انطلقت اليوم الاثنين، محادثات الحوار الليبي بتونس العاصمة تحت شعار ”ليبيا أولا” باشراف رئيس الجمهورية قيس سعيد وبمشاركة 75 شخصية ليبية، بهدف التوصل الى حوار مثمر للخروج بحل للأزمة الليبية الراهنة ورسم ملامح المرحلة المقبلة لبناء مسار ديمقراطي بها.
على مشارف ليبيا جديدة
ونوهت رئيسة بعثة الأمم المتحدة بالنيابة في ليبيا ستيفاني ويليامز في جلسة الافتتاح اليوم بالدعم الكبير الذي أولته تونس ”لانجاح جلسات الحوار الليبي على اراضيها ” مضيفه قولها ” نحن اليوم على مشارف ليبيا جديدة بعد سنوات من الانقسام والحروب والدمار ولذلك فمن حق الشعب في الاستقرار من هنا فصاعدا وفي ثروات بلاده والازدهار لكن الطريق الى هذا الأمر لن يكون مفروشا بالورود ولن يكون سهلا ”.
وأوضحت أن اتفاق وقف اطلاق النار الموقع في جنيف بين الاطراف المتازعة في جنيف في 23 أكتوبر، ساهم في تنقية الاجواء بين الفرقاء الليبيين رغم الواقع الجديد الذي فرضته جائحة كورونا في ليبيا وتونس لكننا هنا اليوم .
ونوهت ويليامز في ختام كلمتها بتعاون أعضاء الملتقى الحاضرين اليوم” لتفهمهم والتزامهم بالاسهام في الوصول الى حلول توافقية للازمة الليبية”.
وضع مواعيد واضحة لحل سلمي
من جهته، أكد رئيس الجمهورية قيس سعيد بالمناسبة أن ليبيا اليوم على موعد مع التاريخ والارادة الثابتة للتوصل الى حل لتجاوز كل العقبات مهما تعقدت ولكل الصعوبات مهما تفرعت. وقال في هذا الخصوص:” ستجدون ما يجد الشقيق من شقيقه وقت الشدة، والدم االذي سال في بلادكم هو الدم الذي سال في بلادنا .”
وأوضح أن لقاء اليوم تاريخي بكل المقاييس ، وهو يندرج في اطار الجهود التي تم بذلها في تونس وفي اطار الامم المتحدة وهو ليس لقاء منافسة ولا مبارزة لاي كان لان الهدف هو وضع مواعيد واضحة لحل سلمي للازمة.
وشدد سعيد على أنه “لا مجال اليوم للوصاية على الشعب الليبي تحت أي عنوان وبأي شكل من الأشكال، ولا مجال لتقسيم ليبيا ”مشيرا الى وجود” قوى خارجية عملت وما تزال تعمل على تقسيم ليبيا”
وأكد أن ‘الواجب اليوم يحتم اقتناع الجميع بأن ”الحل يجب أن يكون سلميا وبأن يستعيد الشعب الليبي سيادته الكاملة في كل ذرة من ترابه واجواءه وله وحده حق تقرير مصيره بنفسه ”.
وقال في الختام أن الليبيين هم اليوم” في موعد مع التاريخ لصنع التاريخ فلا تتركوا هذا الموعد يمر ولا تتركوا الحاضر يستمر بآلامه فكل المنطقة تراقب وتنتظر.
يشار الى أن المشاركين في جلسات الحوار السياسي الليبي بتونس يمثلون فئات مختلفة من أبناء الشعب الليبي ”بناءً على مبادئ الشمولية والتمثيل الجغرافي والسياسي والقبلي والاجتماعي العادل” وتضم هذه المجموعة ممثلين عن مجلس النواب الليبي والمجلس الأعلى للدولة بالإضافة إلى القوى السياسية الفاعلة من خارج نطاق المؤسستين.
الميليشيات تتوعد
وتاتي المحادثات الليبية في الوقت الذي أظهرت فيه الميليشيات المسلحة التابعة لحكومة الوفاق في طرابلس والتي تدين بالولاء لتركيا، رفضها قائمة المشاركين في المباحثات، متهمة البعثة الأممية بتحولها من وسيط إلى حاكم في ليبيا.
ودعت “قوة حماية طرابلس” وهي ائتلاف مسلح يضم ميليشيات النواصي ومكتب الأمن العام أبو سليم وثوار طرابلس وباب تاجوراء والتي تتبع وزارة الدفاع بحكومة الوفاق، إلى التظاهر ضد مجموعة من مندوبي الدول أصحاب المصالح في ليبيا، مرجعة ذلك إلى أن الحوار الذي يجرى بإشراف أممي “لا يمثل كل أفراد الشعب الليبي وخضع للانتقاء والمحاباة في اختيار المشاركين.
وكان صلاح بادي زعيم مليشيا “لواء الصمود” والمتهم منذ 2018 بتهمة زعزعة استقرار ليبيا وهو مدرج على لائحة عقوبات مجلس الأمن، قد هدد امس الاحد، بنسف أي اتفاق ينبثق عن الحوار الليبي الذي ترعاه بعثة الأمم المتحدة، منتقدا أعضاء الحوار السياسي الذين تم اختيارهم للمشاركة ووصفهم بـ”عبيد الكراسي”، مشيرا إلى أن “الثوّار الذين كانوا يختبؤون وراءهم هم من ضحوا بأنفسهم.
وأعلن بادي رفضه الالتزام باتفاق وقف النار الذي تم توقيعه بين الفرقاء الليبيين في جنيف مؤخرا، أو الاعتراف بأي مخرجات تنتج عن الحوار السياسي في تونس، معلنا تمسكه بالحرب وبالسلاح كخيار لحل الأزمة.
وتشير التحركات التركية بالإضافة إلى خطابات ميليشيات الوفاق التصعيدية، إلى حجم التحديات والعراقيل التي تواجه تنفيذ اتفاق وقف النار ومدى نجاح المفاوضات السياسية التي تجرى في تونس على الرغم من تفاؤل المبعوثة الأممية إلى ليبيا.
أردوغان ينسق لزيارة عاجلة الى ليبيا
ورغم ما تبديه البعثة الأممية والمشاركين في المحادثات من تفاؤل، الا انه تحوم شكوك كثيرة حول نجاح هذا الحوار، في ظل تحركات تركية لقلب الموازين ومحاولة إعادة ترتيب الأوراق لمصلحتها ورفض الميليشيات في طرابلس تسليم السلاح والتهديد بنسف جهود إرساء السلام، ما من شأنه أن يفسد أجواء التفاؤل التي سبقت الاجتماعات.
وينتاب أنقرة توجس من أن الجهود الدولية الرامية لحل الأزمة الليبية ستفقدها نفوذها في ليبيا ويفقدها سيطرتها على زمام الأمور، ما دفع السلطات التركية إلى تحريك أدواتها في طرابلس وتحريضها على قلب موازين القوى في اجتماعات تونس التي تهدف تحديد مصير البلاد وتنصيب شخصيات وفق معايير توافقية تم التوصل إليها في الجولة الثانية من اجتماعات بوزنيقة المغربية، وهو ما يقلق الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الذي من المقرر يقوم بزيارة عاجلة إلى طرابلس، وفق وسائل إعلام تركية.
وفاقمت هذه الزيارة المرتقبة لاردوغان منسوب القلق من تحرك تركيا نحو إفساد مسار الحوار الجاري في تونس، وسعيها لقلب الموازين وترتيب الأوراق لصالحها.
وحول هذا الموضوع، قال الناشط السياسي الليبي، عبدالحكيم فنوش في تصريحات إعلامية، انه إذا تأكدت هذه الزيارة فإنها ستأتي في إطار إعلان هيمنة أردوغان واستمرار سلطانه على المنطقة الغربية من ليبيا، وانه يريد من خلالها أن يقول أنا هنا وأنا من يدير هذه المنطقة وأن أي تسوية لا يمكن أن تتم دون موافقتي والأخذ في الاعتبار مصالح تركيا ورؤيتها للمنطقة”.