هيئة التحرير
شهدت محافظة السويداء صباح اليوم الاربعاء انتشاراً أمنياَ كثيفا تزامن مع وصول باصات تحمل عناصر قوات “حفظ النظام”، بالاضافة لتعزيزات وصلت إلى الحواجز الأمنية، وذلك بالتزامن مع دعوات لخروج مسيرة مؤيدة لرئيس النظام “بشار الأسد”، في ساحة مبنى المحافظة.
مصادر مرصد “مينا” أكدت أن “مجلس محافظة السويداء، ومكاتب حزب البعث، والدوائر الحكومية والجامعة طلبوا من الموظفين الخروج بمسيرة مؤيدة للأسد أمام مبنى المحافظة رداً على الاحتجاجات التي شهدتها المدينة خلال الأيام الماضية”.
وحصل مرصد مينا على تسجيلات صوتية توضح محاولة النظام اجبار الطلاب على المشاركة في المسيرات وإلا فإنهم سيتعرضون للمساءلة.
إلى جانب ذلك، أكدت المصادر أن “الأجهزة الأمنية اعتقلت الشاب رائد عبدي الخطيب عضو (منظمة جذور الأهلية)، بعد مرور ساعة على انتهاء مظاهرة امس الثلاثاء التي طالبت برحيل الأسد”. مشيرة إلى أن “مجموعة من المتظاهرين في مدينة شهبا شمال المحافظة، خرجوا مساء أمس للمطالبة بإطلاق سراح المعتقل رائد الخطيب ورحيل الأسد”.
ودعت مجموعة من الناشطين على مواقع التواصل إلى التظاهر في ساحة “الفخار”، بعيداً عن ساحة المحافظة التي شهدت اليوم الاربعاء مسيرة مؤيدة للنظام.
ناشطون في الحراك أكدوا لمرصد مينا “أن المظاهرات لن تتوقف وستستمر، وهي ليست احتجاجاً على تردي الأوضاع المعيشية وأزمة الغلاء وارتفاع مستويات الفقر فقط، بل للمطالبة برحيل الأسد ونتيجة طبيعة لما آلت اليه الأوضاع بعد السنوات الطويلة من الحرب”.
وكانت الليرة السورية قد شهدت خلال الأسبوع الماضي، انهياراً كبيرا ووصل سعر الصرف إلى ما يقارب 3000 ليرة مقابل الدولار ما أدى إلى ارتفاع جنوني في الأسعار.
من جانبه قال مدير مركز “أنا إنسان”، مالك أبو الخير، في تصريح سابق لمرصد مينا، إن هذه “التظاهرات نتيجة حتمية لسياسات النظام السوري وعجز مؤسساته عن التصدي للظروف الراهنة، بالتزامن مع انهيار الليرة وغلاء الأسعار وتفشي الفساد”، مشيراً إلى أن “المظاهرات الحالية حملة رسالة واضحة إلى رئيس النظام السوري، بأن الحل الوحيد للأزمة في سوريا، رحيله عن السلطة”.
استنفار في دمشق..
ليس بعيدا عن السويداء تشهد العاصمة دمشق حالة استنفار أمني، اذ أعاد النظام عدداً من الحواجز الأمنية على مداخل العاصمة الجنوبية ومناطق أخرى كحاجز منطقة “الفحامة”، بينما سيرت الأجهزة الأمنية العديد من الدوريات الأمنية في وسط المدينة وتشديد الحراسات في المؤسسات الرسمية.
مصادر “مينا” قالت إن “الدوريات الأمنية تلاحق تجار العملة والصرافين الذيمن يعملون في الخفاء، ولا سيما في منطقة الحريقة”، مشيرة إلى أن “النظام يستخدم كل الطرق والأساليب بما فيها أجهزة التنصت لمتابعة وملاحقة تجار العملة بعد تشديد الخناق اقتصادياً عليه ودخول قانون قيصر حيز التنفيذ”.
ارتفاع جنوني..
تراجع الليرة أمام الدولار دفع شركات الصرافة والحوالات في سوريا إلى التسعير الكيفي بما يتناسب ورؤية كل شركة، وطالبت المجالس المحلية في الشمال السوري، أمس الثلاثاء، أصحاب المنشآت والمتاجر بتسعير السلع والخدمات بالليرة التركية، اذ بدأت مراكز البريد التركية (ptt) بضخ العملة التركية من الفئات الصغيرة لتلبية متطلبات السكان في الشمال.
وبحسب مصادر مينا في الشمال السوري حولت المجالس المحلية والمؤسسات والمراكز الخدمية الموجودة في الشمال السوري جميع معاملاتها اعتبارا من يوم 9 حزيران إلى العملة التركية، بهدف تحجيم نسبة التضخم وارتفاع الأسعار الذي شهدته مناطق الشمال.
أما في مناطق النظام فقد ارتفعت أسعار السلع والغذائيات إلى حد شل حركة السوق، لانكفاء معظم التجار والباعة عن البيع خشية تكبدهم خسائر فادحة؛ فعلى سبيل المثال قفز سعر كيلو زيت القلي من 2800 ليرة صباح الاثنين إلى 4500 ليرة مساء اليوم ذاته وكذلك الكثير من المواد الغذائية، ما أحدث اضطرابا كبيرا في أوساط الناس الذين تهافتوا على الأفران لشراء الخبز الحكومي، بعد إغلاق عدد من المخابز الخاصة ووصول سعر رغيف التنور فيها إلى 100 ليرة، أي ما يعادل ثمن ربطتي خبز حكومي (16 رغيفا).
وشهدت مراكز لتوزيع الخبز الحكومي في دمشق شجارات على الدور، تحولت في بعض المناطق إلى احتجاجات على تجاهل حكومة النظام على إذلال الناس على أبواب مراكز توزيع مخصصات التموين بالسعر المدعوم، اذ يتوقفون لساعات في الطوابير على أبواب صالات المؤسسة العامة للتجارة للحصول على كميات محدودة من السكر والأرز بأسعار 350 و400 ليرة، بعد وصول سعر السكر إلى 1800 ليرة وكيلو الأرز العادي إلى 2600 ليرة.
الأمم المتحدة تتدخل..
من جانبها، أعربت الأمم المتحدة عن قلقها من ارتفاع أسعار المواد الغذائية في كافة أنحاء سوريا، وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، “ستيفان دوجاريك”:إن “أكثر من 11 مليون سوري حاليًا بحاجة إلى مساعدة إنسانية عاجلة”. مشيراً إلى أنها ” قلقة بشأن الارتفاع السريع في أسعار المواد الغذائية في سوريا، فقد ارتفعت الأسعار أكثر من الضعف في العام الماضي، بنسبة 133٪ في جميع أنحاء البلاد”.
المسؤول الأممي أكد أن “محافظة إدلب أكثر المحافظات تأثرًا، اذ ارتفعت سلة الغذاء فيها بنسبة 30٪ في شهر واحد فقط، اذ يعاني 9.3 مليون شخص في سوريا من انعدام الأمن الغذائي، نقلًا عن أرقام برنامج الأغذية العالمي”.
وتوزّع الأمم المتحدة المواد الغذائية شهريًا على 4.5 مليون شخص في 14 محافظة سورية، لمواجهة الاحتياجات المتزايدة وتغطيتها على نطاق واسع، وتقدر أن 2.8 مليون شخص في شمال غربي سوريا بحاجة للمساعدات الإنسانية، بينهم مليون نازح يعيشون في مخيمات أو ملاجئ غير رسمية.
“دوجاريك” أوضح أن إرسال المساعدات الإنسانية إلى المنطقة شهد زيادة هائلة، اذ عبرت أكثر 1350 شاحنة شهريًا في المتوسط، منذ بداية العام الحالي، تحتوي على مواد غذائية وصحية وغير ذلك من الدعم الإنساني”.
وكانت الأمم المتحدة طالبت أعضاء مجلس الأمن الدولي، باتخاذ قرار يسمح باستمرار مرور المساعدات الإنسانية عبر معبري “باب السلامة” و”باب الهوى” إلى شمال غربي سوريا، لمدة 12 شهرًا إضافيًا.
وقال منسق الشؤون الإنسانية والإغاثة في حالات الطوارئ، مارك لوكوك، إن “العمليات الإنسانية عبر المعابر في شمال غربي سوريا، هي شريان الحياة لملايين المدنيين الذين لا يمكن للأمم المتحدة أن تصل إليهم بطرق أخرى، لذا لا يمكن استبدالها، ويجب تجديد منح الإذن لها”.
وأشار “لوكوك” إلى أن التدهور السريع في الوضع الإنساني منذ كانون الأول 2019، والحاجة إلى التجهيز لمواجهة آثار فيروس “كورونا”، تسببا بمضاعفة عبور شاحنات المساعدات من تركيا باتجاه شمال غربي سوريا.