أمر النائب العام الإماراتي، حمد سيف الشامسي، يوم الجمعة الماضي، بإحالة مجموعة تُعرف باسم “عصابة بهلول” إلى دائرة أمن الدولة بمحكمة استئناف أبوظبي الاتحادية. وتواجه العصابة اتهامات بارتكاب جرائم من شأنها التأثير على أمن الدولة والنظام العام. وذكرت وكالة أنباء الإمارات في بيان صادر عن النائب العام أن “تحقيقات النيابة العامة، التي استمرت لأكثر من سبعة أشهر، كشفت تورط أكثر من 100 متهم في تشكيل وإدارة والانضمام إلى عصابة إجرامية تُدعى ‘عصابة بهلول’.
وتهدف العصابة إلى القيام بأنشطة غير قانونية، وجمع الأموال المحظورة، وتقسيم العائدات بينهم عبر الإكراه، وتوسيع نفوذهم في مناطق عملياتهم، والترويج لأنشطتهم الإجرامية على وسائل التواصل الاجتماعي. كما استخدموا أدوات وأسلحة محظورة لبث الرعب في قلوب الضحايا وابتزاز الأموال بالقوة لتحقيق أهداف العصابة، وقاموا بإخفاء وغسل الأموال الناتجة عن هذه الجرائم”، وفقاً للبيان.
وأكد النائب العام أن “النيابة العامة لن تتساهل في تطبيق القانون بحزم ضد من يجرؤ على ارتكاب مثل هذه الأفعال الإجرامية أو تهديد الأمن العام في الدولة”. كما شدد على أن “الجهات الأمنية تقوم بواجبها بكامل اليقظة والاستعداد للحفاظ على أمن الدولة وسلامة سكانها”. ودعا الشامسي “كل من اتخذ من الإمارات وطنًا آمنًا له أن يبلغ عن هذه الجرائم فور علمه بها لتجنب عواقبها الوخيمة”.
هذه القضية أعادت للأذهان المواجهة الشرسة التي خاضتها الإمارات ضد جماعة الإخوان المسلمين لسنوات، بهدف منع محاولات الجماعة – المصنفة إرهابية في العديد من الدول – للهيمنة على الحياة السياسية في عدة بلدان. وقد اتبعت الإمارات نهجاً مختلفاً عن باقي دول الشرق الأوسط في التعامل مع الإخوان، خصوصاً بعد انهيار نظام حكمهم في مصر وفقدانهم الأغلبية البرلمانية في معظم الدول.
في عام 2014، أصدرت الإمارات مرسوماً حكومياً صنف جماعة الإخوان المسلمين ومجموعاتها المحلية كمنظمات إرهابية. كما صنفت الإمارات جماعات مثل جبهة النصرة وداعش – التي تقاتل ضد قوات الرئيس السوري بشار الأسد – كمنظمات إرهابية، إلى جانب الجماعات الشيعية مثل الحوثيين في اليمن. جاء ذلك بعد قرار السعودية في مارس من نفس العام بتصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية.
وفي يناير من العام السابق، أمر النائب العام الدكتور حمد سيف الشامسي بإحالة 84 متهماً، معظمهم من أعضاء جماعة الإخوان الإرهابية، إلى محكمة استئناف أبوظبي الاتحادية (محكمة أمن الدولة) لمحاكمتهم بتهمة تشكيل منظمة سرية أخرى بهدف ارتكاب أعمال عنف وإرهاب داخل الدولة. وبحسب وكالة أنباء الإمارات (وام)، أخفى المتهمون هذه الجرائم وأدلتها قبل اعتقالهم ومحاكمتهم في القضية رقم 17 لسنة 2013 الخاصة بأمن الدولة. وأضافت “وام” أنه بناءً على المعلومات الكافية والتحقيقات، أمر النائب العام بفتح تحقيق في هذه الأنشطة الإجرامية، وتعيين محام لكل متهم. وبعد نحو ستة أشهر من التحقيق، وكشف تفاصيل الجريمة، وجمع الأدلة الكافية، قرر النائب العام إحالة المتهمين إلى المحاكمة العلنية أمام محكمة أمن الدولة، والتي لا تزال مستمرة، بدءاً من الاستماع لشهادات الشهود وتعيين محامين للمتهمين غير القادرين على تحمل تكاليف الدفاع.
ترتبط جماعة الإخوان الإماراتية بالتنظيم الأم في مصر من خلال إصرارها على إلزام الأعضاء بتقديم البيعة. وفي المصطلحات الإسلامية، تعني البيعة الولاء للشخص الذي يبايعه العضو بقلبه. وقد اعتبرت الحكومة هذه البيعة ولاءً كاملاً لا يمكن قبوله، مما أثار مخاوف بشأن الولاء الذي قد يكون قدمته جماعة الإخوان الإماراتية لقادة الإخوان في الخارج.
في عام 2001، قررت الجماعة التوقف عن اشتراط البيعة، لكن منصور يؤكد أن الجماعة توقفت عن طلب البيعة من أعضائها منذ عام 2003. ومع ذلك، أظهرت الأدلة خلاف ذلك. فعلى سبيل المثال، بدأ راشد الجميري، أحد قادة الجماعة، في رفض حضور الاجتماعات أواخر عام 2002، واعتذر في نهاية المطاف لمشرفه، مؤكداً أنه سيعمل من أجل قضية الإسلام دون أن يكون عضواً في التنظيم. لكن المشرف ذكّره بأن القضية تتطلب التزاماً بمواصلة ما التزم به. وفي عام 2003، وبسبب الاتهامات المتعددة والأضرار التي لحقت بالعديد من أعضاء الجماعة بسبب البيعة، قررت القيادة بالإجماع التوقف عن تجنيد الأعضاء من القطاع العسكري، والتوقف تماماً عن أخذ البيعة من الأعضاء. وبلغ الصراع بين التنظيم والحكومة الإماراتية ذروته عندما هاجم يوسف القرضاوي، الذي يُعتبر الزعيم الروحي لجماعة الإخوان، حكام الإمارات، مما دفع قائد شرطة دبي آنذاك، ضاحي خلفان، إلى الرد قائلاً إن القرضاوي ارتكب أخطاءً جسيمة، وأنه سيطلب من الإنتربول إصدار مذكرة توقيف بحق القرضاوي، الذي مُنع من دخول الإمارات منذ سنوات.
جميع حقوق النشر محفوظة لصالح مركز أبحاث مينا.