تتواصل اجتماعات اللجنة الدستورية المصغرة الخاصة بسوريا في جولتها السادسة لليوم الثاني على التوالي في العاصمة السويسرية “جنيف” بإشراف من المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا “غير بيدرسون”، وذلك بعد توقف دام 9 أشهر بهدف صياغة الدستور السوري للمرحلة المقبلة.
مصادر إعلامية أكدت أن مباحثات اليوم الثلاثاء، تنعقد على شكل جلستي عمل يتم خلالهما مناقشة مبدأ دستوري مقدم من المعارضة ويشمل الجيش والقوات المسلحة والاستخبارات، وتقدم المعارضة خلال الجلسة صياغة دستورية محكمة بهدف مناقشتها من قبل الأطراف المشكلة للجنة الدستورية، على أن يتم تقديم مبادئ دستورية لاحقة غدًا من قبل ممثلي منظمات المجتمع المدني.
منهجية جديدة..
الرئيس المشارك للجنة الدستورية عن المعارضة “هادي البحرة” أفاد أمس الاثنين بأن “اللجنة عقدت في مدينة جنيف أول جلسة من الجولة السادسة لأعمالها لمناقشة المبادئ الأساسية، ضمن عملية صياغة إصلاح دستوري”، لافتاً إلى أنه “تم الاتفاق على كامل آليات النقاش وآليات العمل ضمن اللجنة الدستورية السورية”.
“البحرة” اشار إلى أن “مبدأ السيادة كان أحد المبادئ الأساسية في الدستور، سواء سيادة الدولة، أو الشعب، هو صاحب السيادة في الدولة السورية”، لافتا إلى أنه “لم يبق في الوقت الحالي، أي عوائق تعيق تقدم عمل اللجنة الدستورية إلى الأمام ومناقشة مضمون الدستور السوري، ولا توجد عقبات فنية متبقية للمضي قدما”.
ويشارك في الاجتماعات الحالية للجنة 45 عضوا يشكلون المجموعة المصغرة لصياغة الدستور الجديد، مقسمين بالتساوي بين النظام والمعارضة والمجتمع المدني، وبإشراف المبعوث الأممي، اذ انبثقت المجموعة المصغرة عن اللجنة الدستورية الموسعة التي تم تأسيسها في العام 2019، وتتكون من 150 عضوا بالتساوي بين النظام والمعارضة والمجتمع المدني.
يشار إلى أن المبعوث الأممي جال مؤخرا على العديد من العواصم، ومنها العاصمة دمشق، لتمهيد الطريق مجدداً أمام هذه اللجنة التي تعتبرها الأمم المتحدة خطوة واسعة باتجاه التوصل إلى حل سياسي في البلاد، التي باتت اليوم معرضة لكل السيناريوهات، ومن بينها البقاء على الحال ذاته لسنوات عدة مقبلة.
اقرأ أيضاً
كيف ساعدت سفارات سورية في أوروبا في تمويل الحرب في الداخل
صحيفة “الوطن” المقربة من نظام الأسد، ذكرت أن “بيدرسون قدّم في وقت سابق اقتراحاً للوفود المشاركة بأن يتم البحث بنصوص المبادئ الدستورية، وتم الاتفاق على تقديم نص مبدأ دستوري واحد كل يوم، خلال أيام الإثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس، لتتم مناقشته، على أن يخصص آخر يوم من الجولة، وهو الجمعة، لمناقشة عامة، وتقييم نقاط التوافق والخلاف بين المشاركين على المبادئ الأربعة التي طرحت”.
كما أعلن رئيس هيئة التفاوض السورية المعارضة “أنس العبدة” اعتماد منهجية جديدة في اجتماعات اللجنة الدستورية، موضحا أن “وفد المعارضة تحضّر جيداً، وسيبذل كل الجهود للدفع بالمسار الدستوري، وتحقيق تقدم ملموس بالمسار السياسي، وفق منهجية جديدة لاجتماعات اللجنة الدستورية”.
وأشار “العبدة” إلى أنه “تم التوافق على المنهجية التي اقترحها مبعوث الأمم المتحدة من أجل التحفيز نحو الإنجاز باللجنة الدستورية السورية”، موضحاً أن “المنهجية الجديدة تتمثل في محاولة الانتقال من مرحلة النقاش لمرحلة الصياغة، من خلال تقدم الأطراف الثلاثة (وفد المعارضة ووفد النظام ووفد المجتمع المدني) بعناوين للمبادئ الأساسية للدستور”.
مكسب وإضاعة وقت..
في المقابل، ينتقد السوريون اجتماعات اللجنة الدستورية ويرون أنها إضاعة للوقت ومكسب للنظام الأسد، ولا سيما أن اجتماعات اللجنة المصغرة تبدأ أعمال الجولة السادسة بعد توقف دام أشهراً، إذ كانت نتائج الجولة الخامسة من اجتماعات هذه اللجنة التي عقدت في يناير/ كانون الثاني الماضي، وما سبقها من جولات، صفراً.
ويرى عضو الهيئة الموسعة عن المجتمع المدني “سليمان القرفان”، أنه “لن يكون هناك أي تقدم في أعمال اللجنة الدستورية، ولن تختلف الجولة السادسة عن سابقاتها، وذلك لعدم وجود توافق حقيقي ودعم لأعمال اللجنة من الدول الفاعلة بالملف السوري”.
كما أكد “القرفان” لوسائل الاعلام أن “النظام غير جاد بالانخراط في أعمال اللجنة، فالمنهجية التي تم التوافق عليها لعمل الجولة السادسة توحي بذلك، وتشترط التوافق على المبادئ التي سيتم طرحها ونقاشها من قبل الوفود المشاركة، ما يعني مناقشة كل شيء وترحيل كل شيء إلى المستقبل لاستحالة التوافق”.
ومن المتوقع أن يواصل النظام سياسة المماطلة والتسويف، ولا سيما أنه لا يزال يعلن رفضه الانخراط في العملية الدستورية، إذ يطالب وفد نظام الأسد بتعديلات على دستور العام 2012، بينما القرارات الدولية تدعو إلى كتابة دستور جديد.
بدوره، كتب القاضي “حسين حمادة” عبر فيسبوك “أن اللجنة الدستورية منذ سنتين هي إحدى مفخخات النظام في جسم المعارضة، وحذرنا مراراً من السم السياسي الزعاف الذي تنشره، وآخر مخازيها التحول من كتابة دستور (وهي عملية فاشلة خلال سنتين وكانت محاولة من حلفاء النظام لكسب الوقت) إلى مجرد مناقشة تعديلات دستورية”.
يشار إلى أن القرار الدولي 2254 والذي صدر أواخر العام 2015 ينص على “اعتماد مسار صياغة دستور جديد لسورية”، وعلى “إجراء انتخابات حرة ونزيهة على أساس الدستور الجديد في غضون 18 شهراً تحت إشراف الأمم المتحدة”.
مواقف دولية غير جادة..
وتظهر تطورات وتغيرات مواقف القوى الدولية الفاعلة، عدم جديتها بتقديم دعم حقيقي للجنة الدستورية من أجل تمكينها من إنجاز مهمتها، رغم التوافق على أهمية استمرار أعمال اللجنة الدستورية، وهو توافق لم يخرج عن نطاق التصريحات الدبلوماسية، إذ علّقت المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية “نيد برايس”، أن “بلاده ترحب ببدء الجولة السادسة من المفاوضات بين النظام السوري والمعارضة في جنيف”، موضحاً أنه “من الضروري أن يتواصل النظام السوري وقادة المعارضة بشكل بناء في جنيف بما يتسق مع قرار مجلس الأمن الدولي 2254 بشأن سوريا.
يذكر أنه في 14 من أيلول الماضي، نقلت وكالة “سبوتنيك” الروسية، عن مصادر سورية وصفتها بـ”المطلعة”، أن لقاء رئيس النظام السوري، بشار الأسد، والرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الذي جرى في العاصمة الروسية، موسكو، منتصف أيلول الماضي، تطرق إلى مسار “أستانة” واللجنة الدستورية، ولكن مسألة اللجنة الدستورية لم تعد ذات أهمية بالنسبة للروس، خاصة بعد الانتخابات الرئاسية التي أجراها النظام في أيار الماضي، وبارك بوتين فوز الأسد الذي وصفه بـ”المستحق” بها.
وفي الموقف الأوروبي أعرب المتحدث باسم الممثل الاعلى للسياسة الخارجية والشؤون الامنية للاتحاد الأوروبي، “جوزيب بوريل”، عن الترحيب ببدء الجولة السادسة من محادثات اللجنة الدستورية السورية اليوم في جنيف، معتبراً إعلان المبعوث الخاص للأمم المتحدة بـ”المشجع”.
كما جدد المتحدث دعم الاتحاد الأوروبي الكامل لجهود “بيدرسن” من أجل “إحراز تقدم في جميع عناصر قرار مجلس الأمن للأمم المتحدة رقم 2254″، مؤكداً أن “أي حل مستدام للصراع في سورية يتطلب انتقالاً سياسياً حقيقيا يتماشى مع هذا القرار، وإحراز تقدم ذي مغزى في مسألة المحتجزين”.
يشار إلى أن وفود اللجنة الدستورية السورية اتفق على 4 بنود ضمن الجولة السادسة للجنة الدستورية، اذ طرح وفد النظام السوري مبدأي السيادة والإرهاب للنقاش، بينما طرح وفد المعارضة استقلالية القضاء وفصل السلطات للنقاش.