هيئة التحرير
تحركات دبلوماسية دولية يقودها عدد من الدول الأوروبية والفاتيكان ومجلس الشيوخ الأمريكي، تسعى لوقف المشروع الإسرائيلي بضم مستوطنات الضفة الغربية، وسط قتصاعد القلق الدولي من تأثيرات تلك الخطوة على الاستقرار والأمن في منطقة الشرق الأوسط.
وكان13 عضو بالكونغرس الأميركي قد بدأوا خلالا الساعات القليلة الماضية تحركاً لمنع إسرائيل من صرف المعونات الأمركية لخدمة مشروع الضم، فيما جددت السويد رفضها للخطوة، بالتزامن مع استدعاء الفاتيكان سفيري أميركا وإسرائيل لديه للتعبير عن قلقه إزاء أي إجراء يهدد مساعي السلام.
إيران حجر أساس في المشروع الإسرائيلي
مع تصاعد النبرة الدولية حول الخطوة الإسرائيلية، يذهب المحلل السياسي، “خير الله خير الله”، إلى الحديث عن المعطيات والعوامل، التي شجعت إسرائيل على اتخاذ مثل تلك الخطوة، معتبراً أن المخططات الإسرائيلية باتت تعتمد بشكل كبير على الخطر الإيراني، الذي بات يهدد أكثر من بلد عربي على حد قوله.
إلى جانب ذلك، يعتبر “خير الله” أن إسرائيل هي المستفيد الأول من حالة التمدد الإيراني في الشرق الأوسط واليمن، على اعتبار أنها تسببت بتراجع الاهتمام عربياً بالقضية الفلسطينية، التي قال إنها لم تعد قضية العرب الأولى في ظل الأوضاع الراهنة، في إشارة إلى أن إسرائيل استغلت الظروف التي خلقها المشروع الإيراني للمضي أكثر في خطواتها.
وكانت الحكومة الإسرائيلية الجديدة، برئاسة “بنيامين نتنياهو” قد أعلنت تبنيها لخيار ضم 30 في المئة من أراضي الضفة الغربية كمشروع استيطاني جديد في المنطقة، وسط رفض دولي وعربي واسع.
إلى جانب ذلك، يعتبر “خير الله” أن المشروع الإيراني في المنطقة وتلطخ يد الإيرانيين ووكلائهم بدماء الشعب السوري والعراق واليمني، قدم خدمات لا تقدر بثمن للمخططات الإسرائيلية، لافتاً إلى أن شعار “فلسطين البوصلة”، الذي ترفعه طهران، لا يبرر سفك دم الشعب السوري.
وتتهم المعارضة السورية ومنظمات حقوقية دولية، الميليشيات الإيرانية في سوريا بارتكاب عشرات المجازر بحق السوريين خلال سنوات الثورة، لا سيما في مناطق جنوب دمشق وحمص والبادية السورية.
إيران المحكومة إسرائيلياً
طبيعة الواقع، الذي فرضته إيران في الشرق الأوسط من خلال سياستها ودعمها للميليشيات والحكومات العميقة في المنطقة، يرى فيها مصدر من داخل النظام السوري، حجر الأساس باتخاذ خطوات غير مسبوقة وتاريخية على طريق تهويد القدس، موضحاً: “سياسات إيران التي اعتمدت على إثارة الصراع الطائفي والفوضى وهدم مفهوم الدولة في الدول التي تسيطر عليها، قابلها استغلال إسرائيلي للموقف، من خلال نقل السفارة الأمريكية إلى القدس واعتراف الولايات المتحدة بالجولان جزء من إسرائيل، وطرح مسألة صفقة القرن، ونشهد اليوم خطوات إسرائيلية متسارعة لضم أراضي الضفة الغربية”.
كما يذهب المصدر في حديثه لمرصد مينا، إلى التأكيد على أن تدخلات إيران في المنطقة بعد عام 2003، أحدثت نقطة تحول في صراعات المنطقة، التي كانت تنحصر بالصراع العربي الإسرائيلي، لتخلق بذلك صراعات متعددة الهوية، بينها الصراع العربي – الإيراني، الصراع السني – الشيعي، كما خلق صراع داخل مكونات القضية الفلسطينية، من خلال دعمها لبعض التيارات المقربة من تفكيرها العقائدي، على حد وصفه، مشيراً إلى كل تلك الصراعات كانت أساس فقدان القضية الفسلطينية وتمكين إسرائيل عملياً من تحويل الصراع العربي – الإسرائيلي إلى صراع فلسطيني – إسرائيلي.
وكانت أولى الصدامات الطائفية في الشرق الأوسط، قد اندلعت عام 2004 في العراق بعد سقوط نظام “صدام حسين”، حيث أشارت منظمات دولية حينها، إلى أن ميليشيات تابعة لما يعرف بجيش المهدي وفيلق بدر المدعومين إيرانياً، شنت حرب تطهير طائفي ضد المناطق السنية في العراق، قبل أن تزداد وتيرة الصراع الطائفي مع دخول الحرس الثوري على خط الثورة السورية دعماً لنظام “بشار الأسد”.
ويختم المصدر حديثه بالإشارة إلى أن النظام الإيراني منذ عام 2003 تحديداً، يقدم من خلال مشروعه وسياسته في المنطقة، خدمات لإسرائيل كما لو أنه يتلقى تعليماته وتوجيهاته من إسرائيل بشكل مباشر، لافتاً إلى أن ما ترفعه إيران من شعارات حول فلسطين لا تتعدى كونها تبريرات لتمددها في المنطقة، لافتاً إلى أن مشروع إيران يقوم على استعادة مجد الدولة الفارسية، والتي لم تكن الأراضي الفلسطينية جزءاً منها، ما يعني من وجهة نظره، أن مشروع إسرائيل في فلسطين لا يتعارض مع مشروع إيران.
وكان نائب الرئيس الإيراني السابق، “اسفنديار رحيم مشائي”، قد صرح عام 2008، بأن إيران صديقة للشعب الإسرائيلي، مضيفاً: “إيران اليوم هي صديقة الشعب الاميركي والشعب الإسرائيلي، ما من أمة في العالم هي عدوتنا وهذا فخر لنا، ونحن في إيران نعتبر الشعب الاميركي من أفضل شعوب العالم”.
الحرب مع العراق وسيناريوهات الدعم الإسرائيلي
حقيقة العلاقة بين طهران وتل أبيب، ظهرت بشكل فعلي، كما يراها المحلل الفرنسي المتخصص في الشأن الإيراني، “تيري كوفيل”، في حرب الخليج الاولى بين العراق وإيران عام 1982، خلال السنوات الأولى من حكم الثورة الإسلامية في إيران، لافتاً إلى أن إسرائيل دعمت إيران خلال تلك الحرب بشحنات كبيرة من الأسلحة، لمواجهة العراق.
كما يؤكد المحلل الفرنسي، أن الجميع في إيران وإسرائيل يدرك أن كلا الطرفين لا يعتبر الآخر عدواً له، وأن التصريحات النارية بين البلدين، ليست سوى نوع من استعراض ميزان القوى، مضيفاً: “في سوريا مثلاً تسعى إيران للحفاظ على حليفها بشار الأسد، ولو أن إسرائيل أرادت فعلاً الإطاحة به لفعلت منذ سنوات”، في إشارة إلى وجود نوع من التفاهمات بين الجانبين على تلك القضية.
وكان الطيران الإسرائيلي قد شن خلال السنوات الماضية، سلسلة غارات استهدفت الميليشيات الإيرانية في سوريا، والمقدر عددها بـ 70 ألف مقاتل، بحسب إحصائيات المعارضة الإيرانية.
في هذا السياق، يشير المحلل السياسي “حسام يوسف” إلى أن الغارات التي تشنها إسرائيل ضد ميليشيات إيران في سوريا لا تعكس وجود حالة عداء بين الطرفين، وإنما هي مؤشر عدم ثقة بينهما، لافتاً في حديثه مع مرصد مينا، إلى أن إسرائيل لا مشكلة لديها في الوجود الإيراني في المنطقة، إذا كان بعيداً عن حدودها، على اعتبار انها لا تأمن استخدام إيران ذلك النفوذ في المستقبل كورقة ضغط تفاوضية في عدد من الملفات الأخرى، كبرنامجها النووي والعقوبات الاقتصادية.
وكانت إسرائيل قد اشترطت في وقتٍ سابق أن تبتعد إيران عن حدودها مع سوريا مئات الكيلو مترات لمنع أي تصعيد ضد ميليشياتها في سوريا.