لم يعد دور الحكومة الإيرانية مقتصراً على المساهمة بانتشار فيروس كورونا المستجد، كوفيد 19، على المستوى الداخلي فقط، وإنما ارتبط اسم إيران بانتشار الفيروس في كافة دول الجوار ودول الشرق الأوسط، لا سيما وأن كافة تلك الدول أعلنت أو أولى حالات الإصابة لديها سجلت لأناس قادمين من الأراضي الإيرانية، لا سيما في العراق والكويت والبحرين وقطر ولبنان وأفعانستان والإمارات والكويت وباكستان، ما دفع تلك الدول لاعتبار إيران المصدر الأول لانتشار ذلك الوباء في المنطقة، خصوصاً أنها اكثر دولها انتشاراً للمرض وتسجيلاً للوفيات فيه، بواقع 60500 إصابة توفي منها 3739 حالة، وفقاً للإحصائيات الرسمية.
البداية تكتم وانتخابات وتفشي للوباء
بداية انتشار أزمة كورونا في إيران، جاء على خلفية ثلاث عوامل أساسية بحسب ما أشارت إليه المعارضة الإيرانية في الخارج وعلى رأسها، حركة مجاهدي خلق، أولهما تزامن ظهور الفيروس داخل المدن الإيرانية بالتزامن مع الانتخابات النيابية الإيرانية، في شهر شباط الماضي، والتي كان النظام يسعى من خلالها لإحكام السيطرة على البلاد من خلال تقوية وجود التيار المتشدد فيه على حساب الإصلاحيين، ما دفعه إلى التكتم على الإصابات لصالح إجراء الانتخابات في 21 شباط، الامر الذي منح الفيروس فترة أطول للانتشار بين المدن، لا سيما في ظل زحمة الانتخابات، وهو أيضاً ما يفسر من جهة نظ المعارضة بشكل أو بآخر انتشاره بشكل كبير بين قيادات من الصف الأول في النظام.
العامل الثاني ارتبط بالتكتم على الإحصائيات الحقيقية لمعدل الإصابات والوفيات، والتاخر في اتخاذ الإجراءات الوقائية الهادفة للحد من انتشار الوباء والتركيز على مسألة الحجر الصحي فقط دون البحث في انواحي العلمية أو البحث عن بدائل علاجية، بالإضافة إلى مواصلة الحرس الثوري رحلاته الجوية إلى الصين، التي تعتبر منشأ المرض، في حين انحصر العامل الثالث بدور رجال الدين المتشددين في تأخير إغلاق المقامات والأضرحة وإصرارهم على ممارسة الطقوس الدينية التي غالباً ما تتم بأجواء مكتظة بالبشر.
وباء عابر للحدود وأفغنستان أكبر المتضررين
مع سيطرة الوباء على الساحة الداخلية واتساع النفوذ الإيراني في دول الجوار، بدأ الفيروس رحلته إلى تلك الدول، والتي كانت أفغنستان أكثرها تضرراً بسبب الانهيار شبه الكامل للنظام الصحي، بفعل الحروب المستمرة منذ عقود، ما أثار القلق لدى الحكومة الأفغانية بعد قرار مليون عامل أفغاني في إيران العودة إلى بلادهم بعدما تحولوا إلى عاطلين بسبب توقف عمل المصانع، وفقاً لما نشرته جريدة العرب.
وتأتي مخاوف الحكومة الأفغانية بالتزامن مع اسجيلها 273 حالة إصابة بالفايروس، أكثر من 210 حالة منها تعود لأشخاص عادوا من إيران، ما دفع وزير الصحة الأفغاني “فيروز الدين فيروز”، إلى التأكيد بان الفايروس انتشر بالفعل بسبب العائدين من إيران، مضيفاً: “إذا زادت الحالات، فسيكون ذلك خارج نطاق السيطرة وسنحتاج إلى المساعدة”.
على الطرف الآخر من الحدود الإيرانية، ظهر العراق بدوره كأول ضحايا الفيروس القادم إليه من طهران، بعد أن لعبت الزيارات الدينية المتبادلة للأضرحة والعتبات المقدسة، بالإضافة إلى العلاقات غير التقليدية بين الميليشيات العراقية والحرس الثوري الإيراني، دوراً كبيراً في وصول كورونا إلى العراق، حيث أعلنت كل من الحكومة العراقية وحكومة كردستان العراق الفيدرالية، أنها سجلت عشرات الحالات من الإصابة لعراقيين قادمين من الأراضي الإيرانية.
في سوريا ولبنان اللتان لا تربطهما حدود برية مع إيران، برز دور الحرس الثوري الإيرانية في نقل الفيروس، خاصة مع استمرار الرحلات الخاصة بين كل من دمشق وبيروت وطهران، على الرغم من تفشي الوباء على الأراضي الإيرانية، فبالنسبة لسوريا، التي تأخر النظام فيه كثيراً لإعلان أولى حالات الإصابة لديه، أكد الكثير من الناشطين عن وجود عشرات الإصابات في مستشفى المجتهد المركز في العاصمة دمشق، بالإضافة إلى تأكيد عشرات الإصابات لعناصر من الميليشيات الإيرانية والعراقية المنتشرة في مدينة دير الزور شرق البلاد، في حين صرحت الحكومة اللبنانية بأن اول حالة كورون مؤكدة في لبنان كانت لسيدة آتية من إيران.
إجراءات سفر غير شرعية وعدوى قد تكون مقصودة
بالعودة إلى جيران إيرانعلى الحدود الجنوبية الغربية مع دول الخليج العربي، وتحديداً السعودية، التي يعتبرها النظام الإيرانية جارته اللدودة، فإن كافة الإصابات المسجلة فيها كانت في البداية لأشخاص قادمين من طهران وعدد من المناطق الإيرانية، في حين حملت السلطات السعودية نظيرتها الإيرانية مسؤولية تفشي الوباء في منطقة الخليج، من خلال عدم تسجيلها للمسافرين باتجاه دول المنطقة وتحديداً السعودية، الذين يمرون عبر مطاراتها أو أراضيها، في إشارة إلى احتمالية وجود نية إيرانية بنقل العدوى إلى مناطق الجوار وإغراق الجميع في ذات المستنقع.