفغانستان تجاوزت الـ 300 مليون دولار يوميًا لمدة عقدين، أي حوالي 50 ألف دولار لكل فرد من سكان أفغانستان البالغ عددهم 40 مليون نسمة. كما كانت لها خسائر بشرية؛ إذ بلغ عدد الجنود الأمريكيين الذين قضوا هناك حوالي 2500، كما قُتل ما يقارب 4000 متعاقد مدني أمريكي. كما أودت الحرب في أفغانستان بحياة نحو 69 ألف شرطي عسكري أفغاني و47 ألف مدني، بالإضافة إلى 51 ألفًا من مقاتلي المعارضة.