في الوقت الذي تستعد فيه القوات الامريكية للخروج من العراق، بعد موافقة البرلمان على رحيل القوات، تستعد أذرع إيران وميليشياتها لإحكام السيطرة وتدمير ما تبقى من المدن العراقية “السنية” واغراقها بالحقد الطائفي، بينما يزداد قلق القادة السياسيين المعارضين للنهج الايراني لحماية ما تبقى من مدنهم وقراهم من المشروع الإيرانية.
وفي هذا السياق أعلن مجموعة من الأكاديميين والقانونيين والباحثين وقادة عسكريين ووزراء ونواب سابقين واقتصاديين بالإضافة إلى مشايخ من السنة، عن وضع خطة تثقيفية لفكرة انشاء “اقليم الوسط العراقي” أو ما يعرف بـ”الاقليم السني” الذي يضم محافظات (نينوى والأنبار وصلاح الدين وديالى) تحت جمهورية العراق الاتحادي الفدرالي.
عضو الغرفة السياسية لمشروع إقليم الوسط العراقي “الإقليم السني” حذيفة المشهداني أكد لـ”مرصد مينا” ما تناقلته بعض وسائل الاعلام عن نية الولايات المتحدة الأمريكية تشكيل إقليم سني في العراق، وما تشهده محافظة الأنبار من ثورة إعمار كبيرة وغير مسبوقة هي نتاج خطة بدائية لجعل المحافظة عاصمة للإقليم المقرر تشكيله العام القادم.
الدستور والأقاليم
وأشار المشهداني إلى أن ” المادة 116 من الدستور نصت على أن النظام الاتحادي في جمهورية العراق يتكون من عاصمةٍ وأقاليم ومحافظاتٍ لا مركزيةٍ وإدارات محلية، كما أشارت المادة 119 الى حق محافظةٍ أو أكثر، تكوين إقليم بناءً على طلبٍ بالاستفتاء عليه”. مؤكداً أن ” مشروع الإقليم يعمل لتهيئة وتثقيف المجتمع في المحافظات للاعلان عن إقليم الوسط العراقي وضع مشاريع اقتصادية وتهيئة الدراسات لألية ادارة الإقليم. “
يذكر أن العراق يتألف من أقاليم وفق دستور العام 2005، والتي تشكّلت على غرار إقليم كردستان الذي كان الإقليم الوحيد القائم آنذاك، بصيغة الحكم الذاتي، وتنص المادة 116 من الدستور العراقي على: “يتكوّن النظام الاتحادي في جمهورية العراق من عاصمة وأقاليم ومحافظات لامركزية وإدارات محلية”.
واستكملت المواد الأخرى إقرار الأقاليم وفق المواد (117 – 121) من الدستور النافذ، الذي أجاز وفق المادة 119 حرية تشكيل الوحدات الإدارية لتشكيل الإقليم، اذ: “يحق لكل محافظة أو أكثر تكوين إقليم بناءً على طلب بالاستفتاء عليه”، ويقدم بإحدى الطريقتين: أولاً: طلب من ثلث الأعضاء في كل مجلس من مجالس المحافظات التي تروم تكوين الإقليم، وثانياً: طلب من عُشر الناخبين في كل محافظة من المحافظات التي تروم تكوين الإقليم، وأجاز الدستور للإقليم “تشريع دستور له يحدد سلطات الإقليم وفق المادة 120، كذلك فإن للإقليم صلاحية ممارسة السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية”.
الدستور العراقي أقرّ إنشاء قوات وحرس خاص للإقليم وفق المادة 121: “إدارة الإقليم وإنشاء وتنظيم قوى الأمن الداخلي وحرس الإقليم، وتختص حكومة الإقليم بكل ما تتطلبه إدارة الإقليم، وبوجه خاص إنشاء وتنظيم قوى الأمن الداخلي للإقليم كالشرطة والأمن وحرس الإقليم”.
وأكد عضو الغرفة السياسية “المشهداني” لـ”مرصد منيا: أن ” شرط إقامة الإقليم أن يكون الطلب مقدم من قبل ثلث الأعضاء في كل مجلسٍ من مجالس المحافظات او عُشر الناخبين في كل محافظةٍ من المحافظات التي تكوين الإقليم”. لافتاً إلى أنه “رغم صراحة هذه المواد ووضوحها إلا انه لم يتم تفعيلها حتى بعد تقديم طلبات رسمية بهذا الخصوص من قبل بعض مجالس المحافظات او عُشر الناخبين فيها لأسباب مختلفة”.
“المشهداني” أوضح أن “الاسباب تتعلق بالرغبة الشديدة في تعزيز مركزية السلطة التي تحاول فرض اراداتها في ابسط التفاصيل داخل تلك المحافظات الراغبة بالتحرر من تلك المركزية واللجوء الى فضاء الاستقلال البسيط بعد عقود من حكم (الدكتاتورية) ووحدة القرار الذي لا يمكن مناقشته”.
ممر آمن..
وعن أهمية الإقليم الاقتصادية قال “المشهداني”: إن “الإقليم السني سيكون ممرا سهلا وأمنا لتصدير النفط والغاز الخليجي عبر تركيا إلى أوروبا ودول العالم الأخرى، لسهولة أرضه الصحراوية في مد الأنابيب النفط والغاز، وقربها من مصادر التسويق العالمية عبر تركيا”.
وأضاف “المشهداني”: ” كما ستغطي حاجة العراق من الغاز الذي يعتمد على الغاز الإيراني الرديء ذا التكلفة المرتفعة، ويقطع الطريق على الفاسدين المرتبطين بايران، ويحاولون تخفيف الازمة الاقتصادية جراء العقوبات الأمريكي”.
يذكر أن إيران عند الحاجة تستخدم ورقة الغاز التي تُشغل 3300 ميغاواط من الكهرباء في العراق لتأليب الشارع على الحكومة العراقية من خلال التهديد بقطع الكهرباء الإيرانية عن العراق الذي يعتمد على أكثر من 40% من إمدادات الطاقة من الكهرباء الإيرانية والغاز الطبيعي.
الإرهاب الإيراني..
وعن دور الإقليم في محاربة الإرهاب الذي تستخدمه ايران ذريعة لتواجدها في العراق يقول “المشهداني” لـ”مرصد مينا”: “فكرة انشاء اقليم الوسط العراقي لها أهمية كبيرة في ظل الظروف والدوافع الحالية من استقرار للمنطقة ومكافحة الإرهاب، وقطع الطريق والامدادات عن حزب الله اللبناني الإرهابي والمليشيات الإيرانية في سوريا ومحاربة إرهابهم وتخليص العالم والبشرية من تجارة السلاح والمخدرات والإرهاب العالمي بالقضاء على مليشيات ايران في المنطقة العربية .”
ويوضح عضو الغرفة السياسية لإقليم: أن ” تعدد الأقاليم في العراق لن يخدم مصالح ايران ولا سيما اذا احتفظت أمريكا بالقواعد العسكرية الأمريكية في المناطق السنية في قاعدة (عين الأسد) التي تعتبر أهم قاعدة عسكرية أمريكية.”
يشار إلى أنه وصلت خلال الأسابيع الماضية قوة أمريكية مدعومة بشركات أمنية، الى قاعدة “عين الأسد” الجوية في محافظة الأنبار العراقية، وشهدت المنطقة المحيطة بالقاعدة الأمريكية تشديدا للإجراءات الأمنية وسط تحليق مكثف للطيران الأمريكي في سماء المنطق، اذ أكدت المعلومات نية القوات الأمريكية سحب أفردها من بعض قواعدها في محافظات مختلفة الى قاعدة عين الأسد.
وكان الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” أبلغ رئيس الوزراء العراقي “مصطفى الكاظمي” خلال زيارته الى واشنطن في شهر آب\آغسطس الماضي التزام بلاده بخروج سريع لقوات التحالف الدولي من العراق في غضون ثلاث سنوات.
ويرى المراقبون أن مشروع إقامة “إقليم سني” سيواجه عقبات خطيرة في طريق تنفيذه، ولا يمكن تحقيقه طالما إيران تمد يد الوصاية على العراقيين، وإرادة السنة في مواجهة الاذرع التابعة لإيران وغيرهم من المليشيات الإرهابية قد تغيير اتجاه بوصلة المعادلة السياسية على الساحة العراقية برمتها، ولا سيما بعد اندلاع الثورة الشبابية الشعبية المناهضة للمد الإيراني في العراق.
الاقليم السني في حال تم الموافقة على تشكله، سيشمل محافظات الأنبار ونينوى وغالبية مناطق صلاح الدين، باستثناء اقضية بلد والدجيل والتي يصعب ضمها للإقليم السني بسبب النفوذ الميليشيوي فيها.