يعيش لبنان حالة شبه عصيان مدني، مع دعوات متصاعدة من نشطاء إلى عصيان كامل، ترافقها تحذيرات من انفلات الشارع، في ظل تكرار اعتداء أنصار قوى سياسية على محتجين، بل وعلى عناصر من الجيش والأمن أيضًا. وبعد أن أجبروا “سعد الحريري”، في 29 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، على تقديم استقالة حكومته، يحاول المحتجون إجبار الطبقة الحاكمة على تشكيل حكومة تكنوقراط.
لكن أطرافًا، بينها رئيس الجمهورية، “ميشال عون” والتيار الوطني الحر، وجماعة حزب الله، وحركة أمل، ترغب بتشكيل حكومة هجين من سياسيين واختصاصيين.
وبجانب مطلب الحكومة، يطالب المحتجون بإجراء انتخابات مبكرة، واستعادة الأموال المنهوبة، ومحاسبة الفاسدين داخل السلطة، ورحيل بقية مكونات الطبقة الحاكمة، التي يتهمونها بالفساد والافتقار للكفاءة.
واندلعت الاحتجاجات، في 17 من الشهر الماضي؛ رفضًا لإقرار الحكومة مشروع لفرض ضرائب أكثر على المواطنين في موازنة عام 2020، وحين تراجعت الحكومة، كان المحتجون قد رفعوا سقف مطالبهم.
واعتدى مناصرون لـحزب الله وأمل، الأحد الماضي، على عناصر من الجيش والأجهزة الأمنية والمحتجين، برمي حجارة ومفرقعات باتجاههم، مطلقين شتائم وشعارات طائفية.
كما بحث قادة الجيش والأجهزة الأمنية، خلال اجتماع الثلاثاء، الإجراءات الكفيلة بحفظ أمن وسلامة المتظاهرين، وجددوا التشديد على حرية التظاهر في الساحات العامة وعلى جوانب الطرقات، وحذروا من تداعيات التعرض للممتلكات العامة والخاصة وقطع الطرقات.
ودعت الهيئات الاقتصادية اللبنانية، تضم أغلب الصناع والمصرفيين في القطاع الخاص، إلى إغلاق المؤسسات الخاصة من الخميس إلى السبت؛ لدفع الأحزاب الرئيسية إلى تشكيل حكومة جديدة، وتجنب المزيد من الأضرار الاقتصادية.
ويعاني لبنان من أسوأ أزمة اقتصادية منذ الحرب الأهلية بين 1975 و1990، فهل ستثمر احتجاجاتهم في ظل عرقلة بعض الأطراف ومسؤولين في الحكومة السابقة، ويوم الثلاثاء، أعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال “سعد الحريري”، أنه لن يعود لتشكيل حكومة لبنانية جديدة، مقدماً رؤيته حول شكل الحكومة الجديدة التي من شأنها إخراج لبنان من عنق الزجاجة.
وصرح الحريري: “قراري بعدم تشكيل الحكومة في لبنان صريح وقاطع”، معلناً عدم رغبته بتشكيل حكومة جديدة “ليس لدي رغبة بتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة”.
كما أكد الحريري أن الحكومة التي تمتلك مفاتيح حل الأزمة هي حكومة “أخصائيين” وهذه الرؤية تتفق مع رؤية المتظاهرين ومطالبهم، والمنادين بحكومة كفاءات وليست حكومة محاصصات سياسيّة.
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي.