بالرغم من الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يمر بها لبنان، إلاّ أنّ الفساد المالي والاقتصادي لا يزال سيد الموقف، ففي الوقت الذي حدد فيه اتحاد المصارف اللبنانية سقف السحب للعملاء بسبب الموقف الاقتصادي المتأزم الذي يمر به لبنان، إلاّ أن التحقيقات اللبنانية كشفت تورط أكثر من 10 مسؤولين لبنانيين في تهريب نحو مليار دولار أمريكي للخارج، ما استدعى حزمة صارمة من العقوبات على بعض البنوك اللبنانيّة.
فقد أكدت قالت مصادر قضائية لبنانية، الخميس، أنّ المدعي العام اللبناني يتجه إلى تجميد أصول 20 بنكا في لبنان، وأضافت المصادر اللبنانية أنّ المدعي العام سيجمد أيضاً عقارات مملوكة رؤساء 20 بنكاً.
يأتي ذلك على خلفية اتهامات طالت مسؤولين مصرفيين بتحويل 2.3 مليار دولار إلى الخارج خلال الشهرين، وكان النائب العام المالي اللبناني “علي إبراهيم” ،استمع يوم الإثنين الماضي، إلى إفادات 15 مسؤولاً مصرفيا بشأن تحويل أكثر من مليار دولا خارج البلاد رغم ازمة السيولة التي تشهدها لبنان، والقيود المشددة على حركة الأموال.
ويشهد لبنان أسوأ أزمة اقتصاديّة منذ الحرب الأهليّة (1975-1990)، ما يُهدّد المواطنين في وظائفهم وحياتهم المعيشية تزامناً مع أزمة سيولة حادّة وارتفاع مستمرّ في أسعار المواد الأساسيّة.
وأوضح المصدر الذي نقل عنه موقع العربية نت دون أن يسمه، أن التحقيق “تناول قضايا أساسية شغلت الرأي العام في الفترة الأخيرة، وأدت إلى ضرب الثقة بالقطاع المصرفي أبرزها: أسباب تحويل الأموال الطائلة العائدة لأصحاب المصارف إلى الخارج، ما أضعف السيولة في الأسواق المالية الداخلية، وعدم تمكين المودعين من السحب من حساباتهم بالدولار الأميركي والعملة الأجنبية، في حين أن هذا الحظر لا يسري على النافذين”.
وتأتي هذه الخطوة في الوقت الذي ما زال لبنان يبحث عن مخرج لأزمة سياسية أدت إلى أزمة اقتصادية هي الأعنف منذ الحرب الأهلية نهاية القرن الماضي، تسببت الآن بغضب شعبي تخشى السلطات اللبنانيّة انفجاره.
بالتزامن مع ذلك، قرر النائب العام المالي، القاضي علي إبراهيم، وضع إشارة “منع تصرف” على أصول 20 مصرفا لبنانيا، وإبلاغ ذلك إلى المديرية العامة للشؤون العقارية وأمانة السجل التجاري وهيئة إدارة السير والآليات وحاكمية مصرف لبنان وجمعية المصارف وهيئة الأسواق المالية.
كما وعُمم “منع التصرف” على أملاك رؤساء ومجالس إدارة هذه المصارف، وباشر القضاء اللبناني قبل أيام، استجواب رؤساء مجالس إدارة المصارف اللبنانية، في قضية ملف التحويلات المالية إلى خارج لبنان خلال الفترة التي لحقت انطلاقة الاحتجاجات الشعبية في 17 تشرين أول / أكتوبر الماضي.
وقبل أيام، أعلن رئيس الحكومة اللبناينة حسان دياب، يوم أمس الاثنين، في كلمة أمام السلك الدبلوماسي في العاصمة بيروت، أن ” الدولة لم تعد قادرة على حماية اللبنانيين، في ظل حالة ترهل وضعف إلى حدود العجز “.
وأضاف دياب في كلمته التي أطلقها من مقر الحكومة “نحن اليوم أمام معضلات كبرى، بينما آليات الدولة ما تزال مكبلة بقيود طائفية صدئة، وجنازير فساد محكمة، وأثقال حسابات فئوية متعددة، وفقدان توازن في الإدارة، وانعدام رؤية في المؤسسات”.
وتابع رئيس حكومة لبنان: ” لقد جاءت هذه الحكومة وهي تعلم أن حملها ثقيل، وأن مهمتها معقدة، لكننا مصممون على تفكيك هذه التعقيدات، وعلى الانتقال بلبنان إلى مفهوم الدولة، ومعالجة المشكلات المزمنة “.