إذا سقطت ورقة التوت عن ما يسمى بـ”الثورة الإسلامية”، وظهر الوجه الآخر لإيران، وجهٌ طالما حاول نظام الملالي إخفاءه عن الشعب، وجهٌ مثل الطرف الآخر من الحياة المترفة في تلك الدولة النفطية، التي يعيش أكثر من 50 في المئة من سكانها تحت خط الفقر، بذريعة “تصدير الثورة” و”ثارات الحسين”.
وجهان لبلدٍ واحد
في الوقت الذي فجرت فيه 20 سنتاً، تم إضافتها على أسعار النفط، احتجاجات عارمة أسفرت حتى الآن عن مقتل 40 متظاهراً، يوجد في إيران من يمتلك المليارات، والحديث هنا يطال رأس هرم السلطة والمرشد الأعلى لثورتها “على خامنئي”، الذي يملك ثروة قدرتها السفارة الأمريكية في العاصمة العراقية، بغداد، بـ 200 مليار دولار، أي ما يقارب نسبة 20 ضعفاً من حجم ديون إيران الخارجية البالغة 10 مليارات دولا بحسب الإحصاءات الرسمية.
ناشطون معارضون علقوا على ثروة “خامنئي” بأنها تمثل الوجه الحقيقي للثروة الإيرانية، التي بددتها سلطات النظام طيلة أربعين عاماً، تارةً على ما يسمى تصدير الثورة، وأخرى باسم المقاومة والعداء لأمريكا وإسرائيل، وثالثة باسم “آل البيت”، وهي الذرائع التي تصب في النهاية بجيوب أركانه وقادته، على حد وصفهم.
وأضاف الناشطون: “عندما يملك شخص واحد 200 مليار دولار، والشعب يثور من أجل 20 سنتاً، هنا يمكن القول بأن البلاد باتت تمتلك وجهين متباينين، أولهما يعكس البؤس والشقاء والفقر والجوع، فيما يمثل الوجه الآخر الحياة المترفة والحقيقية لدولة تعتبر واحدة من أكثر الدول امتلاكاً للاحتياطي النفطي”، لافتين إلى أن مليارات “خامنئي” يضاف عليها مليارات مسؤولي النظام الباقين، لا سيما قادة الحرس الثوري الإيراني والدولة العميقة، هي من حق الشعب.
إلى جانب ذلك، أشار الناشطون المعارضون أن لا شيء اليوم يجمع هذا الشعب بهذه القيادة، موضحين: “تسير في شوارع طهران، ترى المتسولين والمشردين والبائسين، ترى كيف بات الفساد ينهش في أجسادهم، على الرغم من أنهم يسيرون على بحور من النفط، تلك البحور التي لا تعرف أي طريقٍ إلى جيوبهم الفارغة”.
الموت للشعب .. والبقاء لأمريكا
“الموت لأمريكا”، هو الشعار الذي رفعه المرشد الأعلى السابق لإيران “علي خميني”، الذي قاد الإنقلاب على الشاه، قبل أربعين عاماً، وهو ذات الشعار الذي حولته المعارضة والمتظاهرين المنتشرين حالياً إلى شعار “الموت للديكتاتور”، في إشارة إلى “خامنئي” بشكل شخصي.
الناشطون من جهتهم، علقوا على شعارات النظام الإيراني: “هناك خطئ في الشعار، فالنظام تبنى حقيقةً شعار الموت للشعب الإيراني، فأي خدمة ممكن أن يقدمها النظام لأعداءه المفترضين أكثر من أن يجوع الشعب الإيراني ويضعف قواه، ويقضي على مؤسسات الدولة، لن نبالغ إن قلنا بأن النظام الحالي يمثل طابوراً خامساً حقيقياً مهمته تدمير إيران من الداخل”، لافتين إلى أن كل الانتصارات الوهمية التي يتحدث عنها إعلام النظام، سواء عبر الحوثيين أو ميلشيات حزب الله أو ميليشيات العراق، هي للتغطية على حقيقة ما يفعله بالبنية الإيرانية من تخريب وتدمير.
واعتبر الناشطون أن كل ما يتداوله النظام حول برنامجٍ نوويٍ وإعادة أمجاد الدولة الفارسية، ومناصرة آل البيت في مواجهة أنصار يزيد “في إشارة إلى العرب”، هي مجرد إدعاءات لإظهار إيران على أنها قوية، في وقتٍ لا تقوى البلاد على مواجهة أي عمل عسكري ضدها مهما كان صغيراً، مضيفين: “الولايات المتحدة أو من تصفهم وسائل إعلام النظام بانهم الأعداء، هم غير قادرين على إكمال مسرحية المقاومة، عبر توجيه ضربات عسكرية لمواقع النظام الإيراني، فهم يدركون حقيقة أن النظام لن يتمكن من البقاء أو الصمود، حتى وإن كان العمل العسكري عبارة عن خمسة صواريخ قد تسقط في الصحراء”.
موازنات ومديونيات وأمعاء فارغة
كلام الناشطين المعارضين ورأيهم في النظام الحالي دعمته الإحصائيات ولغة الأرقام، التي أكدت أن 55 في المئة من الشعب الإيراني يعيش تحت خط الفقر، في أسوء موجة فقر تمر على البلاد منذ أبعين عاماً، لا سيما بالتزامن مع الانهيار الحاد في أسعار صرف التومان الإيراني، وارتفاع الأسعار، ما خلق نسب تضخم عالية وتراجع كبير في القوة الشرائية للمواطنين.
وفي نظرة على الموازنة العامة للحكومة الإيرانية، فإن مخصصات الجيش مثلاً بلغت 12 مليار دولار، أكثر من نصفها يذهب للتمويل عمليات الحرس الثوري، ليتوزع الباقي على الجيش ووزارة الدفاع والأجهزة الأمنية، ما يعني أن ثروة “خامنئي” قادرة على تمويل موازنة إيران لما يزيد عن 18 عاماً على التوالي، الأمر الذي يطرح تساؤلات عديدة حول المصادر التي تمكن من خلالها المرشد المتقشف، “وولي أمر المسلمين” كما يطلق على نفسه، من جني كل تلك الثروة، في بلد لا يملك فيها الشعب قوت يومهم.
أمام تلك الإحصائيات، والمقارنة بأملاك “خامنئي”، اعتبر الناشطون المعارضون، أنه من الطبيعي أن تشغل 20 سنتاً ثورة، فالمسألة هنا متعلقة من وجهة نظرهم، بثروة منهوبة وبلاد مسلوبة، وشعارات من شأنها تخدير الشعب ودغدغة مشاعره، مضيفين: “أياً كانت الأوضاع والمبررات فإن قطاع التعليم والصحة والخدمات والأبحاث أولى بالمليارات التي تنفقها حكومة خامنئي وروحاني على الميليشات وعلى التمدد في المنطقة العربية، والدخول في صراعات إقليمية لا ناقة لإيران فيها ولا جمل”.
وتساءل الناشطون: “ما الذي يخدم إيران بالسيطرة على العراق ولبنان وسوريا واليمن بشكل خاص، أهو مطامع من دولة عائمة على بحر من النفط بنفط تلك الدول؟، أم أنه سياسة ممنهجة ومقصودة لإهدار المال وتعميق إفقار وبؤس الشعب الإيراني، حتى لا تقوم له قائمة؟”، معتبرين أن النظام الحالي وبكل الأشكال هو أكبر خطر على إيران من الأعداء المزعومين، الذين ما فتء النظام وإعلامه الحديث عنهم.
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي.