الملخص التنفيذي:
تصاعدت الاحتجاجات والتظاهرات في المناطق المسيطر عليها من قبل هيئة تحرير الشام بإدلب التي يتزعمها (أبو محمد الجولاني)؛ حتى وصلت إلى مرحلة غير مسبوقة، وتوُّجت مؤخراً باغتيال القيادي الكبير سابقاً في الهيئة العراقي الجنسية (أبو ماريا القحطاني) التي أشارت جلُّ أصابع الاتهام إلى أن الجولاني هو وراء هذا الاغتيال! رغم أن تحليل الأحداث وخصومات القحطاني الكثيرة مع جهاديين آخرين؛ يُبعد التهمة عن الجولاني، وهذا ما تتوقف معها هذه الورقة في بعض فقراتها!
ولهذا الاحتجاجات غير المسبوقة أسباب مباشر وغير مباشرة؛ جعلتها تندلع لتصرخ بمطالب معيشية وأمنية؛ ورغم أن الجولاني وفريقه تعاملوا مع هذه الاحتجاجات بذكاء من أجل احتوائها؛ إلا أن اغتيال (أبو ماريا القحطاني) ربما يساهم بتوسع تلك التظاهرات؛ كما تدل عملية الاغتيال على أن زعامة الهيئة لا تقبل القسمة على اثنين.
مطالب المتظاهرين في إمارة الجولاني؛ والأسباب المباشرة وغير المباشرة لاندلاع تلك التظاهرات؛ وكيف سيحتويها الجولاني مع وقفة حول اغتيال (أبو ماريا القحطاني) هذا ما نناقشه في هذه الورقة من خلال المحاور التالية:
المحاور:
- المدخل
- ما مطالب المتظاهرين ضد الجولاني؟
- الأسباب غير المباشرة للانتفاضة ضد الجولاني
- الأسباب المباشرة للانتفاضة الشعبية ضد الجولاني
- كيف تعاطى الجولاني مع التظاهرات؟
- من وراء اغتيال (أبو ماريا القحطاني)؟ ولماذا؟
- الخلاصة
المدخل:
شهدت منطقة إدلب التي تحكمها هيئة تحرير الشام احتجاجات عارمة حيناً؛ ومتوسطة حيناً آخر، ولكنها احتجاجات متواصلة منذ 27 شباط /فبراير الماضي. ([1])
هذه المظاهرات شملت مدينة إدلب والبلدات الأخرى التابعة لها كبنش وتفتناز وسرمدا وحارم وطعوم والأتارب والفوعة وحزانو ودارة عزة، في مشهد يشبه كثيراً الانتفاضة الشعبية العامة في سوريا التي انطلقت منذ ثلاثة عشر عاماً ضد النظام السوري، التي وُصفت في بداياتها وقبل العسكرة والأسلمة؛ بأنها ثورة شعبية كاملة؛ طالبت بالحرية والعدالة الاجتماعية، ومنددة بسلطة اعتبرها المتظاهرون محتكرة؛ لا تشارك الناس أحوالهم ومعاشهم. ([2])
ما مطالب المتظاهرين ضد الجولاني؟
مما زاد الأمر تعقيداً مع اتساع رقعة المظاهرات المطلبية ضد هيئة تحرير الشام وحكومة الإنقاذ التابعة لها؛ ترافقها مع المطالبة بتنحي زعيم الهيئة (أبو محمد الجولاني) وانتخاب مجلس شورى؛ ومجلس لقيادة المناطق المحررة، وإجراء انتخابات محلية لإدارة المنطقة، وكسر الاحتكار المفروض من قبل الهيئة على المشهد الاقتصادي والسياسي والأمني.
وأما المطالب الأكثر إلحاحاً من قبل المتظاهرين؛ فتمثلت بالمطالبة بإفراغ السجون التابعة لهيئة تحرير الشام من المعتقلين؛ وكشف مصير المغيبين، والفصل بين السلطات، وتحرير المجتمع المدني من غلواء جهاز الأمن العام المسلط على رقاب الناس وصولاً إلى حله، وتفعيل دور النقابات، ورفض احتكار قرار السلم والحرب من قبل هيئة تحرير الشام.
كما رفع المتظاهرون شعارات ولافتات من أهمها قولهم: (نريد قضاءً مستقلاً نزيهاً يحاكم القوي فيه قبل الضعيف والقائد قبل الجندي)، وكذلك لافتات كتب عليها: (وصدق الجولاني حين قال: إنه لا يوجد لديه سجون. والحقيقة لديه مسالخ بشرية؛ وليست سجوناً). وكل ما سبق يمس صلب حكم إمارة الجولاني المعمدة بالحديد والنار ودماء ثرّة.
وعلى الرغم من الانخفاض النسبي لزخم المظاهرات في الأسبوع الأخير نتيجة لمحاولات حثيثة من قبل قائد هيئة تحرير الشام الشيخ (أبو محمد الجولاني) احتواء الموقف واسترضاء الوجهاء والمؤثرين في المجتمع والقيادات النافذة المحركة للحراك الشعبي، والاستجابة لبعض مطالبهم في قضايا لا تمس جوهر الحكم، وإجراءات شكلية في القشور، يتم تصويرها وتقديمها في إعلام الهيئة على أنها إجراءات جوهرية، والتوسل إليهم بكلام استعطافي معسول، فيه الكثير من التودد والتذلل وإغداق بكثير من الوعود، وإظهار الاستعداد للتنحي (على طريقة جمال عبدالناصر) حال وجود شخصية بديلة مجمع عليها.
كلامٌ ظاهره الرحمة؛ وباطنه التهديد والعذاب، ممزوج بخطاب إيماني؛ يؤثر عادة في عامة الناس وبسطائهم، إلا أن المظاهرات لم تخبُ نهائياً؛ وصوت المتظاهرين لم يخفت تماماً، ولا تزال القناعة لدى الكثيرين أنه طالما لم يتحقق شيء جدي من الوعود، ولا تزال السلطة القائمة ليست لديها القدرة، أو الرغبة بتحسين الأوضاع من خلال اتباع نهج جديد، فإن جوهر المشكلة لم يحل، وأسباب التظاهر ما تزال قائمة في ظل وجود محركين له كبار محليين وخارجيين! يريدون الاستفادة من استمرار التظاهرات، لتحجيم نفوذ هيئة تحرير الشام! أو الحصول على مكاسب إضافية سياسية واقتصادية، تمهيداً للانقضاض عليها في فرصة قادمة سانحة.
الأسباب غير المباشرة للانتفاضة ضد الجولاني
يرى محللون مقيمون بإدلب بأن أسباب الحراك؛ وإن لم يكن متوقعاً قبل فترة وجيزة من وقوعه، إلا أنها كانت تراكمية لسنوات خلت بعد سيطرة جماعة الجولاني على إدلب؛ فجعلت منها إمارة خاصة به، وهذه الأسباب كلها تشير إلى أن سلوك هيئة تحرير الشام وممارستها الاحتكار والاستبداد والتسلط منذ سنوات، وقهر الناس عبر جهاز الأمن العام، والذي يطلق عليه في إدلب بسخرية اسم (جهاز الظلم العام)، كلها ستؤدي لما جرى، لكن نقطة الانفجار كانت بعد الكشف عن مقتل شاب تحت التعذيب من قبل جهاز الأمن العام، قبل بضعة أشهر! ودفنه دون الإفصاح عن مصيره!
وكذلك خروج بعض المفرج عنهم من المتهمين زوراً بتهمة العمالة لقوى أجنبية ([3])، إذ أخبروا أهل إدلب بعد خروجهم من معتقلات الجولاني عن الأهوال التي يتعرض لها السجناء في أقبية (جهاز الظلم العام)، وقالوا لذوي المعتقلين غير المفرج عنهم: إنكم أيها الناس قد تدركوا أولادكم؛ أو لا تدركوهم؛ بسبب سوء المعاملة داخل المعتقل.
وهنا ثارت ثائرة عدد من القادة العسكريين في الهيئة؛ وأهاليهم المتضررين من إلحاق التهم بهم بالعمالة بعد سنوات طوال من الإخلاص والتفاني في خدمة مشروع الهيئة؛ والولاء المطلق لقائدها الجولاني، فهددوا باقتحام سجن باب الهوى، والافراج عن المعتقلين بالقوة، مما أجبر قيادة الهيئة على التخفيف من سطوتها الأمنية، والافراج عن مئات من المعتقلين، ولعل من أهمهم (أبو ماريا القحطاني) ذو المكانة القيادية الكبيرة سابقاً في الهيئة الذي تم اغتياله مؤخراً. ([4])
الأسباب المباشرة للانتفاضة الشعبية ضد الجولاني
ما ذكرناه آنفاً؛ كان الأسباب غير المباشرة لما حصل، إلا أنه بدراسة متأنية لا بد أن نلحظ أسباباً عميقة سابقة على ما جرى، ويمكن إجمالها بما يلي:
١- طريقة السيطرة العسكرية على المنطقة وإنهاء الفصائل المناوئة وشبه المناوئة في باب الهوى؛ وطرد فصيل أحرار الشام منه؛ والقضاء التام على فصيل نور الدين زنكي وجبل بركات! هذا كله خلف في النفوس أحقاداً وكراهية تجاه الهيئة وقياداتها؛ تكرست عبر السنوات.
٢- نهج الحكم الذي اتبعته هيئة تحرير الشام وقائدها الجولاني في التعاطي مع كل القضايا التي تخص السلطة، والتي لا يمكن أن توصف بأقل من استبدادية احتكارية غير تشاركية، ومما زاد الطين بلة أنها أُطرت بمجموعة من القوانين التي كتبها المهندس (أبو أسامة ثلاثين)، وصادق عليها مجلس الشورى الذي لا يملك من أمره شيئاً. ([5])
٣- السيطرة العائلية المطلقة لجهاز الأمن العام من قبل عائلة الجولاني! وأهمهم أخوه وابن عمه، مع ضعف شديد للقادة العسكريين في قرار جهاز الأمن. فأهم مفاصل القوة في هيئة تحرير الشام يترأسها أشخاص لهم قرابة نسب أو دم بالجولاني. ([6])
ولقد كان تدخل جهاز الأمن العام فجاً في كثير من الأحيان؛ وكثيرين يتذكرون كيف تدخل الجهاز في انتخابات نقابة المحامين الاحرار، وأبعد (١٦) مرشحاً من أصل (٢٨) مرشحاً بحجج واهية، ورغم تعاطف وزير العدل في حكومة الإنقاذ مع أعضاء النقابة؛ إلا أنه لم يكن له حول ولا طول.
٤- شعور (أبو محمد الجولاني) الوهمي بأنه أصبح قوة عظمى! وأنه لا يمكن الاستغناء عنه محلياً؛ أو إقليمياً؛ أو دولياً (القائد الضرورة)، خصوصاً بعد زيارة سرية لوفد من الهيئة إلى أوروبا؛ وإعطاء ضمانات للغرب بأن الجولاني لن يمس مصالحهم في سوريا!
كما أنه أخذ يقارن وضعه بوضع جيرانه من قادة فصائل الجيش الوطني للمعارضة السورية الغارقين بالفوضى والخنوع للقرار التركي، وأنه حامي السنة العرب في سوريا، ويملك مشروعاً حضارياً! يستطيع المناطحة والمناكفة به في ظل حاجة الأتراك له من خلال خلق توازن نسبي في مواجهة الروس والإيرانيين والنظام السوري في المنطقة، وهذا ما أدى إلى تهوره وقيامه بمجموعة أعمال؛ جعلت الأتراك يفكرون جدياً بتحجيمه؛ ولي ذراعه على الأقل شعبياً؛ لكن دون القضاء عليه!
٥- القراءة السياسية الخاطئة للجولاني: هذا المحور بحسب تقديرنا أهم نقطة وسبب فيما بدء يفعله الجولاني بإدلب، وأدى إلى تلك المشكلات ومن ثَمَّ التظاهرات ضده. فالجولاني اعتقد خطأً بأن الأتراك ذاهبون للتفاهم مع الحكومة السورية، وأن هناك حلاً على الأبواب؛ سيكون من خلال (مسار آستانا) وكذلك المجموعة الرباعية (تركيا روسيا إيران والنظام السوري) ستصل الى حل مرضٍ لها جميعاً، وأن المسألة مسألة وقت، وهذا ما جعله يطرح على نفسه السؤال المهم: أين موقعي من المعادلة؟ وما هو الدور الذي سألعبه؟ وكيف سأكون عصياً على التجاوز؟ ([7])
هنا بدأ يسعى لمد نفوذه إلى الشمال (المحرر) أمنياً واقتصادياً ومن ثَمّ عسكرياً، وكاد أن يسحق فصيل الجبهة الشامية في معاقلها الأساسية في كفر جنة وإعزاز، ولولا تدخل الجيش التركي عسكرياً! وإجباره على التراجع؛ لأصبحت الجبهة الشامية في خبر كان.
هذه القراءة السياسية الخاطئة جعلته يظن أنه دون مد نفوذه إلى الشمال المحرر؛ والامساك بتلابيبه؛ فإن التفاهمات الدولية ستصيبه بمقتل! وسيكون مصيره كمصير فصائل الجيش الحر، ولكن بالمقابل فإن هذه القراءة السياسية؛ جعلت عيون الأتراك تتفتح عليه! وإنه ربما يكون عائقاً في أي حل يناسبهم مستقبلاً، يمكن الوصول إليه.
فالخطأ الذي وقع به الجولاني أنه اعتقد فعلاً أن الأتراك يريدون حلاً مع النظام السوري، والحقيقة ليست كذلك وفق كل المعطيات المتاحة.
٦- كانت محاولة اختطاف (أبو أحمد زكور) من بين أقاربه من عشيرة (البقارة) في اعزاز؛ القشة التي قصمت ظهر البعير؛ واقنعت كل الأطراف المعنية بضرورة تحجيم الجولاني وردعه، والمعروف أن (أبو أحمد زكور) كان أهم الاقتصاديين عند الجولاني؛ وهرب قبل أن يقبض عليه، ولجأ إلى اعزاز بحماية أولاد عمه، فأرسل له الجولاني فرقة (كوماندوس) اختطفته، ولكنها فشلت في ايصاله إلى إدلب بعد أن تدخلت السلطات التركية أمنياً وعسكرياً فحررته. هذه الحادثة بالذات؛ أقنعت كثيراً من خصومه المتربصين به، بأن قوته ليست بلا حدود، وأن الدعم التركي له ليس مطلقاً.
٧- دور جماعة أحرار الشام وجيش الأحرار في تحريك التظاهرات ضده في مناطق عدة وخصوصاً في بنش. وكما هو معروف فإن أحرار الشام لهم ثأر عند الجولاني؛ حيث انتزع منهم أهم مصدر مالي والمتمثل بمعبر باب الهوى. وكثيرون يرون أن تحريض أحرار الشام للمتظاهرين، قد يكون مصدره تشجيع تركي! وخصوصاً بعد تحسن علاقتهم مؤخراً مع الجانب التركي بعد جفوة.
٨- التناقضات الحادة بين مؤيديه ومعارضيه داخل الهيئة وعدم رضى القادة العسكريين عن نفوذهم، ولقد وصل التناقض إلى العائلة الواحدة؛ بما فيها ما يسمى الشرعيين، وأقرب مثال على ذلك الأخوين عطون (عبد الرحيم وأخوه) فأحدهما مؤيد للجولاني، والآخر معارض له! وكل منهما يحشد المتظاهرين كلٌ بحسب موقفه في بلدة طعوم الواقعة بين بنش وتفتناز.
٩- تمرد رجال الأعمال وكبار الاقتصاديين وخصوصاً في بنش رغم أنهم استفادوا كثيرا من الجولاني فيما سبق، ولكن احتكار عائلة الجولاني للاقتصاد ومشاركة التجار والصناعيين أرباحهم؛ مع كثير من العسف أخرجهم عن طوعهم؛ ليتمردوا عليه.
١٠- اطمئنان الناس الكبير بعد جولة آستانا الأخيرة بأن اجتياح النظام السوري لإدلب لم يعد وارداً؛ فتفرغ الناس لمطالبهم، وقد ساهمت التصريحات المطمئنة في هذا الجانب لوفود المعارضة في آستانا والائتلاف الوطني، التي أصبحت تؤخذ بجدية في الآونة الأخيرة من قبل أهالي إدلب، وحديثهم عن التطبيع المستدام، ما جعل الكثيرين يتشجعون في طروحاتهم المطلبية ومواجهة جماعة الجولاني التي كانت تروج لاحتمالية سقوط المنطقة بيد النظام السوري ضماناً لإسكات الناس عن المصائب حفاظاً على وحدة الصف المزعوم.
١١- ولعل مما ساهم في التظاهرات في إمارة الجولاني وجود سلطة واحدة؛ يمكن توجيه الاتهام إليها بسوء الحال؛ بعكس سلطة (المحرر) الفوضوية التي تديرها الحكومة المؤقتة برئاسة عبد الرحمن مصطفى.
كيف تعاطى الجولاني مع التظاهرات؟
يُحسب للجولاني أنه لم يستخدم العنف في مواجهة الأحداث؛ لا من جهة الاعتقالات ولا من جهة إراقة الدماء؛ ولم يمنع التظاهرات السلمية في ظاهرة غير متوقعة! وربما استفاد من درس النظام السوري عندما تعامل مع التظاهرات بداية الثورة بالحديد والنار، وراهن على الحل العسكري. ([8])
لذلك التقى الجولاني بممثلين للمتظاهرين؛ وحاورهم باللين والحسنى! وقدّم لهم الكثير من الوعد المعسول بالإصلاح، وأنه شكل فريقاً متكاملاً للنظر في مطالب المحتجين، وأنه ابن المشروع الحضاري الذي يهم كل السوريين انطلاقاً من أنه ليس صاحب سلطة قاهرة! بل جندي في مشروع الإسلام السني، وأبدى استعداده للتنحي حال اتفاق الناس على بديل يرضونه.
ولكن بالوقت الذي قدم لممثلي المتظاهرين؛ ولمحاوريه كلاماً تُطرب له الآذان، أرفقه بحديث يُفهم منه لغة التهديد والوعيد وأن عصاه ما تزال غليظة.
كما جنّد الجولاني جيشاً من الإعلاميين وصناع الرأي؛ روجوا وبكفاءة عالية لفكرة أن البديل عن الجولاني هو الانهيار والفوضى! وما حال الشمال المحرر الذي تقوده حكومة عبد الرحمن مصطفى عنكم ببعيد! كما خوفوا الناس من مغبة انفراط عقد الهيئة؛ واستغلال نظام بشار الأسد والروس والإيرانيين لهذا الوضع؛ فيسقط (المحرر) بيدهم فتقع المصيبة الكبرى!
بالوقت نفسه قامت الهيئة بإنجاز بعض الإصلاحات الشكلية؛ التي صُورت على أنها جذرية؛ ومنها السماح بإدخال (الموبايلات) إلى قاعات المحاكم! وقد كانت ممنوعة قبل! في وقت كانت مطالب الناس إبعاد القضاة الفاسدين، وتقليص زمن المحاكمات التي تطول إلى سنتين! وأكثر! والمسافة بين الجلسة والجلسة الأخرى نحو شهرين ونيف.
وألغت الهيئة الدراسات الأمنية في البيع والشراء شريطة أن يكون البيع محلياً؛ وقلصوا مدة اجرائه؛ وكانت هذه العقود تطول أحياناً إلى نحو ستة أشهر، ولكنهم أبقوا الإجراءات السابقة؛ فمثلاً من يقيم في مناطق النظام؛ ويريد بيع بيته؛ يقوم بتسجيل فيديو؛ يوثق فيه شخصيته؛ ومكان إقامته، وتُجرى له دراسة أمنية لإثبات أنه ليس من شبيحة النظام!
ومن المؤكد أن سطوة جهاز الأمن العام؛ قد خفت كثيراً، كما قلّ كثيراً التشديد على الحواجز، ولوحظ انعدام المظاهر المسلحة في المدن. كما شهدت إدلب خلال الآونة الأخيرة افراجات كثيرة عن المعتقلين، وخصوصاً ممن اتهموا بأنهم من خلايا العملاء! وأقام لهم الجولاني احتفالات بالإفراج عنهم! كما سمح جهاز الأمن العام لذوي المعتقلين بإقامة سرادق للاحتفال؛ وإطلاق الأعيرة النارية في سماء إدلب ابتهاجاً بعودة أبنائهم، وكان ملفتاً الاحتفال الذي أقامه أبناء قبيلة العقيدات في سوريا لـ (أبو ماريا القحطاني) الجبوري ذي الجنسية العراقية! وأرفقوا ذلك بأهزوجة عراقية حماسية تقول (إحنا أولاد أختك وانت الخال). وربما هذا الاحتفاء الكبير به؛ هو من عجّل باغتياله الذي سنأتي عليه.
ولعل الخطوة الأبرز لاحتواء الموقف التي قام بها الجولاني تمثلت بإعادة الاعتبار لعدد من القادة العسكريين، واسترضى كثيراً منهم من خلال المال والمناصب؛ وقام بتنحية آخرين ضاقت بهم الناس ذرعاً، كما رفع الجولاني من شأن مجلس القبائل والعشائر الخاص بإدلب، وكلمهم في كثير المناسبات؛ وقَبِلَ وساطتهم في الإفراج عن معتقلين كثر، وجعل لهم هيبة، وأظهر احترامه وتقديره لهم.
إضافة إلى ذلك قامت الهيئة باسترضاء رجال الأعمال نسبياً، وقدمت لهم وعوداً؛ تنتظر التفعيل في مسائل تخفيف الاحتكار وزيادة تحريك عجلة الاقتصاد؛ وتنشيط التجارة بعيداً عن المتنفذين من رجال الجولاني.
كذلك ساهم الجو الرمضاني الديني في خلق أجواء رحمانية تكاتفية، فأكثرت الهيئة من الصدقات ورعاية الأيتام، إلا أن ضربة المعلم التي قام بها الجولاني؛ عندما افتتح بنفسه أكبر مسجد حديث في (المحرر) المسمى مسجد زيد بن حارثة، وسط حشود هائلة، وأمَّ الناس بالصلاة فيه.
هناك من يعتقد أن الجولاني قام بحركات شغب في مناطق الحكومة المؤقتة التابعة لتركيا عن طريق مجموعات تابعة له، تسعى لإظهار الشمال المحرر الخاضع لسيطرة الحكومة المؤقتة بأنه غير مستقر مقابل المنطقة التي يسيطر هو عليها؛ بأنها مستقرة، وقد يكون الشغب الذي قام به بعضهم بالتصدي لموكب ضم مسؤولين أتراك كبار في معبر باب السلامة، يقع ضمن هذا النطاق، وكذلك فيما يقال عن التفجير الذي وقع في سوق الهال بإعزاز قبل بضعة أيام؛ واتهام الهيئة بأنها وراء التفجير!
من وراء اغتيال (أبو ماريا القحطاني) ولماذا؟ ([9])
القحطاني أحد أهم مؤسسي جبهة النصرة في سوريا؛ وأصبح المسؤول الشرعي والقاضي العام للتنظيم عند تأسيسها، إضافة إلى مسؤوليته عن المنطقة الشرقية بسورية ذات الطبيعة العشائرية، حيث يرتبط القحطاني بعلاقات طيبة مع العشائر فيها.
وهو ذو تاريخ إجرامي كبير في الأحداث بسوريا؛ فهو معروف ببطشه وقسوته على خصومه! وخصوصاً ما فعله بخصومه في درعا عندما كان فيها يقود فصيل جبهة النصرة؛ وخرج منها بصفقة مع النظام؛ ولما وصل إدلب جعله الجولاني ذراعه اليمنى في مقاتلة الدواعش وحراس الدين للقضاء عليهم، وهذه المهمة جعلت الجولاني مقبولاً غربياً، ولكن كان المطلوب من الجولاني أيضاً التخلص من كل الغرباء في إمارته وما حولها؛ ونقصد بالغرباء هنا كل من هو غير سوري؛ فمن شروط قبول الجولاني غربياً ألا يكون حوله أحد من الغرباء غير السوريين؛ وهذا ما جعل بعضهم يرجح أن الجولاني وراء عملية الاغتيال.
أطلق الجولاني سراح (أبو ماريا القحطاني) منذ نحو شهر تقريباً من المعتقل بعد نحو ستة أشهر من اعتقاله؛ وضغطٍ من أنصاره ممن هم داخل تنظيم الهيئة وخارجه؛ وكانت الاحتفالات بخروجه من المعتقل من قبل أنصاره ملفتة للنظر؛ ومقلقة لخصومه. وتشير مصادر بأن شعبية القحطاني قبل اعتقاله؛ زادت سلفياً مقابل شعبية الجولاني! فأبو ماريا القحطاني يتمتع بنفوذ كبير داخل الجماعة السلفية الجهادية في الهيئة، ويقال بأنه الشخصية الأقوى في الكتلة الشرقية السلفية داخل هيئة تحرير الشام، والمفضل عندهم على الجولاني! ولا ننسى أن الهيئة تقوم أهم مفاصلها على الولاء المناطقي.
إذا حللنا مسألة الاغتيال سنجد أن اتهام بقايا تنظيم حراس الدين باغتيال القحطاني؛ مسألة معقولة من حيث التحليل! فبقايا تنظيم حراس الدين لهم عند (أبو ماريا القحطاني) ثأر كبير! فهو من ترأس الحملة للقضاء عليهم، ونجحت قسوته ووحشيته بإنهاء ذلك التنظيم الراديكالي سلفياً، وبعد أن أخرج الجولاني (أبو ماريا القحطاني) من المعتقل؛ وصودرت أمواله الضخمة المنقولة وغير المنقولة بإدلب؛ قام الجولاني برفع الحراسة عنه، ولم يبقَ معه إلا عدد قليل جداً من الحماية لا يتعدون أصابع اليد الواحدة، هذا الأمر سهل كثيراً على من تبقى من حراس الدين والدواعش للثأر منه؛ واغتياله. ([10])
إذن؛ من المتهمون باغتيال القحطاني؟
- الاحتمال الأول: هو الجولاني؛ فتفاهمات الجولاني مع أطراف خارجية حول مشروعه؛ تمنعه أن يضم في تنظيمه شخصيات قيادية غير سورية، ونظراً لكاريزما القحطاني ففي هكذا تنظيمات راديكالية الزعامة فيها أحادية جداً؛ ولا تقبل القسمة على اثنين؛ ومما يرجح هذا الاحتمال ــ مع ضعفه بتقديرنا ــ أن الجولاني سحب من القحطاني الحماية الخاصة به؛ ولم يبقَ حوله من الحماية إلا أقل من أصابع اليد الواحدة.
- الاحتمال الثاني: يشير بالاتهام إلى بقايا الدواعش وحراس الدين؛ وهؤلاء لهم ثأر كبير مع (أبو ماريا القحطاني) فهو من قضى عليهم نتيجة تفاهمات ودعم دولي؛ وعندما رفع الجولاني الحماية عنه؛ أصبح صيداً سهلاً كي يثأروا منه. دون أن ننسى بأنه كان الصندوق الأسود لجبهة النصرة منذ التأسيس حتى الانفصال عن التنظيم الأم تنظيم القاعدة؛ وصولاً إلى شكله الأخير المسمى هيئة تحرير الشام. لذلك قيل إن قيادة الهيئة سهلت عملية اغتياله!
- الاحتمال الثالث: هناك قوى كثيرة خارجية من مصلحتها عند التعامل مع السلفية الجهادية؛ أن تتعامل مع شخص واحد بيده القرار بقوة، ولا ينافسه الزعامة والقرار أحد، وبقاء إمارة ومشروع الجولاني فيه مصلحة حتى حين لكل القوى الدولية ذات التأثير بالقضية السورية.
- الاحتمال الرابع: القحطاني قبيل اعتقاله أجرى عدة اجتماعات مع ضباط أمريكان من حلف الناتو في قاعدة (انجرليك) الجوية جنوب تركيا، فتسبب اللقاء بأزمة بين الجولاني وتركيا من جهة، وبين القحطاني والجولاني من جهة أخرى. ولذا هناك مَنْ يتهم الاستخبارات التركية بأنها خلف اغتياله؛ لكونه سهَّل لبعض الجهات استهداف قوات تركية.
- ونحن بما لدينا من معلومات وتحليل؛ نرجح الاحتمال الثاني.
الخلاصة:
من المؤكد أن ما حصل؛ كان أكبر تهديداً واجهته هيئة تحرير الشام في تاريخها، رغم أنه لم يكن خطراً وجودياً كما صوره بعضهم، وخصوصاً بعد قدرة الجولاني على احتواء العسكريين في الهيئة، ولكن من المؤكد أن ما جرى كان جرس إنذار لسلوك الهيئة، فإما أن تُصلح، أو أن تتفاقم الأمور فتنفجر، وهنا يطرح السؤال الجوهري هل عقلية الجولاني وهيئة تحرير الشام قابلة لإصلاح شامل ينقذ مستقبل المنطقة؟ والجواب بالتأكيد لا، ولهذا فإن الأمور منفتحة على كثير من الاحتمالات.
[1] ـ بعض المراقبين يرى أن البداية الحقيقية كانت ظهر يوم الأحد ٢٥ شباط /فبراير ٢٠٢٤، وسط دوار سرمدا المزدحم بريف إدلب الشمالي، حيث وقف عدد من الشبان والشيوخ حاملين لافتات كتب عليها شعارات جريئة، تنتقد التعامل الأمني لهيئة تحرير الشام، والى جانبهم وقف عناصر أمنيون ملثمون يحملون أسلحة، ويفتشون المارة.
[2] ـ الحرب السورية: من يقاتل من؟ ولماذا؟: الحرب في سوريا، وتسمّى أيضاً الأزمة السورية أو الثورة السورية (بحسب المعارضة)، والحرب على سوريا (بحسب الحكومة)؛ هي صراع مسلح داخلي طال أمده مُتعدد الجوانب في سوريا منذ 2011، شاركت فيه عدَّة أطراف دوليَّة، يخاض بالدرجة الأولى بين الحكومة السورية بقيادة بشار الأسد، وقوات المعارضة المسلحة، إلى جانب الجماعات الإسلامية والتنظيمات المتشددة. والاضطرابات في سوريا هي جزء من موجة أوسع نطاقًا من احتجاجات الربيع العربي 2011 التي بدأت من تونس عندما قام البوعزيزي بحرق نفسه ثم تأثرت بها باقي الدول العربية، قامت الثورة السورية بسبب استياء شعبي من حكومة الأسد التي قامت بسجن مجموعة من الأطفال في مدينة درعا السورية، ورفض طلب الأهالي بإطلاق سراحهم، مما أدى إلى خروج الأهالي بمظاهرة قوبلت بإطلاق نار من الجنود الحكوميين، وقد تصاعدت إلى نزاع مسلح بعد قيام قوات الأمن بقمع الاحتجاجات الداعية إلى إبعاد الأسد. تشترك عدة جهات في النزاع: الحكومة السورية مدعومة من حلفائها روسيا وإيران وحزب الله، وعلى الطرف الآخر تحالف فضفاض لجماعات المعارضة المسلحة على رأسها الجيش السوري الحر، وجماعات سلفية جهادية (بما فيها جبهة النصرة) وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية التي تضمُّ أغلبية كردية، مع تدخل عدد من البلدان في المنطقة وخارجها إما بالمشاركة العسكرية المباشرة، أو بتقديم الدعم إلى فصيل مسلح واحد أو أكثر. المصدر:
[3] ـ هؤلاء المفرج عنه اتُهِموا فيما سمي بقضية العمالة لروسيا ونظام الأسد والتحالف الدولي؛ والذي وصل عدد المعتقلين منهم فيها خلال العام الماضي إلى ما يربو على ألف شخص من عناصر وقيادات عسكرية وشبه أمنية.
[4] ـ أبو ماريا القحطاني: ميسر علي موسى عبد الله الجبوري والمعروف أكثر باسم أبو ماريا القحطاني، هو إسلامي متشدد من العراق شارك في القتال في الحرب الأهلية السورية. كان سابقاً قائد مجلس الشورى في تنظيم جبهة النصرة. ولد في 1 حزيران/يونيو 1976 في مدينة الموصل بمحافظة نينوى في العراق. خلال حرب العراق وفي العام 2003 كان طالباً في جامعة الموصل وعضواً في فدائيي صدام. بعد سقوط العراق إبان حكم حزب البعث انضم أبو ماريا إلى الشرطة العراقية في الموصل، ولكنه انسحب منها في وقت لاحق مما تسبب في إلقاء القبض عليه. انضم لاحقاً لتنظيم القاعدة في العراق؛ وشغل منصب رئيس الشرطة الدينية. تم إرساله إلى سوريا مع أبو محمد الجولاني عام 2011 من قبل دولة العراق الإسلامية وهناك أصبح قائداً لمجلس شورى جبهة النصرة.
[5] ـ المهندس أبو أسامة الثلاثين؛ سُمي كذلك بعد قيامه بتصنيع واختراع مدفع قياس 30 مم محلي الصنع للقوات العسكرية التابعة للهيئة.
[6] ـ كما هو معلوم لمن يعرف الهيئة أن جبهة النصرة ومن بعدها هيئة تحرير الشام مؤلفة من مجموعة فصائل محلية وأهلية لا يستطيع أي منها التمرد؛ أو القيام بانقلاب، والرابط بينها هو أبو محمد الجولاني، والمتحكم فيها هو الجهاز الأمني، وهذا ما يفسر كيف استطاع الجولاني بسهولة إلقاء القبض على كل القادة العسكريين الذين يرغب بالتخلص منهم؛ بما في ذلك القوي ظاهرياً أبو ماريا القحطاني.
[7] ـ يظن كثيرون نتيجة تسريب أخبار بوسائل الإعلام أن هناك تفاهم ما؛ سيتم بين الحكومة التركية والسورية؛ ويتم تجاوز الخلافات بينهما؛ وباعتقادنا هذا مستحيل من جانب النظام السوري؛ إذ إن تركيا لا تخفي مطامعها بسلخ الشمال (المحرر) وضمه إلى تركيا؛ إضافة إلى مناطق سورية أخرى، تطمع تركيا بضمها إليها؛ وذريعتها في ذلك الميثاق المللي الذي صادق عليه البرلمان التركي سنة 1924 الذي يعتبر الشمال السوري وحلب ومحافظتي الرقة ودير الزور؛ وكذلك جبل سنجار والموصل بالعراق؛ هي أراضٍ تركيا؛ وهذا ما لا يستطيع النظام السوري الموافقة عليه؛ حتى لو طالت الأزمة سنوات أخرى.
[8] ـ هناك أخبار تقول بأن كثيراً من خصومه؛ يسعون إلى تصعيد الصدام أملاً بسقوط ضحايا؛ ليتفجر الوضع؛ فيخرج عن سيطرة الجولاني
[9] ـ سبق التعريف بـ (أبو ماريا القحطاني) بالحواشي السابقة.
[10] ـ تنظيم حراس الدين هو تنظيم سلفي جهادي مسلَّح أُعلن عن تأسيسه في 27 شباط/فبراير 2018 وهم الجيل الجديد من تنظيم القاعدة الدولي؛ ويتميزون بأنهم أكثر تطرفاً من الجيل المؤسس. ويُعتبر أحدث فروع تنظيم القاعدة في الشرق الأوسط عمومًا وفي بلاد الشام خصوصًا، خلفًا للفرع السابق للقاعدة في سوريا المتمثل في جبهة النصرة. تمَّ تعيين أبو همام الشامي كأمير (قائد) للتنظيم وأبو القسام الأردني كقائد عسكري قبل مقتله في يونيو 2020، كان كلاهما عضوين سابقين في تنظيم هيئة تحرير الشام الذي كان يُسمَّى جبهة النصرة سابقًا وهو فرع تنظيم القاعدة في سوريا بين عامي 2012 و2016. وسبق ذلك مغادرة أياد طوباسي المُلقب بـ «أبو جليبيب طوباس» وأبو خديجة الأردني، أعضاء مجلس شورى حراس الدين، جبهة فتح الشام في عام 2016 بسبب ما تردد عن فك ارتباطها عن القاعدة. كما اعتقل طوباس وأبو محمود الشامي من قِبل تحرير الشام في نوفمبر 2017، في محاولة لدرء تشكيل جماعة تابعة لتنظيم القاعدة في سوريا. يشكّل المقاتلون المتمرّسون في تنظيم حراس الدين مصدراً إضافياً لقوته. فإلى جانب قدامى المحاربين الذين شاركوا في الحروب في أفغانستان والعراق، يستقطب حراس الدين الآن مقاتلين منتمين إلى تنظيم الدولة الإسلامية من إدلب ودير الزور. ويتمتّع هؤلاء المجنّدون بمهارات كبيرة في الحرب. وقد ساهمت تجارب التنظيم في أفغانستان، في تعزيز روابطه مع قيادة القاعدة المركزية، فضلاً عن شبكة من الولاءات والعلاقات الشخصية ضمن أقسام أخرى من التنظيم. كذلك ساهم قاسم مشترك آخر، والمقصود بذلك التجارب المشتركة في إيران في بناء شبكة من الروابط بين قادة تنظيم حراس الدين وقيادة القاعدة المركزية، ولاسيما نجمها الصاعد، حمزة بن لادن، نجل أسامة بن لادن والوريث المحتمل للظواهري.
الآراء الواردة في هذا المقال هي للمؤلف شخصياً ولا تعكس بالضرورة رأي مركز أبحاث مينا.
جميع حقوق النشر محفوظة لصالح مركز أبحاث مينا.