وسط التطورات والتقلبات الإقليمية والدولية والحالة الداخلية المتوترة، تشير مصادر إيرانية إلى اشتداد الصراع بين قياديي التيار المتشدد في إيران على خلافة الرئيس الحالي، “حسن روحاني”، على كرسي الرئاسة، خلال الانتخابات الرئاسية المقرر إجراءها في الربيع القادم.
وتلفت المصادر إلى أن ساحات النظام الإيرانية تشهد عملياً حالة نزاع بين المرشحين المحتملين عن التيار المتشدد لبناء تحالفات داخل مراكز القرار، لا سيما بالنسبة لكسب تأييد المرشد الأعلى، “علي خامنئي”، الذي يملك بحسب المصادر الكلمة الفصل في هوية الرئيس القادم، موضحةً أن الصراع شهد أيضاً دخولاً لجنرالات الحرس الثوري على الخط، من خلال ترشيحات لشخصيات عسكرية لخوض غمار الانتخابات.
رئيس متشدد بحكم الأمر الواقع
انطلاقاً من المشهد الإيراني وتفاصيل الوضع الداخلي، يؤكد الباحث في الشؤون الإيرانية، “ميلاد هدايتي” أن الرئيس القادم سيكون من التيار المتشدد بالضرورة، ولن يكون للإصلاحيين أي فرصة لوراثة كرسي “روحاني”، لافتاً إلى ان الفوز الساحق للمتشددين في الانتخابات النيابية، التي أجريت في شباط الماضي، دل على وجود توجه لدى المرشد وقادة القرار الإيراني بتشكيل نظام متشدد بالكامل.
يشار إلى أن السلطات الإيرانية استبعدت قبيل الانتخابات النيابية الماضية، 7 آلاف مرشح من التيار الإصلاحي من سباق الانتخابات، ما مكن التيار المتشدد من الهيمنة على الأغلبية البرلمانية بشكلٍ ساحق.
ويضيف “هدايتي”: “صحيح أن مصلحة إيران تقتضي بعدم وجود كل هذا التشدد في النظام وأن يخلق على الأقل توازن بين المتشددين والإصلاحيين، بما يترك باب المفاوضات مع الغرب مفتوحاً، إلا ان مصلحة النظام الداخلية تقتضي إقصاء الإصلاحيين، خاصة وأن الرئيس القادم قد يشهد وصول مرشد جديد للبلاد، في ظل تقدم خامنئي بالسن ومرضه”، معتبراً أن اختيار “خامنئي” للشخصية التي سيدعمها سيأخذ ذلك الأمر في الاعتبار، خاصةً في ظل الأنباء، التي تتحدث عن توريث لنجل المرشد، “مجتبى خامنئي”.
يذكر أن شوارع العاصمة طهران قد شهدت خلال الأسابيع القليلة الماضية، توزيع منشورات مجهولة المصدر تشير إلى عملية توريث للحكم في إيران، من خلال تولية “مجتبى” مرشداً لإيران، خلفاً لوالده.
في ذات السياق، يعتبر الخبير في شؤون الشرق الأوسط، “خالد العجمي”، أن الدولة العميقة في إيران تسعى لضمان عملية انتقال سلس للسلطة من المرشد الحالي إلى خلفه، لافتاً إلى أن تفكير السلطة الحقيقية في إيران لا ينصب في انتخابات الرئاسة وإنما في مرحلة ما بعد المرشد، تحديداً وأن إيران تعيش حالة غليان شعبي وأزمات سياسية واقتصادية عميقة.
بين نجاد ورئيسي وأوراق القوة
المنافسة الحقيقية المتوقعة بين المرشحين من السياسيين الإيرانيين، تنحصر وفقاً “للعجمي” بشخصيتين، الأولى هي الرئيس السابق، “محمود أحمدي نجاد”، والثانية هي رئيس السلطة القضائية، “إبراهيم رئيسي” في حال ترشحه، لافتاً إلى أن المنافسة بينهما ستكون شديدة جداً لا سيما وأن “رئيسي” يعتبر من أقوى الشخصيات المتشددة في إيران.
أما عن موقف المرشد ودعمه لأحد المرشحين المذكورين، فيشير “العجمي” إلى أن مصلحة المرشد تصب في خانة دعم “نجاد”، على الرغم من تراجع العلاقة بينهما خلال السنوات الماضية، لافتاً إلى أن قوة “رئيسي” داخل النظام، قد تزعج عملية التوريث “لمجتبى”، خاصةً وأن “رئيسي” من المرشحين الفعليين لخلافة “خامنئي”.
وكانت بعض التسريبات قد كشفت عن لقاء عقد قبل أسابيع بين “نجاد” و”مجتبى”، وأشارت إلى أن “نجاد” أيد بشكل كامل توريث “مجتبى”، كما شهدت السنوات الماضية، زيادةً في النفس الدبلومسي “لنجاد” سواء من ناحية دول الخليج والعلاقة معها، و من خلال تراجعه عن تصريحاته السابقة بإزالة إسرائيل.
نظرة “العجمي” تلتقي مع نظرة المحلل السياسي، “حسام يوسف”، الذي يشدد على أن “نجاد” لا يزال مرفوضاً من قبل “خامنئي”، ولكن المصلحة الحالية قد تصب في ترشيحه لمنصب الرئاسة مجدداً، موضحاً أن “خامنئي” لا يزال يشعر بتخوفات من جهة “نجاد”، ولكنه في النهاية قد يضطر لدعمه.
الحرس الثوري والحصان الأسود
ما يميز الانتخابات الحالية، هو دخول الجنرالات على خط الانتخابات، وتحديداً جنرالات الحرس الثوري، فبحسب ما تؤكده مصادر مطلعة، فإن الحرس الثوري قد يرشح قائد مقر خاتم الأنبياء، العميد “سعيد محمد”، إلا أن تلك الأنباء لم تتأكد بعد.
تعليقاً على ذلك، يقول “يوسف”: “في حال دخول قياديين من الحرس الثوري إلى السباق الانتخابي، فإن فرص المرشحين السياسيين ستكون أقل بكثير، خاصةً وأن الحرس الثوري يعتبر من أكثر المؤسسات الإيرانية قرباً ودعماً للمرشد الحالي، مشدداً على أن عملية توريث للحكم لن تتم إلا بدعم وموافقة من الحرس الثوري.