لا تزال المواقف الرافضة للعملية العسكرية التركية شمال سوريا تتوالى على كافة المستويات الدولية والإقليمية وحتى المحلية، حيث أعلنت مجموعة من الدول بينها الولايات المتحدة وأوروبا وروسيا، إلى جانب المملكة العربية السعودية والبحرين والأردن والإمارات ومصر؛ رفضها الكامل لعملية “نبع السلام” شرق الفرات.
على المستوى السياسي السوري، اعتبر المعارض السياسي وعضو الائتلاف الوطني السوري السابق “كمال اللبواني” أن المنطقة الآمنة التي تريد تركيا إقامتها في الشمال شرق الفرات حق أريد به باطل، مؤكداً أن العملية ستكون محدودة ومؤقتة ولن تكون هناك منطقة آمنة.
وأضاف المعارض البارز غبر صفحته على موقع “فيسبوك”: “عملية تحرير الباب استغرقت ٣ أشهر فما بالك بـ ٥٠٠٠٠ كم مربع، الهدف الحقيقي منها هو دفع أمريكا للانسحاب لأن وجودها كان يحرج الروسي والإيراني ، فدفعوا بتركيا كي تخير أمريكا بينها وبين قسد، مشيراً إلى أن النتيجة الفعلية من العملية هي دفع “قسد” للقبول بالعودة لحضن النظام.
وأشار “اللبواني” إلى أن الهدف غير المعلن من العملية هو تسليم المنطقة “شرق الفرات” للروس والإيرانيين، وهو ما سيتم بعد أن تتمكن القوات المهاجمة من تحقيق انتصارات على الأرض، على حد قوله، مضيفاً: “فصائل الجيش الوطني” أخطأت عندما اعتقدت أنها ستحكم الجزيرة ، وتقيم حكومة فيها، الجيش الوطني سيصبح عليه أن يجد وطناً آخر ومشغلاً جديد يعطيه راتبه”.
إلى جانب ذلك، أشار المعارض السوري إلى أن العملية هي جزء من مخطط لإقامة دويلة علوية في الساحل السوري، من خلال نقل ما تبقى من العرب السنة داخل سوريا باتجاه المناطق التي تشهدها حالياً عمليات “نبع السلام”، داعياً إلى عدم الانخداع بالشعارات والحجج.
وأكمل “اللبواني”: “عودة أي لاجئ هي فقط لبيته وحارته وأرضه ، وغير ذلك هو تهجير جديد، ومشكلة سوريا موجودة في منطقة بردى وليست في مناطق الفرات”، معتبراً أن موقف الجيش الوطني وموقف المعارضة المعلن، هو خدمة لمشروع تقسيم سوريا من قبل دول الاحتلال، في إشارةٍ لتركيا.
من جهته، علق الكاتب أمجد طه على العملية العسكرية بتغريدة على تويتر؛ كتب فيه: “العدوان والاحتلال التركي الإيراني غير مبرر تحت أي ذريعة، وعليك قبل أن تنطق بهذه الكلمات قُل لي حقاً، هل ترضى ان تحتل اي دولة شبر من وطنك؟”.
إلى جانب ذلك، ربط الكاتب السعودي “راشد الفوزان” في تغريدة على تويتر بين تصريحات “ترامب” حيال المساعدات الامريكية للأكراد، وبين العملية التركية، حيث كتب: “هل بعد هذه تحتاج تركيا ضوء أخضر أو أحمر ؟”.
الدكتور “عبد الملك المالكي” دعا أيضاً عبر صفحته على تويتر إلى دعم السوريين في الدفاع عن أرضهم بموجهة ما وصفه بـ”الغزو التركي”، مضيفاً في تغريدته: “بعد إعلان انسحاب القوات الأمريكية من منطقة شرق الفرات و الشمال السوري، بات دفاع إخوتنا ” كورد و عرب ” عن أرضهم، و عرضهم بات أمراً مُلحاً لطرد المحتل التركي البغيض الممول و الحاضن الرئيس لإرهاب داعش”، وذلك في وقتٍ اتهمت فيه الإعلامية “تهاني الجهني” الرئيس التركي “رجب طيب أوردوغان” بالعمل على التغيير الديموغرافي في شمال سوريا.
ميدانياً، كانت مصادر محلية قد أكدت أن عناصر من ميليشيات “قسد” أخلت مواقعاً لها في مدينة عين عيسى بريف الرقة الشمالي، وذلك بالتزامن مع تواصل القصف التركي لمناطق متعدد من شرق الفرات.
في غضون ذلك، أفادت وسائل إعلامية بأن المدفعية التركية استهدفت 20 موقعاً عسكرياً تابع لميليشات “قسد”، ما أدى إلى سقوط خسائر بشرية.
من جهته، اعتبر متحدث باسم “قسد” أن تركيا حصلت على على ضوء أخضر من ترامب لبدء عمليتها العسكرية، مضيفاً: “المجتمع الدولي تخلى عن عناصرنا”، فيما أكد ناشطون أن آلاف العوائل نزحت من مناطق العملية العسكرية، في وقتٍ أعرب فيه الصليب الأحمر الدولي عن قلقه من تردي الاوضاع الإنسانية جراء عمليات القصف.
على الجانب الآخر من العملية، أعلنت ميليشيات “قسد” مقتل خمسة جنود من القوات الموالية لتركيا خلال اشتباكات على الشريط الحدودي بين تركيا وسوريا، فيما ذكرت وكالات كردية، أن قوات سوريا الديمقراطية، دمرت أربعة دبابات للجيش التركي، خلال محاولتهم التوغل البري نحو المواقع الخاضعة لسيطرتهم.
وحول العناصر القتلى، بينت ميليشيا “قسد”، أن العناصر القتلى سقطوا خلال محاولتهم التوغل باتجاه الجانب السوري من الحدود من جهة “تل أبيض” شمال الرقة، مشيرةً إلى أنها تصدت للقوات المهاجمنة وأجبرتها على التراجع، وأن جثث قتلى المعارضة السورية بحوزتها في الوقت الراهن.
في غضون ذلك، أفادت مواقع إعلامية كردية بأن القوات التركية، واصلت صباح اليوم قصفها على قرى غربي مدينة عين العرب (كوباني)، مشيرة إلى أن قرية آشمة التي يتواجد فيها قبر “سليمان شاه” تتعرض لقصف مدفعي عنيف.
سياسياً، وصف البيت الأبيض في بيانٍ له العملية التركية في سوريا بأنها فكرة سيئة، مشيراً إلى أن أنقرة مطالبة باحترام التزاماتها وتعهداتها بحماية المدنيين.
وأشار البيت الأبيض إلى أن تركيا تتحمل اليوم مسؤولية عدم فرار مقاتلي داعش من سجونهم في سوريا، مؤكداً أن لا وجود لجنود أمريكيين في المناطق التي استهدفها الجيش التركي خلال عملية “نبع السلام”.
ولفت البيان إلى أن الولايات المتحدة لا تريد الانخراط في معركة لن تنتهي شمال سوريا، معتبراً أن ما تقوم به أنقرة بأنها “غزو” للأراضي السورية.
من جهته، جدد الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” رفضه التدخل في التصعيد العسكري الذي تشهده شمال سوريا، إثر عملية “نبع السلام” التي أطلقها الجيش التركي ظهر أمس الأربعاء ضد مناطق سيطرة ميليشيات “قسد”.
وقال “ترامب” في مؤتمر صحفي: “الأكراد يُحاربون من أجل أرضهم، عليكم أن تفهموا هذا”، مشيراً إلى أنه يحب الأكراد.
ولفت الرئيس الأمريكي إلى أن الفصائل الكردية لم تشارك الولايات المتحدة الأمريكية خلال عملية إنزال النورماندي إبان الحرب العالمية الثانية، وذلك في إشارة منه إلى وجوب أن تتولى الفصائل الكردية الدفاع عن نفسها دون مساعدة في وجه الهجوم التركي.
تزامناً، دعا الاتحاد الأوروبي لوقف العملية العسكرية، في وقتٍ أفادت به وكالة سانا التابعة للنظام السوري بأن الجيش التركي استهدف مواقع قسد في مدينة عامودا التابعة للحسكة.
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي.