يلفت نظرنا هذا البحث إلى حدثين مهمين أثرا سلباً في تاريخنا وحاضرنا؛ وما يزال أثرهما في نمطية تفكير المجتمع وثقافته ومعالجته للأزمات سارياً، هما حدث معركة (صفين) وفتنة (خلق القرآن)؛ في الوقت نفسه استطاع الغرب أن يستفيد من الحوادث الإيجابية ليؤسس نهضته التي نراها اليوم؛ أما نحن فإن الحدث السلبي مؤثر في فكرنا وثقافتنا وسلوكاتنا.
يعالج هذا البحث بالتحليل هذين الحدثين من خلال ما يأتي:
- تأثير الحدث البروتستانتي إيجابياً في أوروبا ودور الآباء المؤسسين في نهضة أمريكا.
- فشل مشروعات التنوير العربية خلال قرن مضى.
الحدث الأول تأثير معركة (صفين) في المجتمع حتى يومنا هذا وانقساماته الأربعة.
- النمط الخوارجي الذي أنتجته (صفين) وأثره في مجتمعات اليوم.
- الانتهازية السياسية الأموية وأثرها في ثقافتنا.
- نظرية الحق الإلهي في القيادة السياسية والاجتماعية لشيعة علي.
- المعتزلة السياسية.
الحدث الثاني انتصار الحنابلة على المعتزلة في معركة خلق القرآن.
- انبعاث التيار الحنبلي من خلال الوهابية والتحول باتجاه العسكرة الدينية.
- انتصار الثورة الإيرانية يعيد الصراع إلى مربعه الأول.
- أثر الحدثين التاريخيين في ثقافتنا ومجتمعاتنا اليوم.
- الخلاصة والحلول.
المدخــــــــــــــــــــــــــــل
لكل أمة من الأمم حدث إيجابي ما في تاريخها يبقى فاعلاً في ثقافتها وموجهاً لسلوكها، فحركة الإصلاح الديني في أوروبا في القرن السادس عشر التي قام بها عدد من رجال الدين التنويريين على رأسهم (مارتن لوثر)[1] تركت أثراً كبيراً في نمط التفكير الأوروبي حتى يومنا هذا، علماً أن من آمن بالفكرة البروتستانتية آنذاك كانوا قلة، وتعرضوا لاضطهاد كبير من المؤسسة الدينية ترافق مع حملة تشهير وتشويه اجتماعية، وحتى يومنا هذا فإن المنتسبين إلى البروتستانتية بمذاهبها المتعددة لا يزيدون على ثلث المؤمنين بالمسيحية عموماً.[2]
ولا تتعدى نسبتهم اليوم في أوروبا 13 في المئة، ولكن ما أنتجته حركتهم الإصلاحية من تغيير في بنية العقلية الأوربية تجاه مفهوم الدين ووظيفته ودور رجال الدين، كان وما يزال ذا أثر بالغ في تلك العقلية، وقد طُوِّر باتجاه إنساني، باستثمار مفكريهم وفلاسفتهم للحدث التاريخي؛ ليؤسسوا نظاماً معرفياً غَيّر نمط التفكير الأوروبي من حالة الصراع الدموي إلى المشترك الإنساني الذي ما لبث أن أنتج حضارتهم المعاصرة.[3]
كذلك الحال في الولايات المتحدة كان هناك حدث تاريخي غير حياة الأمريكيين جذرياً عندما قاد الآباء المؤسسون وهم نخبة المجتمع الأمريكي آنذاك حرب الاستقلال ونجحوا فيها وكان عددهم(56) شخصية ووقعوا على دستور الاستقلال المؤسس للاستراتيجية الأمريكية التي لم تزل حتى اللحظة تعمل من خلال إطارها الإدارات الأمريكية المتعاقبة؛ لتنتج نمطاً معرفياً شكّل الشخصية الأمريكية، ليبقى ذلك الحدث الذي أبدعه الآباء المؤسسون منذ عام 1776 حتى يومنا هذا فاعلاً في أسلوب التفكير الأميركي ومتطوراً من خلال مفكريهم وفلاسفتهم، ليكون ذلك الحدث الأساس الذي نهضت من خلاله الولايات المتحدة لتصبح في ما بعد الدولة الأولى في العالم سياسياً واقتصادياً وعسكرياً والأهم في إنتاجها للعلم والمعرفة.[4]
الاستلاب التاريخي سلبياً
للأسف لم تستطع أحداث الإصلاح والتجديد التنويرية كلها التي قام بها رواد عبر تاريخنا أن تكون منعطفاً في نمطية التفكير لمجتمعاتنا؛ بدءاً من تيار المعتزلة في القرن الهجري الثالث ومروراً بشخصيات فذة كابن خلدون وابن رشد ورفاعة الطهطاوي ومحمد عبده ومالك بن نبي وعلي عزت بيجوفتش وعلي الوردي وعلي شريعتي وسواهم، ولم تستطع أن تؤسس حالة انعطاف عن السبيل الذي سلكته الأمة بل العكس تماماً هو ما حدث، إذ إن الأحداث السلبية هي التي أثرت في فكر المجتمع وسلوكه لتتأسس عليها ثقافة تمكنت من عقولنا حتى جعلتها مرهونة لذلك الحدث التاريخي السلبي لتقيس عليه حاضرها.
ولو درست تاريخنا المترع بصراعات سياسية دموية، ستجد أن هناك حدثين تاريخيين أثرا في العقلية الإسلامية فكرياً وسلوكياً، ليغدو كل منتج سياسي أو ثقافي في جغرافية المنطقة إنما ينهل في سياسته متكئاً على هذين الحدثين وإنْ اختلفت الأسماء والمسميات.
أما الحدث الأول
تمثل في (موقعة صفين) التاريخية، فلو درسنا الآثار المعرفية والتوجهات السياسية الفاعلة والانقسامات المجتمعية سنجدها لم تخرج عن التقسيم (الصفيني) حتى يومنا هذا[5]. منذ ذلك الحدث حتى يومنا والمجتمع منقسم إلى أربعة اصطفافات:
الاصطفاف الأول: النمط الخوارجي
هو الفريق الذي عمل على تحقيق رؤيته بالعنف والإكراه وما يزال يعمل، مثّله في (صفين) من اصطُلح على تسميتهم بالخوارج، ليُعاد إحياء هذا النمط حيثما وجدت فوضى في المجتمع، وبقيت نمطية المعرفة والتفكير والسلوك الخوارجي موجودة في جغرافيتنا عبر تاريخنا بأشكال ومسميات مختلفة لكنها تحمل العقلية ذاتها والسلوك عينه، لتنتج في آخر تجلياتها في العقود الثلاثة المنصرمة السلفية الجهادية، المنبعثة في الربيع العربي من خلال الظاهرة الداعشية، وما يزال النمط الخوارجي يظهر بحدة في أزمات المنطقة ليقدم نفسه مخلصاً دموياً مقابل غياب العقلانية التي تنقذ المجتمع.
الاصطفاف الثاني: الانتهازية السياسية
تمظهرت في (صفين) بالتيار الأموي الذي استطاع بمكره وحنكته الاستحواذ على السلطة قرابة مئة عام، لينتج نمطاً سلطوياً أسس لأخطر بدعة عرفها التاريخ الإسلامي من خلال مسألة التوريث التي يحمل وزرها من سَنّها، ووزر من عمل بها حتى يومنا هذا، وعلى الرغم من وضوح نظرية العدل القرآنية ومفهومات التقوى فيه إلا أن الفقهاء والمحدثين الوضّاعين انتصروا لثقافة التوريث وشرعنوها؛ لتغدو ثقافة تمارس في المجال المشيخي والفني والسياسي …إلخ، ليتأسس عندنا استبداد يتوارث المجتمعات والدول وكأنها مزرعة له، وتجد فقهاء السلطة يبررونه بذريعة الخوف من الفتنة (الفوضى الخلّاقة).
الاصطفاف الثالث: اتباع نظرية الحق الإلهي بزعامة الدين والمجتمع
مثّل هذا الاصطفاف مَنْ تشيع لعلي بن أبي طالب ثم لآل البيت فقام بحصر السلطة السياسية والدينية وقصرها في عائلة واحدة حصرياً، لينتج الملك المقدس، ونُسجت له أساطير ومرويات عُدَّتْ مُسَلّمات عند أتباع هذا التيار ومن لا يؤمن بها يغدو ناصبياً، ليدخل المجتمع منذ (صفين) حتى يومنا هذا في صراع ظاهره طائفي وباطنه سياسي قسم المجتمع عمودياً، ولدى الطرفين (طرف الانتهازية السياسية والحق الإلهي) ديماغوجية حاضرة تجعل نيران الاختلاف في المجتمع سهلة الاشتعال كلما خبت.
الاصطفاف الرابع: المعتزلة السياسية
وقد مثله إبان (صفين) فريق سعد بن أبي وقاص وأبي سعيد الخدري وآخرين، إذ رفضوا المشاركة في صراع سياسي بحجة أن سيوف (صفين) لن تفرق بين الحق والباطل، وبقي هذا الفريق بعيداً عن أحداث المجتمع موجوداً بخجل في الساحة، يتشابه مع هذا الاصطفاف اليوم المفكرون التجريديون المكتفون بمؤلفاتهم المكتوبة لنخبة النخبة من دون انخراط حقيقي في الفعل الاجتماعي لإنقاذ المجتمع من نير ثقافة الفرقاء الثلاثة السابقين.
الحدث التاريخي الثاني
يتمثل في انتصار الحنابلة على المعتزلة الممثلة للتيار العقلاني في جدلية (خلق القرآن) ليشكل هذا الانتصار انتكاسة للعقلانية الإسلامية أمام النصوصية الظاهرية؛ فأسس ذلك الحدث مرحلة اعتزال العقل عن الفعل والتأثير، لتبدأ مرحلة تقديس الموروث البشري مع استثناءات عقلانية مبدعة قليلة اتهم أصحابها بالزندقة والردة وجرت تصفيتهم كالكندي والرازي والفارابي وآخرين.[6]
الحدث التاريخي المتمثل في انتصار التيار الحنبلي جعله مدرسة عريضة لها رموزها وأتباعها قسم المجتمع كذلك عمودياً، وباءت محاولات تدوير الزوايا التي قام بها (أبو الحسن الأشعري) ومدرسته بالفشل بعد ذهابها باتجاه صوفي غارق في العرفانية ومؤمن بخرافات مشيخية جعلت المجتمع يبتعد عنه.[7]
استطاعت الظاهرة الحنبلية أن تؤسس منهجاً أثرياً، لتتغلب على الاتجاهات الأخرى مستخدمة النص النبوي أساساً في حجتها، وعمل رموزها على أدلجتها، ليحدثوا انبعاثاً لها كلما خبا بريقها وحضورها الاجتماعي، وعلى الرغم من محاولات ابن الجوزي وابن رجب الحنبلي لعقلنة الحنبلية قليلاً إلا أنّ محاولاتهم باءت بالفشل.[8][9]
وبعد أن خبت الظاهرة الحنبلية جاء القرن الثامن الهجري ليجري إحياؤها بشكل صارخ من خلال (ابن تيمية) وتلامذته كابن القيم والذهبي، إذ استطاع (ابن تيمية) أن يرفد التيار الحنبلي بمؤلفات عدة ومختلفة الطرح باتت القاموس المرجعي لتلك المدرسة على الرغم من الاضطهادات المتنوعة التي تعرض لها، لتصبح آراؤه مقدسة عند أتباع المدرسة السلفية حتى يومنا هذا ويكون الملهم لها كلما تعثرت.
استفاد (ابن تيمية) كثيراً من قبوله اجتماعياً ليحقق انتصاراته على تيارات عدة ظهرت مناوئة لمنهجه الأثري معتمداً على قدرته العلمية والنصوصية الدينية وإدراكه لسلبيات المتصارعين معه، وهذا ظهر جلياً في كتبه (منهاج السنة والعبودية ودرء تعارض العقل والنقل).
السلفية/ الوهابية وانبعاث الحنبلية الظاهرية من جديد
على الرغم من سيطرة الأشعرية الأحناف من خلال دعم الدولة الأيوبية فالعثمانية قروناً على المجتمع إلا أن التغول الصوفي وصل إلى حالات غير مقبولة اعتقادياً ليعاد انبعاث الظاهرة الحنبلية بدلاً من البحث عن سبيل جديد، وخصوصاً أن شكل الدولة بدأ بالتغير عالمياً لتعود الظاهرة الحنبلية من خلال (محمد بن عبد الوهاب)[10] المتحالف مع الأسرة السعودية ليجمع المدرستين الخوارجية بعنفها مع الحنبلية بظاهريتها، ليشكل تحالفاً. ولّد نمطاً جديداً في فهم الدين وتطبيقه وقهر المجتمع.
الملاحظ أن ابن عبد الوهاب قام بعمل يعدُّ علامة فارقة في المسار الحنبلي تاريخياً، إذ مزج بين الحدثين التاريخيين، فجمع ما بين السلوك العنفي الخوارجي مع النصوصية الظاهرية التي يتميز بها الجناح الراديكالي الحنبلي من خلال اتفاقه مع (محمد بن سعود) الذي أصبح الجناح العسكري بسلوك خوارجي لظاهرية ابن عبد الوهاب الراديكالية التي لا تقبل حلاً وسطاً مع الآخر.
شكلت الظاهرة الوهابية المعتمدة تماماً على التوجه الحنبلي المستندة إلى الإنتاج المعرفي لابن تيمية ليضع ابن عبد الوهاب (نواقض الإيمان العشرة) التي غدت مقياس إلغاء الآخر في التكفير والردة التي استخدمتها في ما بعد الجماعة الإسلامية فالسلفية الجهادية وصولاً إلى الظاهرة الداعشية.[11][12]
بهذا المزج بين ثقافة الحدثين التاريخيين تحولت الحنبلية الوهابية من المشاغبة الفكرية إلى العسكرة الدينية لتسيطر على جزيرة العرب وتخرج بحملاتها العسكرية صوب بلاد الشام إلى أن قمعها محمد علي بحملته العسكرية في نهاية عام 1818م وأنهى مرحلة حكم آل سعود الأولى.[13]
حالة التوافق الخوارجية الحنبلية التي أسسها ابن عبد الوهاب خبت كثيرا ًبسبب عسكرتها وكالعادة لم يظهر التيار العقلاني وعاد المجتمع باتجاه صوفي عرفاني.
ولكن الوضع السياسي الذي كانت تمر به المنطقة ساهم في إحياء الظاهرة الحنبلية من دون عسكرتها ومزجها بالفكر الخوارجي مرة جديدة في الشام ومصر، ففي دمشق من خلال محب الدين الخطيب ومن تبعه في عملية الإحياء وصولاً إلى ناصر الدين الألباني الملهم العلمي للسلفية الجديدة والأب الروحي لها بمدارسها كلها بما فيها السلفية الجهادية، وفي مصر من خلال انقلاب محمد رشيد رضا وانشقاقه الهادئ عن المدرسة العقلية التي أسسها الإمام (محمد عبده) ليذهب باتجاه سلفي جعل مدرسة العقلانية تخبو كثيراً.
ومنذ عشرينيات القرن المنصرم حتى بداية ثمانينياته بقيت هناك بؤر حنبلية سلفية غير ذات تأثير، ولم تفلح المحاولات العلمانية اليسارية في أن تحدث انعطافاً في بنية العقل العربي عل الرغم من محاولاتها الجادة، ربما لاتخاذها موقفاً معادياً من التدين عموماً. حتى جاءت الثورة الإيرانية في نهاية عام 1979 فأعيد انبعاث الظاهرة الحنبلية بشكلها الحديث (السلفية المعاصرة) لوجود مصلحة دولية لاستخدامها في مناهضة نظرية (تصدير الثورة) ومقاومتها التي خرج بها (الخميني)، هنا توافقت مصلحة منطقة الخليج مع المصلحة الأمريكية في مقاومة نظرية تصدير الثورة من خلال مدّ شيعي بالاتجاه العربي ما يشكل خطراً سياسياً ومذهبياً ذا بعدٍ استراتيجي على المنطقة.[14]
ويبدأ صراع طائفي مع إيران ذات الظاهر الشيعي والباطن الفارسي، صراع عنوانه طائفي ومراده سياسي، بعد إعادة إنتاج الحنبلية سلفياً ومزج الظاهرة الخوارجية بالعقلية الحنبلية من جديد لتنتج (السلفية الجهادية) وبقيت تتحول بسيرورتها عنفياً حتى ولّدت الظاهرة الداعشية.
وما يزال الحدثان (الصفيني والحنبلي) يؤثران في نسيج المعرفة وتكوين الثقافة السياسية والدينية في مجتمعاتنا حتى يومنا هذا، ليصحو المجتمع مع الربيع العربي متسائلاً إلى متى سنبقى أسرى ذينك الحدثين، لتقدح شرارة الإصلاح والتجديد. وتبدأ عملها من أجل حركة إصلاح تنويرية يبتعد عن مؤثرات الحدثين ويأخذ المجتمع نحو نهضة جديدة إنسانية النزعة، تشاركية العقلية؛ ديمقراطية السلوك.
أثر الحدثين في تأخر المجتمع وثقافته
لقد كان للحدثين التاريخيين المذكورين وما زال أثر سلبي في إنتاج المعرفة والنهضة الحضارية والوعي؛ ويمكن أن نلخص تلخيصاً سريعاً أثرهما بوصفهما معوقين للنهضة من خلال ملاحظات سريعة؛ شرحها يطيل البحث كثيراً وهي:
- توقف المجتمع عن إنتاج المعرفة والإبداع العلمي.
- خروج المجتمع عن النسق الحضاري العالمي.
- استمرار الصراع على عالم الغيب وإهمال عالم الشهادة.
- ما نزال نؤمن بفكرة المخلص الفردي، وهذا حلُ عفى عليه الزمن، إذ إنّ العالم يعيش اليوم حالة العقلية المؤسساتية.
- ـتكفير علماء الفلسفة والطب والفيزياء وزندقتهم وسواهم ممن خرج على النمط التقليدي.
- جاء الإسلام لكي يكون حلاً لمشكلات العالم في حين أصبح المسلمون وصراعهم مشكلة العالم الأولى.
- سيطرة منهج المحدثين على الذهنية الإسلامية جعلها غير قادرة على هضم تحولات عصر الحداثة وفهمها.
- إعادة إنتاج الاستبداد دائماً مع سهولة انبعاث العنف الطائفي والمذهبي.
- التفكير باتجاه إلغائي مع المختلفين من دون أدنى تفكير بالاتجاه الإنساني.
- التناسلية في إنتاج ثقافة الحدثين بسهولة في كل أزمة تمر بها الأمة.
الخلاصــــــــــــــــــــــــــة
يمكننا القول: إن الحدث الأول أسس فقه الأزمة لينتج استبداداً سياسياً، وأما الحدث الثاني فأسس فقه المحنة لينتج استبداداً معرفياً. لذلك فإن مهمة التنوير صعبة وشاقة؛ إذ إنها تشبه إنتاج الصناعة الثقيلة في مجتمع تخلّف كثيراً في التقدم والإنتاج؛ وأنّ الحرب الشرسة على تيار التنوير لكونه هزّ مسلمات عمرها قروناً ترسخت في الذهنية الإسلامية؛ وعملية تجريفها وتطهير العقل منها عملية ليست بالسهلة.
وما تزال أسبقية الثقافة التراثية مانعة لكل اجتهاد إصلاحي تنويري ومسيطرة على منهج معالجة الأزمات المعاصرة؛ لذلك لا بد من عزل التراث عن معالجة الأزمات التي نعيشها والتفكير بأسلوب معاصر.
وعلينا أنّ ندرك بأن مقياس التحضر المعاصر يتمثل في احترام الإنسانية وتقديم ما يخدمه لا بقتلها من خلال التكفير والتفجير والتدمير، وكذلك كانت مقاصد الأديان.
وعليه لا بد من مصالحة حقيقية وتاريخية ما بين العلمانيين والإسلاميين لإنتاج (لاهوت وطني) يوقف الصراع (الدونكيشوتي) بين الإخوة الأعداء من خلال ميثاق شرف يؤسس لعقد اجتماعي، مع مراجعات جادة للتيار العلماني تُعيد تصالحه مع مجتمعه المتدين، يتوقف من خلالها عن مهاجمة الدين والتحقير من شعائره، والاستخفاف بأثر الدين في وجدان المجتمع.
ولا بد قبل هذا وذاك من تغيير جذري في مناهج التربية والتعليم؛ وإبداع مناهج تربوية وتعليمية تقوم على أسس علمية لا أيديولوجية إلغائية للآخر.
كذلك الاتفاق على تعريف متفق عليه للمصطلحات المستخدمة في الخطاب السياسي والفكري والثقافي بحيث لا تحمل وجهين أو أكثر في تفسيرها حتى لا يكون هناك تكتيك ديماغوجي في عملية استخدامها لكسب شريحة مجتمعية. وإيجاد مراكز بحوث علمية تكون البوصلة التي تستخدمها في القرارات الاستراتيجية.
دعم حقيقي لتيار التنوير كي يعمل في اتجاهين: الأول اتجاه الإصلاح الديني كي ينتج خطاباً متصالحاً مع العصر لا يمسخ الشخصية الإسلامية ولا يتنكر لمقاصد الإسلام، والثاني اتجاه العمل السياسي من خلال الإيمان بثقافة الديمقراطية قبل الديمقراطية ذاتها؛ وما يترتب على مفهوم المواطنة الحديث مع الإقرار بحيادية الدولة، وهذا لن يتحقق من دون عمل مؤسساتي يجمع مَنْ يؤمن بالتنوير ويعمل في اتجاهيه المذكورين، ومن دون راٍع لهذه المؤسسة.
الحواشي
[1] ـ من أشهر قادة الإصلاح الديني في ألمانيا كان مارتن لوثر كينغ، ارتبطت حركة لوثر بتكوينه الديني من خلال زيارته إلى الدوما إذ عاد بانطباع سيء عن حياة البابوية، فقد وقف على مظاهر الفساد والانحلال الخلقي من خلال ممارستهم لحياة البذح والملذات، ورفض صكوك الغفران لأن المغفرة مرتبطة بالإيمان، إن ما كان يشغل فكر لوثر هو البحث عن خلاص للإنسان ومن ثم كانت القاعدة الأساسية لحركته هي عقيدة التبرير بالإيمان ونفي العظمة عن رجل الدين ومنع ترويج صكوك الغفران. والرجوع إلى الكتاب المقدس وفهمه فهماً صحيحاً بأن الغفران مرتبط بالعمل الصالح. الإيمان مسألة فردية، عرفت طروحات لوثر انتشاراً كبيراً في ألمانيا فطلب منه البابا التخلي عن أفكاره ولما رفض اتهمه بالكفر، لقد عارض لوثر الصدقات والأموال كلها التي يستغلها رجال الدين بطرائق غير شرعية. لقيت حركة لوثر دعماً من طرف الفلاحين الذين قاموا بثورة 1542م.
[2] ـ البروتستانتية هي أحد ثاني أكبر مذاهب الدين المسيحي. يوجد نحو 800 مليون بروتستانتي حول العالم من بين 2.5 مليار مسيحي، 170 مليون منهم في أمريكا الشمالية، و160 مليون في أفريقيا، و120 مليون في أوروبا، و70 مليون في أمريكا اللاتينية، و60 مليون في آسيا، و10 مليون في أستراليا. وفي البروتستانتية هناك عدد من المذاهب ومنها الكنيسة الأنجليكانية، اللوثرية، الكنيسة المعمدانية، الكالفينية، الميثودية، الخمسينية، الأبرشانيون والمينونايت، سبتيون وجمعية الأصدقاء الدينية.
يشكل أتباع الكنائس الپروتستانتية نسبة 37 في المئة من مجمل المسيحيين وذلك وفقاً لدراسة معهد بيو، ويوجد أكثر أتباعها في شمال أوروبا حيث يعيش حوالى 12.6 في المئة من بروتستانت العالم في أوروبا، بينما يعيش 33 في المئة من البروتستانت في الأمريكتين؛ وبخاصة في أميركا الشمالية و17.4 في المئة من البروتستانت يوجدون في أستراليا وآسيا، بينما يوجد 36.9 في المئة من البروتستانت في أقريقيا؛ وبخاصة في أفريقيا الجنوبية.
ويشكل البروتستانت أغلبية في 49 دولة. وتنتشر البروتستانتية أيضاً في أفريقيا الشمالية وفي شرق آسيا خصوصاً في الصين وكوريا الجنوبية. وتحوي الولايات المتحدة الأمريكية أكبر تجمع بروتستانتي في العالم من حيث عدد السكان يليها كل من نيجيريا والصين.
- أكبر المذاهب البروتستانتية: الكنيسة المعمدانية: 100 مليون.
- الكنيسة الأنجليكانية: 85 مليون.
- الكنائس الكالفينية: 75 مليون.
- الكنائس الميثودية: 75 مليون.
- الكنيسة اللوثرية 67 مليون.
- فضلاً عن التيّارات الإنجيلية التي يقدّر أتباعها بـ 600 مليون، وتشمل الكنائس الخمسينية التي يبلغ عدد أتباعها حوالى 280 مليون.
[3] ـ حركة الإصلاح الديني شهدتها أوروبا خلال القرنيين (15 ـ 16) تزعمها دينيون تأثروا بأفكار الحركة الإنسية فوجهوا انتقادات عدة إلى الكنيسة الكاثوليكية وطالبوا بإصلاح ديني يواكب التحولات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. من أبرز دوافع الإصلاح الديني بيع صكوك الغفران من طرف الكنيسة الكاثوليكية، إذ كانت الكنسية تبيع صكوك الغفران للفلاحين الذين يمثلون الفئة الفقيرة وليس لهم أي سلطة ومن ثم عليهم الخضوع المطلق للكنسية، وقد نهجت الكنيسة الكاثوليكية طقوساً عدة لبيع صكوك الغفران إذ وضح بيعها لهذه الصكوك -بحجة بناء كنيسة القديس بروما وذلك في عهد البابا جيل الثاني وخليفته ليون العاشر- إخلال الكنيسة بواجباتها الدينية حيت شهدت الكنيسة المسيحية في عصر النهضة الأوروبية انحراف بعض البابوات فكان بعضهم تقياً وبعض آخر يهتم بممارسة الترف والبذح والرخاء، أصبحت الكنيسة في هذا العهد تهتم بالأموال أكثر مما تهتم بالإصلاح، ومن البابوات الذين كانوا يتناولون المصروفات الباهظة ليون العاشر، انتقد المصلحون الدينيون الممهدون للإصلاح الديني انحراف الكنيسة الكاثوليكية، إذ انتقدت الكنيسة من طرف ممهدين عدة للإصلاح الديني كالمصلح الديني جان ويكلف الذي انتقد الكنيسة المسيحية في مبالغها في جمع واكتناز الأموال ولحذلك دعا إلى الاستحواذ على ممتلكات الكنيسة واستخدامها في إصلاح البلاد اقتصادياً واجتماعياً وحذر من استغلالها وسلطتها بعد أن تبين بأن سلوكات رجل الدين لا علاقة لها بما يأمر به الدين المسيحي، والمصلح الديني جان هس، قام جون بانتقاد الكنيسة انتقاداً شرساً ودعا إلى عدم تقديس البابوية لأن أفكارها وسلوكها بعيدين عن الديانة المسيحية وأن تصرفاتها الفاسدة تتنافى مع القيم التي يدعو إليها الإنجيل، وقد أدى به انتقاده إلى إعدامه من طرف الكنيسة سنة 1415 وذللك بتهمة الهرطقة المصلح الديني (إيرازم) انتقاد (إيرازم) للرهبان.
[4] ـ الآباء المؤسسون للولايات المتحدة هم قادة سياسيون ورجال دولة شاركوا في الثورة الأمريكية بتوقيعهم على إعلان استقلال الولايات المتحدة، أثناء الحرب الثورية الأمريكية وأسسوا دستور الولايات المتحدة. ضمن مجموعة كبيرة تعرف (بالآباء المؤسسين)، يوجد مجموعتين فرعيتين رئيسيتين: الموقعون على إعلان الاستقلال (الموقعون على اعلان استقلال الولايات المتحدة عام 1776) وصانعوا الدستور (مندوب المبادرة القارية وقاموا بعمل مسودة من دستور الولايات المتحدة المقترح). هناك مجموعة أخرى قامت بالتوقيع على مواد الاتحاد. كثير من الآباء المؤسسين كان لديهم عبيد أفارقة أمريكان والدستور الذي طُبِّق عام 1787 قيد نظام العبودية؛ قدم الآباء المؤسسون مساهمات ناجحة في استيعاب تجارة العبيد أو الحد منها في الولايات والأراضي الأمريكية، منها منع تجارة العبيد بحسب مرسوم الشمال الغربي 1787، وإلغاء تجارة العبيد عام 1807.
[5] ـ موقعة صفين هي المعركة التي وقعت بين جيش علي بن أبي طالب وجيش معاوية بن أبي سفيان في شهر صفر سنة 37 هـ بعد موقعة الجمل بسنة تقريباً على الحدود السورية العراقية وانتهت بعملية التحكيم في شهر رمضان من سنة ثمان وثلاثين للهجرة عندما استلم علي بن أبي طالب الحكم، امتنع معاوية بن أبي سفيان وأهل الشام عن مبايعته خليفة للمسلمين حتى يقتص من قتلة عثمان، ولكن علياً أصرّ على المبايعة أولاً ثم القصاص من قتلة عثمان. فانطلق خليفة المسلمين الإمام علي بن أبي طالب من الكوفة في العراق يريد أهل الشام الذين امتنعوا عن مبايعته، حيث كان معاوية يرى أن تسليمه قتلة عثمان لأنه وليه يجب أن يجري قبل مبايعته لعلي، أما علي فكان يرى أن مبايعة معاوية (وكان آنذاك والياً على الشام) يجب أن تجري أولاً، ثم ينظر في شأن قتلة عثمان بحسب المصلحة والقدرة.
[6] ـ خلق القرآن وعرفها بعضهم بـمحنة خلق القرآن وهو فكر انتشر في عهد الخليفة المأمون من المعتزلة التي تعتبر أن القرآن مخلوق وليس كلام الله المنزل على نبيه محمد كما يؤمن المسلمون. واقتنع بهذا الرأي الخليفة المأمون وطالب بنشر هذا الفكر عزل أي قاض لا يؤمن به. وهو ما لقي معارضة واستهجاناً كبيراً من بعض الأئمة مثل الإمام أحمد بن حنبل الذي تحمل من أجل ذلك كثيراً من التعذيب حتى قام الخليفة المتوكل بإنهاء هذه المحنة وأفرج عنه.
كان ظهور المعتزلة تأسيساً لما أصبح يسمى بعلم الكلام الذي اختص بدراسة قضايا العقيدة، أما في الواقع فقد مثل المعتزلة بداية التفاعل مع السائد الديني-المعرفي والفكري في البلاد المفتوحة وبداية تعديل تفسير النص المقدس وفق أسس عقلية تحديداً. كانت مدرستا النقل في الحجاز والعقل في العراق في مقاربة القضايا الفقهية قد تمايزتا لتحددا المقاربتين الأبرز للنص المقدس. وهكذا إلى جانب القضايا السياسية الساخنة المتعلقة بقضية الإمامة وتبرير ظهور (الملك العضوض) (الحاكم المطلق) برزت قضية هامش العقل ودوره في مقاربة النص المقدس وتفسيره. أراد المعتزلة أن يحلوا تناقضات النص المقدس بتأويل تلك النصوص بما يحقق انسجامها مع مقتضيات العقل فيما أقر الخطاب السلفي تلك النصوص كما هي خارج حدود المقاربة البشرية وإمكاناتها معتبراً العقل البشري في وضع أضعف من مقاربتها أو القدرة على تفسيرها. من هذه المقدمة وصل المعتزلة إلى نفي صفات الذات الإلهية فأبطلوا أن تشاركه في القدم ومن هذا النفي كان اعتبارهم القرآن مخلوقاً أي محدثاً. ومن هنا بدأت المحنة، أو محنة خلق القرآن هو تتابع أحداث في التاريخ الإسلامي بداية من 218 هـ / 833م واستمرت قرابة خمسة عشر عاماً.
واتخذت ذرائع ضد من رفض الزعم بخلق القرآن، بما فيها الفصل من الوظيفة العمومية، والسجن، وحتى الجلد أيضا. واستمرت المحنة بعد وفاة المأمون وفى عهد خلفه المعتصم والواثق وانتهت عام 861م بوصول المتوكل.
[7] ـ أبو الحسن الأشعري: (260 هـ – 324 هـ)، من نسل الصحابي الجليل أبي موسى الأشعري، وهو المنظر الأول لمواقف أهل السنة ومؤسس المذهب المعروف باسمه، بعد أن انشق عن المعتزلة إثر خلاف بينه وبين شيخه. كان يريد أن يقيم مذهباً وسطاً يجمع بين منهج المعتزلة العقلاني والفكر السني المعتمد على الرواية والحديث. ولد في البصرة عام 260هـ، وتوفي في بغداد عام 324هـ، له مصنفات كثيرة تفوق ثلاثمئة مؤلف منها: الرد على المجسمة، ومقالات الإسلاميين، في جزأين، ومقالات الملحدين، والإبانة عن أصول الديانة، وخلق الأعمال، وإمامة الصديق، واللمع في الرد على أهل الزيغ والبدع، وغيرهم.
[8] ـ ابن الجوزي، هو أبو الفرج عبد الرحمن بن أبي الحسن علي بن محمد القرشي التيمي البكري. فقيه حنبلي محدث ومؤرخ ومتكلم (510هـ/1116م – 12 رمضان 597 هـ) ولد وتوفي في بغداد. حظي بشهرة واسعة، ومكانة كبيرة في الخطابة والوعظ والتصنيف، وبرز في كثير من العلوم والفنون. عرف بابن الجوزي نسبة إلى شجرة جوز كانت في داره في بلدة واسط في العراق، ولم تكن في البلدة شجرة جوز سواها، وقيل: نسبة إلى (فرضة الجوز) وهي مرفأ نهر البصرة.
[9] ـ الإمام الحافظ العلامة زين الدين عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن بن الحسن بن محمد بن أبي البركات مسعود السلامي البغدادي الدمشقي الحنبلي أبو الفرج الشهير بابن رجب، (736 هـ – 795 هـ) كانت له محاولات جادة لإخراج المذهب الحنبلي من الظاهرية النصوصية والتشبيه ولكن محاولاته باءت بالفشل نظراً إلى سيطرة المدرسة الأثرية على أتباع المذهب.
[10] ـ محمد بن عبد الوهّاب (1115 – 1206هـ) (1703م – 1791م): عالم دين سني على المذهب الحنبلي، يعتبره أتباع دعوته من مجددي الدين الإسلامي في شبه الجزيرة العربية حيث شرع في دعوة المسلمين للتخلص من البدع والخرافات وتوحيد الله ونبذ الشرك. في حين يرى آخرون أنه أسس فكرة متشددة لتفسير الإسلام، ما أدى إلى عدم التهاون مع مخالفيهم في الدين أو في المذهب، بل ضخموا المسائل الفرعية المختلفة فيها إلى درجة التكفير.
[11] ـ خرج محمد بن عبد الوهاب من بلدته (العينية) مضطهداً إلى الدرعية مقر آل سعود. وهناك التقى بأميرها الشيخ محمد بن سعود بن محمد آل مقرن، الذي استقبل محمد بن عبد الوهّاب فعرض محمد بن عبد الوهّاب دعوته على الأمير محمد بن سعود بن محمد آل مقرن؛ فقبلها، وتعاهد الشيخان على حمل الدعوة على عاتقهما، والدفاع عنها، والدعوة إلى الدين الصحيح، ومحاربة البدع، ونشر ذلك كله في أرجاء جزيرة العرب أجمعها.
[12] ـ نواقض الإسلام عند ابن عبد الوهاب نذكرها مختصرًة:
- الأول: الشرك في عبادة الله تعالى، ومنه الذبح لغير الله كمن يذبح للجن أو للقبر.
- الثاني: من جعل بينه وبين الله وسطاء يدعوهم ويسألهم الشفاعة، ويتوكل عليهم كفر إجماعاً.
- الثالث: من لم يكفر المشركين أو شك في كفرهم أو صحح مذهبهم كفر.
- الرابع: من اعتقد أن غير هدي النبي صلى الله عليه وسلم أكمل من هديه وأن حكم غيره أحسن من حكمه كالذي يفضل حكم الطواغيت على حكمه فهو كافر.
- الخامس: من أبغض شيئاً مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ولو عمل به كفر.
- السادس: من استهزأ بشي من دين الرسول صلى الله عليه وسلم أو ثوابه أو عقابه كفر.
- السابع: السحر ومنه الصرف والعطف، فمن فعله أو رضي به كفر.
- الثامن: مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين.
- التاسع: من اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج على شريعة محمد صلى الله عليه وسلم كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى عليه السلام فهو كافر.
- العاشر: الإعراض عن دين الله، لا يتعلمـه ولا يعمـل به.
[13] ـ بعد أن تخلص محمد على باشا من المماليك وخطرهم على مصر ومن قبل تخلص من الأعيان المصريين وصراعاتهم على الأموال والمناصب واستتباب حكم مصر له استنجد الخليفة العثماني بمحمد علي لوقف زحف الحركة الوهابية المتحالفة مع آل سعود لبسط سيطرتها على أملاك الدولة العثمانية وهو ما كان يمثل خطراً على مصر أيضاً التي بالكاد استطاع محمد على أن يبسط سيطرته عليها ويتمكن من حكمها بشكل منفرد ومستقل عن العثمانيين بعد أن قاموا بتكفير كل من سواهم من أول الخليفة العثماني وحتى أصغر مسلم من سكان مكة والمدينة واستطاع القضاء عليهم في نهاية عام 1818 بعد معارك ضارية.
[14] ـ راجع ما كتبناه في شبكة جيرون الإعلامية بعنوان (بدأ عصر الذبح) ونُشر في أربع مقالات: الرابط: https://geroun.net/archives/61371
https://geroun.net/archives/62300
هذه المادّة تعبّر عن وجهة نظر الكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي المرصد.
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الإعلامي.