تنشد أنظار العالم إلى لبنان، فهل هو القطرة التي ستفيض بها كأس الشرق الأوسط؟ لكن لماذا خرج اللبنانيون إلى الشارع، وهم الذين ينظر إليهم أبناء الوطن العربي على أنهم أكثر الشعوب العربية ترفيه وانفتاح؟
المال والسلاح
يعيش لبنان، حالة من عدم المساواة الاقتصادية وبالتالي الاجتماعية، فقد سيطرت نسبة 1 بالمئة، الأغنى بين سكان لبنان على 25 في المئة من إجمالي الدخل الوطني بين 2005 و2014، وعكست الودائع المصرفية هذا التوزيع غير المتكافئ.
حيث أظهرت بيانات من العام 2017، أن 20 في المئة من إجمالي الودائع تركّزت في 1600 حساب مصرفي فحسب – ما يساوي 0.1 في المئة فقط من كلّ حسابات الودائع.
فيما اجتمعت ثلاثة عوامل، بعد الحرب الأهلية لتأثّر سلباً على توزيع الدخل: أولاً، خلال الفترة بين نهاية الحرب ومنتصف العقد الفائت، ازداد الدين العام بنسبة 2120 في المئة.
فيما نمو إجمالي الناتج المحلي للفرد الواحد، لم يتخطَ الأربعة أضعاف تقريباً.
ثانياً، عوّل الاقتراض العام بعد الحرب بشكل شبه حصري على السوق المحلي من خلال سندات حكومية صادرة بالليرة اللبنانية. وثالثاً، كان معدل الفائدة على الدين بالليرة مرتفعاً بشكل مقلق.
ازدياد الدين العام وحده لا يشير إلى أن الثروات موزّعة بشكل غير متساوٍ. حتى معدل الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي (المقدّر حالياً عند 150 في المئة في لبنان)، لا يُعتبر سبباً كافياً لدقّ ناقوس الخطر. ففي النهاية، بلغ دين اليابان 234 في المئة من إجمالي ناتجها المحلي في العام 2017.
لكن البلاد ليست على شفير أزمة دين أو حتى تعاني عدم مساواة اجتماعية-اقتصادية حادة مقارنة بدول صناعية أخرى.
يميّز الوضع اللبناني، عنصرين خاصين بالدين العام المتنامي، ألحقا سويةً الضرر بالمساواة: أولاً، لم تكن شروط الاقتراض مناسبة للخزينة قطّ، إذ سرعان ما غرقت الحكومة اللبنانية في دوامة مديونية أعمق من أجل تلبية موجبات خدمة الدين. ثانياً، اعتمد الاقتراض العام على قاعدة إقراض محلية ضيّقة للغاية.
سلاح حزب الله
يقول عالم الاقتصاد والسياسة الألماني “ماكس ويبر”: “احتكار الاستخدام المشروع للقوة هو أساس الدولة الحديثة”، والسؤال الذي يمكن طرحه بالنسبة إلى لبنان، هو إذا ما كانت حكومته مستعدة لتأكيد تلك الصلاحية وقادرة على ذلك، لأن هذا سيعني منع “حزب الله” من تخزين الأسلحة العسكرية، أو تهديد الدول المجاورة، أو الانخراط في أنشطة ماليّة غير مشروعة مع الإفلات من العقاب.
ويقول البعض إن “حزب الله” اخترق الحكومة بشكلٍ كبير لدرجة أن الكيانيْن أصبحا كياناً واحداً والكيان نفسه، ومع ذلك، فقد دعم كل من مجلس الأمن الدولي وواشنطن وإسرائيل بشكلٍ ملحوظ إجراءاتهم الأخيرة، بتوجيه نداءات لبيروت بالتدخل، مشيرين إلى وجود خطوات ملموسة لا يزال بإمكان الحكومة اللبنانية اتخاذها لإعادة تأكيد سيطرتها على الأمن القومي والمالي في لبنان.
ويرى مراقبون أن الحل يكمن في اتخاذ المسؤولون اللبنانيون خطوات في الوقت الحالي لحماية النظام المصرفي من سوء المعاملة ومنع “حزب الله” من استخدام البلاد كمنصة عسكرية ضد إسرائيل، إن الفشل في اتخاذ خطوات حالياً سيمكّن الحزب من جعل لبنان رهينة لمصالحه الضيقة.
وهذه لحظة حاسمة بالنسبة لبيروت، لأن عواقب التقاعس عن اتخاذ خطوات إيجابية هوالحرب أو الاقتصاد المنهار أو كليهما وهذا كله مدمر للبنان.
وكانت إسرائيل قد ضربت حزب الله في آب الماضي ضمن مقراته في الضاحية الجنوبية من بيروت لمنعه من تصنيع واستخدام صواريخ نقلتها له إيران عبر الأراضي السورية.
وهذا اعتبر بمثابة تحذير للدولة اللبنانية بدرجة اولى، لكن الحزب كان أقوى من الدولة لدرجة أن لبنان كله مهدد لأجل سلاح حزب الله الذي يخدم بالدرجة الأولى إيران ومصالحها التوسعية، ولا يعير انتباهاً للمصالح اللبنانية.
فأساس المشكلة اللبنانية ،هو أنها دينها أكبر دين عام في العالم، وفي حكومتها ومفاصل إدارتها أقوى حزب يريد تخريب لبنان، ويسعى لتحقيق المشروع الإيراني الشيعي التوسعي.
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي.