تكررت الهجمات الغامضة ضد أهداف إيرانية خلال الأيام العشرة الماضية، والتي تتهم سلطات أمن النظام الإيراني، إسرائيل بالضلوع بها، وآخرها “نطنز” لا سيما وأن الحادثة تأتي بعد أيام قليلة من الهجوم، الذي استهدف سفينة إيرانية تابعة للحرس الثوري في البحر الأحمر، وسط تلميحات إسرائيلية بوقوف الموساد وكوماندوز إسرائيلي خلف الهجوم.
وزير الخارجية الإيراني “محمد جواد ظريف” جدد اتهامه لإسرائيل بالمسؤولية عن الهجمات التي تتعرض لها إيران، معتبراً أن ما قامت به مقامرة سيئة للغاية وذلك في آخر تصريحٍ له.
يشار إلى أن وزير الدفاع الإسرائيلي، “بيني غانتس” قد صرح عقب الهجوم في البحر الاحمر، بأن إسرائيل مستمرة في عملياتها، دون أن يحسم الجدل حول مسؤولية الجيش الإسرائيلي عن الهجوم ضد السفينة، في حين ألمحت وسائل إعلام عبرية إلى دور إسرائيلي في حادثة نطنز.
معلومات جديدة حول الهجوم
وسط تضارب الأنباء عن أسباب حادثة موقع نطنز النووي بين الهجوم السيبراني والتفجير، يكشف مسؤول استخباراتي معلومات عن الحادثة، لافتاً إلى انها نجمت عن عبوة ناسفة تم تهريبها إلى داخل منشأة نطنز وتم تفجيرها عن بعد، وفقاً لما نقلته صحيفة نيويورك تايمز الامريكية.
كما يشير المسؤول، الذي فضل عدم ذكر اسمه، إلى أن التفجير أدى إلى تدمير النظامين الكهربائيين الأساسي والاحتياطي في المحطة ونجم عنه أضرار كبيرة، في المجمع الذي يعتبر من اكبر وأهم المنشآت النووية في إيران.
وفي تعليق لها على الحادثة، ترجح صحيفة وول ستريت الأمريكية، أن يكون الحادث قد تسبب بأضرار كبيرة، لافتةً إلى أن أجهزة الكهرباء الاحتياطية في المجمع لا تعمل وهو ما تسبب في إبطاء أجهزة الطرد المركزي بسرعة كبيرة، ما أدى إلى تعطل بعض أو حتى العديد من أجهزة الطرد المركزي
يشار إلى أن مجمع نطنز قد تعرض الصيف الماضي، لهجومٍ غامض أدى إلى إلحاق الضرر به، وسط تعتيم كامل من السلطات الإيرانية حول الهجمات، قبل أن تقر بأن المجمع تعرض لاعتداء، دون الكشف عن تفاصيل التحقيقات، التي أجرتها السلطات الأمنية الإيرانية في الحادثة.
تزامناً، يرى المحلل الاستراتيجي، “أمين إبراهيم” أن الهجمات التي استهدفت إيران خلال الأشهر الستة الماضية، وتحديداً حادثة نطنز واغتيال العالم “فخري زادة”، كشفت العمق الإيراني بشكل كبير، وبينت حجم الثغرات الأمنية التي يعاني منها النظام الإيراني، وهذا ما قد يزيد من شهية إسرائيل بشكل خاص، لتنفيذ المزيد من العمليات.
لن تكون الأخيرة ..
تطور الحالة في الشرق الأوسط ووصولها إلى مستوى الاستهداف المباشر للمصالح الإيرانية والمنشآت النووية، تعني وفقاً للخبير في الشأن الإيراني، “ميلاد هيداتي” أن التعامل مع إيران دخل مرحلة حساسة جداً، وأن مستوى النشاط الإيراني في الشرق الأوسط وصل إلى مرحلة تتطلب تحركات عسكرية، مرجحاً أن تتعرض إيران إلى المزيد من العمليات المشابهة خاصةً وأن المؤشرات تدل على أن إدارة “جو بايدن” لا تعارض تحركات إسرائيل في المنطقة.
كما يشير “هدايتي” إلى أن زيارة رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلية، “يوسي كوهين”، إلى الولايات المتحدة، لتقديم أدلة للمسؤولين الأميركيين عن إخفاء إيران للمعلومات المتعلقة ببرنامجها النووي، يؤكد أن إسرائيل هي من ضرب إيران وبموافقة أمريكية، حتى وإن أعلنت الولايات المتحدة أن لا علاقة لها بالهجمات الأخيرة.
يذكر أن إسرائيل قد عبرت خلال الأيام القليلة الماضية، عن قلقها من إمكانية عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي الموقع مع إيران عام 2015، خاصةً مع استمرار الانتهاكات الإيرانية للاتفاق وزيادة معدلا التخصيب.
تزامناً مع الهجمات التي تستهدف طهران، يكشف مسؤولين إسرائيليين عن اجتماع أمني كبير يضم ممثلين عن إسرائيل وكبار مسؤولي الأمن القومي من الولايات المتحدة، وذلك في جولة محادثات تتطرق إلى الوضع الإيراني. وفقا لما نقله موقع أكسيوس.
من جهته، يعتبر المحلل السياسي، “طارق أبو لهيب” أن حادثة نطنز لن تكون الأخيرة التي تستهدف المصالح الإيرانية سواء داخل البلاد أم خارجها، موضحاً أن “إيران أخطأت عندما اختارت التصعيد في العراق ورفع معدلات تخصيب اليورانيوم كأوراق ضغط على الإدارة الأمريكية الجديدة، حيث ظنت أنها قادرة على تحسين الوضع التفاوضي لها، لكنها اليوم تواجه ضربات متلاحقة سواء بالنسبة لميلشياتها في سوريا أو لمنشآتها النووية، وعلى ما يبدو أن الولايات المتحدة منحت إسرائيل الضوء الأخضر للتعامل مع التهديدات النووية والصاروخية الإيرانية”.
ويلفت “أبو لهيب” إلى ان القادة الإسرائيليين كانوا واضحين في هذا المجال، وكشفوا عن نيتهم توجيه المزيد من الضربات للنفوذ الإيراني، معتبراً أن هذا النوع من العمليات هدفه الحد من القدرات النووية الإيرانية دون الحاجة لتوجيه ضربات عسكرية تقليدية للنظام الإيراني.
يذكر أن وزير الدفاع الأمريكي، “لويد أوستن”، رفض التطرق للهجمات التي تتعرض لها إيران، معتبراً أن الجهود الدبلوماسية الأميركية، تهدف فقط إلى ضمان امتثال إيران لشروط الاتفاق النووي لعام 2015 مقابل تخفيف العقوبات الأميركية ستستمر.
صراعات المؤسسات الأمنية
تزايد الاستهداف للمنشآت والمصالح الإيرانية، يرتبط كما يراه نائب الرئيس الإيراني، “إسحق جهانغيري”، بوجود حالة صراع داخلية تعيشها أجهزة النظام الإيراني المختلفة، معتبراً أن تلك الصراعات كانت سبباً في تقصير تلك الأجهزة بواجباتها.
في السياق ذاته، يشدد المسؤول الإيراني، على أن تلك الصراعات منعت أجهزة الأمن الإيرانية من توفير الحماية الأمنية المطلوبة لمنشأة نطنز النووية، موجهاً انتقادات كبيرة لتلك الأجهزة، على خلفية الهجوم، الذي توجه إيران أصابع الاتهام به إلى إسرائيل.
كما يصف “جهانغيري” الأجهزة الأمنية الإيرانية بانها لا تتحمل المسؤولية الملقاة على عاتقها، وهو ما اعتبره أكبر مشكلات إيران، داعياً إلى محاسبة الجهاز المسؤول عن ما حصل في نطنز، وضرورة أن يعرف الشعب الإيراني أين تذهب مصادره وماذا يحدث لسمعة البلد، على حد قوله.
تعليقاً منها على الهجوم، تؤكد رئيسة معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي حول برنامج إيران النووي، “سيما شاين” أن مثل هذا النوع من الهجمات والذي يستهدف المولدات يحتاج إلى أن يكون أكثر عمقا، مشيرةً إلى أن ذلك يرجح فرضية أن يكون الهجوم تم تنفيذه على الأرض وليس عبر الفضاء الإلكتروني بسبب قوته.