تقدير موقف
الملخص التنفيذي:
مع عودة الرئيس الأمريكي السابق “دونالد ترامب” إلى البيت الأبيض، تتجه الأنظار نحو إيران، التي تكرر ذكرها خلال حملات ترامب الانتخابية، حيث توعد طهران بسياسة عقابية أكثر حسماً من تلك التي اتبعتها إدارة الرئيس “جو بايدن”، وتم توجيه أصابع الاتهام لإيران في تدبير محاولة اغتيال “ترامب” خلال فترة سير الحملات الانتخابية، بالمقابل أعلنت طهران في أكثر من مناسبة أنها لا تهتم بمن يشغل منصب الرئاسة في واشنطن، وأكد الرئيس الإيراني “مسعود بزشكيان” أن نتائج الانتخابات الأمريكية لن تغير من أولويات إيران التي تركز على تطوير العلاقات مع الدول الإسلامية والدول المجاورة، في إشارة إلى السعي الإيراني لتعزيز علاقاتها مع السعودية، حيث أعيدت العلاقات الدبلوماسية بينهما في نهاية 2023 بواسطة صينية. وبعد ذلك زار وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجشي الرياض حيث التقى بولي العهد محمد بن سلمان.
تحاول هذه الورقة الوقوف عند أهم التحديات التي تواجهها إيران مع عودة الرئيس ترامب إلى البيت الأبيض، وما الذي تغير بين ولاية ترامب الأولى والثانية؟ وهل تستطيع إيران التغلب على هذه التحديات وتحويلها إلى فرص يمكن الاستفادة منها؟ من خلال المحاور التالية:
المحاور:
- المدخل
- ما المتوقع في الولاية الثانية لترامب؟
- هل تلجأ إيران إلى الدبلوماسية؟
- التحديات أمام استراتيجية الدفاع الإيرانية!
- النتيجة
المدخل
تبنى ترامب استراتيجية “الضغوط القصوى” ضد طهران خلال ولايته الأولى 2017/2021، بعد أن انسحب من الاتفاق النووي المبرم في العام 2015 معها، والمعروف باسم “خطة العمل الشاملة المشتركة” في 8 مايو/أيار 2018، وأعاد فرض العقوبات الأمريكية عليها من جديد في 7 أغسطس/آب من العام ذاته. ونتيجة ذلك بدأت إيران تخصيب اليورانيوم بدرجات عالية منذ العام 2021، ووصلت إلى 60% مع امتلاك أكثر من 180 كجم من اليورانيوم المخصب.
وترى الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن طهران بحاجة من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع فقط لتخصيب اليورانيوم بنسبة 90% لصنع قنبلة نووية واحدة؛ وفي حال استمر التخصيب، يمكنها إنتاج أربع قنابل! فيما تصر إيران على أن برنامجها النووي مخصص للطاقة المدنية فقط.
وأدت العقوبات الأمريكية إلى تراجع الاقتصاد الإيراني بشكل كبير، حيث انهارت العملة الإيرانية إلى مستوى غير مسبوق بـ 703 آلاف ريال مقابل الدولار، مقارنة بـ 32 ألفاً عند توقيع الاتفاق النووي في العام 2015. وبلغ التضخم ما نسبته 33.6% مما يعكس الضغوط الاقتصادية الحادة.
وأدت سياسة “الضغوط القصوى” التي اعتمدها ترامب إلى تأجيج الاحتجاجات ضد النظام الإيراني، لكنها لم تؤثر بشكل مباشر على سياسات النظام مع احتمالية عودة ترامب، تعززت آمال المعارضين بحدوث تغييرات جذرية، رغم تأكيد ترامب عدم سعيه لتغيير النظام الإيراني.
ما المتوقع في الولاية الثانية لترامب؟
في الولاية الثانية لترامب من المتوقع أن تعود سياسة الضغط القصوى على إيران، حيث سبق أن تعرضت إدارة بايدن لانتقادات بسبب تخفيفها بعض القيود على صادرات النفط الإيرانية رغم إبقاء العقوبات، حيث ارتفعت صادرات النفط الإيرانية من أقل من (500) ألف برميل يومياً خلال 2019/2020 إلى (1.6) مليون برميل يومياً في 2024. ومن الوارد أن يعود الرئيس الأمريكي لسياسة تصفير الصادرات الإيرانية.
وحذر “مايك والتز” مرشح دونالد ترامب لمنصب مستشار الأمن القومي إيران من مغبة الاستمرار في “دعم الإرهاب”. وكتب في منشور على منصة أكس أن النظام الإيراني “هو السبب الأساسي للفوضى والإرهاب الذي انتشر في جميع أنحاء المنطقة”. وأضاف قوله: “لن نتسامح مع الوضع الراهن المتمثل في دعمهم للإرهاب”.
وقال والتز إن “انتصار دونالد ترامب الساحق (في الانتخابات) أرسل رسالة واضحة إلى بقية العالم، مفادها، أن الفوضى لن يتم التسامح معها”. وأوضح: “طالما أن الأموال تتدفق إليهم، فلن ينعم الشرق الأوسط بالسلام أبدًا. فإيران لا تريد أن ينعم الشرق الأوسط بالسلام”.
وأضاف أن الصين تشتري 90 % من النفط الإيراني غير المشروع. فقد كانت إيران تصدر نحو 4 ملايين برميل يوميا، في عامي 2017 و2018 تقريباً، وبحلول نهاية الولاية الأولى لترامب، انخفض هذا الرقم إلى نحو 300 إلى 400 ألف برميل يومياً.
بالمقابل قد تعمل الإدارة الجمهورية الجديدة على دعم إسرائيل من أجل الحفاظ على التفوق العسكري الإسرائيلي على إيران مع التركيز على قيام إسرائيل بتدمير الدفاعات الإيرانية وتزايد الدعوات الغربية لضرب المنشآت النووية الإيرانية، قد يعزز ترامب دعمه لإسرائيل في توجيه ضربة، مع استمرار سياسته للضغوط القصوى.
هذه السياسة قد تشمل استهداف قيادات إيرانية، كما حدث في اغتيال قاسم سليماني في العام 2020، إلى جانب إضعاف النفوذ الإقليمي لإيران ومواجهة أذرعها المسلحة مثل الحوثيين وحماس.
وعلى صعيد السياسة الدولية، قد يسعى ترامب لإنهاء الحرب في أوكرانيا عبر توقيع صفقة مع روسيا، قد تؤثر هذه الصفقة بشكل أو بآخر على إيران، إذ إن التعاون العسكري الإيراني مع روسيا قد يصبح محور نقاش في المفاوضات الدولية، مما قد يهدد مصالح إيران إذا استخدمت روسيا هذه الورقة لتعزيز موقفها التفاوضي مع الغرب.
ومن المحتمل أن توافق روسيا على تقليص التعاون العسكري مع إيران مقابل تنازلات أمريكية أو أوروبية في الحرب الأوكرانية أو العقوبات المفروضة عليها، بالمقابل قد تضغط روسيا على إيران لتقديم تنازلات تتعلق ببرنامجها النووي أو أنشطتها الإقليمية مقابل الحصول على مزايا من الغرب.
في حملته الانتخابية أكد ترامب على منع إيران من تطوير أسلحة نووية؛ كما أشار إلى اتفاقيات “أبراهام” التي وقعت خلال ولايته الأولى وطبعت العلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية كإنجاز رئيسي. وصرح ترامب بأنه يسعى لإشراك إيران ودول أخرى في هذه الاتفاقيات لتحقيق سلام أوسع في المنطقة.
أمام هذا الواقع تواجه إيران معضلة انهيارها الاقتصادي، حيث يؤدي نقص الوقود وانقطاع التيار الكهربائي إلى تفاقم الأزمة، مما يترك إدارة الرئيس “مسعود بيزيشكيان” للتنقل في مشهد هش بشكل متزايد. وأعطى بيزيشكيان، الإصلاحي المنتخب في يوليو/أيلول 2024، الأولوية للحد من التوترات مع الغرب وتحقيق تخفيف العقوبات لاستقرار الاقتصاد الإيراني.
وأكد “ماسيج ووجتال” كبير مسؤولي الاستثمار في شركة (أمتيلون كابيتال) على أهمية العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران مضيفاً أن “الحد من التوتر مع الولايات المتحدة أمر ضروري لاستقرار إيران الاقتصادي. لقد أرسلت الحكومة الجديدة رسائل واضحة، تشير إلى استعدادها للتفاوض وهو تحول عن استراتيجيتها المعتادة المتمثلة في تصعيد تخصيب اليورانيوم كوسيلة ضغط”.
وأدت تحديات البنية التحتية التي تواجهها طهران إلى زيادة الاعتماد على واردات الوقود وانقطاع التيار الكهربائي، مما أدى إلى تفاقم الضغوط التضخمية. وقد يواجه قطاع النفط الإيراني اضطرابات كبيرة إذا أعاد ترامب فرض العقوبات الصارمة.
وحذر “جون إيفانز” المحلل في شركة (بي في إم) “أويل أسوشياتس” قائلاً: “ستكون صادرات النفط الخام الإيرانية على رأس قائمة العقوبات، وسوف تكون القواعد مماثلة لتلك التي تم تجربتها خلال رئاسة ترامب الأولى”.
وفي حين شهدت صادرات النفط الإيرانية انتعاشاً في السنوات الأخيرة بسبب انخفاض تطبيق العقوبات في ظل إدارة بايدن، فإن استراتيجية الضغط الأقصى المتجددة قد تعكس هذه المكاسب.
هل تلجأ إيران إلى الدبلوماسية؟
تواجه إيران تحديات كبيرة في التعامل مع الأطراف الدولية والإقليمية خاصة في ظل خطابها المزدوج بين التصعيد والدبلوماسية! فيما يرى مراقبون أن نجاح طهران في تجاوز هذه المرحلة يعتمد على قدرتها في تحقيق توازن دقيق بين الردع العسكري والانفتاح الدبلوماسي.
وتعول طهران على الترويكا الأوروبية لاستعادة مسار المفاوضات النووية رغم التجارب السابقة التي لم تثمر عن نتائج ملموسة. وتظهر إيران انفتاحها على تقديم تنازلات محدودة إذا توافرت ضمانات حقيقية من الدول الأوروبية، من جهة أخرى تستخدم إيران التوترات الإقليمية كورقة ضغط لتحصيل مكاسب في المحادثات رغم قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأخير الذي انتقد نقص التعاون الإيراني.
ودعت إيران الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إلى تغيير سياسة “الضغوط القصوى” واعتماد نهج جديد في التعامل معها، وقال نائب الرئيس الإيراني للشؤون الاستراتيجية محمد جواد ظريف: “يجب على ترامب أن يظهر أنه لا يتبع سياسات الماضي الخاطئة”، مضيفاً: “كرجل حسابات عليه أن يقوم بالحسابات ويرى ما هي مزايا وعيوب هذه السياسة وما إذا كان يريد الاستمرار في هذه السياسة الضارة أو تغييرها”.
فيما قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية “اسماعيل بقائي” إن فوز ترامب يمثل “فرصة لمراجعة وإعادة النظر في المقاربات الخاطئة السابقة” لواشنطن. ولا يستبعد محللون ومصادر مطلعة في إيران إمكانية حدوث انفراج بين طهران وواشنطن في عهد ترامب، ولكن دون استعادة العلاقات الدبلوماسية. وقال المحلل المقيم في طهران “سعيد ليلاز” “ستتصرف إيران على أساس مصالحها الخاصة ومن الممكن إجراء محادثات سرية بين طهران وواشنطن. وإذا تلاشت التهديدات الأمنية للجمهورية الإسلامية، فإن أي شيء ممكن”.
وفي خطوة تبدو وكأنها تأتي من باب الاستعداد لعودة ترامب، أظهرت إيران علامات على البراغماتية حيث وافقت على تخفيض إنتاج اليورانيوم المخصب، وتم تعيين عباس عراقجي الدبلوماسي المخضرم على الاتفاق النووي لعام 2015، ليقود فريق السياسة الخارجية الإيراني، مما يشير إلى الاستعداد للحوار.
ولكن اختيارات ترامب للوزراء شملت حلفاء أقوياء لإسرائيل ودعاة نهج متشدد تجاه إيران، تشكل تحديات لأي اتفاق محتمل، ولذلك يذهب مراقبون إلى التأكيد على أنّ إيران بحاجة إلى قناة مباشرة مع ترامب للتغلب على مقاومة النظام البيئي المناهض لإيران الذي ينتمي إليه ترامب.
بالمقابل فإن المشهد الإقليمي قد تغير عن عهد ترامب السابق، فقد قامت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، اللتان دعمتا استراتيجية الضغط الأقصى فيما سبق، بتحسين العلاقات مع إيران، وقد يؤدي هذا التقارب، الذي تدعمه اتفاقية بوساطة الصين إلى تعقيد قدرة ترامب على حشد الدعم الإقليمي ضد طهران.
وتذهب بعض التحليلات إلى أن وصول ترامب إلى البيت الأبيض مرة أخرى، قد يمثل فرصة أمام إيران، إذ يتوقع مراقبون أن تؤدي سياسة ترامب الانعزالية إلى تغييرات كبيرة في موازين القوى العالمية، مما يمنح الدول المناهضة للولايات المتحدة، فرصة لتعزيز شراكتها ضد مصالح واشنطن، وتتحدث تحليلات عن ارتباط واضح بين تحركات هذه الدول التي تبدو وكأنها تعمل في تناغم لتحقيق أهداف مشتركة، فمثلا كوريا الشمالية تقدم دعماً عسكرياً لروسيا ضد أوكرانيا، وتستهدف إيران سفناً في البحر الأحمر بدعم وكلائها. بالمقابل تواصل الصين شراء النفط الإيراني، ما يدعم الاقتصاد الإيراني رغم العقوبات. هذا التعاون يعكس نمطاً متزايداً من التنسيق ضد الولايات المتحدة، ومن المحتمل أن يزداد إذا اتجهت واشنطن إلى مزيد من العزلة تحت قيادة ترامب.
التحديات أمام استراتيجية الدفاع الإيرانية!
شهد العام 2024 لأول مرة هجمات متبادلة مباشرة بين إسرائيل وإيران، وبعد وصول ترامب إلى السلطة مرة أخرى، يعتقد مراقبون أن إيران باتت بحاجة إلى تعديل استراتيجيتها الدفاعية لمواجهة أي هجوم محتمل من إسرائيل أو الولايات المتحدة على منشآتها النووية. وتعتمد هذه الاستراتيجية على ثلاثة محاور رئيسية، هي الصواريخ بعيدة المدى، والميليشيات الإقليمية مثل حزب الله. والبرنامج النووي كوسيلة ردع، لكن خلال الأشهر الأخيرة تعرض اثنان من هذه المحاور لضربات كبيرة، حيث تم إضعاف حزب الله بعد اغتيال قياداته الرئيسية أدت إلى فقدان خبرات استراتيجية مهمة.
يقول “فابيان هينز” من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (IISS) إن الهجمات الإسرائيلية استهدفت عنق الزجاجة في عملية تصنيع الصواريخ بعيدة المدى، ما جعل إيران غير قادرة على إنتاجها بكميات كبيرة. وتشير التقديرات إلى أن إيران تمتلك حوالي (3000) صاروخ، ولكن تم استخدام (330) منها بالفعل. هذه المحدودية مع تراجع قوة حزب الله من شأنها إضعاف قدرة إيران على الردع.
ونتيجة تراجع قوة الميلشيات الإيرانية قد يصبح البرنامج النووي المحور الأساسي لاستراتيجية إيران. لكن هذا التوجه يجعل المنشآت النووية الإيرانية هدفاً مباشراً لإسرائيل. وهنالك خيار آخر يتمثل في تقليل التصعيد وفتح قنوات تعاون مع الغرب.
الرئيس الإيراني الجديد، مسعود بزشكيان، ابدى انفتاحاً على التفاوض. ومع ذلك يبقى من غير المؤكد ما إذا كانت الإدارة الأمريكية المقبلة بقيادة ترامب ستستجيب لهذه المبادرات.
ويبدو أن إيران تعيد ضبط استراتيجيتها الإقليمية بعد فوز دونالد ترامب في الانتخابات وإضعاف وكيلها حزب الله، حسبما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز استناداً إلى مصادر متعددة مطلعة على عملية صنع القرار في طهران.
وفي تحول ملحوظ عن موقفها العدواني المعتاد، اتخذت طهران عدة خطوات دبلوماسية تصالحية؛ وتشمل هذه الإجراءات إرسال مسؤول كبير إلى بيروت في منتصف نوفمبر لتشجيع حزب الله على قبول وقف إطلاق النار مع إسرائيل، واجتماع سفيره لدى الأمم المتحدة مع “إيلون ماسك” الذي يُنظر إليه على أنه محاولة لإنشاء قنوات اتصال مع دائرة ترامب.
وقال “سيد حسين موسويان” الدبلوماسي الإيراني السابق الذي يعمل الآن في جامعة برينستون: “تمارس إيران الآن ضبط النفس لمنح ترامب فرصة لمعرفة ما إذا كان بإمكانه إنهاء حرب غزة واحتواء نتنياهو”.
وقال سبعة مسؤولين إيرانيين من بينهم مسؤول في الحرس الثوري الإسلامي لصحيفة نيويورك تايمز إن فوز ترامب في الانتخابات دفع إلى هذا التحول الاستراتيجي. وأشاروا إلى مخاوف بشأن تجدد المواجهة مع الإدارة التي اتبعت في السابق حملة “أقصى قدر من الضغط” ضد إيران.
ويأتي هذا التغيير في النهج أيضاً في أعقاب الخسائر الكبيرة التي تكبدها حزب الله في مواجهته مع إسرائيل. ووفقاً لتقارير وسائل الإعلام الإيرانية، هناك استياء متزايد بين المجتمعات الشيعية اللبنانية النازحة التي تتطلع تقليدياً إلى إيران طلباً للحماية.
وقدّم “مهدي أفريز” مدير الأبحاث في جامعة باقر العلوم تقييماً صريحاً عندما قال: “اتصل أصدقاؤنا من سوريا وقالوا إن اللاجئين الشيعة اللبنانيين الذين يدعمون حزب الله يشتموننا صعوداً وهبوطاً، أولاً إيران، ثم الآخرين. كما أثرت التحديات الداخلية التي تواجهها إيران على هذا التحول.
يواجه الحوثيون أيضاً مخاوف مماثلة مع عودة ترامب، ويرى مراقبون أن سياسة واشنطن تجاه الحوثيين “ستكون بالضرورة حازمة، ولكنها ستكون متدرجة باتخاذ عقوبات أقصى عليهم، والحد من مواردهم المالية، ناهيك عن التوقعات بإعادة تصنيفهم كمنظمة إرهابية”، وسيعمل ترامب بحسب التحليلات على عزل الحوثيين دبلوماسياً وسياسياً ومالياً من خلال فرض عقوبات تستهدف تجفيف مواردهم المالية بدلاً من التصعيد العسكري.
ومن ضمن الخطوات المتوقعة إعادة تقييم شاملة للمساعدات الأميركية لليمن، لا سيما في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين مما قد يؤدي إلى تخفيضات كبيرة في التمويل، إذ إن الولايات المتحدة هي الممول الأول لخطة الاستجابة الإنسانية الأممية لليمن.
ولكن إذا ما استمر الحوثيون في مهاجمة حركة الملاحة العالمية، فمن المرجح أن توجه واشنطن ضربات مباشرة أو بعيدة المدى ضد قيادات الحوثيين كوسيلة للردع، ورغم تأكيد ترامب تجنب شن الحروب واسعة النطاق، إلا أن سجله في إدارته الأولى تضمن تصفية قائد فيلق القدس قاسم سليماني بالعراق، وهو ما قد يعني استعداده لاستخدام القوة لحماية المصالح الأميركية دون الانخراط في صراع طويل الأمد.
وعلى غرار ما يتوقع أن يحدث في حرب أوكرانيا بأن يطالب ترامب حلف الناتو والاتحاد الأوروبي بتولي دور أكبر، سيطالبهم أيضاً بدور أكبر في عمليات البحر الأحمر، خاصة وأن ممرات الملاحة والتجارة في هذه المنطقة تؤثر على أوروبا والصين أكثر من الولايات المتحدة، وسيدعو إلى مساهمات دولية أكبر لتأمين هذه الطرق التجارية الحيوية. وستأخذ الأمور منحى أكثر تصعيداً إذا تم استهداف المصالح أو الأشخاص الأمريكيين بشكل مباشر من قبل الحوثيين.
النتيجة
مما سبق نستنتج ما يلي:
- عودة ترامب إلى البيت الأبيض قد تشكل تحدياً كبيراً لإيران، لكنها في الوقت ذاته تفتح الباب أمام فرص تفاوضية جديدة إذا أظهرت طهران مرونة أكبر في سياساتها.
- نجاح إيران في مواجهة هذا التحدي يعتمد على قدرتها على تحقيق توازن دقيق بين الردع العسكري والانفتاح الدبلوماسي.
- صحيح أن إيران تسعى إلى تحسين علاقاتها مع دول الجوار وخاصة دول الخليج، إلا أن العلاقات بين هذه الأطراف وإيران ما زالت بحاجة إلى الكثير من الوقت كي تثمر عن خطوات جدية نحو الثقة والانفتاح.
- قد تشعر أيران خلال ولاية ترامب بضرورة تقديم العديد من مبادرات حسن النية لدول الخليج كالعمل على لجم الحوثيين، والامتناع عن الإضرار بأمن الملاحة العالمي.
- تشجيع إيران لحزب الله على التحول إلى حزب سياسي طبيعي في لبنان. هذا الأمر الذي قد يساهم في كسر عزلة إيران الإقليمية ويمنحها خيارات إضافية للصمود في وجه التغيرات القادمة.
المراجع:
- موقع (الحرة) في 25 نوفمبر 2024
- صحيفة (spiegel) الألمانية في 9 نوفمبر 2024
- موقع (tacticalreport.com) في 27 نوفمبر 2024
- موقع (سكاي نيوز) في 26 نوفمبر 2024
- موقع (دويتشه فيله) في 9 نوفمبر 2024
- مركز (الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية) في 25 نوفمبر 2024