ضمن النزاع الدائر بين الجبهتين المتصارعتين داخل صفوف جماعة الإخوان، وهما جبهة لندن بقيادة إبراهيم منير، وجبهة إسطنبول بقيادة محمود حسين، الأمين العام السابق للجماعة، قرّرت الأخيرة يوم 12 يوليو الجاري فصل القائم بعمل مرشد الجماعة، إبراهيم منير، نهائياً من الجماعة و13 قياديا في جبهته، في تطور يشكل ذروة الصراع المستعر بين الطرفين منذ اكتوبر 2021، كما يعد أحد أخطر الأزمات التي تعصف بالجماعة منذ تأسيسها في مصر عام 1928.
السياق العام:
جاء قرار جبهة اسطنبول بـ “فصل” ابراهيم منير من جماعة الإخوان في ظل جملة من المتغيرات والتطورات المتعلقة بالجماعة، أو المؤثرة عليها؛ فيما يلي أبرزها:
- نيّة جبهة ابراهيم منير عقد أول اجتماع لمجلس الشورى الجديد أيام 14 و15 و16 من تموز يونيو 2022. وكان نجح في عقد انتخابات اختار على أساسها 33 عضوا في مجلس شورى الإخوان، وهؤلاء بديل لبعض أعضاء مجلس شورى الإخوان الموالين للجبهة المناوئة (جبهة محمود حسين) وعددهم 6 أعضاء على رأسهم محمود حسين ومدحت الحداد ورجب البنا وعلي يوسف وممدوح مبروك وآخرين.
- محاولة الجماعة اختراق المشهد السياسي الحالي في مصر، خاصة بعد دعوة الرئيس المصري إلى حوار وطني يتسع للجميع، واتجاه الوضع في مصر إلى إصلاحات سياسية وانفتاح على المعارضة الوطنية، وهو ما تحاول الجماعة استغلاله عبر رسائل التودد الكثيرة التي خرجت عن قياداتها.
- رغبة تركيا في استكمال التقارب مع مصر ودول الخليج، والاشارات العديدة باقتراب رحيل الإخوان من تركيا إلى بلد ثالث، إضافة إلى تقليص دور مساحات منصاتها الإعلامية.
- التخبط الذي يعيشه تنظيم الإخوان في أكثر من بلد؛ وخاصة في تونس والمغرب وليبيا والسودان وسوريا والأردن، وقبلها مصر ودول خليجية، وما أفرزه ذلك من انشقاقات وخلافات علنية لدى أذرع التنظيم في تلك الدول.
- وقوع معظم صقور جماعة الإخوان في قبضة السلطات الأمنية المصرية، من ضمنهم محمود عزت، نائب مرشد جماعة الإخوان المسلمين والقائم السابق بأعمال مرشدها محمد بديع، والذي كان بمثابة ضابط الإيقاع في صفوف الجماعة حتى تاريخ اعتقاله أواخر آب أغسطس 2020. تغيّبب هؤلاء عن المشهد وغموض موقفهم من الخلافات الجارية فُتح باب الاجتهادات بل وحتى تجيير تصريحات نُسبت إلى بعض القيادات المعتقلة.
جذور الصراع بين جبهتي لندن واسطنبول:
تعود الأزمة في جذورها إلى أواخر عام 2013، حيث شكّل فض اعتصام رابعة صدمة كبرى على أنصار الجماعة وأنصار الرئيس مرسي، وكانت الصدمة مخلخلة للهيكل القيادي للجماعة بعد أن تمّ اعتقال الكثير من قيادات ورموز الجماعة، على رأسهم المرشد العام محمد بديع. حاولت فلول الجماعة تجنب الإنقسام عبر الالتزام بقرارات “اللجنة الإدارية العليا” أو مايعرف بالقيادة الإستدراكية، إلا أنّ حالة التشظي في صفوف الجماعة كانت أعمق من ذلك بكثير.
لاحقا، انفجرت الأزمة الداخلية- بشكلها الراهن- في تنظيم الإخوان المركزي (إخوان مصر) عقب إلقاء أجهزة الأمن المصرية القبض على محمود عزت، القائم بأعمال المرشد العام للجماعة، في أغسطس 2020. إذ تولى إبراهيم منير المنصب باعتباره نائب المرشد (عيَّنه محمود عزت في هذا المنصب في يوليو 2015)، وفق نص المادة الخامسة من اللائحة العامة للجماعة، الأمر الذي أثار حفيظة مجموعة محمود حسين والمعروفة بـ”مكتب تركيا/ رابطة الإخوان المصريين بالخارج” (أسسها حسين من تركيا عام 2013). حيث رأى محمود حسين أنه الأحق بالمنصب، وفقاً للمادة اللائحية المذكورة نفسها، وباعتباره آخر أعضاء مكتب إرشاد الإخوان المتبقين خارج السجون (يُمثل المكتب أعلى هيئة قيادية وتنفيذية)، وأمين عام مكتب الإرشاد وأكبر أعضاءه المنتخبين سناً.
حاول محمود حسين عرقلة وصول منير إلى هرم السلطة في الجماعة، بدايةً عبر طلب رسمي (وقَّعه 10 من قيادات مجلس الشورى العام) بتعديل المادة الخامسة من لائحة الجماعة، وإعادة صياغتها على نحو يدفع بتولي حسين مهام منصب المرشد العام، بدلاً من منير، إلا أنّ ذلك لم ينجح. بل أدت عوامل أخرى، مثل كيفية التعاطي مع المباحثات المصرية-التركية بشأن عودة العلاقات بين البلدين، إلى احتدام الصراع بين جبهتين بدأت ملامحها بالتبلور في أيار مايو 2021؛ جبهة القائم بأعمال مرشد الإخوان إبراهيم منير المقيم في لندن، وجبهة أمين الجماعة السابق محمود حسين المقيم في إسطنبول، على خلفية إجراءات وقرارات جديدة لإبراهيم منير وصفها الطرف الثاني بـ “”الإقصائية”، مثل تأجيل الانتخابات القاعدية وإقرار حد أقصى لسن الترشُّح حدده منير بـ 45 عاماً، وهو ما يعني ضمنياً استبعاد حسين وأنصاره من كل المناصب واللجان المركزية المهمة داخل الجماعة. وأيضاً قرار حلّ مكتب الإخوان الإداري في تركيا، وحلّ مجلس شورى القُطر، وإحالة محمود حسين وعدد من أنصاره- من ضمنهم محمد عبد الوهاب مسؤول رابطة الإخوان المصريين بالخارج، وهمام علي يوسف عضو مجلس الشورى العام ومسؤول مكتب تركيا، ومدحت الحداد وممدوح مبروك ورجب البنا أعضاء مجلس الشورى العام- إلى التحقيق بدعوى ارتكابهم مخالفات مالية وإدارية، وأخيراً؛ تشكيل لجنة إدارية جديدة لإدارة شؤون الجماعة.
قابل محمود حسين ومجموعته قرارات منير بالرفض القاطع والتشكيك بشرعيتها، وكانت ذروة ما اتخذته هذه المجموعة انتخاب القيادي البارز في الجماعة مصطفى طلبة ممثلاً للجنة المؤقتة، القائمة بأعمال المرشد العام محمد بديع، بديلاً لإبراهيم منير. ولاحقاً الإعلان عن فصل منير ذاته من جماعة الإخوان.
تسلسل زمني لأبرز محطات الصراع بين جبهتي لندن واسطنبول:
- يوم 12 يونيو قرّر معسكر إسطنبول بقيادة محمود حسين قرر فصل إبراهيم منير (جبهة لندن)، نهائياً من الجماعة و13 قياديا في جبهته.
- بعد ساعات من عزل جبهة لندن بقيادة إبراهيم منير لمصطفى طلبة القائم بعمل مرشد الإخوان، الذي عينته جبهة اسطنبول بقيادة محمود حسين، ردت الجبهة الأخيرة ببيان يوم 1 فبراير 2022 رفضت فيه القرار، وجددت بيعتها لمحمد بديع مرشد الجماعة المسجون في مصر. وأكد بيان جبهة اسطنبول الالتزام الكامل بقرارات مجلس الشورى العام للجماعة، واحترامها، مشيرا إلى أن مجلس الشورى العام هو المرجعية الأعلى للجماعة في كل شؤونها، ومطالبا كل عناصر الجماعة الالتزام بقرارات المؤسسات الشورية وتقديمها على رأيه الخاص.
- في 29 يونيو 2022، قرّرت جبهة لندن بقيادة إبراهيم منير عزل القائم بعمل مرشد الجماعة، مصطفى طلبة، والذي تم تعيينه قبل أيام عن طريق جبهة إسطنبول. وذكرت جبهة منير في بيان رسمي عدم اعترافها بقرارات جبهة إسطنبول، أو كما يسمى بمجلس الشورى العام، مؤكدة أن الشرعية للجماعة يمثلها نائب المرشد العام والقائم بالأعمال إبراهيم منير، فقط وأن ما حدث من جبهة إسطنبول “هو شق للصف استوجب المحاسبة”.
- في 17 ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي (2021) ، أعلنت جبهة محمود حسين، حلا مؤقتا لقيادة الجماعة، تمثّل وقتها في اختيار مصطفى طلبة ممثلاً للجنة المؤقتة، القائمة بأعمال المرشد العام محمد بديع، بديلاً لإبراهيم منير. وحينها، قال بيان الجبهة إن اللجنة الإدارية المؤقتة التي تقوم بمهام أعمال المرشد العام سيستمر عملها 6 أشهر فقط، ما يعني انتهاء عملها منتصف يونيو/ حزيران (المنقضي)، والوقوف على حافة شغور المنصب. وجاء اختيار مصطفى طلبة مرشداً عاماً للجماعة بقرار منفرد من مكتب إسطنبول، في خطوة جديدة مهدت لإقصاء “منير” بعد قرار الأخير بتجميد عضوية كل من محمود حسين ومدحت الحداد ومحمد عبدالوهاب وهمام علي يوسف ورجب البنا وممدوح مبروك، ما دفع المجمدين إلى إعلان عزله من منصبه بعد ذلك.
- مطلع يوليو 2021 أصدرت “الهيئة الإدارية العليا”، التي يترأسها القائم بأعمال المرشد العام، إبراهيم منير (جبهة لندن)، مجموعة من القرارات تمثلت في حل المكتب الإداري للإخوان المسلمين المصريين في تركيا، وحل مجلس شورى القُطر بتركيا، مع تأجيل الانتخابات، التي كان من المقرر إجراؤها خلال شهر تموز/يوليو الجاري، لمدة 6 شهور.
- في سبتمبر/أيلول 2020، أعلن ابراهيم منير تشكيل لجنة لإدارة أعمال التنظيم، وإنهاء دور الأمانة العامة ومنصب الأمين العام الذي كان يشغله القيادي بالتنظيم محمود حسين.
- في 26-1-2016 دعا رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين سابقاً، الشيخ يوسف القرضاوي، جماعة الإخوان في مصر، لإجراء “انتخابات شاملة لمؤسساتها في الداخل والخارج، بأسرع وقت ممكن” للخروج من الأزمة الراهنة التي تمر بها. كما طالب القرضاوي، بوقف التراشق الإعلامي بين قيادات الجماعة، داعيًا الطرفين المتنازعين، “إلى العمل والتعاون في ما بينهما في إطار المؤسسات القائمة للجماعة”، حتى إجراء الانتخابات. وكشف القرضاوي، أنه قام بمشاركة عدد من “الشخصيات التي لها وزنها الفكري، والدعوي، والحركي (لم يسمها)”، بـ”التوسط والمساعدة في معالجة المشكلة القائمة، وتقريب مواقف أطرافها”.
- عام 2016 انشقت مجموعة شبابية معروفة بـ”جبهة المكتب العام” أو “تيار التغيير” عن تتنظيم الإخوان، وكوّنت جماعة موازية لها مكتب تنفيذي ومجلس شورى عام موازٍ. بات هذا التيار داعماً لإبراهيم منير منذ عام 2020.
- في ديسمبر/ كانون أول 2015، أعلن مكتب الإخوان المسلمين في لندن، إقالة الشاب محمد منتصر (اسم حركي مقيم داخل مصر)، من مهمته متحدثًا إعلاميًا باسم الجماعة، وتعيين طلعت فهمي (55 عامًا) متحدثًا جديدًا بدلًا منه. وتلا ذلك تدشين موقع إلكتروني جديد للجماعة، واستمرار إصدار بيانات مضادة بين قيادات بالجماعة، ومكاتب تنفيذية بها، حول إدارة التنظيم، وشكل الثورة التي ينتهجونها ضد السلطات المصرية الحالية.
الواقع الراهن للجماعة:
بناء على ماسبق، باتت جماعة الإخوان المسلمين المصرية بصورة شبه رسمية اليوم منقسمة إلى جبهتين رئيسيين يتحكمان بالمشهد، إضافة إلى تيارات أخرى اتخذت مسارات منفصلة نوعاً ما تبعاً لأجندات خاصة بكل منها، هذه الجبهات هي:
- جبهة ابراهيم منير (جبهة لندن): أبرز شخصياتها محمد البحيري المقيم في بريطانيا وأحمد محمود الأبياري الذي انتقل من النمسا إلى لندن مؤخراً، إلى جانب المفوض السابق للعلاقات الدولية للجماعة، والمسؤول عن استثماراتها في غالبية أنحاء العالم؛ يوسف ندا.
- ترتبط هذه الجبهة بفعاليات التنظيم في كل من أوروبا وبريطانيا بالخصوص، وفي الولايات المتحدة الأمريكية وكندا، وذي علاقات قد توصف بـ”الجيدة” مع الأحزاب اليسارية في تلك الدول. حيثعملت هذه الجبهة خلال العامين الماضيين على تعزيز مكانتها واستقطاب مكاتب الإخوان الإدارية خارج مصر وكذلك الأعضاء والعناصر النشطة في مختلف أنحاء العالم، مستفيدةً من وجود دعم من مكاتب خارجية (أبرزها مكتب لندن، وماليزيا، والصومال وغيرها). وتحظى جبهة إبراهيم منير بدعم قطاع من أعضاء مجلس الشورى العام في الخارج.
- جبهة محمود حسين (جبهة اسطنبول): أبرز قياداتها مصطفى طلبة، مدحت الحداد، محمد عبد الوهاب، همام علي يوسف، رجب البنا، وممدوح مبروك. تمثل هذه الجبهة إخوان مصر (التنظيم المحلي) ويُشرف عليها ويديرها في الخفاء محمود حسين، الذي تربطه علاقات جيدة بالمخابرات التركية وحزب العدالة والتنمية الحاكم. ويستند محمود حسين على ما يتحكم فيه من ملفات مالية وإدارية خاصة بتنظيم الإخوان بمصر ودعم عدد من القيادات المستفيدة ماليًا من وراء التحالف معه، خاصة مصطفى طلبة عبر المكاتب الموالية له في رابطة الإخوان بالخارج.
- جبهة تيار التغيير (جبهة المكتب العام): تشكلت إثر أزمة داخلية بين عامي 2015، و2016 في مواجهة ما يُعرف إعلاميا بجبهة القيادات التاريخية، بعد الخلاف الداخلي الذي شهدته الجماعة في مصر بشأن الموقف من اللجنة الإدارية العليا الثانية التي تشكلت في فبراير/شباط 2014 لتسيير الأعمال بديلا عن مكتب الإرشاد الذي تم اعتقال غالبية أعضائه منذ يوليو/تموز 2013. وهي تضم القيادات الوسطى للإخوان وبعض الشباب. وتعمل هذه الجبهة بشكل مستقل تماماً ولها مكتب تنفيذي (بديل لمكتب الإرشاد)، ومجلس شورى عام (منفصل عن المجلس المعروف)، ولا تتفق مع جبهات الإخوان المتصارعة سوى على اختيار محمد بديع، مرشداً عاماً للإخوان.
- جبهة “إخوان الداخل”: يضم ما تبقى من الكتلة الصلبة للتنظيم تحت قيادة ما يعرف بـ “اللجنة الإدارية في الداخل المصري”، تقف هذه الجبهة موقف الصامت المترقب، وتحرص على عدم الانحياز إلى أي من الجبهتين المتصارعتين (لندن-اسطنبول) نظرا لارتباكها وظروفها الخاصة.
أما أبرز تجليات الصراع بين جبهتي لندن واسطنبول فهي:
- سعي كل طرف للاستئثار برئاسة الجماعة وإدارتها، مع رفض مشاركة الجانب الآخر بشكل تام، واتسام تعاطيها مع الأزمة الحاصة بالجمود والراديكالية المفرطة.
- إصرار كلا الطرفين على استخدام الأدوات والوسائل التنظيمية نفسها واتخاذ القرارات الإجرائية ذاتها لإثبات أحقيته بالقيادة، ، ومن ضمن ذلك أسلوب الاغتيال المعنون للمخالفين، وقطع الدعم المالي عنهم.
- الحرب الإعلامية الجارية بين الطرفين، عبر ادعاء كل منهما بامتلاك الحق في الانفراد بقيادة الجماعة، واتهام الطرف الآخر بالخروج على التقاليد الراسخة للحركة، وارتكاب مخالفات لائحية تتنافى مع اللائحة العامة لجماعة الإخوان، الصادرة عام 2009.
- محاولات كِلا الطرفين استمالة “المحايدين” من التنظيم أو ما تبقّى من الكتلة الصلبة داخل مصر.
- تعنّت الطرفين ورفضهما القاطع لجميع المبادرات التي طُرحت من قبل أطراف إخوانية وغير إخوانية، رغم حيادية ومرونة معظم هذه المبادرات.
- سعي كل طرف للتمايز عن الآخر؛ ففي حين تتمسك جبهة محمود حسين بالظهور بشكل تقليدي ومحافظ، تسعى جبهة إبراهيم منير في مسارها الحالي إلى إضفاء وجه حداثي عبر تدعيم صفوفها بفئة الشباب و الزعم بتبني أطروحاتهم.
التداعيات والانعكاسات المتوقعة:
تمثل التطورات الأخيرة المتمثلة بالعزل والعزل المضاد بين قادة التنظيم الدولي وقادة المكون المصري، الجزء المرئي من جبل جليد الخلافات والانقسامات العمودية والأفقية داخل التنظيم، فنحن اليوم نتحدث عن أكثر من مرشد داخل التنظيم، وكذلك عن كيانات وكيانات موازية داخل التنظيم ذاته.
وفي ظل نزوع طرفي الصراع للتصعيد وعدم التهدئة حتى إخضاع الطرف الآخر، وغياب أي مؤشرات على رأب الصدع، يمكن تحديد النقاط التالية في رسم المشهد المستقبلي للتنظيم:
- يبدو أنّ إعلان جبهة محمود حسين في تركيا “فصل ابراهيم منير من جماعة الإخوان” مجرد خطوة رمزية هدفها الإقرار بانفصال المكون المصري داخل الجماعة عن التنظيم الدولي الذي يقوده منير من لندن. وبالتالي فنحن أمام قطيعة علنية ورسمية بين التنظيم الدولي الذي تمثله جماعة المهجر في بريطانيا، وجماعة مصر التي يمثلها المقيمون في تركيا.
- استمرار هذه القطيعة وتشكيك كل طرف بشرعية الطرف الآخر سيضع الجماعة في موقف ضعف ويفقدها القدرة على التأقلم مع الأوضاع المتغيرة في الإقليم ومواكبة التحولات التي تشهدها العلاقات بين رعاتها وداعميها السابقين –كقطر وتركيا- من جهة والدول العربية من جهة أخرى. ولكن في المقابل، ستتيح ذلك لأي من التيارات المتنازعة داخل الجماعة إجراء اتفاقات أو صفقات بينها وبين بعض الحكومات، بمعزل عن موقف بقية التيارات.
- رغم ما سبق ذكره، فإنّ هذا التشرذم لا يعني قرب انتهاء التنظيم، إذ يتيح أسلوب هيكلة الجماعة الشبكي العنقودي المرن حيزاً للتيارات وللخلايا المحلية المنتشرة في الدول العربية والإسلامية والعالم أجمع، للتشتت، ثم محاولة التجمع والتشكل من جديد متى ما تهيأت الظروف المناسبة لذلك. ومن المعروف أنّ الجماعة واجهت أزمات وصراعات قيادية، خلال المحن الكبرى التي مرت بها (أعوام 1948، و1954، و1965)، وانقسمت قواعدها إلى تيارات ومعسكرات متصارعة، لكنها كانت تخرج من تلك الحالة، بطريقة دراماتيكية.
خلاصة:
يبدو من الواضح أنه حتى لو تمكن أحد الطرفين من حسم الصراع فإنّ جماعة الإخوان بشكلها القديم المعروف تآكلت، وفقدت القدر الأكبر من تماسكها، بعد أن كانت تفخر دائمًا بأنها الحركة الإسلامية الأكثر تماسكًا، وبالتالي فهي قد تتحول قريباً إلى مجرد إطار فكري لتيارات وجماعات متناحرة فيما بينها.
المراجع:
- https://www.ikhwanonline.com/article/254851
- https://al-ain.com/article/brotherhood-reconciliation-egypt-sisi
- https://cutt.us/pq5GT
- https://cutt.us/L2YsB
- https://cutt.us/V7wKy
- https://www.ida2at.com/bts-of-leadership-struggles-within-muslim-brotherhood/
- https://cutt.us/VZdbK
- https://carnegieendowment.org/sada/30999
- https://epc.ae/ar/details/scenario/assiraa-dakhil-jamaat-al-ikhwan-almuslimin-muhaddedatoh-wmustqbluh
- https://trendsresearch.org/ar/insight/leadership-struggles-26-1/
- https://cutt.us/mmnOy
- https://eipss-eg.org/%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AE%D9%88%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%84%D9%85%D9%88%D9%86-%D9%88%D8%AB%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D9%8A%D9%86%D8%A7%D9%8A%D8%B1-%D9%80-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%84%D8%AB/
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مركز أبحاث ودراسات مينا.