اتفاق رباعي ضم كلاً من فرنسا وألمانيا ومصر والأردن، يعيد القضية الفسلطينية إلى واجهة قضايا الشرق الأوسط، بعد عقد من الزمان، شهد الكثير من الأحداث في المنطقة، كالحرب السورية والأزمات اللبنانية واليمنية والعراقية والليبية.
يدعو الاتفاق وبحسب بيان عن الرباعية، إلى اتخاذ سلسلة من الخطوات، التي وصفها بالصغيرة لإحياء الثقة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، بما يسمح بعودتهما إلى طاولة المفاوضات مجدداً والبحث عن حل للصراع القائم.
يذكر أن الرئيس الأمريكي السابق، “دونالد ترامب”، قد طرح سابقاً خطته للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ضمن ما أطلق عليه إعلامياً بـ “صفقة القرن”، والتي رفضها الجانب الفلسطيني، معتبراً أنه تضيع حقه بإنشاء دولته المستقلة بناء على حل الدولتين، بالإضافة إلى اعتراف الصفقة بمدينة القدس عاصمة موحدة لإسرائيل.
لقاءات منتظرة وخطوات تحفيزية
تعليقاً على اتفاقات الرباعية، يكشف وزير الخارجية الفرنسي، “جان إيف لودريان” عن وجود مبادرات لعقد لقاءات بين الجانبين، يتم خلالها الاتفاق على الخطوات المطلوبة منهما لإعادة جو التفاوض بينهما ولو بشكلٍ تدريجي، معتبراً أن عودة التنسيق الأمني والاقتصادي بين الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية، “بوادر مشجعة” لحوار مستقبلي بينهما.
يذكر أن المفاوضات بين الجانبين متوقفة منذ عام 2014، كما أن السلطة الفلسطينية اتخذت خلال العام الماضي عدة خطوات تجاه إسرائيل على خلفية صفقة القرن واستمرار الاستيطان وقضايا الضرائب الأموال الفلسطينية المحتجزة لدى الحكومة الإسرائيلية، حيث أصدرت السلطة الفلسطينية حينها قراراً بوقف التنسيق الأمني بين الجانبين.
في السياق ذاته، يربط وزير الخارجية الألماني، “هايكو ماس” حلة التفاؤل والأمل بعودة المفاوضات بموقف الإدارة الأمريكية الجديدة، مضيفاً: “إدارة الرئيس جو بايدن أعلنت دعمها حلّ الدولتين، وهذا يعطينا أملا مع مواصلة التزامنا الحذر بتلك القضية”.
كما يتحدث وزراء الخارجية الأربعة، في كل من مصر والأردن وفرنسا وألمانيا، عن ما وصفوه بحالة من الزخم الإيجابي، المرتبط بموقف إدارة “بايدن” الملتزم بالتوافق الدولي، والذي ابتعد عنه سلفه “دونالد ترامب”، على حد قولهم.
يذكر أن الرئيس الفلسطيني، “محمود عباس”، سبق أن دعا نهاية العام الماضي، إلى عقد مؤتمر دولي للسلام، تحت رعاية الأمم المتحدة، خاص بالقضية الفلسطينية، عقب الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
أدوار جديدة وأولويات دولية
اجتماع الرباعية، يرى فيه المحلل السياسي، “ماهر أبو صهيون”، مؤشراً على حالة من تبدل الأدوار على الساحة الدولية، موضحاً: “يبدو أن إدارة بايدن ستتبع أسلوب القيادة من الخلف فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، أي أنها رسمت تصوراتها للحل النهائي وستترك مهمة التنسيق التفاوضي إلى اللجنة الرباعية، التي غالباً ستكون الطرف الراعي لأي مفاوضات قادمة بين الطرفين”.
كما يبين “أبو صهيون” أن الولايات المتحدة تمنح أولويات ضمن سياسة عملها، في مقدمتها الملف النووي الإيراني، ونفوذ إيران في الشرق الأوسط، والذي بات يهدد الأمن الإقليمي وحتى القواعد العسكرية الأمريكية في العراق، بالإضافة إلى ملف مكافحة الإرهاب، ما يعني أن الولايات المتحدة لن تكون راعياً رئيسياً لأي تحركات تجاه القضية الفلسطينية، خلافاً لما كانت عليه الأحوال طيلة العقود الماضية.
إلى جانب ذلك، يشير “أبو صهيون” إلى أن النمط الجديد للمفاوضات المحتملة ووجود الأردن ومصر ضمن الرباعية، سيمثل نوعاً من الأمان للمصالح الفلسطينية، مشدداً على ضرورة أن تستقبل الفصائل الفلسطينية هذا التحول بإيجابية أكثر من المرات السابقة.
يشار إلى أن عقدة المستوطنات وحق العودة، من أكبر العقبات التي تواجه المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، لا سيما مع التمسك الإسرائيلي بعمليات الاستيطان في الضفة الغربية ورفض حق العودة للاجئين الفلسطينيين في الخارج.
في ذات السياق، يرى الباحث في شؤون الشرق الأوسط، “عبد الله المجدلاني” أن إدارة “بايدن” قد تكون أكثر الإدارات الأمريكية قرباً من تحقيق أسس السلام في القضية الفلسطينية، خاصةً مع تأكيدها على تبني حل الدولتين، مشيراً إلى أهمية أن تنهي الفصائل الفلسطينية حالة المصالحة الداخلية، وإنشاء حكومة جديدة، تكون الطرف الممثل لكافة فئات الشعب الفلسطيني في أي عملية تفاوضية مستقبلية.
وكانت الفصائل الفلسطينية قد عقدت اتفاقاً على إجراء انتخابات تشريعية جديدة، هي الأولى من نوعها من 2006، وبداية الاقتتال بين حركتي حماس وفتح، ما ادى إلى حالة انفصال بين الضفة الغربية، التي تحكمها السلطة الفلسطينية، وقطاع غزة المحكوم من قبل حكومة حركة حماس.
أما عن الجانب الأهم في العملية التفاوضية، فيحصره “المجدلاني” بضرورة أن تمثل المصلحة الفلسطينية محور تفكير الجانب الفلسطيني، بعيداً عن أي انتماءات أو تحالفات إقليمية، قد تؤدي إلى نتائج سلبية على العملية التفاوضية، مشيراً إلى ضرورة تلقي أي دعوات للتفاوض على محمل الجد وبإيجابية وواقعية بعيداً عن الشعارات أو الهتافات.