تصريحات يطلقها الأمين العام المساعد للجامعة العربية، “حسام زكي” حول عدم وجود بوادر لحل الأزمة الحكومية اللبنانية في المستقبل القريب، خاصة مع وجود فجوة ثقة بين الاطراف المعنية، وهي التصريحات التي تثير إشارات استفهام حول أسباب تلك الفجوة وعدم إمكانية التوصل لحل تلك المعضلة.
أدوار خفية وواجهات للتغطية على المعرقل
تعليقاً على تصريحات “زكي” واستمرار الأزمة في لبنان، يشير الباحث السياسي، “ميشال بوصعب” إلى أن عقبة الرئيس “ميشال عون” والتيار الوطني الحر، ما هي إلا واجهة لتغطية المعرقل الحقيقي لتشكيل الحكومة، معتبراً أن “عون” وافق من خلال مواقفه أن يكون وكيلاً لذلك المعرقل وستارة له، في إشارة إلى حزب الله.
يقول “بوصعب”: “حزب الله نجح في استغلال طموحات عون وصهره باسيل في السيطرة على الجانب المسيحي من الدولة اللبنانية، للزج بهما كوكيلين في مواجهة رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، للإبقاء على نفسه خلف الكواليس وحصر المشكلة في أطراف بعيدة عنه”، لافتاً إلى أن حزب الله يريد إدخال ملف تشكيل الحكومة ضمن سياقات دولية تفتح أمامه المجال لفتح قنوات مع المجتمع الدولي، تحت عنوان الوساطة لتشكيل الحكومة، بما يكسر حالة العزلة المفروضة عليه ويمكنه من استخدام تلك الورقة للضغط على الدول المعنية بملف الحكومة.
من جهته، يتهم وزير العدل السابق، “أشرف ريفي”، حزب الله بأنه يعمل وضع ورقة تشكيل الحكومة بجيبه بشكل كامل، بالإضافة إلى عدة ملفات أخرى في لبنان، من بينها المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل لترسيم الحدود البحرية، لإجراء مقايضات سياسية مع الولايات المتحدة، خاصةً بعد قدوم “جو بايدن” إلى السلطة، لافتاً إلى أن الحزب يحاول إبقاء الأزمة في لبنان على حالها، إلى أن يرى نتائج المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة.
كما يربط “ريفي” بين الوضع داخل الساحة اللبنانية وبين المشروع الإيراني، الذي يعتبر حزب الله جزءاً مهماً منه، مضيفاً: “بحسب المعطيات لا يمكن للحكومة المرتقبة أن تكون خارج قبضة حزب الله وهو أساسا لن يسمح إلا بحكومة تدور في فلكه ويتحكم بأغلبية الحقائب فيها، وفي حال تشكلت حكومة تأخذ فترة سماح لمدة شهرين وتنتهي بالمسار الإنحداري الذي شهدته السلف”.
في السياق ذاته، ينضم “بوصعب” إلى “ريفي” في تقييمه لشكل الحكومة القادمة، وعدم خروجها عن سيطرة حزب الله بشكل كلي أو جزئي، على اعتبار أن التخلي عن الهيمنة على الحكومة لن تكون ضمن مفاهيم حزب الله تحت أي ظرف من الظروف، مشدداً على أن ذلك يثبت أن عقبة “عون” ليست إلا عقبة صغيرة تخفي العقبة الكبيرة أمام حكومة “الحريري”.
كما يذكر “بوصعب” بأن حزب الله أكد بشكلٍ قاطع بأنه على استعداد لعرقلة تشكيل الحكومة حتى 100 عام إن لم تكن منسجمة مع شروطه، وهو ما ظهر من خلال تمسكه بوزارة المالية خلال فترة تكليف “مصطفى أديب”.
يشار إلى أن مصادر دبلوماسية كشفت عن نية الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، فرض عقوبات اقتصادية على عدد من الشخصيات اللبنانية التي تعتبرها معرقلة لتشكيل الحكومة، وذلك بعد نحو 8 أشهر من عجز الوسط السياسي اللبناني عن تشكيل الحكومة.
الظهر للبنان والسلاح للبنانيين
حقيقة العلاقة بين حزب الله ولبنان واللبنانيين، يختصرها الباحث في شؤون الميليشيات المسلحة في الشرق الأوسط، “عبد الحميد الديري” بأن الحزب في الشأن السياسي يدير ظهره لمصلحة لبنان فيما يوجه سلاحه إلى صدور اللبنانيين لإجبارهم على الخضوع لسيطرته، لافتاً إلى أنه كلما زاد الضغط على إيران زاد ضغط حزب الله على لبنان واللبنانيين.
كما يشير “الديري” إلى أن تورط حزب الله في الحرب السورية رغم قناعته المتعارضة مع ذلك، بحسب ما كشف رجل الأعمال السوري، “فراس طلاس”، تعكس مدى تحكم إيران وسيطرتها على الحزب، وتطويع سياسته على الساحة الداخلية اللبنانية، لدعم أوراقها السياسية والدبلوماسية خلال المفاوضات مع المجتمع الدولي.
يذكر أن رجل الأعمال السوري، والذي كان مقرباً من نظام “الأسد”، أكد في مقابلة صحافية أن حزب لله لم يكن يريد التورط في الحرب السورية، إلا أن القرار الإيراني جاء بضرورة التدخل، مشدداً على أن الحزب ينفذ التوجيهات الإيرانية دون مناقشتها، حتى وإن كانت تتعارض مع قناعاته.
إلى جانب ذلك، يرى “الديري” أن حزب الله لا يمكن تقسيمه إلى أجنحة بين السياسي والعسكري، وإنما هو تجسيد لنظام عسكري بحت يحكم مؤسسات سياسية تملثها الحكومة اللبنانية، مؤكداً على أن وضع الميليشيا العسكري وما تقوم به من أنشطة سرية على الأراضي اللبنانية لا يسمح لها بأن ترفع يدها عن الدولة اللبنانية أو تقبل بالحد من نفوذها، موضحاً: “نحن هنا نتحدث عن الناحية الداخلية، حزب الله يعتبر أي تقليل من قبضته على الدولة حتى وإن كانت لصالح أحد حلفائه، فإنها تشكل خطراً على برامجه العسكرية ومشاريعه والأنشطة السرية التي يقوم بها، فوصول أي طرف إلى مركز قرار خارج سلطة الحزب يعني تعقيداً لأنشطة الحزب”.
كما يستبعد “الديري” الوصول إلى حلٍ للازمة اللبنانية طالما أن المجتمع الدولي لم يتوصل إلى حل أو اتفاق مع طهران، مؤكداً أن أي ميليشيات في العالم تحكم بوصلة سلاحها بحسب توجهات الداعم، وأن لبنان فعلياً لا ينتظر مجرد رئيس حكومة، وإنما محرر حقيقي للبلاد من قبضة حزب الله.