هيئة التحرير
“الدويلات”، مصطلح جديد يستخدمه رئيس الحكومة اللبنانية، “حسان دياب”، في خطابه الأخير حول الأزمة الحالية في لبنان، ما أثار جدلاً في الساحة المحلية، لا سيما وأن هذا المصطلح دائما ما يرتبط بحزب الله، وسطوته على القرار اللبناني.
وتوصف حكومة “دياب” محلياً ودولياً، بأنها حكومة حزب الله، وانها حكومة اللون السياسي الواحد، على اعتبار أنها مشكلة من تيارات وأحزاب موالية ومتحالفة مع الحزب المدعوم إيرانياً.
حكومات إيران في لبنان
بعد ثلاثة أيام من تصاعد المظاهرات في الشارع اللبناني وانتقالها بين العاصمة بيروت ومدينة طرابلس، أكبر مدن الشمال اللبناني، يخلص رئيس الحكومة “دياب” إلى أن سبب المشكلة في البلاد يرتبط بمبدأ الدويلات الموجود في لبنان، لافتاً إلى أن خطط الحكومة لمكافحة الفساد أسقطها ذلك المبدأ، الأمر الذي يعتبره مصدر خاص بمرصد مينا، محاولة من “دياب” لرفع المسؤولية عن نفسه، وتحمليها لحلفائه في الحزب وداعميه.
وكان لبنان قد شهد أمس السبت تظاهرات عارمة في مدن لبنانية، كان أقواها في مدينة طرابلس، التي شهدت مواجهات بين الأمن ومتظاهرين خرجوا للاحتجاج على تردي الوضع الاقتصادي وسط انتشار أمني مكثف.
في السياق ذاته، يؤكد المصدر الخاص، أن النقاشات ضمن الدائرة الضيقة في مؤسسات الحكم تدور حول مرحلة مصيرية في تاريخ لبنان خلال الفترة القادمة، موضحاً: “لبنان في فقه حزب الله ومعسكره مقبل على مفترق طرق، إما ثورة تطيح بالمعسكر المتحالف مع إيران، أو 7 أيار جديدة، تجعل من لبنان مستعمرة إيرانية بالمعنى الفعلي للكلمة، وهو ما جعل حزب الله يستنفر كامل قوته للتصدي للشارع، وأعتقد أنه استعد أيضاً للمزيد من الخطوات التصعيدية”.
وتجددت المظاهرات يوم الخميس الماضي، بعد فقدان الليرة اللبنانية نحو 70 في المئة من قيمتها ما أدى إلى موجة غلاء كبيرة في البلاد، وسط اتهامات لحزب الله بالمسؤولية عن تلك الازمة بسبب رعايته لتهريب العملية الأجنبية إلى النظام السوري من خلال معابره الحدودية غير الشرعية.
الحديث عن مستقبل لبنان، يتناوله بدوره مدير الأمن العام اللبناني السابق، اللواء “أشرف ريفي”، بوصف حكومة “دياب” بأنها آخر حكومات إيران في لبنان، وأن الانتفاضة الحالية ستحمل تقلبات كبيرة في المشهد السياسي اللبناني.
المتظاهرون كانوا قد رفعوا للمرة الأولى في مظاهراتهم، التي اندلعت في تشرين الأول الماضي، شعارات تدعو لنزع سلاح حزب الله، وإسقاطه بشكل مباشر، بالإضافة إلى مطالبهم القديمة بإسقاط الحكومة وتشكيل حكومة كفاءات مستقلة.
أما عن تصريحات “دياب” حول مبدأ “الدويلات”، فيشير “ريفي” إلى أن “دياب” أضعف من أن يتناول حزب الله بهذه الصيغة، مضيفاً: “الجميع شاهد ما فعلته عناصر حزب الله في وسط بيروت ولم نسمع منه أي إدانة أو استنكار سوى تلميح بالعموميات فقط لا غير”.
وكان عناصر تابعين لحركة أمل وحزب الله قد هاجموا خلال خلال الأشهر الماضية، خيام الاعتصام وساحات التظاهر، في العاصمة بيروت عدة مرات، واعتدوا على المتظاهرين بالأسلحة البيضاء، وسط هتافات حزبية وطائفية، على حد قول ناشطين في الحراك اللبناني.
الانزلاق نحو الهاوية وكاظمي لبنان
في خضم الأحداث الجارية، يعتبر الكاتب الصحافي، “طوني عيسى” أن لبنان يواجه الآن تهديداً جدياً بالانهيار المالي والنقدي والاجتماعي، لافتاً إلى أن ما يتم تداوله حالياً بشأن لبنان مخيف جداً.
كما يضيف “عيسى”: “التفكك ليس مصطلح جديد على لبنان وهو واقع تعيشه الدولة منذ سنوات، ولكنه الآن بدأ يترسخ كأمرٍ واقعٍ، فهل يدرك العقل الذي يدير البلد إلى أي هاوية ينزلق؟”، مشدداً على العقوبات التي يتعرض لها حزب الله من الإدارة الأمريكية تنعكس على لبنان ككل بما فيه مؤسسات الدولة الرسمية.
وكانت الولايات المتحدة قد أقرت سلسلة من العقوبات على عدد من المصارف اللبنانية المتهمة بتمويل حزب الله، كما أنها أوقف المساعدات المالية الأمريكية إلى لبنان، بسبب ما قالت إنه سطوة الحزب على القرار الحكومي اللبناني، وهو ذات الموقف الذي عبر عنه كل من الاتحاد الأوروبي وعدة دول عربية.
في السياق ذاته، يؤكد المصدر الخاص بان المطلوب اليوم من المظاهرات في لبنان الوصول إلى “كاظمي” جديد، في إشارة إلى رئيس الوزراء العراقي الحالي، موضحاً: “شعبياً وإقليميا ودولياً، تعقد آمال لبنان على أن تفرز المظاهرات حكومة جديدة مناوئة لحزب الله كما هو الحال في العراق، بهذه الحالة يمكن أن يعود لبنان إلى هويته وتحصل الحكومة على الدعم الدولي اللازم مالياً وسياسياً، خلافاً لما هو الوضع عليه الآن”.
وكانت الولايات المتحدة قد وقعت مع الحكومة العراقية الجديدة قبل أيام،عدة اتفاقياتتعهدت فيها بدعم العراق سياسياً ومالياً واقتصادياً، بالإضافة إلى التعاون مع بغداد في الجانب الأمني لمواجهة أي خطر يهدد سلامة ووحدة العراق.
خيارات النزول
المظاهرات والثورة ومهما كانت تكلفتها، يرى المحلل السياسي اللبناني، “نصرى الصايغ” انها فرضت على الشعب اللبناني، مشيرا إلى أنالأمل الوحيد للبنان في العودة إلى هويته هو طريق المواطنة، والتخلص من التأييد الجارف لقطعان الطوائف على حد قوله.
ويحكم لبنان منذ نهاية الحرب الأهلية بنظام سياسي قائم على المحاصصة الطائفية، بموجب اتفاق الطائف، حيث يتولى المسيحيون رئاسة الجمهورية وقيادة الجيش، فيما يتولى السنة رئاسة الحكومة، والشيعة رئاسة مجلس النواب.
ويصف “الصايغ” لبنان بأنه لا دولة وأن الدولة الموجودة حقا، هي دويلة الطائفة، مضيفاً: “بانتظار جمهورية 17 أكتوبر، يدنا على قلبنا، وأعيننا صوب الآتى، وخوفنا من الماضي، مرة أخرى، إلى اللقاء فى الساحات قريبا؛ كي لا يرثنا في ما بعد الخراب والجوع والموت”.