تتوالى ردود الأفعال الدولية المرحبة بالمبادرة السعودية للسلام في اليمن، والتي أعلن عنه وزير الخارجية السعودي، “فيصل بن فرحان آل سعود” وقال إنها تهدف بالمقام الأول إلى إحلال السلام في البلاد، بعد أكثر من 7 سنوات من الحرب.
وبحسب الإعلان السعودي، فإن المبادرة تضمنت، وقف إطلاق نار في عموم اليمن، على أن تتولى الأمم المتحدة الإشراف على إلتزام الأطراف اليمنية بالاتفاق، بالإضافة إلى استئناف للمفاوضات بين الحكومة اليمنية وميليشيات الحوثي، كما تتضمن إعادة فتح مطار صنعاء والسماح باستيراد الوقود والمواد الغذائية عبر ميناء الحديدة.
بنود ضرورية وخطوات مطلوبة
ضمن عرض موقف بلاده من المبادرة السعودية، يرى وزير الخارجية البريطاني، “دومينيك راب”، أن المبادرة تتضمن أمرين ضروريين، وهما وقف إطلاق النار واتخاذ إجراءات لتخفيف القيود المفروضة على وصول المساعدات الإنسانية، معبراً عن ترحيب بلاده بالمبادرة عبر حسابه في موقع تويتر.
كما يشير “راب” إلى أن السعودية، التي تقود تحالف دعم الشرعية في اليمن، قدمت خطوة باتجاه السلام، معتبراً أن الوقت حان الآن، ليقدم الحوثيون خطوات مماثلة نحو السلام وإنهاء معاناة الشعب اليمني.
الإعلان السعودي يتزامن مع تحذيرات الأمم المتحدة من بداية تحول اليمن إلى دولة فاشلة وتصاعد معدلات الجوع، لافتةً إلى أنه من المستحيل أن يتعافى اليمن في ظل استمرار ظروف الحرب.
في ذات السياق، يصف وزير الخارجية الأردني، “أيمن الصفدي”، مبادرة السعودية بأنها طرح متكامل منسجم مع قرارات الشرعية الدولية للتوصل إلى اتفاق سياسي شامل، مؤكداً على أن بلاده ستتخذ موقفاً داعماً للمبادرة المطروحة.
إلى جانب ذلك، تلفت نائبة المتحدث باسم الخارجية الأميركية، ” غالينا بورتر”، إلى أن الولايات المتحدة ستدعم المباردة، وأنها تثق بالتزام السعودية والحكومة اليمنية بوقف إطلاق النار وعملية سياسية في اليمن، مضيفةً: “”ندعو كل الأطراف اليمنية إلى وقف إطلاق النار بشكل فوري، وبدء محادثات برعاية الأمم المتحدة، لتخفيف معاناة الشعب اليمني والانتقال إلى عملية سياسية بقيادة يمنية”.
يشار إلى أن كل من قطر والإمارات ومصر والبحرين ومجلس التعاون الخليجي والسودان والكويت والاتحاد الأوروبي وجيبوتي قد أعلنت ترحبيها بالمبادرة ودعمها، في ظل ما يمر به اليمن من أوضاع صعبة.
سلام ذي معزى لأكبر أزمة إنسانية في العالم
تعليقاً على المبادرة، يرى العضو الجمهوري في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي، “جيم ريش” أن الخطوة السعودية تساعد على تعزيز جهود الولايات المتحدة بطرح عملية تسوية سياسية شاملة في اليمن للوصول إلى سلام كامل، مشدداً على أن الكرة الآن في ملعب الميليشيات الحوثية والداعم الإيراني، المطالبين حالياً بإثبات جديتهم في تحقيق سلام ذي مغزى.
يذكر أن المجلس النرويجي للاجئين، كشف أن مئات المنازل السكنية تعرضت للدمار الكامل منذ كانون الثاني الماضي، بسبب العمليات العسكرية والحرب، محذراً من تعرض نحو 700 ألف يمني للنزوح القسري عن منازلهم وقراهم حتى نهاية العام الجاري في حل لم تتوقف عجلة القتال في البلاد.
كما سبق للأمم المتحدة أن كشفت عن إحصائيات صادمة في اليمن، منذ بداية الانقلاب الحوثي في اليمن، عام 2014، مبينةً أن الحرب تسببت بمقتل عشرات الآلاف المدنيين ونزوح الملايين، في حين وصلت معدلات الفقر في البلاد إلى 80 في المئة من سكان اليمن البالغ عددهم 29 مليونا، وأنه النسبة العظمى من اليمنيين باتوا يعتمدون على المساعدات في إطار أكبر أزمة إنسانية على مستوى العالم
إيران ترحب والحوثيين يسبحون عكس التيار
على الرغم من إبداء إيران ترحيبها بالمبادرة، إلا أن الحوثيين يتخذون موقفاً سلبياً منها، حيث يعتبر كبير المفاوضين الحوثيين، “محمد عبد السلام”، أنها لم تقدم أي جديد بالنسبة لهم، على حد وصفه، في إشارة إلى أنهم لن يقبلوا ببنودها ونصوصها، لافتاً في الوقت ذاته، إلى أن الحوثيين سيستمروا في المحادثات التي تسضيفها عمان.
كما يعيد “عبد السلام” شروط الحوثيين لوقف إطلاق النار، بإنهاء الحصار الجوي والبحري على اليمن، بالإضافة إلى فتح المطارات والموانئ، التي اعتبرها حق إنساني ويجب ألا يستخدم كأداة ضغط.
موقف ميليشيات الحوثي وكما يراه المحل السياسي، “صالح الهلالي”، عبارة عن سباحة عكس التيار الدولي، مضيفاً: “تصريحات كبير المفاوضين الحوثيين تعكس أنه لم يطلع على المبادرة ورفضها بشكل اعتيادي وتلقائي، على اعتبار أن الشروط التي ذكرها في تلك التصريحات، موجودة في المبادرة السعودية من خلال الإشارة إلى ميناء الحديدة ومطار صنعاء، وبالتالي فإن الموقف المعلن من الحوثيين هو موقف عبثي، ويعكس عدم رغبة في إنهاء الحرب، وأن الميليشيات تتخذ شروط غريبة وغير مدروسة”.
في ذات السياق، يشير “الهلالي” إلى أن الحوثيين يبحثون عن تحسين شروط التفاوض في أي عملية تفاوضية مع الحكومة الشرعية، خاصة بعد فشل هجومها الأخير على مأرب، والذي يبدو أنه كان جزءاً من سياسة تحسين الشروط، لا سيما وأن إدارة الرئيس الأمريكي، “جو بايدن” حددت موقفها بشكل واضح من الأزمة اليمنية، بأن الحل سيكون سياسياً.
كما يلفت “الهلالي” إلى أن ترحيب إيران ورفض الحوثيين، يهدف إلى إظهار كعنصر داعم السلام بعد سنوات من تصنيفها كطرف في الأزمة، مشيراً إلى أن إيران ستعمل على الظهور بأنها مارست ضغوط على الحوثيين لقبول التفاوض، بما يساعدها على طرح نفسها كراعٍ للمفاوضات وليس داعم لطرف يعتبر الطرف الرئيسي في الأزمة.