على ضوء التدخل العسكري في ليبيا، والذي نعتته أنقرة بأنه قانوني ولا يخالف البروتوكولات الدولية، إذ جاء بطلب رسمي من حكومة الوفاق التي تعترف عليها الأمم المتحدة رسمياً، بدأت مصر بمساعدة دول متوسطية أخرى لاتخاذ إجراءات قوية من شأنها مواجهة التدخل التركي في الشمال الإفريقي.
تركيا في شمال إفريقيا
تسعى تركيا إلى بث أذرعها في الشمال الإفريقي، ليكون لها أذرع ضغط في صناعة القرار الدولي، ودور في هندسة الشرق الأوسط إلى شمال إفريقيا من جديد، ولأجل هذا بدأت بالتدخل العسكري في ليبيا مستغلة الاعتراف الأممي بحكومة “فايز السراج” التي تنتهج خط الإسلام السياسي، الخط ذاته المقرب من الرئيس التركي “رجب طيب أدروغان”.
لا يعتبر التدخل العسكري التركي في ليبيا هو الوجه الوحيد، لذلك البلد الأوروآسيوي، في القارة السمراء، إذ لتركيا الكثير من الأذرع في إفريقيا، وغالبية هذه الأذرع هي إما دينية، أو إغاثية، وحتى ثقافية وتجارية.
وفي ضوء خططها التوسعية نحو شمال إفريقيا، ألغت أنقرة الفيزا أمام الجزائريين الشباب الراغبين في زيارة أراضيها، كنوع من الجذب الناعم، للدراسة والسياحة، وحتى العمل والإقامة، ما يفتح الباب بالمقابل لنشر الثقافة التركية في شمال إفريقيا، ويكون خطوة أمام الأتراك للتوجه إلى تلك الأراضي التي كانت يوماً الخاصرة الضعيفة “للسلطنة العثمانية”.
كما حاولت تركيا بناء علاقات دبلوماسية قوية مع القادة الجدد للدول الإفريقية الثائرة، فقد زار “أردوغان” الرئيس الجزائري الجديد “عبد المجيد تبون” وطلب منه استخدام الأراضي والمجال الجوي الجزائري لتسهيل حركة القوات التركية القادمة للمقاتلة إلى جانب مليشيا الوفاق الوطني، وعقد معه اجتماعا مغلقا، ولم تعلن الرئاسة الجزائرية ولا التركية ما دار بين الزعيمين، إلاّ أن لقاء صحفياً مع المستشارة الإعلامية للرئاسة الجزائرية كشف الأمر، حيث أوضحت الأخيرة رفض “تبون” طلب أردوغان.
وبعد ساعات من إعلان الرئاسة الجزائرية رفضها الطلب التركي، نقلت وسائل إعلام جزائرية ضبطها لكمية أسلحة تركية مهربة عبر أراضيها باتجاه الأراضي الليبية.
وذات الوقت الذي طمعت فيه أنقرة بتلقي دعم إيجابي من الحكومة التونسية الجديدة، والتي تنتهج خطاً قريباً من الخط السياسي التركي، أبلغت تونس أنقرة بأنها تؤيد الحل السياسي لا العسكري بالنسبة للفرقاء الليبين.
اقرأ أيضاً
مصر في مواجهة التدخل التركي
لطالما اعتبرت مصر أم الدنيا، وقلعة العرب أمام التدخل الأجنبي، وهذا ما أثبتته اليوم، في موقفها الواضح والرافض من التدخل التركي في ليبيا.
فبعد أن أعلنت أنقرة أنها أرسلت أول دفعة من قواتها العسكرية إلى تركيا، وحسب البيان التركي فإن عدد تلك القوات بلغ 35 جندياً، سيكون نطاق عملهم هو الإرشاد والتدريب فقط، بينما أخفت أنقرة أنها أرسلت جنوداً مقاتلين تم وضعهم على جبهات الخط الأمامي في طرابلس، قتل بعضهم فور وصولوهم إلى الجبهات لجهلهم بتفاصيل العملية العسكرية والجغرافية هناك، والأمر الأخطر الذي أخفته أنقرة، ونشر مرصد الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عنه، هو أن أولئك المقاتلين من جنسيات أجنبية غير تركية، وبعضهم سوري.
قال الخبير الأمني المصري ومدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية العميد “خالد عكاشة”: “إن اجتماع وزراء خارجية مصر وفرنسا واليونان وقبرص بداية لحصار التدخل التركي في ليبيا”.
وخلال حواره مع الإعلام في برنامج “يحدث في مصر” قال “عكاشة”: ” إن هذا اللقاء هام جدا، ويدل على الماراثون السياسي الذي بذلته مصر مع كافة الأطراف”.
ولفت إلى أن “مصر بدأت تشكل جبهة مضادة للتحركات التركية”، منوها بأن “تركيا تتعمد تحريك ملفي الغاز والأزمة الليبية في وقت واحد، بمخطط شيطاني”.
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الإعلامي.