عندما يظهر مرض جديد أو فيروس جديد، يسارع العلماء ومراكز البحث لمعرفة كنه هذا المرض ومسبباته، والتعرف على ماهية الفيروس الجديد وآلية اختراقه جسم الإنسان والأدوات التي يستخدمها لإتمام عمليته الهجومية.
وفي ظل حمى تسابق الدول للظفر بإيجاد لقا ح أو علاج لهذا الفيروس الذي أرق اقتصاد البشرية وسياساتها، وفضح هشاشة بنى الدول “العظمى” الصحية، ومنظومتها اللاأخلاقية، تسعى مراكز البحوث التابعة لهذه الدول لإجراء أكبر قدر ممكن من التجارب للقاحات جديدة أو كشف كنه فيروس كورونا المستجد.
ففي دراسة قام بها مجموعة باحثين من جامعة مينيسوتا (UM) بذلك، من خلال تفحص بنية بروتين “spike”، على سطح SARS-CoV-2، على أمل المساهمة في الأساس بتصميم جديد للعقاقير.
وقد استخدم الفريق علم البلورات بالأشعة السينية لإنشاء نموذج ثلاثي الأبعاد لما يبدو عليه بروتين spike، وكيف يرتبط بالخلايا البشرية.
وعلى الرغم من أن هذا لا يشبه صور فيروس كورونا، التي اعتدنا على رؤيتها، إلا أنه نموذج مفيد بشكل لا يصدق لعلماء الأحياء، حيث يسمح لهم بتصور كيف تؤدي الطفرات الصغيرة في البروتين إلى طيات وحواف مختلفة، والتي تغير بعد ذلك الطريقة التي يلتصق بها جسيم الفيروس بالمستقبلات في خلايانا.
وبشكل عام، من خلال التعرف على السمات الهيكلية للبروتينات الفيروسية الأكثر أهمية في إقامة اتصال مع الخلايا البشرية، يمكن تصميم العقاقير التي تبحث عنها وتمنع نشاطها، مثل عملية تشويش الرادار، وفقا للباحث الطبي فانغ لي.
وفي ظل التنافس الروسي-الأمريكي أو امتداد الحرب الباردة -إن شئنا القول- نقرأ في منتجات مراكز البحث الأمريكية والروسية على حد سواء وبشكل يومي سعيًا حثيثا للتوصل إلى لقاح تام الفعالية لمؤرق البشرية الجديد.
وقال رينات ماكسيوتوف رئيس مركز فيكتور لعلوم الفيروسات والتكنولوجيا الحيوية، أحد أكبر مراكز البحث الحكومية في روسيا، إنّ مختبره اقترح مرحلة أولى من التجارب السريرية لثلاثة لقاحات على 180 متطوعاً بدءاً من 29 يونيو.
كما أعلن علماء في كلية الطب بجامعة بيتسبرغ في الولايات المتحدة عن تطوير لقاح محتمل ضد فيروس كورونا المستجد (سارس كوف 2) المسبب لمرض كوفيد-19، وذلك في بيان نشر على موقع الجامعة الإلكتروني.
والتطعيم أو اللقاح مستحضر يعطى للشخص لتكوين مناعة في جسمه ضد مرض معين، ويتكون من جراثيم المرض التي تم قتلها أو إضعافها، أو أجزاء منها، وعند دخولها الجسم تحفز جهاز المناعة على تكوين أجسام مضادة لمرض معين وذاكرة مناعية، بحيث يتذكر جهاز المناعة الميكروب المُمْرض فيقوم بمهاجمته والقضاء عليه فورا عندما يدخل الجسم في المرة اللاحقة.
وقال البيان إن اللقاح -عند اختباره على الفئران- ينتج أجساما مضادة خاصة بفيروس كورونا بكميات يعتقد أنها كافية لتحييد الفيروس. ويتم إيصال اللقاح للجسم عبر لصقة بحجم طرف الإصبع.
كما توصل علماء من جامعة Southampton البريطانية، إلى تحديد مركز قوة فيروس كورونا والطريقة، التي يعتمدها لمهاجمة الخلايا حتى الموت دون أن يقاومه جهاز المناعة لدى الإنسان، لافتين إلى دور النتوءات الموجودة حول جسد الفيروس في تحوله إلى فيروس قاتل.
وأضاف العلماء: “كورونا يعتمد على النتوءات البارزة في هيكله كما المسامير والأشواك، والتي تمكنه من التمسك بالخلية ليمعن فيها انتهاكا حتى تموت، وهو يغطي تلك النتوءات بالسكريات، ليتجه إلى الخلية من دون أن يعترضه جهاز المناعة، ومن دون هذا التنكر، لما كان كورونا شيئا ولما كان له هذا الخطر”، عارضين خلال شرحهم نموذج ثلاثي الأبعاد عن الفيروس، الذي ظهر لأول مرة في مدينة ووهان الصينية نهاية العام الماضي، قبل أن يتنشر إلى كافة أرجاء العالم.
كما لفت العلماء إلى أن الأبحاث، التي أجروها على الفيروس مكنتهم من اكتشاف أنه فيروس ضعيف جدا، ولا حماية له من جهاز المناعة البشري، كما بقية الفيروسات، إلا بالخداع والتحايل وانتحال شخصية تجعله كالذئب بثياب حمل، على حد وصفهم، حيث أضاف البروفسور Max Crispin المشرف على عمل الفريق المنتدب من الجامعة: “كورونا المستجد يستخدم نتوءاته العاملة كالملاقط والمسامير ليمسك بالخلية، وأنه يخفي حقيقتها الفيروسية بغلاف من سكريات Glycan تختفي وراءها بروتيناته، وبهذه الطريقة لا يعتبره جهاز المناعة معادياً فيدخل إلى الجسم”.
إلى جانب ذلك، أوضح البروفسور أن إحدى النتائج الرئيسية، التي توصلت إليها أبحاث الفريق العلمي، هي أنه برغم عدد السكريات، التي تغطي حقيقة كورونا الفيروسية، فإنه يبقى غير محمي كبعض الفيروسات الأخرى وهو ما قد يساعد في التوصل إلى علاج فعال، فيما لو تم تعطيل عمل نتوءاته، ثم وصف عمل الفيروس بأنه كر وفر من شخص إلى آخر.
وتأتي تصريحات الفريق الطبي البريطاني في وقت تتنافس فيه شركات الأدوية العالمية والحكومات على مستوى العالم للوصول إلى عقار أو علاج للوباء، الذي صنفته منظمة الصحة العالمية على أن وباء عاملي، بعد أن ضرب مختلف أنحاء العالم، وسط توقعات بأن تتجاوز معدلات الإصابة ملايين البشر.