وجه أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، بمراجعة التعديلات الدستورية المقترحة، التي تشمل إعادة العمل بنظام تعيين أعضاء مجلس الشورى بدلًا من انتخابهم. وخلال كلمته في افتتاح الجلسة الرابعة للدورة التشريعية الأولى، أكد الشيخ تميم أن التعديلات المرتقبة، التي سيتم طرحها لاستفتاء شعبي، تهدف إلى إلغاء آلية الانتخاب لصالح العودة إلى التعيين المباشر. وقال: “نظامنا هو إمارة تقوم على العدالة والمشورة، وتحمي الحقوق والحريات ضمن سيادة القانون، حيث لا يُعتبر مجلس الشورى برلمانًا تمثيليًا وفق نظام ديمقراطي.”
وأشار الشيخ تميم إلى أن الدعوة لإجراء انتخابات لمجلس الشورى، على الرغم من تحفظات العديد من المواطنين، جاءت كـ”تجربة” من أجل التقييم واستخلاص الدروس منها، مما أدى إلى تقديم هذه التعديلات الدستورية. ويعد مجلس الشورى الهيئة التشريعية التي تناقش المسائل المحالة إليه من مجلس الوزراء، بما في ذلك مشاريع القوانين والسياسات العامة والموازنة العامة، لكنه يفتقر إلى صلاحيات الرقابة على القضايا الحيوية مثل الدفاع والأمن والسياسات الاقتصادية والاستثمارية.
ويأتي هذا الإعلان بعد تجربة انتخابية وحيدة في عام 2021، حيث شهد القطريون انتخاب ثلثي أعضاء مجلس الشورى، وهي خطوة وُصفت بـ”التاريخية” وسجلت نسبة مشاركة تجاوزت 63%. وتعتبر الانتخابات خطوة غير مسبوقة منذ صدور الدستور الدائم في عام 2005، الذي ينص على أن يُنتخب ثلثا أعضاء مجلس الشورى عبر اقتراع سري مباشر، بينما يقوم الأمير بتعيين الثلث المتبقي. ومع ذلك، لم يُطبق هذا البند طيلة 16 عامًا، حيث كان جميع الأعضاء يُعيّنون من قبل الأمير.
وعلى الرغم من أن هذه الانتخابات حصلت على إشادة دولية كخطوة لتعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان في منطقة الخليج، فإنها أثارت جدلًا داخليًا حول بعض بنود قانون الانتخابات. فقد نص القانون على قصر حق الترشح والتصويت على “القطريين الأصليين”، ما أثار استياء قبيلة آل مرة، إحدى أكبر القبائل في المنطقة، التي نظمت احتجاجات على ما اعتبرته تمييزًا وإقصاءً من حقهم الطبيعي في التصويت والترشح.
يمثل القطريون حوالي 11% من مجموع سكان البلاد البالغ عددهم نحو 3 ملايين نسمة. وبحسب مؤشر نمبيو لعام 2023، تتصدر قطر قائمة الدول العربية وتحتل المرتبة السادسة عالميًا من حيث متوسط الراتب الشهري، الذي يبلغ 4,105 دولارات. وتوفر الحكومة القطرية لمواطنيها العديد من الامتيازات، بما في ذلك خدمات المياه والكهرباء المجانية، وقسائم التعليم للمدارس الخاصة، فضلًا عن التعليم والرعاية الصحية المجانية في المرافق الحكومية.
تشير هذه التطورات إلى أن قطر تتجه نحو إلغاء أي شكل من أشكال الديمقراطية المستندة إلى الانتخاب والتعددية، مما قد يؤدي إلى إلغاء العمليات الانتخابية المستقبلية لصالح نظام قائم على التعيين، مع الاحتفاظ بالهيكل السياسي القائم.