بقيت مدينة الناصرية، مركز محافظة ذي قار في الجنوب العراقي.. منبعًا للاحتجاجات الشعبية المتتالية منذ انتفاضة تشرين الماضية التي أودت بحكومة عادل عبد المهدي السابقة وكبار مسؤولي الأمن حينها؛ بعد مجزرة شهدتها المدينة في ساحات المظاهرات لتعود الاحتجاجات والمظاهرات والاشتباكات وتتجدد في المدينة في ظل واقع سياسي وأمني يزداد تعقيدًا في المشهد العراقي، كان آخره اشتباكات ساخنة وتوتر خطير في ساحة الحبوبي وسط الناصرية دون حلول جذرية بعد..
ومع اقتراب الانتخابات التشريعية المقررة في يونيو حزيران المقبل في البلاد التي مزقتها التدخلات الخارجية، خصوصًا الأذرع الإيرانية الميليشيات الشيعية، ليقوم أتباع الصدر بمحاولة لاستعراض القوة السياسية، قبل أن يهاجموا محتجين كانوا معتصمين في ساحة “الحبوبي”.
تجمع الآلاف من أنصار رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر في بغداد في استعراض للقوة السياسية مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية المقررة في حزيران يونيو المقبل على أمل تحقيق فوز كبير فيها ليكون رئيس الوزراء من الصدريين، لكن المتظاهرين حاولوا منعهم من اقتحام ساحة الحبوبي ما دفع عناصر التيار الذين يحملون الأسلحة أو ما يسمى بـ “أصحاب القبعات الزرق” إلى استهداف المتظاهرين والقوات الأمنية، كما أحرقوا بعض خيم المعتصمين..
حيث وصل عدد الضحايا إلى 7 قتلى و 90 جريحًا، ومن بين الجرحى 75 حالة طعن و15 حالة إصابة بطلق ناري، وعاد متظاهرو محافظة ذي قار صباح السبت 28 نوفمبر تشرين الثاني إلى ساحة الحبوبي بعد انسحاب قوات مكافحة الشغب منها، وقاموا بقطع جسر الحضارات وتقاطع البهو بالإطارات المحترقة، ونصب المعتصمون خياما جديدة في ساحة الحبوبي بمدينة الناصرية، وقد حمّل الناشطون أنصار الصدر المسؤولية عن العنف وقتل المتظاهرين.
صدامات وقتلى
اتهم بعض الناشطين المعترضين على حكومة الكاظمي، والذين يتخذون من ساحة “الحبوبي” مكان اعتصام لهم.. اتهموا أنصار الصدر بمهاجمتهم بأسلحة نارية وعصي وهراوات، بالإضافة لحرق خيامهم.. ليسقط 7 قتلى وأكثر من 90 آخرين جرحى، وفق المصدر الطبي.
حيث بدأ الهجوم بعيد دعوة رجل الدين الشيعي أنصاره إلى التظاهر ’’ضد الفساد‘‘، دعوة رأى فيها مراقبون ضوءً أخضر من الصدر لتدشين حملته الانتخابية المرتقبة..
والسبت الماضي، أكدت مصادر طبية في العراق، مقتل ستة أشخاص في الصدامات التي وقعت في الناصرية الواقعة جنوبي البلاد وذلك بعد مهاجمة أنصار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر لمعتصمين في ساحة “الحبوبي”.. حيث استخدموا في هجومهم أسلحة نارية وأخرى بيضاء وعصيًّا وهراوات، بحسب شهود عيان.
كما تعرض منزل أحد الناشطين المدنيين إلى هجوم بعبوة ناسفة في قضاء الرفاعي شمالي مدينة الناصرية دون وقوع إصابات، واقتصر الهجوم على حدوث أضرار مادية.
الكاظمي بين نارين
يرفع رئيس الحكومة الحالية، شعار بناء دولة القانون وسحب السلاح من الشوارع في تحركات جعلته بمواجهة المجاميع المسلحة (أغلبها ميليشيات موالية لإيران ومسؤولة عن الفوضى الأمنية) ..
ومع تجدد الصدامات في الناصرية ووقوع قتلى – بحسب تقارير قضى سبعة مواطنين – في الصدامات بين محتجين في ساحة “الحبوبي” بالناصرية وأتباع الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، تطور المشهد بحسب المراقبين ليزيد من احراج الكاظمي الذي بات بين خيارين من الصعوبة بمكان.. بين المواجهة الشاملة مع ميليشيات إيران في العراق أو ابقاء بغداد تحت الهيمنة الإيرانية.
يقول مراقبون إن التصعيد الشيعي في بغداد والناصرية يضع الكاظمي في موقف حرج، فإن تحرك لمواجهته قيل إنه يخطو نحو اقتتال شيعي داخلي، وإن أحجم سيُتهم بالضعف وترك الدولة فريسة في يد إيران.
مستجدات مهمة جاءت في وقت تتسارع التطورات في العراق في سياق ضغط المجموعات الشيعية الموالية لإيران على مصطفى الكاظمي، وهو ما قد يدفع الأخير إلى استقالة مفاجئة تؤدي إلى قلب المعادلة السياسية في البلاد.
في حين يتوقع المراقبون أن تكون الأيام القليلة القادمة حافلة بالتطورات، بما في ذلك ردة فعل قوية من الكاظمي ضد هذا التصعيد الشيعي الخطير، أو استقالته..
قرارات سريعة
كرد فعلي سريع، في تعليقه على المجريات الأخيرة، وجّه الكاظمي بفتح تحقيق في أحداث العنف التي شهدتها محافظة ذي قار، جنوبي البلاد..
لتعلن القوات الأمنية السيطرة على الأحداث وإعادة الاستقرار إلى مناطق وسط مدينة الناصرية والانتشار في الشوارع لمنع تجدد الاشتباكات..
أما اللواء يحيى رسول، المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة “الكاظمي” فقد أعلن في بيان، أن “القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء، أصدر قرارًا بإقالة قائد الشرطة في محافظة ذي قار، من منصبه”.
المتحدث أوضح أن الكاظمي قرر “تشكيل لجنة للتحقيق في أحداث الجمعة التي جرت في المحافظة، وفرض حظر التجوال فيها، وإلغاء إجازات (تراخيص) حمل السلاح، لمنع المزيد من التداعيات التي تضر السلم الأهلي في العراق”.
ثم أوضح رسول: “الكاظمي أكد أن توتر الأوضاع في العراق ليس في مصلحة البلد، وأن لا بديل عن القانون والنظام والعدل، ومن ضمن ذلك العدل تجاه الدماء التي أريقت في أحداث الجمعة”.
ليشير إلى أن “الحكومة العراقية التزمت بتعهداتها، وحددت موعدا للانتخابات (6 يونيو حزيران 2021)، حيث أن صندوق الاقتراع هو الفيصل الوحيد لتحديد المواقف، وأن بديل هذا الصندوق هو الفوضى التي لا يقبلها دين ولا مبدأ ولا منطلق وطني”.
كما أكدت مصادر خاصة لـ ”مينا” أن التظاهرات امتدت إلى الشوارع المجاورة لساحة الحبوبي، حيث نصب المتظاهرون خيامًا جديدة بديلة للتي أحرقت على يد أنصار الصدر، كما طالبوا الحكومة العراقية محاسبة قتلة الضحايا.
توازيًا.. وصل وفد وزاري وصف بأنه رفيع المستوى إلى ذي قار أمس الأحد، لعقد اجتماعات مع المسؤولين المحليين والوجهاء وأعيان المدينة وشيوخها، وسط أنباء عن مساعٍ لعقد لقاءات مع ممثلي تنسيقيات التظاهرات وذوي ضحايا قتلى هجوم الجمعة.
ليؤكد “ناظم الوئلي” محافظ ذي قار، أن خلية الأزمة التي تشكلت بأمر من القائد العام للقوات المسلحة، رئيس الوزراء “مصطفى الكاظمي”، ستباشر مهامها بشكل سلمي وقانوني، موضحًا في بيان أن الوفد الذي أرسلته الحكومة يدعم جهود ذي قار في بسط الأمن والنظام.
والأحد، وصلت قوة من الشرطة الاتحادية، إلى محافظة ذي قار جنوبي العراق، بناء على أوامر رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، على خلفية أعمال العنف التي شهدتها الناصرية..
كما ذكر مراسل سكاي نيوز عربية في بغداد أن القوة الأمنية مؤلفة من فوجين من قوات الشرطة الاتحادية، ومهمتها ضبط الأمن في ذي قار.
وكان الكاظمي قد أعلن في وقت سابق تشكيل لجنة عليا برئاسة مستشار الأمن الوطني، قاسم الأعرجي، للإشراف على إدارة المحافظة.
تحد واصرار بين تيارين
يبدو أن الشعب العراقي وصل لنقطة انعطاف كبرى في رفض فساد الميليشيات والطبقة السياسية التي يسيطر عليها زعماء الإسلام السياسي المحسوبين على طهران.. وفي تطورات الأحداث الاخيرة، يعمل الصدر على الظهور بشكل يخالف ارتباطاته وانتماءه السياسي للتيار السياسي المرتبط برجال الدين.. ليقرر المحتجون التجمع مساء الجمعة وصباح السبت.. في تحد للصدر وأتباعه.
وتعبيرًا عن غضبهم من تيار الصدر، دشن ناشطون عراقيون وسمًا بعنوان (#مقتدى_الصدر_قاتل).. تنديدًا بـ”المجزرة الثانية” التي اُتهم بارتكابها مسلحون موالون بزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر..
وانتشر الوسم على وسائل التواصل الاجتماعي وتصدر الترند في العراق حيث علق مغرد قائلا: إن “إحياء ليلة مجزرة جميل الشمري قوبلت بمجزرة ثانية برعاية آل الصدر”.
كما أضافت مغردة إن “الشباب لم يتظاهروا طلبًا للموت فلا تقتلوهم .! بل تظاهروا طلبا للحياة فأعينوهم”. وأضافت “إذا لم نحي على هذه الأرض بكرامة، فمن الأفضل أن نعيش في باطنها” بعزة.
مغرد آخر قال إن “القمع لن يثني الثوار من تحقيق أهدافهم،” موضحًا: “الحكومة ورئيسنا كانوا راضين بل فرحين بما قامت به عصابة العجل وهيأت جميع السبل حتى يتم القضاء على المحافظة العصية ولكن هيهات الناصرية قلب الثورة النابض وأن غدا لناظره قريب”.
والجمعة الماضية تجمع أنصار الصدر، في بغداد ومدن أخرى وسط وجنوب البلاد بينها الناصرية، للتعبير عن دعمهم لزعيمهم مقتدى الصدر في الانتخابات المقبلة.. حيث سبق لأنصار التيار أن هاجموا المحتجين في ساحات عامة بأرجاء البلاد قبل أشهر.
بحسب تقرير للعرب، أعلن “صالح محمد العراقي” المقرب من الصدر – يعتبر كثيرون أنه اسم وهمي لزعيم التيار الصدري نفسه – يقول: “بالأمس أثبت عشاق آل الصدر انضباطهم وتنظيمهم الدقيق وبالشروط الصحية الحضرية فشكرًا لهم، إلا أن الجوكرية (وهو مصطلح ابتكرته الميليشيات التابعة لإيران لوصف المتظاهرين المستقلين) في الناصرية الفيحاء، أصروا على التعامل مع الوضع وفق أجندات خارجية مشبوهة أدت إلى تفاقم الوضع لولا رجالات الناصرية الفيحاء الذين أبوا إلا أن ترجع محافظتهم إلى أهلها وإلى رونقها الأول”.. وفق تعليق المصدر في تيار الصدر.. ليوضح العراقي “وبالفعل فقد انتهت أفعالهم السيئة من قطع الطرق والحرق والصلب في تلك المحافظة”.
موضحًا: “واليوم إذ يعودون إلى التظاهر لسويعات فهذا من حقهم، لكن دون التعدي على الشعب والدولة والشرع والقانون، وإلا فالدولة ملزمة بحماية المحافظة، فإن لم تستطع فإن للعراق جنوده”.
ثم اختتم المقرب من الصدر تعليقه: “أتمنى من المتظاهرين التشرينيين عدم الانجرار خلف شهوات الجوكرية، فنحن والتشرينيون في خانة الإصلاح ما داموا لا يدعمون الشغب والأعمال الإرهابية”.
في العمق.. كان واضحًا من الكلمة التي تلاها الشيخ خضير الأنصاري نيابة عن الصدر قبيل أداء صلاة الجمعة تأكيداته على تمتع تيار الصدر بالأغلبية البرلمانية ودعوات للتظاهر للمطالبة بمحاربة الفساد في سياق تحضيرات ودعاية انتخابية وفي نفس الوقت محاولة لإنهاء الاعتصامات المعارضة لهم، ورفع أنصار التيار الصدري، أعلام العراق وصورا لمقتدى الصدر.. كما يظهر الصدر في بعض الصور وهو يرتدي لباسًا عسكريًا (تعود إلى فترة تزعمه تنظيم “جيش المهدي” المسلح)
مواقف دولية
قامت السفارة الأميركية في بغداد، بإدانة الأحداث التي شهدتها ساحة الحبوبي وسط مدينة الناصرية، لتدعو السفارة في بيان الحكومة العراقية إلى توفير الحماية للمتظاهرين..
أمّا بعثة الأمن المتحدة في العراق (يونامي)، فأبدت عن أسفها لفقدان الأرواح والإصابات بين المتظاهرين العراقيين، داعية الحكومة إلى بذل قصارى جهدها لحماية المتظاهرين السلميين وضمان محاسبة مرتكبي أعمال العنف.
الناصرية.. عقدة الاحتجاج
تكررت مشاهد المظاهرات في الناصرية التي أصبحت معقلًا رئيسًا لحركة الاحتجاج ضد الفساد كما شهدت المدينة إحدى أكثر الحوادث دموية منذ بدء الاحتجاجات..
وسبق أن سقط في المدينة أكثر من 50 قتيلًا في أعمال عنف رافقت التظاهرات في 28 تشرين الثاني نوفمبر العام الماضي.. حيث أثارت الحادثة غضبًا واسعًا في أنحاء العراق..
لتتحول الناصرية إلى ملهمة للمدن الأخرى في التصعيد، حيث أعلنت في 13 من الشهر الجاري “مهلة وطن” لمدة أسبوع، التي تفاعل معها عدد كبير من العراقيين، كخطوة تصعيدية مفاجئة، وتضمنت قطع الطرق الرئيسية في حال عدم تنفيذ السلطات المطالب المتعلقة باختيار رئيس حكومة غير جدلي وانتخابات مبكرة، والمصادقة على قانون الانتخابات.
لتشتعل مواجهات عنيفة على الطريق السريع الذي يربط بين البصرة وبغداد، بعد انتهاء المهلة سقط إثرها ثلاثة قتلى وإصابة 28 متظاهرا، لتعود بعد يوم واحد لتعلن الناصرية من جديد مليونية سيرا على الأقدام باتجاه المنطقة الخضراء في بغداد ومحاصرتها في منتصف الشهر القادم..
وبحسب تقارير إعلامية عادت الاحتجاجات العراقية من جديد بوتيرة أعلى، بعد إصرار الناصرية على التصعيد، لتتحول المدينة إلى بوصلة للمحتجين في العراق، تخافها السلطة.
في حديث اعلامي، اعتبر الناشط والكاتب علاء هاشم، أن الناصرية مدينة معارضة وفي مواجهة مع السلطة في كل الأنظمة التي حكمت البلاد، حتى نظام بعد 2003 الذي تقوده أحزاب وشخصيات تنتمي إلى الناصرية والجنوب بصورة عامة.
ليؤكد أن انتماء القيادات للمدينة ذلك لم يكن مقنعا لأبناء الناصرية، ولم يقف حائلا دون رفضهم، لأنهم تربوا على الرفض، الناصرية مدينة تعشق التمرد على السلطة، وتعشق الرفض، فهي ليست شجرة خبيثة، بل شجرة عناد ورفض.
وبتصنيف الناشطين والتقارير الإعلامية، فإن الناصرية أول مدينة كسرت هيبة الأحزاب والمليشيات وحرقت مقراتها، والذين تأخروا بهذا الموضوع حاولوا تقليدها وتحويلها لأيقونة بقضية الحرق، كما أنها أكثر تنظيما وجرأة في ظهور شخصيات صريحة وواضحة، وهذه مسألة مهمة لم تتوفر في محافظات أخرى.
توسع رقعة الاحتجاج
تجاوزت حالة التوتر حدود محافظة ذي قار ومدينة الناصرية على خلفية أحداث الجمعة، فامتدت لتشمل محافظات أخرى ضمنها العاصمة بغداد، حيث خرجت فيها، مسيرات طلابية مع انطلاق اليوم الأول للموسم الدراسي داعمة لحراك الناصرية ومنددة بما وقع فيها ضدهم من هجوم نفذته جماعات تابعة للتيار الصدري، والأمر ذاته حدث في محافظات بابل والديوانية وميسان وواسط.
والسبت، فرض شرطة محافظة واسط، حظر تجول في المحافظة حتى إشعار آخر بعد خروج مظاهرات تضامن مع حراك الناصرية.
كما أقدم أحد المتظاهرين على حرق نفسه في ساحة اعتصام واسط، السبت، بعد توجه القوات الأمنية نحو الساحة لرفع خيام الاعتصام، ليموت متأثرًا بجراحه في وقت لاحق.
خلية أزمة
وصل فريق خلية الأزمة الحكومية التي أمر الكاظمي بتشكيلها إلى مدينة الناصرية، لاحتواء حالة التوتر في المدينة على خلفية التوترات الأخيرة..
يتكون فريق الأزمة من مسؤولين كبار في الأجهزة الأمنية، يرأسهم مستشار الأمن الوطني، قاسم الأعرجي، مع رئيس جهاز الأمن الوطني الفريق عبد الغني الأسدي، يضاف لهم ضباط كبار من قيادة العمليات المشتركة ووزارة الداخلية.
الأعرجي وقبل وصول اللجنة إلى الناصرية، نشر تغريدة عبر “تويتر” للأهالي هناك قال فيها: “أهلنا في ذي قار، سنكون بينكم في مهمة وطنية، لنعيد بكم الأمن والأمان، ودرء الفتنة، كونوا مع العراق، ملاذنا جميعًا، لنعبر المحنة، سلامًا ذي قار، والسلام على شبابها الواعي”.
مخاوف الصدامات والفشل
حدّد الأمر الديواني لرئاسة الوزراء، المشكل لخلية الأزمة، مهمتها الخلية بـ: “إدارة شؤون المحافظة وضبط الأمن”.. كما خولها كل الصلاحيات اللازمة لنجاح مهمتها.
لكن شكك مراقبون – بحسب تقرير للشرق الأوسط – بقدرة الخلية على تحقيق غايات إنشاءها مع حالة الاستقطاب الشديدة في الناصرية..
حيث استذكروا حالات الفشل السابقة في مهمات مشابهة لم تتمكن فيها من إنجاز مهامها في المحافظة، كما حدث مع قضية الناشط المدني سجاد العراقي الذي اختطف في سبتمبر أيلول الماضي، ليظل مصيره مجهولاً حتى اللحظة رغم تدخل الحكومة الاتحادية في بغداد.
وعليه.. تتجذر مؤشرات وتخوفات الصدامات الشيعية الشيعية المحتملة في الجنوب توازيًا مع حالة “العداء” شبه المفتوح بين اتجاهات شعبية ناقمة بشدة على فصائل السلطة وأحزابها نتيجة الفقر والمعاناة، وبين أحزاب وفصائل مسلحة تريد استعادة “هيبتها المهدورة” بعد أن عمدت جماعات الحراك إلى تجريف وحرق معظم مقراتها في محافظات الجنوب بعد اندلاع «انتفاضة تشرين» عام 2019.. بحسب ذات التقرير.
ويكثر الحديث بين تيارات المحتجين من حراك ثورة تشرين، أن تيار الصدر مصّر وبالقوة التي يمتلكها؛ على فض ما تبقى من ساحات الاعتصام بعد نجاحه السابق في فض اعتصام ساحة التحرير وسط بغداد.. في ظل إصرار قيادات الحراك وافراده من متظاهرين ومحتجين ضد تيار الصدر نفسه؛ باعتباره جزءًا أصيلًا من سلطة الفساد وسوء الإدارة القائمة منذ سنوات.
في تقرير “الشرق الأوسط”، يقول أستاذ الفلسفة في الجامعة المستنصرية علي المرهج: “لا أظن أننا نحتاج لكل هذا التصعيد الذي يشق الصف الوطني من أجل قضية رئيس الوزراء، والتيار (الصدري) له وزراء في جُلّ الحكومات المتهمة بخراب العراق”.
حيث أوضح المرهج، أن “ما حصل في الحبوبي (ساحة الحراك في الناصرية) يشق صفوف مجتمع أو مكون متماثل مذهبيًا!!، فليس من المعقول كل من يُعارض التيار الصدري تُصادر وطنيته، ويُطلب تصفيته”.
وفي معرض تعليقه على أحداث الناصرية وغيرها، قال إياد علاوي، زعيم ائتلاف “الوطنية” أمس، إنه: “ما تزال بعض القوى الأمنية تستخدم العنف المفرط في التعامل مع المتظاهرين السلميين رغم الظروف الحرجة التي تحيط بالبلد أمنيًا واقتصاديًا وصحيًا وسياسيًا”.
ليوضح: “على القوى التي تحترم إرادة الشعب وسلمية التعبير رفع صوتها عالياً لإيقاف القمع المفرط الذي تشهده بعض المحافظات وإحالة المتورطين إلى القضاء”.
ائتلاف “النصر” النيابي – يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي – أظهر مخاوفه وقلقه من تطورات الأحداث في الجنوب.
وفي بيان رسمي قال الائتلاف: “نرفض أي صدامات سياسية ومجتمعية نحن في غنى عنها، ولأي إراقة دم بريء أو تخرب يهدد الاستقرار المجتمعي والأمني برمته، محذراً من جر الشارع لمعارك سياسية تعرّض الوحدة والسلم الأهلي إلى الخطر”.
ليؤكد “على حق التظاهر السلمي، وحق جميع القوى والشرائح السياسية بالتعبير عن رؤاها ومشاريعها دونما فرض إرادة، ويدعو الجميع للاحتكام إلى عملية انتخابية نزيهة وعادلة تفرز نتائج ذات مصداقية لبناء معادلة حكم وطني قادر على إخراج البلاد من أزماتها”.
ثم طالب الائتلاف الحكومة بـ “ممارسة مسؤولياتها بالحفاظ على الأرواح والممتلكات، وبسط الأمن وتطبيق العدالة”.