أفادت صحيفة “التايمز” البريطانية في تقرير نشرته، السبت، أن رئيسة الوزراء الجديدة للبلاد ليز تراس بصدد زيادة استقبال المهاجرين المهرة وذلك لتعزيز النمو الاقتصادي ولتعويض النقص الكبير في اليد العاملة في البلاد، مشيرة إلى أن هذا التحدي لتراس يأتي في وقت يعارض هذه الخطوة داعمي الخروج من الاتحاد الأوروبي.
ووفقا للصحيفة فإن تراس تعتزم في الأسابيع المقبلة رفع الحد الأقصى لاستقبال المهاجرين من العمال الزراعيين الموسميين وإجراء تغييرات على قائمة المهن التي تعاني من نقص حاد، ما سيسمح للقطاعات الرئيسية بتعيين المزيد من الموظفين في الخارج.
وشكلت خطة تراس مفاجئة كبيرة لاسيما أن الأخيرة هددت في وقت سابق بإرسال المهاجرين غير الشرعيين في البلاد إلى رواندا، وهو ما قوبل حينها بالرفض من قبل المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.
وحاليا تضغط تراس من أجل إصلاح واسع النطاق لنظام التأشيرات في بريطانيا لمعالجة النقص الحاد في العمالة وجذب أفضل المواهب من جميع أنحاء العالم، وفق ما ذكرت الصحيفة.
واقترحت رئيس الوزراء تخفيف متطلبات اللغة الإنجليزية في بعض القطاعات لتمكين مزيد من العمال الأجانب من التأهل للحصول على تأشيرات. ومع ذلك، يواجه التخفيف المقترح لقيود الهجرة مقاومة قوية من أنصار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
مزيد من المهاجرين المتعلمين
ونقلت الصحيفة عن مصادر حكومية، قولها، إنه إلى جانب فتح طرق التأشيرات لقطاعات محددة، يناقش الوزراء السماح بدخول مزيد من العمال المتعلمين تعليما عاليا من جميع أنحاء العالم. ويشمل ذلك مقترحات للحصول على تأشيرة جديدة للعمال الذين تخرجوا من واحدة من أفضل 50 أو أفضل 100 جامعة عالمية.
وبحسب المصدر الحكومي فإن البلاد “بحاجة إلى وضع تدابير حتى يكون لدينا المهارات المناسبة التي يحتاجها الاقتصاد، بما في ذلك الاقتصاد الريفي، لتحفيز النمو”، موضحا بأن ذلك “سيشمل ذلك زيادة الأعداد في بعض المناطق وخفضها في مناطق أخرى”.
وذكر المصدر الحكومي “الكبير” وفق وصف الصحيفة: “شعرت الشركات بالإحباط لأن نظام التأشيرات، ولا سيما العمل الماهر، لم يستجب له بما فيه الكفاية لمواجهة النقص الذي يواجهونه”.
وسبق أن تم الإعلان عن رقم قياسي من الوظائف الشاغرة الشهر الماضي، إذ يحاول قطاع الرعاية الاجتماعية ملء 105000 وظيفة شاغرة. هناك أيضا نقص في مجال التمريض، وقد دعت وزارة الزراعة إلى إصدار 30 ألف تأشيرة إضافية للعمال الموسميين، بحسب ما أكدته الصحيفة.
وكانت السلطات البريطانية قد منحت 994 ألفا و951 تأشيرة في الأشهر الـ 12 الماضية حتى مارس/آذار 2022، بزيادة كبيرة عن مستويات ما قبل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
مليوني وظيفة شاغرة
يأتي هذا في أكد فيه تقرير صدر مطلع سبتمبر/أيلول الجاري عن اتحاد التوظيف والعمل في بريطانيا، أنه في ظل الاستعدادات لموسم عطلات عيد الميلاد، ارتفعت وتيرة التوظيف في بريطانيا.
وقال الاتحاد إنه تم الإعلان عن 2.08 مليون وظيفة جديدة خلال الأسبوع المنتهي 28 أغسطس/آب الماضي، في أعلى معدل له خلال 2022، وثاني أعلى معدل على الإطلاق.
هذه البيانات تشير إلى أن مشكلة نقص العمالة التي أصابت الاقتصاد البريطاني منذ وقف العمل بنظام الإجازات دون أجر العام الماضي، لا تزال تشكل أزمة للشركات.
وجاء في تقرير اتحاد التوظيف والعمل: ”في مختلف أنحاء بريطانيا، يعني نقص العمالة والخبرات أن عملية شغل الوظائف تستغرق وقتا أطول”، مضيفا أن “جميع المهن في بريطانيا شهدت زيادة ملحوظة في عدد الوظائف الشاغرة، باستثناء مجالات التمثيل والعمل في مجال الترفيه”.
في السياق، يقول نيل كاربيري، الرئيس التنفيذي لاتحاد التوظيف والعمل، إن”الوظائف الشاغرة سجلت زيادة في أواخر أغسطس/آب الماضي في ظل العودة من العطلات والاستعداد لذروة النشاط في موسم يوم الميلاد في مجالات التصنيع والخدمات اللوجستية”.
وأكد أن “هذه الوفرة في الإعلانات تعكس التحديات التي تواجهها الشركات، وأن نقص العمالة يعطل قدرة كثير من الشركات على التوظيف والنمو”.
البطالة في أدنى مستوى منذ نصف قرن
كذلك، يأتي الإعلان عن عزم بريطانيا جلب المزيد من المهاجرين المهرة، مع تراجع معدل البطالة في البلاد إلى أدنى مستوى منذ نحو نصف قرن، بعد أن تراجعت خلال الصيف، لكن التضخم المرتفع لا يزال يضغط على الأجور.
وقال مكتب الاحصاء الوطني البريطاني في تقرير أصدره الأسبوع الماضي إن معدل البطالة انخفض إلى 3.6% في الأشهر الثلاثة حتى نهاية يوليو/تموز الماضي، وهو أدنى مستوى منذ عام 1974.
وأشار مكتب الإحصاء إلى أنه على الرغم من حصول العديد من العمال على زيادات في الأجور للمساعدة في التغلب على التضخم الذي وصل إلى أعلى مستوى في 40 عاما فوق 10%، إلا أن الأجور بالقيمة الحقيقية تراجعت بنسبة 2.8 % عن العام السابق.
كما أظهرت بيانات المكتب أن معدل التوظيف في المملكة المتحدة قد زاد بنحو 40 ألفا في الفترة من مايو/أيار إلى يوليو/تموز، أي أقل من ثلث الزيادة التي توقعها الاقتصاديون الذين استطلعت وكالة “رويترز” آراءهم عند 160 ألفا.
وارتفع معدل الخمول الاقتصادي، الذي يقيس نسبة السكان الذين لا يعملون ولا يبحثون عن عمل، بمقدار 0.4 نقطة مئوية في الربع الأول ليصل إلى 21.7 %.
وقال مكتب الإحصاء إن التغيير كان مدفوعا بزيادة عدد الأشخاص المصنفين على أنهم مرضى لفترة طويلة، وكذلك الطلاب الذين يغادرون سوق العمل من أجل العودة إلى التعليم.
يشار إلى أن بنك إنجلترا يشعر القلق بشأن زيادة الخمول في سوق العمل حيث يمكن أن يساعد ذلك في تأجيج ضغوط التضخم بسبب نقص المرشحين لملء الوظائف. علما أن بريطانيا تعاني بالإضافة لنقص اليد العاملة من أزمة غلاء المعيشة، بسبب ارتفاع معدل التضخم بسبب زيادة أسعار الطاقة بشكل حاد بسبب الحرب الروسية في أوكرانيا.
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مركز أبحاث ودراسات مينا.