كثفت الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران خلال الأسابيع القليلة الماضية، حملاتها لاستهداف المؤسسات التعليمية في المناطق الخاضعة لسيطرتها، بغية تنفيذ مخطط الجماعة في تجريف الهوية الوطنية اليمنية وجني المزيد من الأموال و الترويج لأفكارها الطائفية، حسبما تقول مصادر تربوية يمنية.
وشرعت الميليشيات مؤخراً في تغيير أسماء بعض المدارس، بالإضافة إلى إحلال المنتمين إلى سلالة زعيم الجماعة في شتى المناصب الإدارية في المؤسسات التعليمية اليمنية، كما عملت على تحويل مدارس حكومية إلى مدارس خاصة، وفرضت اللغة الفارسية بدل العربية، ما دفع مصادر حقوقية وحكومية وأهلية لإطلاق صيحات تحذير.
مصادر حقوقية في صنعاء حذرت من أن نحو 15 ألف مدرسة حكومية منتشرة بمناطق ومدن سيطرة الجماعة تنتظر عمليات التدمير والعبث والتجريف والتغيير الطائفي، نتيجة استمرار الميليشيات الحوثية في انتهاكاتها بحق العملية التعليمية.
استبدال المدرسين لرفضهم الحوثنة
تمثل السيطرة على العملية التعليمية خاصة في المدارس، المدخل الأساسي للميليشيات لإحكام سيطرتها على المجتمع وحوثنته، حسبما يرى المدرس “عبد اللطيف ابراهيم”، الذي يؤكد أن الميليشيات تفرض على المدرسين إقناع الطلاب بالالتحاق بقوات الجماعة الحوثية، وتلقينهم شعارات تحرضهم على المشاركة في العمليات القتالية لتعزز رغبتهم في التدرب على الأسلحة، كاشفا أن عدداً من المدارس استبدلت بعض المدرسين، الذين رفضوا إقناع الطلبة بأفكار الجماعة الحوثية وحضور محاضرات لزعماء الجماعة.
ويشير “إبراهيم” الى أن الميليشيات عينت مراقب لها في كل مدرسة، للتأكد من التزام المدرسين بالمناهج التي فرضتها مطلع العام الدراسي، لافتا الى أنه تم استبدال عشرات المدرسيين ممن رفضوا تدريس المناهج الحوثية، بمقربين من الجماعة أغلبهم من مدينة صعدة المعقل الرئيسي للجماعة.
وبحسب “إبراهيم” فإن جهود الميليشيات للسيطرة على العملية التعليمية لا يقتصر على المدارس بل وصلت للقنوات التلفزيونية التعليمية الخاضعة للميليشيات.
وفي وقت سابق كشفت مصادر مطلعة لمرصد “مينا” أن القيادي الحوثي المدعو “يحيي حاجب”، المعين مديراً للقناة التعليمية بصنعاء، أصدر قرارا باستبدال 40 إعلامياً وموظفاً تربوياً، بموظفين جدد مؤهلهم الوحيد انتماؤهم للجماعة الحوثية، كما كلفهم بمهام إدارة عمل القناة التعليمية.
وكان وزير الإعلام اليمني “معمر الإرياني”، قد أكد في وقت سابق، أن جماعة الحوثي، عملت على تجهيل المجتمع اليمني، من خلال تدريس مناهج تعليمية محرفة و تخدم “الأجندة الإيرانية التخريبية” في المدارس الخاضعة لسيطرتها، بهدف غسل عقول أطفال اليمن وتزوير التاريخ، وتوزيع استمارات فرز سياسي ومذهبي للكادر التعليمي.
أسماء المدارس على الطريقة الإيرانية
منذ انقلابها على السلطة عام 2014 سخرت الجماعة الحوثية طاقاتها وجهودها، من أجل تغيير أسماء ومعالم ورموز اليمن، حيث عمدت مؤخرا الى تغيير أسماء المدارس، لطمس ما تبقى من معالم الجمهورية ورموزها الوطنية وتغييب أعلام الثورة اليمنية من أذهان اليمنيين، خاصة من أذهان التلاميذ والمعلمين.
في السياق، تشير مصادر تربوية الى أن الميليشيات الحوثية أصدرت خلال الشهر الأخير 17 قراراً بتغيير أسماء مدارس وإحلال مسميات تتوافق مع النزعة الطائفية لدى الجماعة، حيث استبدلت اسم مدرسة “علي عبد المغني” رئيس تنظيم الضباط الأحرار لثورة 26 أيلول في منطقة بلاد الروس جنوب العاصمة صنعاء، إلى مسمى مدرسة “الإمام الحسن بن علي”.
ويحذر معلمون وموظفون تربويون من أن نحو 15 ألف مدرسة حكومية منتشرة بمناطق ومدن سيطرة الجماعة تنتظر عمليات التدمير والعبث والتجريف والتغيير الطائفي.
خصخصة المدارس
من خلال التركيز على المدارس، تخطط الميليشيات الحوثية لجني المزيد من الأموال ونهب اليمنيين حسبما يكشف مصدر حقوقي لمرصد “مينا”، لافتا الى أن الجماعة الحوثية دشنت مؤخرا نظام تسجيل في بعض المدارس برسوم المدارس الأهلية، إذ أقرت فرض رسوم من الصف الأول إلى الصف السادس بقيمة 65 ألف ريال، ومن الصف السابع إلى الصف التاسع بـ85 ألف ريال، ومن الصف الأول الثانوي إلى الصف الثالث الثانوي بـ95 ألف ريال.
واعتبر المصدر أن تلك الخطوات ستضاعف من معاناة أهالي الطلبة وأبنائهم، بعد أن المدراس الحكومية توفر التعليم المجاني.
ويتوقع معلمون وتربويون في صنعاء في حديثهم مع مرصد مينا، أن تطال الخطوة الحوثية الأخيرة مدارس حكومية أخرى في صنعاء ومدن أخرى، مشيرين إلى أن الميليشيات تسعى من وراء ذلك لاستغلال المدارس الحكومية بعد خصخصتها للإثراء المادي على حساب معاناة الطلاب والأهالي.
وكانت مصادر يمنية أكدت أن الميليشيات الحوثية قامت بخصخصة مدرسة بلقيس للبنات التي تعد من كبرى المدارس الحكومية في صنعاء، وتحويلها إلى مدرسة أهلية للذكور ضمن خطة تطييف التعليم والعبث والاستيلاء غير القانوني على المؤسسات الحكومية.