بات الخفاش هو المسؤول الأول عن التهديد الذي يحيق بالبشرية اليوم بسبب فيروس كوورنا المستجد الذي أصاب حتى اليوم أكثر من مليون ونصف إنسان وشارف عدد ضحايا على الاقتراب من مئة ألف ضحية.
لكن السؤال الذي يتراود في أذهاننا جميعاً هو هل عرف العلماء سابقاً المرض الذي يتسببه الخفاض والذي بات يعرف اليوم بـ “كوفيد-19″؟.
يعتبر خفاش حدوة الحصان أحد أنواع الخفافيش المنتشرة في معظم أنحاء ومناطق جنوب آسيا، وفي مناطق جنوب ووسط الصين، وفي جنوب شرق آسيا، المسؤول الأبرز عن إنتاج فيروس كورونا المستجد المتسبب لمرض كوفيد -19.
في عام 2013، عثر العلماء على ما يعتقدون أنه فيروس كورونا المستجد لكن الأمر تعرض لإهمال خطير، حيث عثر حينها فريق علمي من معهد ووهان للفيروسات بالصين على آثار للفيروس المسبب لمرض كوفيد-19 في عينة براز للخفافيش كان قد تم رفعها من أحد الكهوف بالصين، وفقا لما جاء في مقال لمات ريدلي، العضو في مجلس اللوردات البريطاني والمؤلف للعديد من الكتب العلمية، نقلته صحيفة “وول ستريت جورنال”.
وأتت تلك النتائج عندما كان العلماء يبحثون عن جذور مرض السارس القاتل، ما يعني أنا فيروس كورونا المستجد كان موجود سابقاً وتقول فرق علمية أنه موجود منذ 40 عاماً إلاّ أنه لم ينتشر حتى هذا العام، فقد كان فريق العلماء فيما يبدو يجمع في الغالب عينات لبراز من نوع خفافيش مشابه جداً لخفاش حدوة الحصان لكن بأجنحة أقصر قليلاً، يسمى خفاش حدوة الحصان الصيني الأصهب، وذلك في إطار بحث علمي عن أصل الفيروس المسؤول عن وباء “سارس” الذي انتشر بين عامي 2002 و2003، وعلى الرغم مما توصل له هذا البحث، إلا أنه تم تجاهله إلى حد كبير.
ووجد الفريق العلمي في كهف شيتو، جنوب كونمينغ عاصمة يونان في الصين، فيروسات في فضلات الخفافيش، تشبه فيروس “سارس” عند البشر بنسب كبيرة، خاصة عند المقارنة مع أي عينات تم جمعها من الثدييات الصغيرة، التي كان يُفترض حتى ذلك الحين أنها مصدر العدوى للبشر.، وبالعودة إلى المختبر، وجد فريق العلماء أن أحد الفيروسات من فضلات الخفافيش، ويسمى WIV1، يمكن أن ينمو ويتكاثر في خلايا القردة والخلايا البشرية الخاصة بتنشيط مُستقبل بروتين أو جين يسمى ACE2. ويوجد هذا الجين على سطح الخلايا البشرية، وهو يقلل من ضغط الدم والالتهاب، ولكنه يعمل أيضاً كبوابة للخلية تجعل الفيروس يدخل إليها بسهولة، بما يعني أن البشر يمكن أن يصابوا بعدوى فيروس “سارس” مباشرة من فضلات الخفافيش.
وفي عام 2016، اكتشف العالم رالف باريك وزملاؤه في جامعة نورث كارولينا أن فيروس الخفافيش نفسه يمكن أن يصيب فئران التجارب الحية، والتي تم هندستها وراثياً بحيث تحاكي الجين البشري لمستقبلات ACE2.
وعند تفشي عدوى كوفيد-19، تم تركيز الأبحاث على البنغول وهي ثدييات تسمى أكلات القرش المتقشرة. ويبدو أن التحليلات المبكرة لنسخة الفيروس في عينات من البنغول تشير إلى أنها كانت أكثر ارتباطاً بالنسخة البشرية من عينة خفاش حدوة الحصان.
يذكر أن الاتجار بشكل غير قانوني بالبنغول لأغراض الطب الصيني التقليدي يجعل الكثيرين على اتصال بالحيوانات المريضة، وقبل أكثر من عام بقليل، صادر ضباط مكافحة التهريب في قوانغدونغ 21 بنغولاً حياً واردة من مالي كانت بطريقها لأسواق الصين، وعلى الرغم من أفضل الجهود التي يبذلها مركز إنقاذ الحياة البرية المحلي، توفي 16 منها بسبب تورم وانتفاخ الرئتين نتيجة لفيروس كورونا.
ولا يوجد ما يؤكد حتى الآن على وجود دور لثدييات البنغول في تفشي جائحة كورونا، ولكن بإلقاء نظرة فاحصة على المزيد من جينوم فيروس كورونا، والذي نشره الأسبوع الماضي باحثون من جامعة بنسلفانيا ستيت وجامعة غلاسكو، بالتعاون مع زملائهم الصينيين والأوروبيين، تبيّن وجود ارتباط بين النسخة البشرية من الفيروس بشكل وثيق مع عينة خفافيش حدوة الحصان، التي يرمز لها بـRaTG13.. ومن غير الممكن حتى الآن معرفة ما إذا كان الفيروس انتقل من الخفافيش إلى ثدييات البنغول ومنها إلى البشر، أو من الخفافيش إلى البنغول ومن الخفافيش إلى الإنسان بشكل متوازٍ.
وتوصلت فرق البحث العلمية إلى نتائج مبهرة اعتبرها البعض أنها مثيرة للجدل، وتحمل فرق علمية قديمة تجاهل مثل تلك الاكتشافات في عالم الفيروسات، حيث إن نفس التحاليل المختبرية كشفت أن أحدث سلف شائع لفيروس كورونا البشري، في فضلات خفافيش حدوة الحصان، عاش منذ 40 عاماً على الأقل، مما يعني أن العدوى الأولى لم تكن في كهف يونان الذي يبعد نحو 1000 ميل عن ووهان الذي بدأ تفشي الوباء منها. وتثير تلك النتائج شكوك وتخمينات بأنه ربما هناك مكان ما أقرب بكثير من ووهان هو الذي انتقلت منه العدوى أو أن هناك مستعمرة أخرى من الخفافيش تحمل نفس النوع من الفيروسات.