60 يوماً، يبدو أنها كانت كفيلة بضرب المعسكر الداعم لحكومة “حسان دياب” في لبنان، خاصةً وأنه بدأ يعيش تصدعات داخلية، كان عنوانها الأبرز تهديدات رئيس تيار المردة، ووزير الداخلية الأسبق، “سليمان فرنجية” عبر صفحته في تويتر، بالانسحاب من الائتلاف الحكومي، الذي ولد أصلاً بعملية قيصيرة وبفارق أغلبية ضئيل، ما يصعد من احتمالية أن تدخل البلاد أزمة فراغ حكومي جديدة في قادم الأيام.
بحسب مراقبين ومتابعين للشأن اللبناني، فإن تهديدات “فرنجية”، وما عكسته من خلافات بين الفرقاء المشاركين في الإئتلاف الحكومي، حمل سلسلة من الدلالات، أبرزها، حالة الصراع على المكاسب الحكومية في الوقت، الذي يعيش فيه العالم ومن ضمنه لبنان، أزمة صحية خطيرة بسبب تفشي مرض كورونا، الأمر الذي يشير إلى أن العقلية الحالية لحكومة “دياب” وأحزابها الداعمة لها، لا تزال تفكر بذات المنطق القديم القائم على الظفور بالحصة الأكبر من المكاسب السياسية والاقتصادية، بغض النظر عن ما تمر به البلاد، ما طرح من وجهة نظرهم مئات من إشارات الاستفهام حول قدرتها على مواجهة التحديات الكبيرة التي تواجه لبنان القريب من حد الإفلاس.
إلى جانب ذلك، كشفت مصادر لبنانية في تصريحات خاصة لمرصد “مينا”، أن طبيعة الخلافات بين حلفاء الائتلاف الحكومي ترتبط بشكل كامل بالصراع على السلطة والسيطرة على مراكز اتخاذ القرار، خاصة الإقتصادي منه، وليس على برنامج عمل الحكومة أو أسلوب مواجهتها للأزمات، لافتةً إلى أن ضعف رئيس الحكومة، وعدم امتلاكه لأي سند حزبي خاص به، فاقم من الأزمة، مضيفةً: “دياب أتى بفرض من حزب الله، لذى هو لا يمتلك القوة لاتخاذ القرارات أو التعامل مع الأزمات، كونه يمثل حجر شطرنج يتحرك بحسب تفاهمات واتفاقات حزب الله، وهذه طامة كبرى”.
من ناحية ثانية، أشارت المصادر، إلى أن وجود صراع حزبي على مسألة المناصب وتوزيعها، وتهديد بعض الأطراف السياسية بـ “الانسحاب” من الحكومة، ينفي بشكل قاطع أنها “حكومة كفاءات أو تكنوقراط”، كما ادعى رئيسها “حسان دياب”، موضحةً: “عندما يصر التيار الوطني الحر أو حركة أمل أو تيار المردة أو غيرهم على أسماء بعينها في المناصب والوزارات، فهذا يطرح سؤال: أين دور رئيس الحكومة، وهل بالفعل شكل حكومته من المستقلين؟”.
حديث المصادر عن أزمة حكومة “دياب” لم تقتصر عند حد الصراعات على المناصب، وإنما امتدت إلى التأكيد على أنها لا تمثل اللون الواحد أو المعسكر الواحد، بقدر ما تمثل مجوعة من التيارات اللبنانية التي جمعتها مصالحها الفردية، مضيفةً: “لو نظرنا على قائمة داعمي دياب، هم جميعاً من خصوم الأمس الذين دارت بينهم معارك طاحنة، والمنتمي كل منهم إلى ولاء مختلف عن الآخر، وأن كل ما يجمعهم هو الحكومة التي تمكنهم من الحصول على المزيد من السلطة خاصةً بالنسبة للتيار الوطني الحر، الذي ضمن حصة كبيرة بالحكومة إلى جانب منصب رئيس الجمهورية وحركة أمل التي ظفرت أيضاً بمناصب كبرى في الحكومة إلى جانب رئاسة البرلمان، وحزب الله الذي انتقل من حكم البلاد بذريعة الأغلبية النيابية إلى الحكم المباشر عبر تعيين رئيس الحكومة”.
وأوضحت المصادر: “المصالح التي جمعت هذه التوليفة من السياسيين قادرة على تفريقهم في لحظة ما، تحديداً مع تصاعد طموح رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل برفع قوة تياره إلى مصاف قوة أمل وحزب الله، وهو ما يزعج الأخيرين بشكل مؤكد ويجعلهم متيقظين لتلك الطموحات”، لافتةً في ذات الوقت، إلى أن معسكر المعارضة المكون من حزب القوات اللبنانية وتيار المستقبل وحزب الكتائب، يضاف إليهم الحزب الإشتراكي الديمقراطي في بعض الأحيان، يبدو أكثر تماسكاً وانسجاماً، هو ما قد يعقد حسابات الحكومة في المستقبل القريب، موضحةً أن الفرق كبير بين رئيس الحكومة السابق، “سعد الحريري”، الذي يتمتع بدعم سنة لبنان بشكل شبه كامل، وبين حلفه “حسان دياب”، الذي جاء بأصوات حزب الله.
من ناحية أخرى، أشارت بعض الصحف اللبنانية إلى أن مناصب مصرف لبنان المركزي كان لها دور كبير في صراع الحلفاء، مشيرةً إلى وجود خلافات بين التيار الوطني الحر، برئاسة “باسيل” من جهة وحركة أمل، برئاسة “نبيه بري” وتيار المردة، برئاسة “سليمان فرنجية” من جهة أخرى حول تعيين نواب جدد لحاكم مصرف لبنان وأعضاء لجنة الرقابة المصرفية، على اعتبار أن تيار “باسيل” يدعو لتسريع عملية التعيينات متمسكا بأسماء بعينها، الأمر الذي يرفضه “بري” و”فرنجية”.
أما عن تصاعد الخلافات بشكل خاص بين التيار الوطني الحر وتيار المردة، فيعود إلى رغبة “جبران باسيل” بسيطرة حزبه على كامل المناصب الحكومية الخاصة بالماورنيين، وهو ما يعتبره رئيس المرد، “فرنجية” أمراً مرفوض، خاصةً وأن تياره شريك أساسي في المعسكر الداعم لرئيس الحكومة.