التقى في العاصمة السورية اليوم الجمعة وزير الخارجية الإيراني “محمد جواد ظريف” مع رأس النظام السوري “بشار الأسد” وتأتي زيارة ظريف إلى دمشق بعد انقطاع عام كامل، وسط انتشار الوباء في عموم الشرق الأوسط والعالم، وتعتبر إيران إحدى بؤر انتشار الوباء في الشرق الأوسط، بينما تتكتم إيران عن إعلان العدد الحقيقي للمصابين والضحايا، فإن دمشق تحذو حذوها فحتى الآن لم تعلن دمشق سوى عن بضع عشرات من المصابين، في حين أن حظراً كاملاً فرض على منطقتين في العاصمة واحدة منها وهي –السيدة زينب- تعتبر مقراً ومستقراً للمليشيات الإيرانية في سوريا، بينما تعتبر مدينة –التل- منطقة عبور ومرور لتلك المليشيات إلى لبنان وإلى الشمال السوري، والصحراء السورية شرقاً.
ونشر الحساب الرسمي للجمهورية العربية السورية على الفيس بوك، بياناً بشأن الزيارة الدبلوماسية للبلاد، جاء فيه؛ أن رأس النظام السوري أبدى “أسفه لتحول هذا الوباء إلى مجال للاستثمار السياسي من قبل بعض الدول في الغرب، وعلى رأسهم الولايات المتحدة التي تستمر بنهج فرض العقوبات على الدول رغم هذه الظروف الإنسانية الاستثنائية”، كما واعتبر الأسد أن “أزمة كورونا فضحت فشل الأنظمة الغربية أولا، وأخلاقيتها ثانيا”.
وفي الزيارة انتقد وزير الخارجية الإيرانية، استمرار العقوبات الأميركية على بلاده، معتبراً أن “أجندة الولايات المتحدة الحقيقية بشأن عدم رفع العقوبات الوحشية على الدول أثناء محاربتها لهذا المرض باتت جلية الآن”.
وتبقى الولايات المتحدة غير آبهة للدعوات الموجهة إليها من جهات كثيرة طالبة منها تعليق العقوبات على الدول التي تعاني بشدة من تبعات فيروس كورونا المستجد، مثل إيران.
وكانت الأمم المتحدة طلبت “تخفيف أو تعليق” العقوبات الدولية المفروضة على إيران ودول أخرى خلال هذه “المرحلة الحاسمة” في مواجهة وباء كوفيد -19.
وبحث المسؤولان أيضا التطورات السياسية في سوريا ومفاوضات أستانا التي ترعاها إيران إلى جانب روسيا وتركيا، فضلا عن الوجود التركي في شمال سوريا.
والتقى ظريف، الذي كان زار دمشق في شهر نيسان من العام الماضي، أيضا نظيره السوري وليد المعلم حيث بحثا، وفق البيان الصادر عن الخارجية السورية، “أهمية التنسيق المستمر وتبادل المعلومات والتجارب بين الجهات المعنية في البلدين لتعزيز القدرة على مواجهة مخاطر وتداعيات انتشار وباء كورونا، وتأمين ما يلزم من احتياجات ومستلزمات الوقاية والتشخيص والعلاج”.
وكانت إيران حتى وقت قريب لا يتعدى بضعة شهور تعتبر أن سورية إحدى محافظاتها، مستغلة العاطفة الدينية التي تربط –حديثاً فقط- المذهبين العلوي والشيعي ببعضهما لأهداف سياسيّة.
وتعبث المليشيات العسكرية الإيرانية واللبنانية والعراقية المدعومة من إيران والتي تتبع بشكل مباشر للحرس الثوري الإيراني في الأراضي السورية، لكنها فشلت في تشكيل مليشيا سورية داعمة للمشروع الإيراني في البلاد.
ماذا يريد ظريف من الأسد؟
لماذ يزور دبلوماسي إيراني رفيع المستوى كظريف سورية اليوم وسط هذه الظروف الدولية المضطربة، والمتخبطة؟.
كان ظريف يطالب عبر السنتين الماضيتين بتطهير محافظة إدلب الخارجة عن سيطرة الأسد ممن يصفهم بالإرهابيين، وعندها كانت إيران تؤمن للطيران الروسي دعماً برياً بجنود مرتزقة من كافة المناطق الموالية لها في الشرق الأقصى، لكن اليوم الأمر يتغير، فلم تعد لتلك المليشيات أهمية في موازين القوى الدولية، بعد أن استلمت روسيا وتركيا زمام الأمور في الشمال السوري.
لكن موازين جديدة تبرز كل يوم في سوريا، ما يعني أنه من الصعب التنبؤ على أي الشواطئ سترسو السفينة السورية بعد سنوات الحرب الماضية.
وتأتي زيارة ظريف وسط مؤشرات على تغيير روسيا لاستراتيجيتها في سوريا مع تذبذب سيطرة النظام على بعض المناطق التي استعادها، مثل درعا، بالإضافة إلى إدراك موسكو أن دعمها للأسد في المرحلة المقبلة سيصطدم بتوجهات المجتمع الدولي، وبالتالي تسعى طهران لاستغلال الفرصة من خلال زيارة ظريف لدمشق رغم ما تعانيه إيران من تفشٍّ واسع لفيروس كورونا.
وترجّح المصادر الدبلوماسية أن يحاول ظريف التأكيد على وجود ثقل إيراني في سوريا يوازي الثقل الروسي، بالإضافة للتشديد على تمسك طهران ببقاء الأسد.
وهذا هو المكيال الذي تلعب عليه إيران في قصر المهاجرين وسط العاصمة دمشق، -بقاء الأسد في السلطة- في الوقت التي بدأت وسائل الإعلام الروسية تزيد من دفعة الاستهزاء برأس النظام السوري.