هيئة التحرير
يُوحي التحقيق الذي أمر رئيس الجزائر عبد المجيد تبون، بفتحه في عدد من الأزمات التي عاشها الجزائريون في الفترة الأخيرة، أن هُناك من يُريد افتعال بؤر لعرقلة مسار ساكن قصر المُرادية، حيث أُثيرت في الفترة الأخيرة تساؤلات عدّة عن أسباب الاحتقان الاجتماعي المُفاجئ الذي قد يُعيد الوضع السياسي في البلاد إلى نُقطة البداية وهُو ما سيُضاعف من متاعب تبون الذي لم يمض على توليه منصب الرئاسة سوى ثمانية أشهر.
صيف ساخن
وتعيشُ الجزائر هذه الأيام، صيف ساخن، بسبب اتساع رُقعة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والصحية، مما ضاعف من عُمق الأزمة، حيث عانى الجزائريون من موجة حر شديدة زادت من حدتها الحرائق التي أتت على مساحات واسعة من الغابات، ونُقص كبير في السيولة المالية على مُستوى مراكز البريد إضافة إلى الانقطاع المتكرر في المياه الصالحة للشرب والكهرباء.
وأمر رئيس الجزائر عبد المجيد تبون، بفتح تحقيقات حول الأحداث التي شهدتها الجزائر خلال الأيام الماضية والتي تزامنت مع عيد الأضحى، وهددت بانفجار اجتماعي في البلاد. وجاء في بيان للرئاسة الجزائرية صدر الأحد: “أمر اليوم رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، الوزير الأول بفتح تحقيق فوري في أسباب الحوادث التي وقعت في الأيام الأخيرة وكان لها الأثر السلبي على حياة المواطنين والاقتصاد الوطني”.
وأضاف البيان “يشمل هذا التحقيق الفوري الكشف عن أسباب الحرائق التي التهمت مساحات شاسعة من الغابات، ونقص السيولة في بعض البنوك والمراكز البريدية، وتوقف محطة فوكا لتحلية مياه البحر، وانقطاع الماء والكهرباء عن أحياء في العاصمة ومدن كبرى أخرى يومي عيد الأضحى المبارك دون إشعار مسبق”. وإضافة إلى الحرائق التي تشهدها البلاد مُنذُ أكثر من أسبوعين في مختلف أنحاء البلاد، والتي كبدت الدولة والأشخاص خسائر مادية واسعة، والانقطاع المُتكرر في التيار الكهربائي والمياه الصالحة للشرب، شهدت مراكز البريد سيولة مالية خانقة أثارت استفهامات.
حديث عن مُؤامرة
وقال رئيس الوزراء الجزائري، عبد العزيز جراد، إن تعليمات رئيس الجمهورية بالتحقيق في الأزمات التي صاحبت عيد الأضحى سببها الاشتباه بمؤامرة لضرب العلاقة بين المواطن والسلطات العمومية.
وحسب جراد فإن سبب فتح هذه التحقيقات هو وجود “صدفة غريبة” بين ثلاث أزمات هي نقص السيولة وحرائق الغابات وانقطاع نسبي للمياه.
وبالنسبة للسيولة يؤكد جراد أن ما وقع هو “مؤامرة” كون المبلغ الذي ضخ خلال شهر هو 4 آلاف مليار سنتيم وهو مبلغ ضخم، في وقت لوحظ سحب مكثف للأموال من طرف نفس الأشخاص يوميا دون عودتها للمكاتب، لكنه أقر بوجود نواقص إدارية في مؤسسة البريد، كما أكد جراد أن بعض الحرائق “مفتعلة” وأنه تم توقيف أشخاص وراء هذه الجرائم عبر عدة ولايات وسيتم الكشف عن هوياتهم لاحقا، وبخصوص انقطاع المياه خلال أيام العيد قال إن سببه عملية تخريب واضحة طالت محطة تحلية مياه البحر في فوكة.
وأعاد تقرير صادر عن مجموعة الأزمات الدُولية علاقة السُلطة الجديدة في الجزائر بالحراك الشعبي إلى الواجهة، ودعت المجموعة إلى تنظيم حوار بين الطرفين، لكنها حصرته في بلورة توافق حول مخارج مرضية للأزمة الاقتصادية التي تتخبط فيها البلاد، لاسيما مع اجتياح وباء كورونا، وتجاهلت بذلك الأزمة السياسية التي ما تزال قائمة.
عدم الاستدانة
وقالت المجموعة، إن البلد يسير نحو أزمة اقتصادية حادة، ومعرض لاضطرابات اجتماعية خطيرة، خاصة في ظل الأضرار التي ألحقتها الجائحة بالنسيج الاقتصادي الهش.
وسلطت المُنظمة الضوء على البُعد الاقتصادي في علاقة السلطة بالحراك الشعبي، وأدرجت الاحتجاجات الاجتماعية والفئوية في ذلك السياق، وطالبت بتحقيق انفتاح سياسي جاد، فضلا عن إطلاق سراح السجناء وإنهاء الرقابة على الإعلام وتوقيف الاعتقالات العشوائية، لتفادي تطورات غير مرغوبة في المستقبل.
وعلى الرغم من كل هذه المُؤشرات أبدى الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، تفاؤلاً بشأن الوضع الاقتصادي والاجتماعي في بلاده، وقال في تصريحات صحافية إن الجزائر لن تذهب إلى الاستدانة الخارجية وأن رصيد النقد الأجنبي (60 مليار دولار)، ومشروع الإنعاش الاقتصادي والمداخيل الحالية للنفط كفيلة بالإبقاء على التوازنات الرئيسية للبلاد.