هيئة التحرير
مع تعزيز إسرائيل لإجراءاتها الدفاعية على الحدود مع لبنان، ونشر المزيد من بطاريات الدفاع الجوي، لمواجهة أي عمل عسكري من قبل حزب الله، يعتبر المحلل السياسي اللبناني، “يعقوب عيتاني”، أن اقتصار النشاط العسكري الإسرائيلي على الجانب الدفاعي، يحمل رسالة بأن إسرائيل لن تبادر بأي هجوم على لبنان أو الحزب، وأن كافة خططها على المستوى المستقبلي القريب لن تتجاوز العمل الدفاعي، لافتاً إلى أن السؤال الأهم: “هل سيبادر حزب الله بالحرب؟”.
وكان التوتر قد ساد على الحدود الجنوبية للبنان، بعد مقتل أحد عناصر حزب الله اللبناني في سوريا بغارة إسرائيلية قبل يومين، حيث سعت إسرائيل لتعزيز منظومات الدفاع الجوي على طول الحدود.
التطورات في الملف السوري، وتصاعد وتيرة الغارات الإسرائيلية، يرى فيها “عيتاني” إحراجاً كبيراً لحزب الله على الساحتين المحلية والعربية، وتضعه في موقف صعب جداً، مضيفاً: “وجود قتلى لحزب الله في الغارات الإسرائيلية، يضع الحزب تحت الضغط للرد على العمليات التي تستهدفه، في الوقت الذي لا يمتلك فيه القوة الكافية لذلك الرد، خاصةً إن قاد إلى مواجهة شاملة، على اعتبار أن الحرب في سوريا استهلكت الكثير من قوة الحزب”.
متى الرد؟؟
في سياق الحديث عن إمكانية رد حزب الله على الغارات الإسرائيلية، يرى الباحث في الشؤون اللبنانية، “عمار عرجي” أن الحزب من الممكن أن يرد فقط عندما يصل إلى قناعة بأنه لم يعد يملك ما يخسره، في أي مواجهة مع إسرائيل، لافتاً إلى أن الأمور هنا ترتبط بسطوته على الحكومة وتأثيره على رئاسة الجمهورية، وقدرته على إدراة دفة البلاد باتجاه المعسكر الإيراني.
كما يلفت “عرجي” إلى أن خسارة في حسابات حزب الله لا تشمل ما قد يحل بلبنان من خراب أو دمار، وإنما في خسارته للامتيازات، التي حققها منذ تاريخ 7 أيار 2008، عندما أعلن بقوة السلاح سيطرته على لبنان، لافتاً إلى أن دخوله في الحرب عام 2006 تمت كونه لم يكن وقتها صاحب كلمة فصل في إدراة لبنان.
كان عناصر يتبعون لحزب الله وحركة أمل قد نزلوا في 7 أيار 2008 إلى شوارع بيروت وسيطروا عليها، اعتراضاً على قرار حكومة “فؤاد السنيورة” إقالة ضابط أمن مطار رفيق الحريري، العميد “وفيق شقير” المقرب من حزب الله، وتفكيك شبكة اتصالات الحزب.
إلى جانب ذلك، يذهب المحلل السياسي، “حسام يوسف” إلى التأكيد على أن الظروف الحالية للحزب وحلفائه الإقليميين في سوريا وإيران، تدفعه للعمل على حصر مشاكله بالساحة الداخلية ومحاولة عدم الانخراط في مشكلات ومواجهات خارج الحدود، لافتاً إلى أن قيادة الحزب على علم تام بأن الوضع الداخلي والإقليمي والشعبي، يختلف تماماً عن ما كان عليه الحال عام 2006.
وفقد حزب الله خلال مشاركته في الحرب السورية إلى جانب نظام “بشار الأسد” المئات من عناصره، بينهم قياديين ميدانيين من الصف الأول، حيث وصل عدد قتلاه حتى مطلع العام 2019، نحو 1139 مقاتلًا، بحسب دراسة معهد الاستخبارات والمعلومات الإسرائيلي، بينهم “سمير القنطار”، و”مصطفى بدر الدين”، و”جهاد مغنية”.
عدم الاستعداد للحرب قد يلغيها
“الاستعداد للحرب قد يلغيها”، ولكن في حالة حزب الله، فإن عدم استعداده للحرب قد يلغيها، بحسب المحلل “عيتاني”، الذي يعتبر أن حزب الله لا يحتاج فقط للأسلحة والصواريخ والمقاتلين لخوض الحرب مع إسرائيل، وإنما بحاجة أيضاً لغطاء مالي واقتصادي وشعبي، لا سيما بعد تشديد الكثير من دول العالم إجراءاتها ضد الحزب وشبكاتها المالية وأنصاره.
وتشير بعض البيانات إلى أن حزب الله، يمتلك قوة صاروخية يصل مجمل قذائفها إلى ما يتراوح بين 120 ألف إلى 150 ألف قذيفة صاروخية، إلا أنه لا يمتلك الكثير من الأسلحة الدفاعية المضادة للطائرات أو الدبابات.
في السياق ذاته، يوضح المحلل “يوسف” أن حزب الله ومن خلفه إيران، باتوا أقل رغبة من أي وقت سابق، بالدخول في مواجهات عسكرية، خاصةً وأن العقوبات الاقتصادية أنهكتهما بشكل كبير، ما يعني أنه أي حرب ستندلع في المنطقة ستعني تغير كبير في ميزان القوة، خاصة في دولة مثل لبنان، لافتاً إلى أن الحرب حتى وإن لم تقض على الحزب، ولكنها ستؤدي إلى إضعافه بشكل كبير، وإفقاده جزء كبير من ترسانته التسليحية، التي سيصعب تعويضها على المدى المنظور بسبب قلة الدعم المالي.
كما يؤكد “يوسف” أن حزب الله يسعى حالياً للحفاظ على ما لديه من قوة وعدم تبذيرها أو استخدامها إلا في حالة استعدت الضرورة القصوى ذلك، لأنه يحاول الإبقاء عليها كسلاح ردع لأعدائه على الساحة الداخلية اللبنانية، كما أنه يعلم بأن فقدانها في ظل الظروف الاقتصادية الحالية له ولإيران يعني أنه بحاجة لسنوات الطويلة لإعادة بنائها، ما يمنح خصومه فرصة لضرب سطوته على البلاد وإخراجه من المعادلة السياسية.