هيئة التحرير
حرب جديدة يخوضها العراق ضد الفساد، يفتتح مركز الرافدين العراقي؛ أولى معاركها من خلال دعوى قضائية سيقدمها بحق وزير الكهرباء السابق، “لؤي الخطيب”، الذي يواجه تهم فساد إداري ومالي مثبتة بالأدلة والوثائق، بحسب ما يؤكده رئيس المركز “زيد الطالقاني”.
تزامناً مع توجهات المركز، يشير مصدر عراقي مطلع، لمرصد مينا، إلى أن الفساد يشكل واحداً من أبرز التحديات، التي تواجه عمل حكومة “مصطفى الكاظمي”، لا سيما وأنه فساد منظم ضمن شبكات معقدة داخل النظام، لها ارتباطتها بالمنظومة السياسية أكثر من كونه فساد مرتبط بأفراد على حد قول المصدر.
وكانت منظمات عراقية شبه رسمية، قد أشارت إلى أن حجم الفساد بلغ ما يتراوح بين 500 إلى 1000 مليار دولار منذ عام 2003.
فتش عن إيران..
النفوذ الإيراني، وبحسب ما يكشف المصدر، يمثل حجر الزاوية في منظومة الفساد داخل مؤسسات الدولة العراقية طيلة 17 عاماً، خاصةً وأن مسألة التعيينات الحكومية والوزارية كانت خاضعة لمبدأ المحاصصة الطائفية، التي منحت الأحزاب المدعومة من طهران فرصة لتتمدد داخل تلك التعيينات، وإدارتها بالشكل، الذي يتماشى مع مصالحها ومصالح داعميها الإيرانيين، أكثر من مصالح البلاد.
وسبق لتقارير إعلامية عراقية أن كشفت عن تورط إيران بتهريب العملة الصعبة من العراق نحو إيران، بهدف الالتفاف على العقوبات الأمريكية وتأمين القطع الأجنبي على حساب القطاع المالي العراقي.
في السياق ذاته، يستعرض المحلل السياسي، “مؤيد الجحيشي” دور إيران في دعم الفساد داخل العراق، من خلال ما يوصف بـ “فساد الحدود”، لافتاً إلى أن العراق يخسر بشكل سنوي، ما يصل إلى 6 مليارات دولار جراء عمليات الفساد في منافذه الحدودية، سواء عبر تهريب النفط وإدخال السلع والبضائع غير الصالحة للاستهلاك إلى داخل العراق وتجارة الحشيش والمخدرات.
وتشترك إيران والعراق بحدود بري يصل امتدادها إلى 1458 كم، بدءاً من الممر المائي في شط العرب جنوباً وصولاً إلى الحدود التركية شمالاً.
أشكال الفساد المدعوم إيرانياً في العراق، يضيف إليها المحلل الاقتصادي، “جاسم الدليمي” إغراق السوق العراقية بالعملات المزورة، بغطاء من محافظ المركزي العراقي، “علي العلاق”، الذي يعتبر بدوره واحداً من أقرب المسؤولين العراقيين لرئيس الحكومة الأسبق، “نوري المالكي”، المدعوم من إيران.
معايير النجاح والفشل
مع تفشي الفساد واتساع دائرة انتشاره وتأثيره على الاقتصاد، يعتبر النائب عن ائتلاف الوطنية، “حسن شويرد”، أن مؤشرات نجاح مهمة “الكاظمي”، ترتبط بقدرته على اتخاذ خطوات فعلية في محاربة الفساد، ومواجهة الأطراف الداعمة للفسادين.
وكانت ممثلة الأمم المتحدة في العراق، “جينين بلاسخارت”، قد حملت الفساد وارتفاع معدلاته، المسؤولية عن الخلل الاقتصادي في العراق وابتعاد الجهات المانحة والمستثمرين، في ظل توقعات بانكماش الاقتصاد العراقي بنسبة 9.7 في المائة خلال العام الجاري، وارتفع معدلات الفقر إلى قرابة 40 في المائة.
من جهته، يذهب المحلل السياسي “إبراهيم الزبيدي” إلى أن الشعب والحراك العراقي بانتظار مدى قدرت “الكاظمي” على الوفاء بالعديد من وعوده، في مقدمتها محاربة الفساد، مضيفاً: “المهمة لن تكون سهلة في حال عدم تعاون البرلمان، الذي يُسيّره أصحابُ السلاح والمتهمون بالفساد والمعتمدون كليا على تدخل القوى والحكومات وأجهزة المخابرات الأجنبية”.
كما يوضح “الزبيدي” أن الشعب العراقي مر بالكثير من التجارب المريرة في ظل حكم المحاصصة والفساد والغش والاحتيال، ما علمه التمسك بمطالبه ورفض تمييعها، أو تخديره بقرارات وإجراءات سطحية لا تشفي الغليل، في إشارة إلى أهمية محاربة الفساد في تقييم أداء الحكومة.
وسبق “للكاظمي” تأكيد عزم حكومته على تجاوز الصعاب والتحديات الأمنية، والاقتصادية، والصحية، داعياً إلى بذل جهود استثنائية في العمل الوزاري والمسؤوليات بروح الفريق الواحد وغلق أبواب الفساد.
فساد عام ووظائف وهمية
الحديث عن الفساد في العراق، لا يكتمل دون التعريج على الفساد في المؤسسة العسكرية والتهرب الضريبي، حيث يلفت الكاتب العراقي، “جسار صالح المفتي”، إلى أن حجم الأموال المهدرة بسبب الفساد المرتبط بعمليات التجنيد الوهمية، يتجاوز الـ10 مليارات دولار للسنوات الأربع الأخيرة من حكم رئيس الحكومة الأسبق، “نوري المالكي”،
إلى جانب ذلك، يكشف “المفتي” أن خسائر العراق من التهرب الضريبي وصل عام 2006 إلى 306.5 مليون دولار، خلال الأشهر الستة الأخيرة من العام 2006، وفقاً لبيانات هيئة الجمارك العامة، موضحاً أن حجم الخسائر الحقيقية أكبر من القيمة المذكورة.
أما عضو اللجنة المالية النيابية، “ماجدة التميمي”، فتؤكد أن 90 في المئة من إيرادات الجمارك العراقية تستولي عليها بعض الجهات الفاسدة في العراق، بدلاً من خزينة الدولة، مضيفةً: “عمليات الفساد تذهب إلى مسؤولي أربع جهات هي البنك المركزي، والأحزاب، والتجار، وممولي الإرهاب”.